يحكى أن عالماً تقدم إلى جارته راغباً فيها كشريكةٍ له في الحياة لكنها رفضت هذا الطلب وامتنعت عن هذه الزيجة، وبعدها بأيام قلائل داعب طيف الفتاة «الجارة» فكر العالم ودق حُسنها وجمالها الأخاذ ناقوس عزيمته، فعاود الكرة مرةً اخرى مجدداً طلبه علّ وعسى أن ينال رضاها هذه المرة، لكنه قوبل بصفعة رفض أخرى أثكلت قلبهُ المتيم وبددت أحلامه الوردية، وهكذا استمر به الحال فكلما حملت حرارة الرغبة قدميه نحو باب الجارة مبدياً رغبته، عاد كسابق عوداته المثكلة بالألم والحسرة، وما وسع من دائرة الألم وفاقم من لظى نيران الحسرة في قلب العالم هي الأسئلة المتكررة من بعض الشباب ممن يتقدمون لخطبة الفتاة «البنية زينة لو مو زينة؟» بحكم جيرته للفتاة ولشخصيته الثقيلة في ذاك المجتمع، وبسبب الصراع الداخلي العنيف الذي عاناه العالم بين رغبته في الزواج من جارته من جهة وبين كلمة الحق من جهةٍ أخرى، كان رد العالم دوماً منتهياً إلى نصيحة الشباب بأن يبتعدوا عن الفتاة ويصرفوا أنظـارهم عن الارتباط بها، وكما المثل القائل «عندما يمدح الناس شخصاً قليلون يصدقون ذلك، وعندما يذمونه الجميع يصدقون» شاع الخبر بين الناس أن الفتاة «مو زينه» بسبب رفض الكثير من الشباب ممن تقدموا لها من أن يرتبطوا بها، وجراء فعل المحرك الأساسي لهذا الرفض وهي نصيحة العالم. ومنها توقفت طرقات أيدي الشباب على باب جارة العالم، توالت الأيام والسنون إلى أن انتقل العالم إلى عالم الآخرة ودار القرار وبقيت الجارة حبيسة منزلها تداعب شعرها الأبيض، وذات يومٍ رأى الابن الأكبر للعالم والده في المنام وتراءى لهُ أن هناك عقبة وحيدة تمنع والده من دخول الجنة، فلما استفسر والده عنها أخبره أنها مظلومية الفتاة (الجارة) وأن إزالة هذه العقبة متوقفة على رضا العجوز عنه وعفوها عن جرمه في حقها، وفي صبيحة اليوم التالي توجه الابن البار إلى جارته يخبرها بما رأى وبعد أن انتهى من رواية منامه وافقت الجارة على أن تسامح والده شريطة أن يصلح هو (الابن) خطأ والده ويتزوجها، بلع الابن ريقه على مضض ودفعه حب والده وحُسن تربيته على قبول الشرط ليتزوج بعدها من جارته العجوز.
محمد جعفر كمال
العدد 1435 - الخميس 10 أغسطس 2006م الموافق 15 رجب 1427هـ