عبر مستثمرون بحرينيون يعملون في قطاع النقل والسياحة البحرية عن استيائهم الشديد من الإجراءات الجديدة التي فرضتها السلطات الرسمية لإصدار تراخيص ممارسة أنشطة النقل والسياحة البحرية.
وأعلنت الحكومة في وقت سابق عن مراجعة شاملة لنظام التراخيص المتبع للسماح للزوارق واليخوت بممارسة نقل السياح عبر المياه المحلية وإلى الجزر المجاورة بعد حادث غرق سفينة «الدانة» السياحية قبالة سواحل المحرق قبل 4 شهور موقعاً عشرات الضحايا.
وقال مستثمرون في قطاع السياحة الساحلية إن السلطات طلبت منهم التوقف مؤقتاً عن ممارسة أعمال النقل البحري ريثما يتم إعادة تقييم وضع هذه الرخص ومطابقتها بالإجراءات الجديدة التي ستكون أكثر حزماً.
وقالوا إنه لم يتلقوا إلى الآن أي ترخيص من قبل الجهات لمعاودة النشاط ما ترتب عليه «شلل كبير» في هذا القطاع السياحي المهم.
وأكدوا أن بعض شروط واجراءات الجهات الرسمية «تعجيزية» وغير مشجعة للسياحة الساحلية للعوائل الخليجية، مشيرين إلى صدور قرارات غير واقعية من قبل الجهات المعنية.
وقال أحد المطلعين، فضل عدم ذكر أسمه: «هناك خوف على ما يبدو من تحمل أي مسئولية من قبل أي جهة للترخيص بعد الانتقادات العنيفة التي وجهت لنظام التراخيص القديم».
ويتم إصدار رخص ممارسة النشاط السياحي البحري من قبل وزارة الإعلام وخفر السواحل كل بحسب اختصاصه.
وقالوا: «إنه من غير المعقول أن يتم إيقاف جميع السفن، وتسحب الرخص، بمجرد أن حدث حادث». وتساءلوا «هل سيتم إيقاف الطائرات إذا تحطمت طائرة في يوم من الايام؟ وهل سيتم ايقاف جميع السيارات في البحرين، لمجرد حدوث حادث مروري مروع؟».
واستغربوا من قرارات خفر السواحل التي تشترط أن يكون قائد السفينة السياحية التي تبحر في المسافة الصغيرة، الواقعة بين جسر الشيخ خليفة وجسر الشيخ عيسى، قبطاناً لديه شهادة أعالي البحار، وهي شهادة تصدر لقبطان السفن العملاقة التي تبحر في المحيطات والبحار الكبيرة والتي تقطع مسافات كبيرة من دولة إلى دولة ومن قارة إلى قارة.
ورأوا أن توقيف رخص السفن السياحية وتعقيد الإجراءات، ورمي كل جهة المسئولية على جهة أخرى، ينبئ بظهور بيئة طاردة للسياحة الساحلية للعوائل الخليجية، مشيرين إلى أنه في المستقبل ستفقد البحرين مكانتها السياحية إذا استمرت الأوضاع الحالية من دون تغيير.
وأكدوا أنهم يسعون إلى الحصول على رخصهم التي سحبت منهم، إلا أنهم يواجهون صعوبات كبيرة لتخليص المعاملات لدى الجهات الرسمية وهي إدارة السياحة بوزارة الاعلام وخفر السواحل وميناء سلمان.
وذكروا أن ما يجري للسياحة الساحلية هو خلاف لتوجهات البحرين في التنمية السياحية وتنويع مصادر الدخل.
ويزاول عملية نقل السائحين عبر البحر في المملكة بحسب مصادر مهنية نحو 5 جهات أو شركات معروفة غير أن هناك بوانيش لأفراد تقوم بالنقل.
وقالت دراسة لغرفة تجارة وصناعة البحرين بعنوان «التنمية السياحية في مملكة البحرين»: إن القطاع السياحي في مملكة البحرين يواجه بعض المعوقات التي يمكن أن تحد من قدرته على تحقيق أهدافه على الوجه الأمثل.
ودعت الدراسة إلى الاهتمام بجذب السياحة العائلية الخليجية والتي تتلاءم مع القيم والعادات السائدة في البحرين إلى جانب العمل على وضع استراتيجية واضحة المعالم لتنمية وتطوير القطاع السياحي بمشاركة القطاع الخاص في وضعها بحيث تتضمن مجالات التنمية السياحية بمختلف مجالاتها.
وذكرت أن القطاع السياحي في المملكة يعاني من عدم توافر برامج ترويجية متكاملة للتعريف بمقومات التنمية السياحية في المملكة والمناطق السياحية التاريخية والتراثية والحضارية ومجالات السياحة الترويحية والرياضية والعلاجية وسياحة المؤتمرات والمعارض التي تتميز فيها المملكة بميزة نسبية.
واقترحت تشكيل رؤية واضحة عن دور القطاع السياحي في الاقتصاد الوطني ووسائل تطويره مع تحديد دور القطاع الخاص في تنفيذ الاستراتيجية مع أهمية لعب الاستثمار الحكومي دوراً مهماً في تنمية القطاع السياحي عبر الإنفاق على مشروعات البنية التحتية.
ورأت دراسة الغرفة ضرورة تكاتف المؤسسات والأجهزة المعنية في القطاع السياحي لتوضيح الحقائق المتعلقة بأهمية الانفتاح السياحي على الخارج والتفاعل مع الثقافات والحضارات الأخرى بما ينعكس على معاملة السائح من لحظة دخوله إلى موانئ الوصول وحتى مغادرته مع العمل على تفعيل البرامج التي توضح أهمية السياحة في تنويع مصادر الدخل وخلق المزيد من فرص العمل لأبناء البلاد.
وذكرت دراسة الغرفة أن السياحة الناجحة تتطلب ضرورة توافر العناصر كافة التي تساهم في جذب السياحة الخارجية وتجعل إقامة السائح سهلة وميسرة وتساعد على تحفيزه للعودة مرة أخرى.
وطالبت بضرورة توافر الفنادق بدرجاتها المختلفة والشقق المفروشة والقرى الرياضية وبيوت الشباب والمخيمات والمطاعم والمحلات الترفيهية ووكالات السفر وغيرها والاهتمام بها من خلال إنشاء لجنة وطنية عليا للتنمية السياحية تتولى عملية التخطيط السياحي ووضع الاستراتيجيات للقطاع على المستوى الوطني ومتابعة التنفيذ بهدف دعم المشروعات السياحية القائمة وجذب الاستثمارات للعمل في القطاع.
وأكدت أن القطاع السياحي في المملكة يواجه بعض المشكلات التمويلية التي تحد من توجه المستثمرين للاستثمار في المشروعات السياحية أو المشاركة في تمويلها.
وركزت على ضرورة العمل على تنويع مصادر التمويل السياحي عبر تفعيل دور المصارف التجارية في مجال الإقراض وتمويل المشروعات السياحية بجميع مستوياتها وأحجامها بشروط سهلة وميسرة وبفترة سماح معقولة وبفائدة مخفضة.
وأضافت أنه من الضرورة العمل على تسهيل إجراءات الحصول على القروض السياحية وتخفيض ضمانات الإقراض بالإضافة إلى العمل على إدراج الاستثمار السياحي ضمن الأنشطة الإنتاجية مثل المشروعات الصناعية والزراعية التي تساهم في تطوير الاقتصاد الوطني.
ونوهت دراسة الغرفة إلى انخفاض الدعم المقدم من قبل الأجهزة الحكومية للقطاع الخاص السياحي مقارنة بالدعم المقدم للقطاعات الأخرى.
وقالت: «إن القطاع السياحي يحتاج إلى الكثير من الحوافز والتسهيلات لجذب المستثمرين للاستثمار في هذا المجال مثل تقديم الأراضي كمنح أو بأسعار مخفضة لإقامة المشروعات الفندقية والمدن الترفيهية والمنتزهات وتأسيس قرى لألعاب الأطفال والمناطق السياحية الترفيهية العائلية».
ودعت القطاع الحكومي إلى الإنفاق على بعض المشروعات السياحية التي تعتبر مرافق عامة لا يجد القطاع الخاص الحافز في تنفيذها مثل إصلاح الأراضي والمنتزهات العامة والشواطئ والملاعب المفتوحة وغيرها.
وأشارت دراسة الغرفة إلى عدم وجود خطة قصيرة أو طويلة الأجل تتضمن الموارد والاستخدامات والفرص الاستثمارية وغيرها من الأمور اللازمة للنهوض بالقطاع السياحي ما أدى إلى تشتت الجهود المبذولة في القطاع وعدم تحقق العائد والمردود الاقتصادي المستهدف من السياحة.
وطالبت بضرورة الإنفاق على البحث العلمي والدراسات المتعلقة بآثار القطاع السياحي على المستويين القطاعي والكلي لوضع خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الآجل بناءً على المعلومات التي توفرها الدراسات العلمية والميدانية.
ورأت أن عدم توافر المزايا والحوافز الاستثمارية بالدرجة الكافية مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي لتشجيع الاستثمار في القطاع السياحي حد من تنفيذ الكثير من المشروعات السياحية ولجوء بعضها للاستثمار في الدول المجاورة.
وأوضحت الدراسة أن القطاع السياحي يفتقر إلى وجود جهة محددة تختص بإدارة القطاع ويمثل فيها القطاع الخاص بصلاحيات كاملة على اتخاذ القرارات المتعلقة بهذا القطاع وتذليل المشكلات التي تواجهه مع إعداد دراسات جدوى اقتصادية للمشروعات المتعلقة بالجانب السياحي وعرضها على المستثمرين بهدف جذب الاستثمارات المحلية والخارجية للعمل في هذا القطاع بالتعاون مع الجهات المختصة.
ورأت ضرورة الاهتمام بزيادة فاعلية القطاع الخاص في عملية التنمية السياحية باعتباره يمثل المحور الأساسي لعملية التنمية لما يتمتع به من كفاءة في الإدارة وخبرة استثمارية وقدرة تنافسية تؤدي إلى توفير السلع والخدمات السياحية بأسعار منافسة بالإضافة إلى ما يمتلكه من رأس مال يمكن توجيهه للاستثمار في القطاع السياحي. وأكدت وجود بعض الصعوبات التي تعاني منها المنشآت السياحية في تعاملها مع بعض الجهات الحكومية ومنها وزارة العمل وإدارة الهجرة والجوازات فيما يتعلق بتصاريح العمل وتأشيرات الزيادة.
وطالبت بمراجعة الأنظمة والإجراءات المحلية المتعلقة بالسياحة وتهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة بما في ذلك مراجعة الأنظمة والإجراءات الخاصة بالاستثمار في المجال السياحي. وأشارت إلى عدم توافر الكوادر الوطنية اللازمة للعمل في مجال الإرشاد السياحي إضافة إلى محدودية الشركات العاملة في القطاع وعدم وجود معاهد وطنية للخدمة الفندقية والإرشاد السياحي لتخريج الكوادر الفنية القادرة على العمل في هذه الوظائف.
وشددت على ضرورة تدريب العمالة الوطنية للعمل في قطاع السياحة لضمان مشاركة المواطنين بشكل أوسع في تنمية القطاع السياحي ومن ثم تفاعلهم مع خطة تنمية السياحة المستديمة. ودعت إلى العمل على تأسيس معاهد تدريبية متخصصة للنهوض بالمستوى النوعي لصناعة السياحة في دول المجلس وتوحيد مفاهيمها على المستوى الخليجي.
وعن التنسيق السياحي على المستوى الإقليمي أشارت إلى ضعف تنسيقي وتتمثل آثاره في ارتفاع أسعار تذاكر الطيران بين دول المجلس ما يحد من قدرة وكالات السفر والسياحة للعمل على تنظيم رحلات سياحية بين دول المجلس بأسعار مناسبة باعتبار أن النقل بين دول المجلس يعتبر نقلاً داخلياً.
وطالبت بالعمل على توحيد المعايير والأسس التي تقوم عليها صناعة السياحة في دول مجلس التعاون والتنسيق بين أجهزة الجوازات في مجال استخراج التأشيرات ورسوم التأشيرات وغيرها ما يساهم في جذب السائحين الأجانب إلى دول الخليج والتعرف إلى الاحصاءات السياحية من حيث أعداد السائحين وجنسياتهم والليالي السياحية والإنفاق السياحي وغيرها من الاحصاءات.
وذكرت أن ضعف التنسيق الإقليمي كان نتيجة عدم وجود برامج ترويجية مشتركة كافية للتعريف بالإمكانات وأماكن الجذب السياحي في دول المجلس بالإضافة إلى عدم وجود الأدلة السياحية المشتركة.
واعتبرت الإعلانات الفردية الترويجية من قبل دول المجلس غير فاعلة وتحد من توجه المواطنين للسياحة في الداخل بل تلجئهم على السياحة الخارجية بسبب ضعف استخدام الآليات والأساليب الحديثة في التسويق السياحي لدول المجلس أو تسويقها كمنطقة سياحية واحدة. ودعت دراسة الغرفة إلى تبني استراتيجية تسويقية خليجية موحدة من قبل دول مجلس التعاون للترويج السياحي باعتبار أن العمل الخليجي المشترك هو الأسلوب الأمثل لدعم وتطوير السياحة الخليجية إلى جانب تسهيل إجراءات العبور لأغراض السياحة بالنسبة إلى الأجانب المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي.
كما دعت إلى إنشاء شركة سياحية خليجية مشتركة لتسويق الرحلات السياحية من الخارج إلى المنطقة، ويمكن أن يساهم في تكوين هذه الشركة وتمويلها شركات السياحة والمؤسسات المالية والمصرفية الخليجية بحيث تشكل الشركة كياناً قوياً قادراً على الصمود أمام الشركات الأجنبية المنافسة التي ستوجد مستقبلاً في الأسواق الخليجية في إطار سياسة تحرير الخدمات وفقاً لاتفاق منظمة التجارة العالمية
العدد 1432 - الإثنين 07 أغسطس 2006م الموافق 12 رجب 1427هـ