عادت أمس خدمة «غوغل إيرث» إلى متصفحي الإنترنت وهو على ما يبدو إلغاء للقرار الذي صدر السبت الماضي من وزارة الاعلام إلى مقدمي خدمة الإنترنت لحجب «غوغل إيرث». وأكدت مصادر لـ «الوسط» أن الجهات الرسمية في صدد مخاطبة شركة «غوغل» بهدف حجب عدد من المواقع التي تعتبر حساسة.
إلى ذلك، قالت مديرة الاتصالات والعلاقات العامة في شركة «غوغل» إيما لينيكر لـ «الوسط» إن الشركة لم تتسلم لحد الآن أية مطالب محددة من حكومة البحرين. وعقبت لينيكر بأن خدمة «غوغل إيرث» تعتبر «أداة بديعة تمكن مستخدمها من اكتشاف العالم بدءاً من المحلة التي يعيش فيها إلى أبعد مكان في العالم، وهي خدمة تعرف الناس بالأماكن المفضلة لقضاء العطل أو للسكن، وبإمكان المستخدم أن يدمج عدة طبقات من المعلومات بحيث يستطيع أن يوصل المعلومات الجغرافية بهدف تحديد المدارس المفضلة وتوافر السكن وأماكن العمل ووسائل النقل».
وأضافت لينيكر أن «خدمة (غوغل إيرث) تم إنشاؤها بالاعتماد على معلومات متوافرة بصورة عامة أو تجارية ويتم تجديد المعلومات بين فترة وأخرى، وحالياً فإننا نستهدف تجديد المعلومات باستمرار لتوضيح المناطق على بعد 150 متراً، وقد استخدمت هذه المعلومات للتعامل مع الكوارث والاغاثات، بما في ذلك تسونامي والزلازل، ولذلك فإننا نعتقد بأن الفائدة التي تقدمها الخدمة أكثر بكثير من السلبيات».
الوسط - محرر الشئون المحلية
قال متخصصون في مجال تقنية المعلومات إنه في مقدور الجهات ذات العلاقة في البحرين وهي وزارة الإعلام وشركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية (بتلكو) والجمعيات والشركات العاملة في هذا الحقل إيجاد حلول بديلة تقنياً للمواقع «المثيرة للحساسية» بدلاً من الحجب أو الإغلاق الذي يعتبر مسيئاً لسمعة المملكة في مجال الممارسة الديمقراطية والاستثمار في قطاع الاتصالات.
وقال عدد من المتخصصين الذين تحدثوا الى «الوسط» إن مجتمع البحرين، باعتباره المركز المالي الأول على مستوى الخليج، يشهد حركة غير مسبوقة في استخدام تقنيات شبكة «الانترنت»، ما يجعل من إيجاد التشريعات الكفيلة بتنظيم هذا القطاع دون تجاوز حقوق الناس في المعرفة أمراً مهماً للغاية.
الوسط - سعيد محمد
ليس موضوع حجب موقع «غوغل إيرث» وإعادة النظر في قرار وزارة الإعلام المرسل إلى شركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية «بتلكو» خلال اليومين الماضيين هو الموضوع الوحيد من نوعه... فعلى مدى الأعوام الثلاثة الماضية، شهد قطاع المواقع الإلكترونية - إذا جاز التعبير - فترات كر وفر بين وزارة الإعلام وناشطين حقوقيين وتقنيين وعاملين في قطاع المعلوماتية.
وأكثر من تابع خطوة اغلاق خدمة «غوغل إيرث» التي يتمكن من خلالها متصفح الإنترنت من مشاهدة المعالم الجغرافية والخرائط الطبيعية لأي منطقة في العالم، هم الآلاف من دون شك، ممن يرون أن حق «المعرفة» متاح للجميع في ظل الأجواء الديمقراطية التي تعيشها البلاد، وفي ظل حقوق الناس في الحصول على المعلومات التي تضمنها لهم التقنيات وأنظمة المعلومات العالمية.
وتمثل جمعية البحرين لتقنية المعلومات، جهة محلية أهلية تضم عدداً من المتخصصين الذين يمتلكون رؤى مختلفة عن هذه المشكلات التي تظهر بين الفينة والأخرى، وقد أصدرت بياناً لها يوم أمس الأول أوضحت فيه أنها اجرت اتصالات مع وزارة الإعلام والجهات المختصة الأخرى بالمملكة وذلك لإعادة النظر في قرار حجب «غوغل إيرث».
وفي هذا التقرير الموسع، نقدم آراء عدد من المتخصصين البحرينيين الذين أجمعوا على إمكان إيجاد الحلول البديلة بعيداً عن حجب المواقع، وحرمان الزوار في البحرين من تصفح المواقع الإلكترونية المشروعة، إذ يؤكد رئيس جمعية البحرين لتقنية المعلومات عدنان المحمود أن مجتمع البحرين ينبئ بتيار يقوى يومياً في اتجاه توظيف تكنولوجيا المعلومات، ويعرج على موضوع حجب أو إغلاق المواقع بالقول: «إننا نؤكد أهمية البحث عن البدائل والحلول المناسبة بعيداً عن الحجب والإغلاق»، مؤكداً أن الحياة المعاصرة، في البحرين وعلى مستوى العالم، أصبحت ترتكز على استخدام التقنيات في تطوير كل نواحي الحياة، مشيراً إلى أن المهم بالنسبة إلينا، وهو الأمر الذي أريد التركيز عليه، هو كيفية الاستفادة من المعلومات لتحسين الأداء ورفع معدلات النتائج والتطوير الإداري، وهذه الأمور ترتكز أصلاً على المعلومات.
تشريعات كفيلة بالتنظيم
ويرى عبدالله حسين، فني تقنيات صناعية، أن المجتمع البحريني شهد إغلاق عدد من المواقع، وكانت خطوة وزارة الإعلام معقولة ومقدرة فيما يتعلق بحجب المواقع الإباحية، أما المواقع التي تعكس الحراك السياسي فقد أثرت كثيراً، إذ تضارب هذا الفعل كثيراً مع الحراك المجتمعي القائم على حرية التعبير وفق حدود وبما لا يتطابق مع القانون، أما تقصُّد حجب المواقع التي يرتادها النشطاء السياسيون الحقوقيون لمعرفة الأخبار ونشر المقالات التي تختلف مع السلطة في الرأي فهو أمر لا يمكن قبوله، وإن كنا نتفق مع وزارة الإعلام وبتلكو في أن هناك مواقع يجب مراقبتها لأنها تسيء إلى المجتمع البحريني وإلى المواطنين، لكننا نؤكد هنا تنظيم هذه العملية من خلال التشريعات الكفيلة بحفظ حقوق الناس في الاطلاع والمعرفة.
حق الحصول على المعلومات
ويضيف أن «القضية لا تنحصر في تقصد بعض المواقع المشروعة واغلاقها أو حجب أو التراجع عن هذا القرار، اذ أن المعلوماتية اليوم هي العنصر الأساسي في عالمنا المعاصر، وأتذكر مقولة مهمة للباحث سيف الدين عبدالفتاح، وهو باحث في جامعة القاهرة، يشير بوضوح فيها إلى أن المجتمع القائم على المعلومات هو مجتمع ينتقل تنظيمه من اعتماد آليات تدفق الأوامر إلى آليات تدفق المعلومات، ويكون هذا التدفق المستمر للمعلومات هو آلية الانتظام الذاتي للمجتمع، ولابد للمجتمع والحال هذه - كما هي الحال في مستعمرات النمل - من اعتماد التنظيم الشبكي لمفردات المجتمع لا التنظيم الهرمي لها، ومن ثَم فإن البشرية بانتقالها إلى عصر المعلومات تكون قد أحدثت ثورة حقيقية في تاريخها... (انتهى كلام الباحث)، بيد أنني أريد أن أؤكد أن هناك اتجاهاً للامركزية التي تتيح وتوجب الحق في الحصول على المعلومات للمواطنين، وأن سلطة إصدار الأوامر تنسحب بالتبعية لصالح حركة تدفق المعلومات، وأن آليات تدفق المعلومات هذه هي التي تمنح المجتمع قدرة انتظامه الذاتي».
«السيادة» توجب المراقبة
ويعتقد عضو الجمعية العربية لتكنولوجيا المعلومات محمد عبدالباري الشهابي، أن من المهم الاقتناع بأن لكل دولة الحق في حماية أنظمة معلوماتها والمواقع والأفراد والجهات التي تأخذ صفة السيادة، بل حتى مراقبة المواقع الإلكترونية التي تلحق الضرر بالأمن والاستقرار في المجتمع، لكن لا يحدث المنع أو الحجب إلا بناءً على نظام قانوني، وأعتقد أننا في البحرين شهدنا إغلاق الكثير من المواقع ولأننا أيدنا إغلاق مواقع سيئة يتوجب منعها، نرى أنه من الدول العربية تم إغلاق مليون موقع لاعتبارها منافية للتقاليد والأعراف السائدة في المجتمع، وفي بعض الدول التي تشهد تحسناً في مستوى الديمقراطية، يواجه مواطنوها أيضاً مشكلة ورقابة شديدة على شبكة الإنترنت... وليست رقابة على المواقع السيئة والإباحية والمفروض حجبها، بل حتى على المواقع التي تهدف إلى تفعيل الحوار الوطني الحر والنزيه.
الوسط - محرر الشئون المحلية
يمثل محرك البحث «غوغل»، إمبراطورية من المعلومات، وهو الأشهر محلياً وعالمياً، وتميز هذه المحرك الذي أنشأه العام 1998 طالبان أميركيان، منذ البداية بشكل لافت للنظر بين أمثاله. فبالإضافة إلى توصله إلى المواقع الإلكترونية الأكثر ملاءمة للبحث اعتمادا فقط على الكلمات المفاتيح، فإنه أيضا يعطي تصنيفا للمواقع بحسب شعبيتها.
لذلك كان النجاح حليف هذا المشروع منذ انطلاقه. ومن دون أي حملة إشهارية، تجاوز الموقع، في فرنسا مثلا، عتبة 100 ألف طلب بحث يوميا مع نهاية 1998، ووصل إلى 200 مليون طلب بحث يوميا في ربيع العام 2003. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2004، حاز المحرك مرتبة الصدارة بين أمثاله باستقطابه 2,75 في المئة من مستعملي محركات البحث في فرنسا، محققا بذلك تفوقا واسعا على محركات البحث المنافسة، مثل «ياهو» و«إم. إس. إن»، وحقق في الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري 2006 أكثر من 900 مليون دولار كأرباح لأرقام معاملاته.
اصبح «غوغل» الآن في واقع مختلف تماما، إذ تحتل هذه البوابة الالكترونية مكانتها بين الشركات الـ 500 الأكثر ثراء في العالم (9 مليارات دولار). وأنفقت «غوغل» هذا العام ما يزيد على 1,5 مليار دولار على التقنيات ومراكز العمليات. وحرصا على الاقتراب اكثر من مستخدمي محرك البحث الذي اطبقت شهرته الآفاق، أقامت «غوغل» سلسلة من مراكز المعلومات، بما في ذلك موقعاً ضخماً بولاية اوريغون الاميركية مزود بتقنيات مخصصة لتقليل استهلاكها الكبير للكهرباء. وتستخدم اجهزة الكمبيوتر هذه برامج مخصصة مزودة بأدوات متقدمة طورتها شركة «غوغل» نفسها. كما ان هناك مؤشرات على ان «غوغل» تحاول انتاج الرقائق الالكترونية الخاصة بها.
وفي تقرير صحافي صدر حديثاً، أشار المحلل في مجموعة غارتنر العالمية مارتن رينولدز، إلى ان «غوغل» ليست محرك بحث فقط وإنما جهة باتت قادرة على توفير البنيات التحتية اللازمة لعملياتها، إذ تعمل الآن على توفير موارد كومبيوترية على نطاق غير مسبوق. وأعرب رينولدز عن اعتقاده ان غوغل الآن تحتل المرتبة الرابعة في قائمة الشركات الأكبر انتاجا للسيرفرات (اجهزة الخادم الكمبيوترية) بعد «ديل» و«هوليت باكارد» و«آي بي ام». وتنتج اكبر شركتين منافستين لـ «غوغل»، «مايكروسوفت» و«ياهو»، جزءا كبيرا من البرامج الخاصة بعملها، كما تعملان على توحيد معلومات اجهزتهما ومراكز معلوماتهما على نحو يتوافق مع احتياجاتهما، لكنهما لا تزالان تشتريان الماكينات الخاصة من شركات مثل «ديل» و«سان مايكروسيستيمز» و«راكابول سيستيمز». ويقول نائب رئيس قسم العمليات بشركة «ياهو» كيفين تيمونز، انه لابد من تحديد نوع العمل المحدد للشركة»، ويرى انه من الصعب ان تجمع الشركة بين تصميم وإنتاج القطع والأدوات التي تحتاج إليها في عملياتها وتسعى في الوقت نفسه لكي تبني الموقع الأكثر شهرة وانتشارا في العالم».
كيف يعمل «غوغل» ليقدم الإجابة الأنسب ضمن الاقتراحات العشرة الأولى وهو الذي يفهرس اليوم 800 مليار صفحة؟ فمستخدم الانترنت ليس على استعداد طبعا لتصفح 249 ألف صفحة التي يقدمها إليه المحرك عندما يجري بحثا بخصوص القروض مثلا.
إن ثمة حسابات معقدة تتم لتحديد مدى وجود وتكرار وأهمية الكلمات المفاتيح في كل صفحة من الصفحات، وذلك بحسب حجم الخط الذي كتبت به ووصلات النصوص التشعبية التي تحيل إلى موقع مشابه. تقنية تصنيف الصفحات (باج رانك) تعطي لصفحة ما قيمة الملاءمة بحسب عدد الوصلات. ويعتبر «غوغل» أن لكل وصلة بين صفحة أ وصفحة ب قيمة، وهي نسبية فيما يتعلق بالتصنيف التقني للصفحة أ وبالتالي هو نسبي بالنسبة إلى القيمة المنسوبة إلى أ سابقا. وعلى أرض الواقع، تؤمن هذه العملية حيادا مستقلا عن كل تلاعب بشري ويقود إلى ملاءمة نسبية لكنها حقيقية. وأكدت دراسة أجرتها مجلة «لوجورنال دي نيت» عدد نوفمبر أن كلاً من محركي «غوغل» ومنافسه الرئيسي «ياهو» التفوق النوعي للأول ورصدت بعض التقلص في المسافة الفاصلة بينهما. غير أن لخاصية الملاءمة التي يتميز بها «غوغل» من غيره من محركات البحث حدوداً في بعض الحالات، إذ ينتج عن استعماله معيار الأكثر شعبية تمثيلاً زائداً عن اللازم للمواقع القديمة حتى وإن كانت مهملة وبائدة. لذلك بات يتوجب على المواقع الحديثة أن تلفت انتباه المواقع الأقدم إلى الروابط التي تشير إليها، فتتجنب بذلك البقاء بعيدة عن عيون «غوغل»
العدد 1434 - الأربعاء 09 أغسطس 2006م الموافق 14 رجب 1427هـ