العدد 3424 - السبت 21 يناير 2012م الموافق 27 صفر 1433هـ

السفير الأميركي توماس كراجيسكي لـ «الوسط»: لا نتدخل في شئون البحرين...وأمن البحرين جزء من أمننا الإستراتيجي

نفى السفير الأميركي في البحرين توماس كراجيسكي أيّة مساعٍ أميركية للتدخل في الشأن البحريني. وقال في مقابلة مع «الوسط»

أن «الولايات المتحدة لديها مع البحرين شراكة قديمة إذ تمتد لأكثر من 100 عام، وأمن البحرين جزء من الأمن الإستراتيجي


السفير الأميركي توماس كراجــــــيسكي في لقاء مع «الوسط»:

يهمنا أمن البحرين... ونسعى للمســــاعدة في حل الأزمة السياسية

الوسط - منصور الجمري، أماني المسقطي

أبدى السفير الأميركي في البحرين توماس كراجيسكي استعداد الإدارة الأميركية للمساعدة في حل الأزمة السياسية في البحرين، نافياً في الوقت نفسه ما تردد عن أي مساعٍ أميركية للتدخل في الشأن البحريني، مشيراً إلى أن التعاطي الصحيح مع الأحداث في البحرين يجب ألا يتم من خلال القمع، وإنَّما من خلال التفاهم والحوار الجاد، ومؤكداً ان أمن البحرين جزء من الأمن الإستراتيجي للمنطقة.

وعبر كراجيسكي عن «خيبة أمله» في أسلوب التعاطي الرسمي مع زيارة ممثلي المؤسسات الدولية للبحرين، نافياً في الوقت نفسه الاتهامات التي وُجهت إلى الإدارة الأميركية بالتعامل بانتقائية مع الأحداث التي تشهدها البلدان تبعاً للعلاقات التي تربط الولايات المتحدة بهذه البلدان.

وفيما يأتي نص المقابلة التي أجرتها «الوسط» مع كراجيسكي:

أثيرت ردود فعل كبيرة وسلبية من بعض الجهات تجاهكم في البحرين قبل أن تتسلم مهامك كسفير للولايات المتحدة في البحرين، ولاتزال محل استهداف عبر المقالات التي تُنشر في صحف بصورة شبه يومية، وخصوصاً فيما يتعلق باتهامك بالتدخل في الشأن المحلي، فهل هذا صحيح؟

- لا بد أن أشكركم أولاً على إتاحة الفرصة لي للحديث عبر صحيفتكم التي تعتبر الأكثر اهتماماً وتأثيراً، وأعتقد أنها الأكثر قراءة في البحرين.

والواقع أن هناك عدة قصص أثيرت عن خلفيتي واهتمامي بالبحرين، وفي البداية كان الأمر مسليّاً بالنسبة لي، واعتقدتُّ أن الأمر لا يعدو كونه تخيلات لدى البعض ولن تؤثر عليّ، وكان الحديث يدور بشأن تدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر للتأثير على مستقبل البحرين بطريقة «ميكيافيلية»، وهو أمر غير صحيح، لأن ذلك لا يتوافق مع سياستنا ولا نية لنا لهذا التدخل، وهو أمر ليس من اهتماماتنا.

أما بشأن ما أثير عن خلفيتي في العراق؛ فكل ما قيل بشأن ما قمت به في العراق هو مفبرك تماماً، وأنا عملت مع الأكراد في شمال العراق ومع ممثلي الأمم المتحدة في محاولة لحل الحدود بين كردستان العراق والحكومة العراقية في بغداد، وخصوصاً فيما يتعلق بمشكلة كركوك.

ولذلك وجدتُّ أن موضوع الخوض في خلفيتي عبر بعض الصحف البحرينية في بداية الأمر مسليّاً، ثم تبين لي أنه مزعج، لكني اعتبرته لاحقاً جزءاً من الطريقة التي تسير بها الديناميكية السياسية في البحرين، وكيف تدور النقاشات في البحرين عن مستقبلها، وخصوصاً في شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز الماضيين (2011)، حين تشكلت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وانتهاء حوار التوافق الوطني، والحديث عن الانتخابات النيابية التكميلية، وإعلان جمعية الوفاق عدم مشاركتها في الانتخابات، لذلك جاء الحديث عني في خضم جميع هذه النقاشات حينها.

وفيما يتعلق بوجهة نظر الولايات المتحدة الأميركية؛ فمن الواضح أن البحرين شهدت تطورات وتغييرات دراماتيكية، ونحن لا نسأل أنفسنا كيف نؤثر على هذه التغييرات، لكن ما نفكر فيه هو الدور الذي يمكن أن نقوم به لتقوية شريكنا في الخليج، فنحن والبحرين لدينا شراكة قديمة إذ تمتد لأكثر من 100 عام، وأمن البحرين جزء من الأمن الإستراتيجي للمنطقة، ونرى في البحرين صديقاً مقرباً وحليفاً لنا في الخليج، لذلك كنا نتساءل عن الدور الذي يمكن أن نقوم به للحفاظ على هذه العلاقة.

فمن المهم بالنسبة إلينا أن نعرف ما الذي يمكننا القيام به لمساعدة البحرينيين في حل هذه المسائل العالقة، لا أن أكون موضوعاً في هذه المناقشات، فأنا أمثل الولايات المتحدة ونحن نريد أن نساعد البحرين، ونرى أن البحرينيين فقط هم من يمكنهم حل هذه المشكلات، وأعني بذلك القيادة السياسية والحكومة والإعلام والمعارضة وجميع الفئات، فالحوار بشأن البحرين يجب أن يشمل البحرينيين بمختلف مكوناتهم، والبحرينيون فقط لا غيرهم هم الذين يستطيعون حل الأزمة في نهاية الأمر.

وأؤكد مجدداً أننا مستعدون للمساعدة في حل الأزمة السياسية في البحرين، لكن لا يمكننا الوساطة في هذا الشأن لأن هذا أمر خاطئ، لأننا لن يكون لنا التأثير الذي نريد، والبحرينيون فقط هم من يمكنهم القيام بذلك.

* * *

تطرق الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه بتاريخ 19 مايو/ أيار 2011 إلى البحرين، بالتحديد في فقرتين، إحداهما عن أهمية إجراء حوار وطني جاد بين الحكومة والمعارضة، وأنه لا يمكن إجراء حوار في البحرين في الوقت الذي يتم فيه احتجاز المعارضين السلميين في السجون، ثم أدان هدم مساجد الشيعة في البحرين، واعتُبر حينها أن الرئيس الأميركي ركز على موضوعات حساسة بشأن البحرين، ثم في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 21 سبتمبر/أيلول 2011، دعا أوباما الحكومة إلى إجراء حوار مع «الوفاق»... هل يمكن اعتبار هذا الاهتمام الخاص من قبل الرئيس الأميركي نوعاً من الاهتمام الشخصي من قبل الرئيس، أم أنه يأتي انطلاقاً من الأجندة الأميركية؟

- ما حدث في فبراير/ شباط ومارس/آذار وحتى أبريل/ نيسان، ومن ثم في مايو/أيار 2011، سبَّب صدمة للولايات المتحدة، ليس لأننا لم نكن نعلم أن هناك اختلافات وعدم توافق بين الأطراف البحرينية، إذ نعرف أن هناك تاريخاً من القلاقل في البحرين، وأن المجتمع يضم وجهات نظر مختلفة، لكننا كنا نتابع تقدم البحرين، الذي كان بطيئاً في بعض الأمور وسريعاً في أمور أخرى باتجاه التحول إلى مجتمع منفتح ونظام سياسي متطور تحت قيادة جلالة الملك.

كان لدينا علم بالديناميكية الداخلية في البحرين، لكن ما حصل في فبراير ومارس 2011 من كثافة المواجهات العنيفة وردود الفعل التي قامت بها الحكومة آنذاك كان صادماً لصديقتها الولايات المتحدة، لذلك أعتقد أن الرئيس الأميركي اتخذ الريادة في خطابه بالحديث عن الشأن البحريني، ولكن ملاحظاته كانت تصدر عن صديق للبحرين، إضافة إلى كونه حليفاً وشريكاً في المنطقة.

والقلق الذي أبداه الرئيس باراك أوباما بشأن الأوضاع، كان تعبيراً عن أمله في أن تكون البحرين قادرة على حل مشكلاتها العالقة والخروج من هذه الأزمة، وهذا ما عبَّرنا عنه للحكومة في البحرين، كما دعا الرئيس إلى إنهاء مشكلة المساجد التي تم هدمها، وإلى القيام بحوار جاد وذي مغزى.

وفي سبتمبر الماضي (2011) جدد الرئيس أوباما تأكيده على ذلك، وخص بالحديث أكبر جمعية سياسية في المعارضة وهي «الوفاق»، وهذا أمر منطقي، لكنه في الوقت نفسه، لم يستثنِ الأطراف البحرينية الأخرى من الحوار، ولا أعتقد أنه قصد من حديثه أبداً أن تكون «الوفاق» هي الطرف الوحيد في الحوار، وإنما كان الهدف هو التأكيد على الحوار، وأن العنف من أي طرف والمواجهات ليست حلاًّ للأوضاع.

ونحن نتحدث عن مثل هذه الأمور بالنسبة إلى مختلف الدول، وخصوصاً تلك التي تربطنا بها علاقة قوية، لكن هذا لا يعتبر تدخلاً، وإنما هو تعبير عن وجهات نظرنا واهتمامنا، ولا أعتقد أن ذلك يمثل بأية طريقة تدخلاً في الشأن المحلي.

* * *

موضوع البحرين مطروح حاليّاً في الولايات المتحدة في الكونغرس الأميركي، وفي وزارة العمل الأميركية... في الكونغرس هناك نقاشات تتعلق بصفقة بيع أسلحة إلى البحرين، التي تم وقفها بسبب اشتراطات لها علاقة بأوضاع حقوق الإنسان... أما في وزارة العمل؛ فهناك تحقيق تم بناء على شكوى تقدم بها أحد الاتحادات النقابية الأميركية بشأن المفصولين في البحرين، والتي يبدو أن وزارة العمل الأميركية أخذتها في الاعتبار، وأصبح هناك حديث عن احتمال تأثير ذلك على اتفاقية التجارة الحرة بين البحرين وأميركا، فما الجديد بشأن صفقة بيع الأسلحة في الكونغرس، وتحقيقات وزارة العمل الأميركية؟

- في البداية يجب أن أوضح أن العلاقات الاستراتيجية بين البحرين والولايات المتحدة الأميركية تضم برنامجاً أمنيّاً يضم بعض صفقات بيع الأسلحة والأجهزة العسكرية، وأمن البحرين يهمنا من الناحية الإستراتيجية، وهناك نقاشات مستمرة بشأن سياسة هذه البرامج، وخصوصاً فيما يتعلق بالجهود بين الحكومة والأطراف الأخرى في البحرين من أجل معالجة ما شهدته البحرين في شهري فبراير ومارس 2011، وخصوصاً بعد «تقرير بسيوني» فيما يتعلق بإعادة بناء وإصلاح المؤسسات الأمنية، وإطلاق سراح معتقلي الرأي السياسيين، وإحالة المسئولين الأمنيين المتورطين بمخالفة القانون، سواء من خلال الاعتقال غير القانوني أو إساءة المعاملة أو تعذيب المعتقلين - كما ورد في «تقرير بسيوني» - إلى القضاء، ثم في الجهود التي تقوم بها الحكومة باعتبارها طرفاً رئيسيّاً لتنفيذ هذه التوصيات، وخصوصاً بعد أن أعلن جلالة الملك أنه قبل بجميع التوصيات الواردة في التقرير.

ولذلك؛ فإننا في المرحلة الحالية نراقب هذه العملية، وبناء على ما ستشهده العملية من تطورات، ويجب التأكيد هنا على أهمية هذه العلاقة بالنسبة إلينا، وخصوصاَ أن البحرين جزء من هذه المنطقة.

سأحتفظ بتعليقي بشأن المرحلة التي تمر بها صفقة الأسلح، لكن يمكن القول إن النقاشات مستمرة في واشنطن، ولانزال نتناقش مع أعضاء الكونغرس الذين يراقبون ما يحدث باهتمام، ونحن نشرح لهم الأوضاع ونبين لهم أهمية العلاقة الأمنية التي تعتمد على التطور الذي يحدث في البحرين، وبالنظر إلى العلاقة بشكل عام. هذان العنصران هما الرئيسيان في نقاشاتنا.

كما أن التحقيقات بشأن شكوى نقابية أميركية تتعلق بالمفصولين لاتزال مستمرة في واشنطن، وننتظر نتائجها، وليست لديّ أي معلومات جديدة بهذا الشأن بعدُ.

* * *

الواضح أن الولايات المتحدة لديها تأثير سياسي كبير في البحرين، وقد تحدثت الإدارة الأميركية عن قضايا محددة في الأشهر الماضية، على سبيل المثال؛ حين تم اعتقال المدون محمود اليوسف في فترة السلامة الوطنية، وحين كانت هناك نية رسمية لإغلاق جمعية الوفاق، وتكرر الأمر ذاته بالنسبة إلى ما حصل للناشط الحقوقي نبيل رجب... لكن هناك انتقادات من مختلف الأطراف، فبينما يزعل البعض مما تقومون به، هناك من يرى النقيض لذلك، فكيف تقيِّمون دوركم في كل هذه المجالات؟

- نحن لدينا علاقات قوية مع البحرين وعلاقاتنا متبادلة ... نسمع اليهم ويسمعون الينا كأصدقاء وحلفاء، فحين نتحدث إلى البحرين؛ فإنها تستمع إلينا، وحين تتحدث حكومة البحرين نستمع إليها، لكن هذا أمر مختلف عمن يقول إننا نتدخل في القرارات السياسية البحرينية، وهذا غير صحيح. وإذا نجحنا في التأثير على صديق؛ فإن هذا التأثير يحدث بسبب ما قلناه أو علَّقنا عليه أو عبرنا عن نهجنا بشأنه. ولكن يجب القول إننا نتحدث كثيراً مع الجانب البحريني في هدوء وبعيداً عن الأضواء، فنحن نجري حوارات دبلوماسية بعيدة عن العلن، ومرة أخرى هذا ليس تدخلاً أو وساطة في الشأن البحريني، انما هذه النقاشات لا تصل إلى مرحلة تتدخل فيها الولايات المتحدة وتطلب تغيير الوضع إلى صالح هذه الجهة أو تلك، وإنما نعبِّر عن سياساتنا ووجهات نظرنا وآرائنا، ونفضل أن نقوم بذلك بهدوء لأنه يؤدي إلى نتيجة نظراً إلى قوة العلاقة الرسمية بين البلدين، ويهمنا أن تستقيم الأمور لأن ذلك في مصلحة مملكة البحرين وفي مصلحة الولايات المتحدة الأميركية.

* * *

مؤخراً منع نائب رئيس منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان ريتشارد سولوم من دخول البحرين، إضافة إلى عدم السماح لموفد «منظمة حقوق الإنسان أولاً» بريان دولي بدخول البحرين... فهل ترون أن التحسس من الدور الأميركي الرسمي وغير الرسمي يزداد؟

- كنا داعمين تماماً لما أعلنته الحكومة البحرينية بفتح أبواب القضاء خلال الشهرين الماضيين للمراقبين الدوليين من منظمات حقوقية وجهات إعلامية للقاء الأشخاص وإعداد تقاريرها بشأن الأوضاع في البحرين في موضوعات معينة أو بشأن الأوضاع فيها بشكل عام، واعتبرناه قراراً صحيحاً، وهذا ما نقوم به في الولايات المتحدة.

ولا شك أن لكل دولة الحق في أن تسمح لمن تشاء بدخول أراضيها ولا تسمح لمن لا تشاء بذلك، ونحن نعتبره حقّاً دوليّاً، والبحرين لها الحق في ذلك، وحين أتى ريتشارد سولوم وتم إبلاغنا بأنه موجود في المطار؛ فإننا تعاملنا معه كما نتعامل مع أي مواطن أميركي في هذا الموقف، وحاولنا معرفة حيثيات المشكلة ومساعدته، ونظراً إلى المنظمة التي يمثلها سولوم؛ كانت لدينا نقاشات مع عدد من المسئولين البحرينيين، وخصوصاً وزارة الخارجية، في محاولة لإقناعهم بضرورة عدم منعه من الدخول، والحقيقة أنه كان أمراً محبطاً جدّاً أن يكون في النهاية عليه مغادرة البلاد، إذ كان من الجيد ما سمعناه قبل فترة من تصريحات صادرة عن مسئولين رفيعي المستوى أكدوا خلالها أنه سيتم السماح للمجموعات الدولية بمراقبة المحاكمات، ولكن حين تم منع سولوم، أعلنا خيبة أملنا، وكذلك بالنسبة إلى موفد «منظمة حقوق الإنسان أولاً» بريان دولي، الذي كان من المفترض أن يزور البحرين وتم إبلاغه لاحقاً أنه لن يتم السماح له دخول البحرين. نتحدث كأصدقاء للبحرين ونقول من الصعب أن تسمع من جهة أن الأبواب مفتوحة للمنظمات الدولية، وثم تسمع مرة أخرى أن الأبواب مغلقة وأن هذه المنظمات لا تستطيع الدخول، ونحن نشجع الحكومة البحرينية لتكون منفتحة في هذا الجانب.

* * *

بصورة متناقضة، يتداول أنك صرحت بأن من حق أية حكومة أن تعتقل معارضيها؟

- لم يكن هذا ما قلته أبداً، وكان سؤال قد وجه إليّ هو ما إذا كان من حق أية حكومة أن تصدر قراراتها لاعتقال أشخاص يرمون زجاجات المولوتوف، وكانت إجابتي أن الحكومة لديها الحق بل ومن واجبها أن تصدر قرارات بالاعتقال إن تطلب الأمر، ولهذا ندفع الأموال لرجال الأمن، مثلما ندفع لرجال الإطفاء لإطفاء الحرائق، ثم قلت إنه إذا كان هناك دليل واضح على أن هناك من كسر القانون وتورط بأعمال العنف؛ فإن هذا الشخص يجب اعتقاله، وإذا كشفت التحقيقات أنه يجب إحالته إلى النيابة فيجب أن يتم ذلك، وإذا ارتأى القضاء أنه مذنب فيجب وضعه في السجن، ولا مشكلة في قول ذلك بوضوح.

وأنا أؤمن بأن الحكومة والمؤسسات الأمنية عليها التزام مطلق بالالتزام بالقانون، وأيضاً حين يقوم رجال الأمن بمخالفة القانون فيجب أن تتم إدانتهم قضائيّاً ومعاقبتهم، ونحن نشجع ما قامت به الحكومة في تحقيقها ومقاضاة رجال الأمن بحسب ما جاء في تقرير بسيوني، لكني أؤكد أن من يرمون المولوتوف والحجارة على رجال الأمن؛ فإنهم يكسرون القانون وتجب معاقبتهم أيضاً، فالعنف ليس حلاًّ.

* * *

تم اختيار مفوض شرطة أميركي وهو «جون تيموني»، من قبل حكومة البحرين لتدريب قوات الأمن في البحرين، وهناك تساؤل عما إذا كان اختياره قد جاء لتبرئة بعض الأطراف، وللقول لأميركا: «انظروا فإننا نستعين بأشخاص منكم»، فكيف تعلق على ذلك؟

- أنا أرى في تعيين جون تيموني، ونائب مفوض شرطة «اسكتلاند يارد» البريطاني جون ييتس، استجابة مباشرة لما جاء في توصيات «تقرير بسيوني»، فيما يتعلق بضبط رجال الأمن في الشارع خلال الاحتجاجات أو الاعتقال، وخصوصاً في ظل الانتقادات القاسية التي ساقتها توصيات التقرير في هذا المجال، وأكدت أن الحكومة ليس عليها الإصلاح وإعادة البناء فقط، وإنما يجب عليها أيضاً أن تستعين بخبراء من الخارج للعمل على برامج تدريبية لرجال الأمن، وذلك في التعاطي مع الاحتجاجات وآلية اعتقال من يكسر القانون خلال الاحتجاجات. وهو أمر صعب جداً لرجال الأمن القيام به، لكن هناك معايير معينة للقيام بذلك، وتيموني لديه خبرة كبيرة في ذلك.

* * *

هل تعتقد أن قوات الأمن البحرينية لديها مشكلة في الجانب الفني وأنها تحتاج إلى خبرة شخص مثل تيموني؟

- تيموني لديه خبرة كبيرة وبصمات ناجحة في برنامج الدور المجتمعي لرجال الشرطة، والذي يقوم على أن أفضل قوات الأمن هم من يعرفون مجتمعاتهم جيداً ويكونون جزءاً من هذه الاحياء وقادرين على التجول فيها...

* * *

هل تقصد الإعلان الأخير عن تعيين 500 شخص في شرطة المجتمع؟

- لا... أنا لا أعني هنا شرطة المجتمع، وإنما قوات الأمن العادية المسئولة عن تطبيق القانون. وتيموني لديه خبرة في نيويورك وفيلاديفيا وميامي في هذا الجانب من عمل الشرطة، ومساهمته في بناء برنامج عمل الشرطة في نيويورك انعكس على الأمن في أحياء نيويورك، وتمكن من خلاله من التعاطي مع جميع المكونات المجتمعية الأميركية في الأحياء السكنية هناك، بغض النظر ما إذا كانت أحياء لسكان من أصول لاتينية أو إفريقية أو آسيوية، والبرنامج كان فعالاً في الحد من العنف والجريمة إذ قام بإعادة هيكلة قوات الشرطة هناك وحولها إلى قوات تحتوي على أميركان من أصل إفريقي وأميركان من أصل لاتيني، أو آسيوي، وصعد من مستويات هؤلاء لتسلم مناصب قيادية مباشرة، واستطاع تيموني مع آخرين أن يحولوا أحياء كانت الشرطة العادية لا تستطيع دخولها إلى الأمن بالاعتماد على أبناء تلك الأحياء، من خلال إدماج جميع فئات المجتمع في قوات الشرطة بشكل مباشر... وأعتقد أن مجيئه للبحرين قيم ومفيد جداً وآمل أن يستطيع في تطوير الوضع الشرطي في البحرين بالطريقة نفسها التي حصلت في أميركا، وأن تكون قوات الأمن جزءاً من المجتمع وليست غريبة عنه، وأن يتم دمج فئات المجتمع كلها في قوات الشرطة، على أسس واضحة تحترم حقوق الإنسان والمواطنة وحفظ الأمن والاستقرار، ولدينا تجربة ناجحة في أميركا في هذا المجال، وبالإمكان نقلها إلى البحرين في حال اعتمدت سياسة مماثلة.

* * *

هناك منظمات حقوقية دولية مثل «هيومن رايتس ووتش»، تنتقد معايير تعاطي الإدارة الأميركية مع الدول، ويرون أنها تنتقد بصراحة ما يحدث في بلدان غير صديقة للولايات المتحدة مثل سورية، ولكن حين يتم الحديث عن حكومات دول صديقة، فإن الإدارة الأميركية يمكن أن تتطرق إلى الأوضاع، ولكن من دون أن تتخذ إجراء شديداً، فما تعليقك على ذلك؟

- أشرت في وقت سابق إلى حديث الرئيس أوباما في شهر مايو من العام الماضي، حين تحدث بوضوح عن الأوضاع في البحرين، وكان حادّاً بشأن ما قامت به الحكومة البحرينية حينها، وبالتالي فإننا نتحدث عن أي مناطق نرى أنها تشهد انتهاكات، وليس هناك انتقائية في هذا الشأن.

* * *

ولكن نظرتكم إلى منطقة الخليج دائماً مّا تكون مبنية على أمن «تدفق النفط» من المنطقة، وإنه في نهاية الأمر أنكم تنظرون إلى المواضيع في هذه المنطقة الحيوية بشكل مختلف... ما تعليقكم؟

- من خلال ملاحظاتي العامة التي أبديتها في واشنطن قبل مجيئي الى البحرين أكدت على أن الاستقرار في المنطقة أمر مهم جداً، ولكني قلت بوضوح إنه بالنسبة للبحرين فإن التعاطي الصحيح مع الأحداث يجب أن لا يكون من خلال القمع، وإنما من خلال الحوار الجاد والإصلاح لأنه الأفضل للبحرين والولايات المتحدة والاستقرار في المنطقة، والحوار والإصلاح هو ما سيؤدي إلى استقرار يحفظ المصالح الحيوية الأميركية ومصالح الأصدقاء.

* * *

هناك من يرى أن العام 2012 سيكون سيئاً بالنسبة للتحركات المطالبة بالديمقراطية في العالم العربي، لكونها سنة ستتعطل فيها السياسة الخارجية للولايات المتحدة لأنها تصادف الانتخابات الأميركية، ما رأيكم؟

- أود القول أن الأمر لا يتعلق كله بالولايات المتحدة في المنطقة، فنحن لسنا الطرف الوحيد في الشرق الأوسط، وصحيح أننا عادة نركز على الشئون الداخلية في فترة انتخابات الرئاسة، كأي انتخابات في العالم، ونركز على الاقتصاد على وجه التحديد، لأن معظم الأميركيين يهتمون بتوافر الوظائف والتضخم وازدهار الاستثمار، ولكن السياسية الخارجية والأمن الإستراتيجي وقضايا الشرق الشرق الأوسط وغيرها تبقى مهمة بالنسبة لنا.

* * *

في ظل الحديث عن توتر بين البحرية الأميركية وسفن إيرانية في المنطقة، هل نحن مقبلون على نزاع آخر في الخليج؟

- من الصعب قول ذلك، ولكننا قلقون من وجود نوايا لتحركات إيرانية وتهديدات بغلق مضيق هرمز، وتهديدات أخرى تجاه تواجد حاملات الطائرات الأميركية في المنطقة، كما أننا قلقون من استمرار إيران في بناء برنامجها النووي في ظل معارضة المجتمع الدولي. ونأمل من الحكومة الإيرانية أن تقوم بالخيار الصحيح، إذ إن إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح بيد إيران لوحدها، وذلك حتى لا تزيد الضغوط من الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج، والتي نأمل أن يكون لها تأثير على الحكومة الإيرانية.

* * *

ماذا عن الوضع العراقي، فبعد انسحاب قوات الجيش الأميركي من الأراضي العراقية تزايدت الانفجارات، وتم اتهام نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي بارتباطه بتفجيرات، فكيف تنظر للوضع العراقي؟

- بإلقاء نظرة على الوضع السياسي في العراق، يجب أن نتذكر أن أول انتخابات للبرلمان العراقي في العام 2005 جاءت بعد عقود من غياب حرية الانتخابات، واليوم لديهم ثاني انتخابات تتم في جو حر ومفتوح، وهناك حكومة تتكون من أكبر الأطراف التي فازت في الانتخابات، وهناك نقاشات مكثقة بشأن عدة موضوعات من بينها الاتهامات الموجهة إلى نائب الرئيس، كما أن العراق تملك أكثر وسائل الإعلام استقلالاً في الشرق الأوسط، وهناك اقتصاد في طور التقدم، وبالتالي فإن كل المؤشرات تدل على أن العراق دولة تشهد تقدماً ملحوظاً منذ إزالة نظام صدام حسين في العام 2003.

والتحديات التي تواجهها الحكومة العراقية الآن هي من الذين يمارسون أعمال العنف والتفجيرات في محاولة لخلق الفوضى في العراق، وحتى الآن أعتقد أنهم فشلوا في مساعيهم، ولكن هذا العنف يجب شجبه ونأمل معاقبة المجرمين المتسببين فيه، ولا أعتقد أن أي من دول الجوار العراقي له مصلحة بإثارة الفوضى في العراق. أنا واثق إلى حد معقول أن الحكومة العراقية لن تواجه المزيد من العنف والفوضى والحرب الطائفية، مثل تلك التي شهدتها في العامين 2007 و2008، وحين ذهبت إلى هناك في مارس/ آذار من العام 2008، كانت العراق تستعد للخروج من هذه الأزمة، وكان العراقيون أنفسهم هم من يقومون بذلك، وأعتقد أنهم قادرون على القيام بذلك مرة أخرى.

* * *

في مصر... هل تقفون إلى جانب المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين؟

- إن المصريين هم الذين يحددون الأمر بأنفسهم، ونعم التقى نائب وزير الخارجية الأميركية وليام بيرنز في القاهرة قبل أيام بالإخوان المسلمين، وهناك حراك سياسي مؤثر في الانتخابات الأخيرة التي شهدتها مصر، ومصر شريك أساسي وصديق في المنطقة، وحصلت على وضع سياسي جديد بموجب التغييرات الدراماتيكية التي حدثت فيها، وأنا بصراحة متحمس جداً لحكومة مصرية منتخبة، ونأمل أن تحل الأمور بين الحكومة والجيش، وأنا أعتقد أنهم سيقومون بذلك بطريقة ممتازة، ونحن لا نقف مع أي طرف ضد آخر، ونحترم إرادة الشعب المصري.

* * *

وكيف ترى مستقبل سورية؟

- كنا واضحين بشأن الوضع الذي تسير فيه سورية، والذي يتطلب تنحي الرئيس بشار الأسد، وموقف جامعة الدول العربية بهذا الصدد كان إيجابياً جداً، وأتمنى أن يكون للجامعة تأثير أكبر في المرحلة الحالية، وعلى الرغم من موقفها الواضح في محاولة السعي لإنهاء العنف في سورية، إلا أن ما يؤسف له أن هذا الأمر لم يتحقق على أرض الواقع حتى الآن، والانتهاكات والقتل هناك مازالا مستمرين، وهذا شيء مزعج جداً بالنسبة لنا.

* * *

ما مدى صحة ما ورد عن انسحابكم من «مؤتمر الأمن الوطني والأمن الإقليمي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية»، في البحرين، في 18 يناير/ كانون الثاني الجاري (2012)، في ضوء انتقادات شديدة للسياسة الأميركية في المنطقة وجهها أحد المتحدثين الخليجيين الرسميين؟

- القصة ليست صحيحة تماماً، والتصور بأنني غادرت قاعة المؤتمر احتجاجاً على كلمة أحد المتحدثين ليس صحيحاً. أنا أختلف مع التحليل بشأن طبيعة التهديدات الأمنية في الخليج والذي أنحى باللائمة على الولايات المتحدة، لكن يحق لأي شخص أن يعبر عن رأيه، ولم أغادر احتجاجاً على كلامه، وانما خرجت بعد ذلك لأنه كان لدي موعد آخر وحان وقته حينها، ولا شيء أكثر من ذلك

العدد 3424 - السبت 21 يناير 2012م الموافق 27 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 35 | 2:04 م

      رقم 10

      احوي انت عشرة علي عشرة
      لا اضحي بوطني مااجملها من كلمة

    • زائر 33 | 7:08 ص

      بنت الديه

      كانه البحرين هي الدوله العظمى وامريكا تاخد القرار من عدها

    • زائر 32 | 6:30 ص

      تعرفون بس في دول مشتركة

      ما تتدخلون الا بس في سوريا و لبنان و ايران !!!

    • زائر 29 | 5:44 ص

      الحل بسيط لامن البحرين الداخلي

      تشغيل المواطنين من مدن وقرى البحرين بغض النظر عن الطائفه وسيستتب الامن فلمواطن هو اللي يهمه امن الوطن لانه في اهله

    • زائر 28 | 5:41 ص

      سعادة السفير

      انا سني عاطل بس ما ضحي بوطني

    • زائر 25 | 4:57 ص

      سعادة السفير

      انا مفصول من شغلي لاني بحراني
      عندك شغل حقي في امريكا

    • زائر 24 | 4:44 ص

      الكل يعرف وين المشكله

      لا ترحمون ولاتخلون رحمة الله تنزل

    • زائر 16 | 2:09 ص

      راعي المغاتير

      كل ثمن صفقة الاسلحة 30 مليون دينار لا تساوي الجمل من اذنة

    • زائر 13 | 1:27 ص

      ههه

      تعليق رقم 1
      انت الصح

    • زائر 12 | 1:27 ص

      export pepole 2

      أن تكون قوات الأمن جزءاً من المجتمع وليست غريبة عنه، وأن يتم دمج فئات المجتمع كلها في قوات الشرطة

    • زائر 11 | 1:19 ص

      export pepole

      ***والذي يقوم على أن أفضل قوات الأمن هم من يعرفون مجتمعاتهم جيداً ويكونون جزءاً من هذه الاحياء وقادرين على التجول فيها

    • زائر 7 | 12:19 ص

      أوافقك الراي

      كيف لانعطيهم هذا الدور الكبير والبعض كان يذهب للكونغرس وعقد جلسات استماع!، وطمئانتهم بان العلاقة لن تتضرر بعد ال ()
      فا لاتتفاجئ يازائر رقم

    • زائر 6 | 12:18 ص

      اللهم أكفنا شر شهر صفر

      وأجعل هذا البلد آمنا بأهله الطيبين الاشراف

    • زائر 3 | 12:05 ص

      افهم

      أفهم من كلام السفير أنه نحن الذين نعطي الدور الامريكي في المنطقة اكبر من حجمة وبالتالي نجعلهم يسيطرون علينا.

اقرأ ايضاً