العدد 1400 - الخميس 06 يوليو 2006م الموافق 09 جمادى الآخرة 1427هـ

«مَـن» و«مـا»...؟!!

حدثته عن العالم الأخلاقي الحقيقي...

فأجابها عن الفرق الشاسع بين المثاليات والواقع المعاش...

حدثته عن الواقع الذي تراه من نافذة عينيها...

فأخبرها عن الضباب الذي يلف هذا الواقع فلا يبصره هو أو يراه عدد كبير غيره كما تراه هي...؟!

أخبرته عن حياتها وكيف أنها لا تتكلم من فراغ... ولا تتعجب من لا شيء... ولا تستفهم من وضوح!

فقال لها: تلومين مَن ومَن ومَن...!

فقالت له: بل قُل تلومين ما وما وما...!

تبسم وهو يسألها: وهل سيرد أو يجيب غير العاقل...؟

ردت عليه مجيبة: على الأقل لن يهرب أو يتوارى عندما أسأله «لماذا... وكيف... أو مذ متى...»

بل سيبقى مجبوراً على البقاء...!

لن تنكسر نظراته أو يطأطئ رأسه متوارياً وراء قناع الخجل والندم المزيف...

الاستفهام والاستنكار بـ «ما» أرحم بكثير من استخدام «مَن» بالنسبة إليَ...!

قال لها: لن يهرب... ولن يتوارى... لكنه لن يجيب على أسئلتكِ...!

أليس الهروب أفضل من البقاء ومواجهة أسئلة ماتت ودفنت بل وتحللت إجابتها...؟!

أو ربما تكون الإجابة التي تبحثين عنها في غيبوبة دائمة وطويلة في مستشفى الذاكرة!

ألا تلاحظين أن كل مَن يرتكب جريمة يهرب ويتوارى... ولا يبقى كالجماد أو كـ «مـا» غير العاقل...!!

تبسمت ساخرة وهي تقول : ذكرتني بسقوط بغداد...

تعجب واستغرب من ردها فسألها: بغداد...!! وما علاقة بغداد بالموضوع...؟!!

ردت عليه مجيبة : بغداد تمثل «ما» وهي غير عاقل لذلك بقت عندما وطأ ثراها المحتل... ولم تهرب كما هرب وتوارى «مَن» الذي استباحها وأباحها...!!

تنهد وهو يقول في انكسار: بل ذكرتني بوطني...!

تعجبت وتساءلت ساخرة: وطنكَ...؟!!! هل كان عاقل فهرب أم بقى لأنه غير عاقل...!

رد عليها متنهداً وهو ينظر إلى لسماء: وطني... آه... وطني غير عاقل و«مَن» يتحكَّم به يستهلكه ويستخف به وبكل عاقل...!!

شعور بالمرارة... ! أين نحن من سعة السماء...!!

سألته متعجبة: أليس لديكَ صوت...؟!!!

أجابها ساخراً: يباع ويشترى...!!

استفسرت متعجبة عن الانتخابات...!! الديمقراطية...!! الصداقة...!!

رد عليها في هدوء: كلها ماء مالح ينساب من بين فروج الأصابع ولا يبقى... بل يُخلف وراءه تشققات وآهات يصعب ويطول علاجها بسبب ملوحة الماء الزائدة...!

تبسمت ساخرة من هذا الوضع وقالت له: أليست «ما» غير العاقل أفضل بكثير مِن «مَن» العاقل في هذا الأوان؟!

تنهد وهو يسألها: آه... تلومين «مَن» أو «ما» الآن...؟

أجابته: لا مجال ولا وقت عندي للوم الآن... أنا أتأمل وأفكر في ماذا أريد أن أكون فقط.

تبسم وهو يقول لها: جيد... فكري قبل أن تُصبح «ما» مثل «مَن» العاقل وتهرب أو تبيع صوتها لو نطقت...!!

وما بين «مَن» العاقل و«ما» غير العاقل بقت تتأمل

العدد 1400 - الخميس 06 يوليو 2006م الموافق 09 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً