العدد 3444 - الجمعة 10 فبراير 2012م الموافق 18 ربيع الاول 1433هـ

مخاطر السياسة وإعادة تمويل الديون تثير مخاوف بشأن الخليج

يتوخى المستثمرون العالميون الحذر بشأن الخليج وسائر أسواق الشرق الأوسط هذا العام جراء التوترات بشأن إيران والاضطرابات في سورية وبواعث القلق حيال إعادة تمويل ديون يحل استحقاقها على دبي، وذلك في وقت تتجدَّد فيه مكاسب الأسواق المتقدمة.

وكانت أسعار النفط المرتفعة وقوة موازنات الاقتصادات الخليجية المنتجة للطاقة قد أبقت تلك الأسواق هادئة نسبياً العام الماضي (2011)؛ إذ رأى المستثمرون العالميون في المنطقة بديلاً لمنطقة اليورو والولايات المتحدة المثقلتين بالديون.

لكن ضخ السيولة من جانب البنك المركزي الأوروبي في شكل عمليات إعادة تمويل طويلة الأجل والتيسير الكمِّي من جانب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) عززا الأسواق المتقدمة؛ ما نال جزئياً من جاذبية منطقة الخليج كمقصد استثماري «بديل». وتأثرت الثقة في الأسواق سلباً بتهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز وتصاعد الاضطرابات في سورية.

وقال مدير الصندوق لدى «إتش.إس.بي.سي» لإدارة الأصول العالمية، أندرو برودنل: «من المعروف أن التوترات تصاعدت سواء نظرت إلى إيران أو (إسرائيل) أو العراق أو أفغانستان. كل هذه الأشياء تتواتر في الأخبار لذا يمكنك تفهم بواعث القلق».

وارتفعت عدَّة أسواق أسهم بمنطقة الشرق الأوسط هذا العام (2012)؛ لكن مكاسبها جاءت متواضعة بالمقارنة مع صعود قوي بنسبة 15 في المئة للأسواق الناشئة عموماً. وعلى سبيل المثال فقد تراجعت بورصة قطر واحداً في المئة منذ مطلع العام بعد أن كانت من الأسواق القليلة المرتفعة العام الماضي وبمكاسب بلغت واحداً في المئة أيضاً.

وسجَّلت كلفة التأمين على ديون قطر والسعودية من مخاطر عدم السداد أعلى مستوياتها في عامين ونصف العام مطلع يناير/كانون الثاني 2012، بعد تهديد إيران بغلق مضيق هرمز الحيوي لصادرات النفط الخليجية، ردّاً على تشديد العقوبات من جانب الغرب.

وساهمت التوترات بشأن برنامج طهران النووي في رفع أسعار خام «برنت» نحو 8 دولارات على مدى الأسابيع الستة الأخيرة. وفي حين أن ارتفاع أسعار النفط يساعد عادة أسواق اقتصادات الخليج المنتجة للطاقة إلا أن الوضع مختلف في هذه المرة.

وتعتمد خمس من دول مجلس التعاون الخليجي الست - السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت - على ممر شحن إمدادات النفط الأهم في العالم لتصدير معظم إنتاجها من النفط والغاز.

وقالت محللة الأسواق الناشئة في «بي.إن.بي باريبا»، دينا أحمد: «إذا أغلقت إيران مضيق هرمز فإن تلك الدول لن تستطيع شحن صادراتها (...) مازالت هناك علاوة مخاطر في أسعار مقايضة مخاطر الائتمان نظراً إلى المخاطر الجيوسياسية؛ ولاسيما مسألة العقوبات المفروضة على إيران».

وتفاقمت المخاوف إزاء المخاطر أيضاً مع مطالبة الجامعة العربية الرئيس السوري بشار الأسد حليف إيران بتسليم السلطة وبدء تحول سياسي. ومما يثير قلق المستثمرين أيضاً مدى قدرة كيانات في دبي على إعادة تمويل ديونها بعد قيام «دبي العالمية» بتجميد سداد أقساط ديونها في نوفمبر/تشرين الثاني 2009، وهو ما أحدث صدمة في الأسواق المالية العالمية. وعلى رغم اجتياز اختبار أولي بعد أن قالت «دبي القابضة»، إنها ستسدِّد سندات بقيمة 500 مليون دولار استحقت الأسبوع الماضي؛ إلا أن التركيز يتحوّل الآن صوب محطات أخرى مهمة هذا العام.

ويقول المستثمرون إن من المرجَّح أن تتدخل دبي وأبوظبي لمساعدة الكيانات المتعثرة كما فعلتا من قبل لكن أوجه عدم تيقن تظل قائمة. ويقولون إن أسواق المنطقة أبلت بلاء حسناً العام الماضي بالنظر إلى اضطرابات الربيع العربي وإنها قد تكون مسألة وقت فحسب قبل أن تعاود الانتعاش.

وقال برودنل: «الأسواق المبتدئة يكون أداؤها متأخراً بعض الشيء خلال فترات التغير الكبير في المعنويات. كان أداء أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا متفوقاً على نحو مفاجئ في 2011. بالنظر إلى ما حدث العام الماضي فهذا مدهش حقاً».

وتتفرد السعودية كنقطة مضيئة؛ إذ سجّلت سوق الأسهم أعلى مستوياتها في عدة أشهر هذا الأسبوع مدعومة بتوقعات أن تمضي المملكة قدماً هذا العام في خطط لفتح البورصة السعودية التي تعد الأضخم في المنطقة أمام المستثمرين الأجانب.

ومن المرجَّح أن يواصل المستثمرون الخليجيون دعم أسواق المنطقة ومن المستبعد أن تثنيهم المخاطر السياسية. لكن مع استمرار انخفاض أحجام التداول في البورصات منذ الأزمة العالمية لعامي 2008 و2009 فإن الأسواق بحاجة إلى دفعة أكبر.

وقالت المديرة التنفيذية لمؤسسة أرابيا مونيتور للأبحاث والاستشارات»، فلورنس عيد: «التدفقات العالمية الكبيرة أحد العوامل التي قد تنعش تلك الأسواق؛ لكن المخاطر الرئيسة تكبِّل معظمها».

وثمة خيبة أمل أيضاً بعد عدم رفع تصنيف الإمارات وقطر إلى وضع السوق الناشئة من السوق المبتدئة على مؤشرات «إم.إس.سي.آي» نهاية العام الماضي. وعلى رغم أن مستثمرين كثيرين لم يكونوا يتوقعون رفع التصنيف عمّا قريب ومازالوا يأملون أن يحدث ذلك خلال العامين المقبلين؛ إلا أن الخطوة كانت ستجذب على الأرجح مزيداً من أموال الأسواق الناشئة إلى المنطقة

العدد 3444 - الجمعة 10 فبراير 2012م الموافق 18 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:42 ص

      هروب رؤوس الأموال

      إذا أغلقت إيران المضيق ستشهد المنطقة هروباً لرؤوس الأموال لم يشهد له مثيل من قبل.

اقرأ ايضاً