رصدت الصحف الأميركية آخر تطورات العملية السياسية في العراق، على خلفية الإعلان عن الحكومة العراقية الجديدة برئاسة نوري المالكي. ولكنها لاحظت أن الإشكالية الأساسية، أي التدهور الأمني الذي يشهده العراق، لن تحل إذ بقيت المراكز الأمنية في الوزارة شاغرة فالحكومة المعلن عنها فشلت حتى الآن في تسمية وزراء أصيلين لثلاث حقائب هي الأهم: الأمن الوطني والداخلية والدفاع. لذلك فإن هذه الحكومة لن «تقلع» ولن تستطيع طمأنة العراقيين والمجتمع الدولي إلى أن المشكلة الأمنية في طريقها إلى الحل إلا إذا قامت حكومة وحدة وطنية تتفق بشأن عملية «إصلاح» المؤسسات الأمنية وتمهد لعراق ديمقراطي ومستقر وتكون الخطوة الأولى بإتجاه التحضير لسحب الجيش الأميركي من هذا البلد، ولكن هناك أيضاً من اعتبر أن مشكلة «التمرد» في العراق والذي تختص به الطائفة السنية بحسب «التقييم» الأميركي يحتاج إلى نزاع مسلح في صفوف هذه الطائفة لأن هذا النزاع هو الأمل الوحيد في وضع حد للتمرد!.
وأبدت «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها تحفظات على الحكومة العراقية الجديدة، فأشارت إلى وجود مشكلة كبرى في هذه الحكومة التي لا تملك مقومات الوحدة الوطنية وبالتالي تفتقد إلى القدرة لإجراء الإصلاحات اللازمة في الأجهزة الأمنية التي وصفتها بشتى النعوت من الفساد إلى التوحش، فضلاً عن خضوع فصائلها لإمرة مختلف التيارات السياسية. ولفتت إلى أنه إذا لم يتم التوصل حتى الآن إلى أية تسوية بشأن الأسماء التي ستشغل الوزارات الأمنية الأكثر حيوية أي وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني، فهذه المناصب ستبقى من دون وزراء أصيلين إلى حين الاتفاق بشأن الشخصيات التي ستتولى هذه الوزارات. غير أنها أكدت أنه إذا لم ينجح رئيس الوزراء العراقي جواد المالكي في العثور على وزراء مقبولين وأكفياء خلال الأيام القليلة المقبلة، فلن يكون هناك أية فرصة بأن تباشر الحكومة السيطرة على الوضع الأمني المتردي الذي ورثته عن الحكومة السابقة.
وأوضحت «نيويورك تايمز»: أن جوهر المشكلة يكمن في وزارة الداخلية وقوات الشرطة، بحسب تحقيق أجرته مجلة «تايمز» الأميركية تبين أن الجهود الأميركية لتدريب قوات الشرطة لم تكن بالمستوى المطلوب ولم تحظ بالتمويل الكافي، كما أن واشنطن واصلت إهمال هذا الملف حتى بعد استفحال الفوضى في العراق واتساع رقعة التمرد. وشددت على أنه نظراً إلى الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها قوات الشرطة وخصوصا ما يعرف بـ «فرق الموت» التابعة لوزارة الداخلية خلال ولاية الوزير بيان صولاغ جبر، يحتاج العراق اليوم إلى وزير داخلية جديد يتمتع بذهنية إصلاحية لوقف هذه الانتهاكات وإصلاح أجهزة الأمن من أجل تطمين العراقيين، سنةً وشيعةً وأكراداً، إلى أنهم سيحصلون على الحماية الكافية. وأكدت إن هذا الإنجاز، إذا ما تحقق، فسيكون الركيزة التي يبنى عليها مستقبل العراق الديمقراطي والمستقر من جهة، ويكون الخطوة الأولى باتجاه التحضير لسحب الجيش الأميركي من هذا البلد، من جهة أخرى.
وعلق «غلوبل إنتلجنس»، مركز الدراسات الاستراتيجية والجيوسياسية، من على موقعه على الإنترنت، على انسحاب زعيم جبهة الحوار الوطني العراقية صالح المطلق من مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية. فأشار إلى أن المطلق مقرب من الوطنيين العراقيين في محافظة الأنبار التي تشكل المركز لما أسماه «التمرد» السني. لذلك فإن انسحابه يؤشر إلى وجود انقسام في المجتمع السني لا سيما حول الموقف من «التمرد». وأكد المركز الأميركي أن السنة هم المفتاح الذهبي لإنهاء «التمرد» في العراق، ولكن خشيتهم من خسارة ورقة المساومة الوحيدة الموجودة بين أيديهم في وجه الأميركيين أي عمليات «التمرد» هو الذي يحول حتى الآن من دون تعاونهم مع الحكومة في الموضوع الأمني. ولكن المركز اعتبر الانقسامات في صفوف السنّة «فأل خير» معيدا هذه الخلافات إلى تباين موقف هذه الشريحة من تحركات «التمرد». واعتبر أنه إذا لم يؤدي هذا الانقسام إلى حصول نزاع مسلح سني - سني وبالتحديد بين القيادة السنية الممثلة في الحكومة والمتمردين ومؤيديهم فلن يكون هناك أمل في وضع حد للتمرد
العدد 1357 - الأربعاء 24 مايو 2006م الموافق 25 ربيع الثاني 1427هـ