العدد 1362 - الإثنين 29 مايو 2006م الموافق 01 جمادى الأولى 1427هـ

«دير شبيغل» تحاور «الرجل الذي يخشاه العالم»

تصدرت غلاف أسبوعية «دير شبيغل» الألمانية صورة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد كتب تحتها عبارة تقول «الرجل الذي يخشاه العالم». وباسم «العالم» (تعتبر مجلة «دير شبيغل» فإن الغرب يتحدث باسم العالم). جاء ثلاثة محررين من مقر المجلة في هامبورغ إلى طهران لطرح أسئلة «العالم» على الرئيس الإيراني الذي يلفت الأنظار منذ وقت بسبب ردوده على سياسات الغرب وخصوصاً ما يتعلق بـ «الهولوكست». وفي المقابلة يطرح نجاد أسئلة مثل المحررين الثلاثة وبنظر المراقبين فإن مضمون المقابلة الأولى من نوعها سيثير مناقشات سياسية في الأيام المقبلة فإلى نص الحوار:

السيد الرئيس، أنتم تهوون لعبة كرة القدم وتمارسونها بولع. يوم 11 يونيو/ حزيران سيتبارى منتخب بلدكم أمام منتخب المكسيك في استاد نورنبيرغ. هل ستوجدون في الملعب؟

- سأشاهد المباراة بالتأكيد، لكن ما إذا سيكون ذلك في إيران عبر التلفزيون أو في مكان آخر فإن هذا يعتمد على عدة عوامل.

مثلا؟

- كم لدي من الوقت أو طبيعة العلاقات أو بحسب رغبتي في الحضور في الملعب أو مشاهدة المباراة عبر التلفزيون.

احتجت أصوات في ألمانيا بعد تردد أنباء ذكرت أنكم تفكرون بالسفر إلى ألمانيا خلال بطولة العالم فهل فوجئتم بذلك؟

- لا، هذا ليس مهما. أنا شخصيا لم أفهم كيف شاع هذا النبأ. هذا الموضوع كله ليس مهما بالنسبة لي ولا أفهم صراحة كل الضجة التي ثارت حوله.

لهذه الاحتجاجات علاقة بتصريحاتكم بشأن «الهولوكوست». أن يشكك الرئيس الإيراني بحدوث «الهولوكوست» أشاع غضباً عارماً في ألمانيا؟

- لا أفهم وجه العلاقة.

في البداية صدرت تصريحاتكم التي شككت بحدوث «الهولوكوست» ثم شاع نبأ عزمكم زيارة ألمانيا خلال بطولة العالم لكرة القدم. كل هذا أثار غضباً في ألمانيا ويبدو أنكم فوجئتم بهذا الموقف؟

- لا، لم أفاجأ به أبداً. ذلك أن شبكة الصهاينة تعمل بنشاط في أنحاء العالم وفي أوروبا أيضاً لهذا لم استغرب موقف البعض. نحن لنا علاقاتنا مع الشعب الألماني وليس لنا علاقات مع الصهاينة.

التشكيك بـ «الهولوكوست» جريمة يعاقب عليها القانون في ألمانيا. هل الأمر بالنسبة لكم سيان إذا ثار غضب البعض؟

- أعرف أن «دير شبيغل» مجلة مرموقة، ولكن لا أعرف إذا بوسعها الكشف عن حقيقة «الهولوكوست». هل أنتم مكلفون بالكتابة عن كل شيء؟

بالتأكيد نحن نكتب عن الوقائع التاريخية التي أكدتها الأبحاث والتي حصلت قبل ستين سنة. من وجهة نظرنا ليس هناك شك، للأسف الشديد، أن ستة ملايين يهودي قضوا نحبهم على أيدي الألمان.

- لدينا سؤالان: هل حصل «الهولوكوست» فعلاً؟ أنتم تقولون نعم. السؤال الثاني: من يتحمل المسئولية؟ ينبغي أن تجري الإجابة على هذا السؤال في أوروبا وليس في فلسطين. هذه مسألة واضحة. إذا حصل «الهولوكست» في أوروبا ينبغي الإجابة عليه في أوروبا وإذا لم يحصل فلماذا نشأ الاحتلال؟

تقصدون دولة «إسرائيل»؟

- لماذا تأخذ أوروبا على نفسها مسئولية حماية هذا الكيان والدفاع عنه؟ أسمحوا لي التطرق إلى نقطة إضافية، نحن واثقون أن الحقيقة ستظهر يوما ما إذا جرت أبحاث ومناقشات جديدة.

هذا حصل منذ وقت بعيد في ألمانيا؟

- نحن لا نريد تأكيد حدوث «الهولوكوست» أو نفي حصوله. نحن ضد كل نوع من الجرائم ضد أي شعب، ولكننا نريد معرفة إذا حصل ذلك فعلا أم لا. إذا حصل فعلا فإنه ينبغي إنزال العقاب بالمسئولين عنه وليس معاقبة الفلسطينيين. لماذا غير مسموح القيام بأبحاث لمعرفة حقيقة ما حصل قبل ستين سنة؟ هناك أبحاث تمت بشأن عدد من المسائل تمت قبل آلاف السنين وبدعم مالي من الحكومات.

كانت في ألمانيا معسكرات اعتقال وهناك وثائق تحدثت عن إبادة اليهود وجرت أبحاث كثيرة في هذا الشأن وليس هناك شك في صحتها وفي حقيقة أن الألمان للأسف الشديد يتحملون مسئولية ذلك. إن مصير الفلسطينيين مسألة أخرى.

- لا، لا، إن جذور مشكلة فلسطين موجودة في التاريخ وهناك صلة مباشرة بين «الهولوكوست» وفلسطين ولو حصل «الهولوكوست» فعلاً فلماذا لا تسمحوا لباحثين محايدين دراسة ما حصل ولماذا يجرى رفض قيام هذه البحوث؟ أنا لا أقصدكم بل أقصد الحكومات الأوروبية.

هل أنتم متمسكون برأيكم أن «الهولوكست» عبارة عن أسطورة؟

- إنني اقتنع بالحقائق فقط.

على رغم أن العلماء الغربيين لا يشككون بحدوث «الهولوكوست»؟

- يشار في أوروبا إلى رأيين عن «الهولوكوست». مجموعة من العلماء أو الأشخاص الذين لهم ميول سياسية معينة يقولون أنه حصل فعلاً. وهناك مجموعة من العلماء الذين لهم وجهة نظر مغايرة، ولذلك تم اعتقال معظمهم. لذلك ينبغي السماح لعلماء محايدين القيام بأبحاث جديدة لأن إيضاح هذه المسألة سيساعد في حل مشكلات العالم. بسبب «الهولوكوست» تم اتخاذ قرارات غيرت وجه العالم. لذلك ضروري التوصل إلى الحقيقة. من العادة أن تقوم الحكومات بدعم عمل العلماء الذين يسعون لكتابة وقائع التاريخ وليس الزج بهم في السجون.

من تقصدون ومن هو العالم الذي تتحدثون عنه؟

- تعرفون ذلك أفضل مني فلديكم قائمة بأسمائهم وهم من بريطانيا وألمانيا وفرنسا واستراليا.

ربما تشيرون هنا إلى البريطاني David Irving والألماني الكندي Ernst Zundel الذي يحاكم في مدينة مانهايم والفرنسي Georges Theil فجميعهم يدحضون «الهولوكوست».

- كون تصريحاتي أثارت ضجة كبيرة على رغم أنني لست أوروبيا وكونه تمت مقارنتي مع بعض الشخصيات في التاريخ الألماني، يكفي للتعبير عن مدى حساسية موضوع إجراء بحوث جديدة عن «الهولوكوست» في ألمانيا وكم هو الوضع صعب بالنسبة للعلماء والباحثين.

هل تشككون بحق «إسرائيل» في البقاء؟

- موقفي واضح. أقول إذا حصل «الهولوكوست» فعلاً فعلى أوروبا تحمل النتائج وليس فلسطين التي دفعت الثمن. وإذا لم يحصل يتعين على اليهود العودة إلى من حيث أتوا.

أعتقد أن الشعب الألماني ما زال حتى اليوم أسيرا لـ «الهولوكوست». سقط 60 مليون قتيل في الحرب العالمية الثانية وكانت هذه جريمة كبرى ونحن ندين هدر الدم بغض النظر إذا الضحايا مسلمون أو مسيحيون أو يهود. وسؤالي لماذا يتم التركيز فقط على اليهود كضحايا لهذه الحرب فقط ويجرى تجاهل الآخرين الذين هم الغالبية الواضحة؟

جميع الشعوب تبكي على ضحاياها الذين سقطوا في الحرب العالمية الثانية لكننا نحن الألمان لا نسمح لأنفسنا بذلك بسبب الذنب الخاص وهو إبادة اليهود ولكن لنناقش الموضوع التالي.

- لا، لدي سؤال لكم: ما هو الدور الذي لعبه شباب اليوم في الحرب العالمية الثانية؟

ليس له دور.

- لماذا على الشباب الألماني اليوم تحمل مسئولية الذنب تجاه الصهاينة؟ ولماذا على شباب اليوم دفع أموال للصهاينة من أمواله؟ إذا قام أشخاص قبل ستين سنة بجرائم يتعين محاكمتهم. لماذا على الشعب الألماني تحمل الإهانات نتيجة أعمال قام بها غيرهم قبل ستين سنة؟

ليس هناك ذنب للشعب الألماني اليوم، ولكن هناك شعور جماعي تجاه كل جريمة وقعت باسم آبائنا وأجدادنا.

- كيف يمكن لشخص لم يكن مولودا في ذلك الوقت أن يتحمل مسئولية شيء حصل قبل ستين سنة فهل هذا معقول حتى من الناحية القانونية؟

ليس قانونيا، ولكن أخلاقيا.

- لماذا يجرى تحميل الشعب الألماني أعباء كثيرة على رغم أنه اليوم لا يتحمل أي ذنب؟ ولماذا لا يحق للشعب الألماني أن يدافع عن نفسه؟ ولماذا لا يحق للألمان التعبير عن رأيهم بحرية في هذا الموضوع؟

نحن في ألمانيا نؤمن بأن جرائم حصلت باسم الشعب الألماني ونتمسك بذلك وحقق الألمان إنجازا كبيرا في تاريخ ما بعد الحرب من خلال مناقشتهم الماضي بنقد ذاتي.

- هل أنتم مستعدون لإبلاغ الشعب الألماني هذا الكلام؟

نعم.

- هل توافقون على قيام باحثين محايدين بسؤال الشعب الألماني إذا يشاطركم هذا الرأي؟ ليس هناك شعب يرضى بالإهانة.

في بلدنا يسمح بطرح أي سؤال. ولكن بالتأكيد هناك جماعات متطرفة في ألمانيا ليست معادية للسامية فحسب بل تعتدي على المواطنين الأجانب ونحن نعتبرها جماعات خطرة.

- أسألكم إلى متى سيبقى الشعب الألماني أسير الصهاينة؟ ومتى ينتهي ذلك؟ بعد 20 أو 50 أو 1000 سنة؟ لو حصل «الهولوكوست» فعلاً فإن «إسرائيل» ينبغي أن توجد اليوم في أوروبا وليس في فلسطين.

هل تريد أن تنقل شعباً بأسره؟

- خمسة ملايين فلسطيني من دون وطن منذ 60 سنة. أنتم تقدمون تعويضات لـ «إسرائيل» منذ 60 سنة وعليكم مواصلة ذلك مئة سنة أخرى فلماذا لا تعيرون أهمية لمناقشة قضية الشعب الفلسطيني؟

لدينا سؤال مهم: هل تسعون للحصول على أسلحة نووية؟

- اسمحوا لي أن أطرح هذا السؤال: إلى متى سيبقى العالم صامتا على هيمنة بعض القوى الغربية؟ سرعان ما شرع أحد بالحديث عن شخص شرعوا بحرب دعائية ضده ونشر الأكاذيب عنه. إلى متى يظل الأمر على هذا النحو؟

نحن هنا لمعرفة الحقيقة. رئيس دولة مجاورة قال لنا أنكم عاقدون العزم للحصول على القنبلة فهل هذا صحيح؟

- لدينا الحق في الحصول على استخدام الطاقة النووية لأنه حق مشروع لكل شعب. لهذا السبب تأسست الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة القوى التي تملك أسلحة نووية. أنظروا اليوم إلى بلدنا، ان تعاوننا مع الوكالة الدولية نموذج يحتذى به. وقد زار مفتشو الوكالة بلدنا أكثر من ألفي مرة وأعدوا أكثر من ألف صفحة وكاميراتهم موجودة في مراكزنا النووية وفي تقارير الوكالة لم يرد ما يثير قلق أحد.

لكن الوكالة ترى الوضع غير ما ترونه أنتم؟

- هناك بعض الدول تستغل الطاقة النووية والأسلحة النووية لتهدد دول أخرى. للأسف هذه هي الدول التي تقول إنها قلقة وتخشى أن تحيد إيران عن الاستخدام السلمي للطاقة النووية. نقول لهذه القوى إنها لا تملك الحق لتتحدث معنا.

لا تحتاج إيران للقنبلة فلماذا تسعى للحصول عليها؟

- أمر مثير للعجب أن الدول الأوروبية التي زودت نظام الشاه بالتقنية النووية على رغم أن هذا النظام كان يشكل خطراً كبيراً وعلى رغم ذلك فإن الأوروبيين كانوا على استعداد لبيعه التقنية الن

العدد 1362 - الإثنين 29 مايو 2006م الموافق 01 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً