يملك عمر الخالدي وهو صاحب أعمال سعودي شقة فاخرة في بيروت وأخرى في القاهرة منذ العام 2006 وكانت إحداهما خياره الأول عندما يقرر قضاء عطلة نهاية أسبوع طويلة أو خلال الإجازات الرسمية.
ويقول الخالدي: «لم أزر أياً منها (مصر ولبنان) منذ أربعة أشهر. أتردد حالياً على دبي (لأنني) لا أحب الرحلات الطويلة والأوضاع الأمنية غير المستقرة».
ويبدو أن قائمة المدن العربية الجاذبة للسياحة تشهد نوعاً من إعادة الترتيب خلال العام المقبل (2012) في ظل الاضطرابات السياسية التي تشهدها بعض بلدان المنطقة لتكون مدن مثل دبي وبلدان غير عربية كتركيا وماليزيا هي الوجهة الأولى للسياح العرب بعدما كانت مصر ولبنان في الصدارة.
ففي مصر - حيث السياحة أحد أهم مصادر العملة الصعبة - لايزال متظاهرون في ميدان التحرير وهو بؤرة الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك يحتجّون على سياسات المجلس العسكري الذي يدير أمور البلاد، ويطالبون بسرعة تسليم السلطة لحكومة مدنية. وعلى رغم أن ثورات «الربيع العربي» لم تمر على لبنان إلا أن قطاع السياحة فيه تضرر بشكل خاص جراء الاضطرابات التي تعصف بجارته سورية التي يمر عبرها عادة نحو 300 ألف من السياح العرب القادمين براً إلى لبنان.
وقال رئيس المنظمة العربية للسياحة، بندر آل فهيد، لـ «رويترز»، إن السياحة البينية العربية كانت تمثل 49 في المئة قبل الاضطرابات. مضيفاً «تكبَّدنا خسائر تتجاوز العشرة مليارات دولار في 2011 (...) ومصر وتونس كانتا الأكثر تضرراً». وتابع «كانت آمالنا أن تنتهي الاضطرابات بشكل أسرع (...) القطاع السياحي حساس جداً والأمن ركيزة أساسية في دعم السياحة».
وتشهد المنطقة العربية احتجاجات شعبية غير مسبوقة أدَّت إلى الإطاحة برؤساء تونس ومصر وليبيا واليمن وامتد أثرها إلى سورية والبحرين وسلطنة عُمان والمغرب والأردن. وتطالب تلك الاحتجاجات بتحسين مستويات المعيشة وتعزيز الحريات وتداول السلطة ومحاربة الفساد.
وقال آل فهيد: «في وقت الأزمات نراهن عادة على السياحة البينية العربية (...) لقد تجاوزنا أزمات عديدة في السابق بهذه الاستراتيجية ولكن هذه المرة الموضوع مختلف». وتابع «وصلت نسب تسريح العمالة إلى 20 في المئة. كانت هناك توقعات بأن تنتهي الأزمة بسرعة ولكن في حال استمرت المشكلات ستتكلف الدول خسائر أكبر وسيتضاعف عدد الخسائر في الوظائف وقد تغلق العديد من المنشآت والشركات السياحية بشكل كامل».
ولكن تلك الارقام لم تنعكس على شركات السفر والسياحة في السعودية؛ إذ يقول مدير تطوير الأعمال في مجموعة الطيار للسفر والسياحة، راشد المقيط، إن «الشركات لم تسجل أي تراجع في مبيعاتها في 2011 لقد كان عاماً جيداً ووجد السائحون وجهات بديلة عن الدول المضطربة».
ويضيف المقيط «سورية ولبنان ومصر كانت تستقبل نحو 1.5 مليون سائح سعودي سنوياً وتلك الوجهات شبه مشلولة حالياً (...) وفي المقابل هناك طلبات كبير جداً على المقاعد والفنادق لماليزيا وتركيا ودول شمال أميركا».
يقول رئيس المنظمة العربية للسياحة: «ارتفع عدد زوار تركيا من العرب بنسبة 80 في المئة مقارنة مع العام الماضي (2010) ... سنعمل على إعادة استقطاب العرب إلى بعض المدن الآمنة مثل شرم الشيخ كما سنحاول استقطاب السياح الاتراك وبعض زوار تركيا».
وأضاف آل فهيد «القطاع السياحي يتأثر سريعاً ويعود سريعاً (...) ونحن متفائلون بأن تنتهي تلك الاضطرابات قريباً» .
من جانبه، يقول المقيط: «عملنا في هذا العام على زيادة حجم استثماراتنا في أميركا وماليزيا وكندا ودبي. هناك إقبال عال جداً عليها (...) كما أن السعوديين باتوا أكثر إقبالاً على الوجهات الجديدة والمختلفة والمبتعثين يشجعون عائلاتهم على زيارتهم».
وكان كبير الخبراء الاقتصاديين لدى «كاب إم للاستثمار»، ومقرها أبوظبي، مهدي مطر قال لرويترز في مايو/أيار، إن دبي تستفيد بشكل كبير مع ارتفاع معدلات الإشغال وعدد السائحين لأن العرب الذين اعتادوا على الذهاب إلى الأردن أو سورية أو لبنان أو مصر يجدون هذه الدول تعاني اضطرابات. وأضاف مطر آنذاك، أن هؤلاء السائحين عدّلوا مسارهم إلى ثاني أفضل وجهة وهي دبي. كما يتوافد على دبي - التي تمثل السياحة 25 في المئة من اقتصادها - السياح الغربيون الذين اعتادوا السفر إلى مصر للاستمتاع بطقس أفضل.
يقول المقيط: «نتمنى للدول العربية الخروج من الاضطرابات (...) كلما طالت المشكلة سيستمر الناس في البحث عن وجهات بديلة كما سيقوم ذلك بإعادة هيكلة السوق»
العدد 3402 - الجمعة 30 ديسمبر 2011م الموافق 05 صفر 1433هـ