رأى محللون أن المحافظات والبلديات في الصين تقترض مبالغ طائلة لشق الطرق وبناء المطارات والمستشفيات، وبعضها يفتقر إلى الملاءة لتسديد مستحقاته ما يهدد صحة النظام المالي الصيني برمته.
وغالباً ما تغطي البلديات والمحافظات قروضها بواسطة بيع أراضٍ على حساب سكان يعتبرون أنهم حرموا من حقوقهم ويتمردون أحياناً مثلما حصل الشهر الماضي في ووكان بمحافظة غوانغدونغ (جنوب).
ولا يثير الوضع المالي للحكومة المركزية الصينية قلق خبراء الاقتصاد.
وقال نائب حاكم البنك المركزي لين ييفو في مقابلة أجرتها معه صحيفة «تشاينا دايلي» في منتصف ديسمبر/ كانون الأول إن «ديون الحكومة (الصينية) أقل بكثير من ديون الدول المتطورة، لذلك فإن المخاوف من حصول أزمة ديون في الصين لا تستند إلى أي أساس».
ولم تكن سندات الدولة الصادرة عن البنك المركزي الصيني تمثل في نهاية 2010 سوى 17,1 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي للسنة، و30 في المئة منه إذا ما ضمت إليها سندات مصرف «تشاينا ديفيلوبمنت بنك» الذي يمول البنى التحتية.
وفي المقابل، فإن قروض المحافظات والبلدات بلغت 10700 مليار يوان (1300 مليار يورو) في نهاية 2010، ما يشكل 27 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي بحسب تقرير أصدره المكتب الوطني للتدقيق المالي في نهاية يونيو/ حزيران.
ويبقى إجمالي الدين العام الصيني بشقيه المركزي والمحلي بمستوى 68 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد، بحسب دراسة أجراها مصرف ستاندارد تشارترد في هونغ كونغ، ما يعتبر أدنى من مستوى الدين العام الفرنسي (85 في المئة).
وتكمن المشكلة في كون الجماعات المحلية تعتمد على عائدات البنى التحتية لتسديد ديونها في حين أن العديد من هذه البنى التحتية غير مربح.
وأوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة تسينغوا في بكين، باتريك شوفانيك، لوكالة فرانس برس أن بعض المشاريع مثل الطرقات والمستشفيات «لها أهمية اقتصادية، لكنها غير قابلة للاستمرار تجارياً» وكان يترتب تمويلها بواسطة أموال المكلفين.
من جهته قال اختصاصي الأسواق المالية الصينية في جامعة بكين مايكل بيتيس إن «الديون تزداد بشكل سريع في الاقتصاد بمجمله» ما يهدد النظام المصرفي.
لكنه حذر من أن «أي محاولة لوقف تزايد (الديون) سيؤدي إلى انخفاض سريع في الاستثمار والنمو».
من جهة أخرى، فإن هبوط الأسعار الأخير في السوق العقارية سينعكس على مالية البلديات التي كانت تعول على بيع أراضٍ بأسعار مرتفعة لتسديد ديونها. وفي كانتون شكلت المبيعات العقارية فضلاً عن الضرائب المدفوعة عليها 48 في المئة من عائدات المدينة العام 2010، بحسب نشرة «تشاينا بيزنس نيوز».
وفي شنغهاي إنهار متوسط أسعار المتر المربع بنسبة 41 في المئة العام الماضي بحسب المصدر ذاته.
وبات من الصعب اليوم بيع الأراضي ولم يتم بيع أكثر من 900 قطعة أرض معروضة للبيع في 130 مدينة العام 2011 مقابل 280 فقط العام 2010، بحسب صحيفة «شينجينغ باو» (أخبار بكين).
وإزاء هذا الوضع، تسعى بكين لتقليص اعتماد الجماعات المحلية في ماليتها على القطاع العقاري. وعلى سبيل التجربة، سمح في أكتوبر/ تشرين الثني 2011 لمحافظتي غوانغدونغ (جنوب) وشيجيانغ (شرق) الساحليتين الغنيتين ولمدينتي شانغهاي وشيزين (جنوب) بإصدار سندات.
غير أن هذه السندات التي يبقى مردودها ضعيفاً لقيت طلباً لدى المصارف الرسمية التجارية، وهي المؤسسات ذاتها التى قدمت قروضاً للجمعيات المحلية عن طريق «هيئات تمويل» أنشئت خصيصاً لهذا الغرض. وقالت الخبيرة الاقتصادية لدى شركة غلوبال اينسايت في بكين، رين شيانفانغ إنه «إذا سارت الأمور على ما يرام، فسيكون في وسع (المصارف) بيع هذه السندات إلى كيانات أخرى أو أفراد»
العدد 3409 - الجمعة 06 يناير 2012م الموافق 12 صفر 1433هـ