تتساجل الصحف العبرية بشأن خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت الأحادية للانسحاب من بعض المستوطنات العشوائية في الضفة الغربية، ورسم الحدود النهائية للدولة العبرية. وهناك من يرى أن الخطوات الأحادية نسفت نظرية قدرة «إسرائيل» على الاحتفاظ بالقوة في الأراضي الفلسطينية إلى الأبد، والإقرار بحدود قوتها العسكرية، فضلاً عن توق إسرائيلي ساذج إلى الحلول البسيطة وهي قبل كل شيء لا تنهي النزاع مع الفلسطينيين بل تؤجج الصراع وتضاعف من هشاشة أمن الدولة العبرية.
ورأى عوزي بنزيمان في «هآرتس» أن أولمرت يواجه معضلة كبيرة تتمثل بالإيفاء بالتعهدات التي أطلقها وخصوصا تلك التي تروج لخطة الانسحاب الأحادية من الضفة بأنها ستخلق واقعا جديدا للأجيال القادمة، فضلا عن حديثه عن «قرارات مصيرية» لمستقبل «إسرائيل» وعن «خطوة دبلوماسية حاسمة وجذرية». فمن المعلوم أن خطته الأحادية لا تشكل حلا نهائيا للنزاع وليست ضمانة للاستقرار في «إسرائيل». كما أن الجدار الفاصل في عمق الضفة والبناء في التكتلات الاستيطانية وخصوصاً تلك العالقة في «حلق» الضفة، كلها جزء من سلسلة إملاءات إسرائيلية مفروضة على السلطة الفلسطينية، لن تساعد أولمرت على الإيفاء بتعهداته. وحذر من أن الخطوات الأحادية قد يكون لها مفعول عكسي، إذ إنها قد تؤجج النزاع وتضاعف من هشاشة الأمن الإسرائيلي في مواجهة الهجمات الفلسطينية.
واستعرض إفرائيم إنبار في «جيروزاليم بوست» الدوافع وراء نهج الحلول الأحادية الذي تمارسه «إسرائيل» أخيرا. فزعم بداية أن الفلسطينيين هم وراء إفشال المفاوضات والاتفاقات السابقة على رغم المحاولات الإسرائيلية المتكررة للتوصل إلى حل سلمي عبر اتفاقات أوسلو و«خريطة الطريق»، لكن العمليات «الإرهابية» الفلسطينية بزعمه وخصوصاً بعد سبتمبر/ أيلول 2000، أدت في «إسرائيل» إلى ولادة نمط جديد من القراءة السياسية للحوادث في المنطقة. ورأى أن هذا التوجه الجديد هو تعبير عن خيبة الأمل تجاه عملية السلام ووصول الإسرائيليين إلى قناعة بأن لا وجود لشريك فلسطيني مستعد لتسوية تاريخية مع الحركة الصهيونية حتى لو أبدت «إسرائيل» استعدادا لتقديم تنازلات مؤلمة. وهنا توقف ليشير إلى أن صعود نجم حماس وقيادتها للسلطة أديا إلى تعزيز هذا التوجه. ولاحظ أن السقف الذي وضعه أولمرت لحكومته برسم حدود «إسرائيل» من طرف واحد للحفاظ على طابعها اليهودي، لا يعبر عن «الرغبة الإثنية الوطنية» في عدم السقوط في فخ الثنائية القومية فحسب، بل يعكس توقا إسرائيليا للانفصال عن الفلسطينيين.
وتعليقا على اجتماع اللجنة الرباعية التي أقرت آلية مؤقتة لتحويل المساعدات إلى الفلسطينيين، لاحظ داني روبنشتاين في «هآرتس» أنه بات من الواضح أنه مهما فعلت حركة «فتح» و«إسرائيل» والدول العربية والعالم أجمع لتقويض حكومة «حماس»، فإنها لن تفلح لأن الشعب الفلسطيني موال لها، مستنتجا أنه من الأفضل البحث عن سبيل للتعايش مع الحكومة الفلسطينية الجديدة. وأيد كلام الوزير الفلسطيني السابق غسان الخطيب بشأن ضرورة إيجاد حل سريع للوضع المعقد والملتبس الذي برز بعد انتخاب حكومة «حماس»، فإذا لم تستطع هذه الأخيرة القيام بوظيفتها، سيكون البديل أسوأ بكثير ليس أقله انهيار السلطة الفلسطينية وتفكك النسيج الاجتماعي فضلاً عن انتشار الفوضى التي ستؤدي إلى كوارث إنسانية ومخاطر أمنية كبرى.
وبناء عليه، اعتبر أن «إسرائيل» و«حماس» تعتبران شريكين استراتيجيين في نهج «اللاشريك»، فالدولة العبرية تستفيد من وجود الحركة الإسلامية في السلطة لتعزيز سياسة الأحادية، ما يرفع عن كاهلها عبء استئناف المفاوضات أو تقديم تنازلات للفلسطينيين.
أما «حماس» فمرتاحة للمقاطعة الإسرائيلية لأنها غير معنية بوجود شريك إسرائيلي قد تضطر معه إلى نهج درب المفاوضات والتخلي عن مواقفها الأيديولوجية التقليدية. لذلك اعتبر أن مواصلة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية جهوده لإقناع «الجهاد الإسلامي» وغيرها من الفصائل بوقف النار، يساهم في التوصل إلى هدنة طويلة الأمد لم تشهد المنطقة مثيلا لها من قبل. وخلص مشددا على ضرورة السماح لحكومة «حماس» بالقيام بعملها لأن البديل عنها ليس سوى الفوضى
العدد 1346 - السبت 13 مايو 2006م الموافق 14 ربيع الثاني 1427هـ