أكد 30 من خبراء التعليم من مختلف دول العالم أثناء مداخلاتهم في المعرض والمنتدى الدولي للتعليم الذي أٌقيم في العاصمة السعودية (الرياض) في الفترة ما بين 13 فبراير/ شباط 2012 لغاية 17 فبراير، على أهمية دمج التعليم بالتقنيات الحديثة لمواكبة تقدم التكنولوجيا، والاستفادة من التقدم الكبير الذي تشهده تكنولوجيا المعلومات، وإعداد المعلم وتأهيله للتحول إلى مجتمع معرفة.
وكان وزير التربية والتعليم السعودية الأمير فيصل بن عبدالله آل سعود افتتح منتدى ومعرض التعليم الذي أقيم برعاية ولي عهد المملكة العربية السعودية سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، والذي أقيم في مركز معارض الرياض الدولي على مدة 5 أيام، وبرعاية كبيرة من قبل كبرى الشركات والمؤسسات من ضمنها مجلة «فوربس - الشرق الأوسط»، وشارك فيه أكثر من 150 عارضاً من مختلف دول العالم، ورافقه منتدى شارك فيه 30 من خبراء التعليم من مختلف دول العالم على مدى 64 جلسة رئيسية وورشة عمل، إضافة إلى 35 جلسة وحلقة نقاش متخصصة.
ويقوم المعرض والمنتدى بدور مساند وإيجابي في تنمية العلاقة بين المؤسسات التعليمية والمراكز المهتمة بالتقنية، وذلك من خلال فعالياته، ووجود الجهات المشاركة، والتركيز على العلاقة بين منظومة التجهيزات والمنظومات الأخرى في النظام المدرسي، التي هي علاقة تفاعلية واعتمادية يسهم كل منها في العملية المستمرة لتحسين مخرجات هذا النظام. كما يقوم المعرض بدور الراعي لفتح الأبواب أمام المستثمرين في مجال التعليم؛ ليعرضوا خبراتهم، ويقدموا في المكان المناسب ما يملكونه من مفاجآت تمنح التعليم أدوات مبتكرة، ومصادر تعلم جديدة.
وركز المعرض على 8 مجالات رئيسية أهمها: صناعة المنهج، رياض الأطفال، ذوي الاحتياجات الخاصة، المباني التعليمية والمدرسية، الجودة الشاملة والاعتماد الأكاديمي، التجهيزات التعليمية وتقنيات التعليم. وبني القائمين على المعرض والمنتدى على أربعة محاور معظمها عن البيئة المطورة للمعلم، وهي: إعداد وتأهيل المعلم للتحول إلى مجتمع معرفة، اختيار المعلم والتحول إلى مجتمع المعرفة، التطوير المهني للمعلم، وتقويم أداء المعلم.
واتفق خبراء التعليم في مداخلاتهم على أهمية دعم الدول لموازنتها المخصصة للتعليم، مطالبين أن يمنحوا المعلمين استقلالاً في الجوانب الأكاديمية، وألا يكلفوا بالأعباء الإدارية، وأن عليهم عدم التخوف من طرح الأسئلة من قبل طلابهم، وأن يقنعوهم بعدم معرفتهم بكل شيء. وأوضحوا أن من أبرز الصعوبات والتحديات التي تواجه المعلم في العالم الرقمي المطالبات بإعداد جيل متعلم في عصر المعرفة، إذ لابد أن يحدث تغيير في العملية التعليمية، وأن يكون التغيير من قلب العملية التعليمية. كما طرح أحد المحاضرين مشكلة الفجوة الحاصلة بين الكثير من المعلمين والطلبة، إذ أصبح المتعلم يتعلم أكثر من المعلم، واقترح رئيس مؤسسة كوريا للتربية والتعليم والبحث العلمي والمعلومات، كول كيون كيم، تمديد الدراسة الجامعية للمعلمين من 4 إلى 6 سنوات لسد هذه الفجوة.
كنز: علينا الإبداع في حل مشكلات التعليم
وتحدث الرئيس التنفيذي للجمعية الدولية لتكنولوجيا التعليم (ISTE)، دونالد كنز، عن السياسات الاستراتيجية والتطبيقات الفعالة لبناء كفايات المعلم في عصر المعرفة، إذ أكد أن عملية التعليم عملية تحتاج إلى كثير من الجهد والإصرار على التطوير وتنمية المهارات، وكذلك ينبغي أن يكون هناك مدرسة جاذبة، وعناية متفانية بتدريب القوى العاملة في المدرسة وفرق التعليم. وأضاف أن ثمة مشكلات في التعليم، وهذا متوقع ولكن يجب علينا أن ندرك المشكلة، ونبدع في كيفية الحلول، ونبدأ في تناول المشكلة بالحلول البسيطة حتى نتدرج في حلها، مؤكداً على استخدام التقنية في التعليم، قائلاً: «لقد شاهدت في المدارس التي تستخدم التقنية في التعليم أن طلابها متميزون، وأن المعلمين أقل تدخلاً في سير الطلاب». وتناول كنز خلال مداخلته، المشكلات التي تواجه المعلم في العالم الرقمي، كون المعلم مطالباً بإعداد جيل متعلم في عصر المعرفة، يعتبر من كبرى التحديات؛ إذ لابد أن يحدث تغييراً في العملية التعليمية، منوهاً بأن الطلاب يواجهون مشاكل قد لا يجدون حلها في الكتاب المدرسي، وهنا يجب أن يكون دور المعلم بارزاً لاحتواء مثل هذه المشكلات. وركز على دور المعلم وأهمية أن يكون مهنياً متصلاً بالعالم الخارجي، إذ لابد أن يكون ملماً بالتقنية وأساليبها وطرقها، وتابعاً لسير التطور التعليمي وفق المنهج التقني، وخاصة أن العالم اليوم أصبح رقمياً، مشيراً إلى أهمية الجانب المهاري بشكل كبير في حياة المعلم، وتساءل الخبير التعليمي: «إذا كان المعلم لا يجيد الجوانب المهارية، فكيف يستطيع إيصالها للطلاب؟»، وقال: «عارٌ علينا إن لم نستفد من التقنية».
كيلر: تجارب ناجحة
من جهته، قال خبير التعليم جون كيلر، أن لديه تجارب ناجحة لعدد من المعلمين خلال فترة عمله في اليابان في قياس مستوى فائدة أجهزة الحاسب الآلي لافتاً إلى أن هذا النموذج الفريد والمبتكر يتخطى الثقافات نحو إدماج الطلاب في التعليم بطريقة مبتكرة. وأضاف أن «أحد طلابي في مدينة نيويورك الأميركية كان يستخدم شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر» كوسيلة للمحادثات التي تتعلق بالموضوع ما أتاح للجهات الأخرى بالتداخل في موضوعات دراسية من خارج قاعات الدراسة». وفي مداخلة أخرى أكد أوشو سليمان من جامعة أبردين في بريطانيا، على أهمية أن يكون لدى المعلمين استقلال في الجوانب الأكاديمية، وألا يكلفوا بالأعباء الإدارية، مطالباً دول العالم بمضاعفة موازنتها الداعمة للتعليم، حتى يصبح المعلم أفضل عناصر المجتمع.
تيراس: سلوكيات المعلمين
أهم من محتوى التعليم
وفي ورشة «التنمية المهنية للمعلم في مجتمع المعرفة»، قالت الخبيرة الفنلندية، هانا تيراس، إن السلوكيات والممارسات التي يقوم بها المعلمون أهم بكثير من المحتوى في عملية التعلم، موضحةً أن الأساتذة يطبّقون على تلاميذهم طرق التدريس نفسها التي تعلموا بها، وأن الطلاب يمارسون نشاطاتهم على المنوال نفسه بالطريقة التقليدية، داعيةً إلى وجوب السعي لتغيير هذه الطريقة، وتابعت: «لكن كيف السبيل إلى ذلك حين يكون المعلم لا يعرف طريقة غير تلك؟». وشرحت كيف وصلت بلادها إلى نظام التعليم المتقدم الذي تطبقه المؤسسات التعليمية لبناء هيئة تدريس تتلاءم والقرن الحادي والعشرين عن طريق التعليم باستخدام الإنترنت والتعليم الجماعي والتعليم الإلكتروني واستخدام التقنية وغيرها من الأمور. وأضافت: «لا يجب اتباع الطرق التقليدية التي تجعل الامتحان شيئاً مرعباً، ولكن لابد أن تكون الامتحانات دورية، أي بطريقة التقييم المستمر بدلاً من امتحان واحد نهاية العام»، مؤكدة أن آراء الطلاب الذين طُبقّت عليهم الطرق التعليمية الحديثة وصفت هذه الطرق بأنها غيّرت نظرتهم تجاه مهنة المعلم بشكل إيجابي.
وجمع معرض التعليم كبرى الشركات العالمية في مجال التعليم، منها: «مايكروسوفت»، «أبل» و «غوغل»، في منافسة إلكترونية لتقديم تقنيات التعليم المطوّرة للطلبة، وقدمت شركة «مايكروسوفت» الدولية، بعرض منتجاتها التقنية من عتاد يضم أجهزة الكمبيوتر وفأرتها ولوحات المفاتيح المخصصة للاستخدامات المتعددة، ونظم تشغيل «ويندوز» على أجهزة الحاسب الآلي والأجهزة اللوحية بنظام تشغيل «ويندوز8»، إضافة إلى عرض تطبيقاتها الإلكترونية مثل حزمة مايكروسوفت المتكاملة للأعمال المكتبية.
بينما كان لشركة «غوغل» حضورها اللافت في عرض جهازها الجديد «كروم بوك» لأول مرة بالرياض، وهو جهاز تصفّح للإنترنت مشابه لجهاز الحاسب المحمول وبمميزات أبسط، حيث لا يوجد به نظام تشغيل خاص به وإنما يعتمد على تصفّح الفرد لمواقع الإنترنت وتنقله بها بكل سهولة، ما يجعله الخيار الأمثل للطلاب في المدارس لتمكينهم من استخدامه بمميزاته المحدودة.
من ناحيتها عرضت «أبل» منتجاتها المتنوعة من الأجهزة المحمولة والمكتبية وجهاز «آي باد» الشهير كأجهزة داعمة للعملية التعليمية داخل المعرض، فضلاً عن متجر التطبيقات الذي يقدم آلاف التطبيقات التي تخدم الطالب طوال فترة دراسته في المدرسة
العدد 3464 - الخميس 01 مارس 2012م الموافق 08 ربيع الثاني 1433هـ