تم أمس نقل تمثال رمسيس الثاني إلى موقع المتحف المصري الكبير بمنطقة الهرم، ليكون أول قطعة أثرية يتم نقلها من بين 150 ألف قطعة من المقرر أن يضمها المتحف الذي يعتبر واحدا من أكبر متاحف الآثار في العالم.
وكان مئات الآلاف من المصريين وقفوا في الشوارع وفوق الجسور المحيطة بتمثال رمسيس الثاني وسط العاصمة المصرية مودعين التمثال أثناء نقله إلى مقره الجديد.
واحتشد عشرات الآلاف من المواطنين منتصف ليل أمس الأول في الشوارع وعلى الشرفات وفوق الأسطح وأمام نوافذهم المشرفة على ميدان باب الحديد أمام محطة رمسيس بانتظار نقل التمثال الذي منح اسمه للميدان.
واصطف أكثر من 15 ألف شخص فوق جسر 6 أكتوبر الذي كان إنشاؤه مسئولا عن تشويه المنظر المهيب للتمثال وسط اكبر ميادين العاصمة المصرية وأكثرها ازدحاما فيما وقف أكثر من 35 ألف شخص في محيط الميدان الذي وقف فيه تمثال رمسيس الثاني لأكثر من 52 عاما.
ومعظم المتفرجين الذين كانوا يحملون هواتفهم الجوالة ويصورون اللحظات الأخيرة للتمثال من الأجيال التي ولدت بعد أن استقر تمثال رمسيس في الساحة بقرار من مجلس قيادة الثورة في 1954. واستغرقت عملية نقل تمثال الملك الذي حكم مصر أكثر من ستين عاما (1298 - 1235 قبل الميلاد) عشر ساعات.
وكان التصفيق والصفير يعلوان فور ظهور التمثال بعد كل منعطف بضخامته في الشوارع والعمارات التي تجاوز ارتفاع التمثال ارتفاعات بعضها. وتجاوز هذا الوداع الشعبي توقعات الكثير من المراقبين.
وقال الشاعر يسري حسان إن «هذا هو الحشد الأول الذي تشهده العاصمة المصرية منذ جنازة كوكب الشرق أم كلثوم التي شارك فيها أكثر من ثلاثة ملايين شخص في العام 1975»، موضحا أن «أضخم حشد شهدته القاهرة كان جنازة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في 1970».
ورافق حركة التمثال في الشوارع وجود أكثر من عشرة آلاف من رجال الأمن لتأمين مسار التمثال ومنع المواطنين الذين اكتظت بهم الأرصفة من الاقتراب من الموكب. وقام أكثر من 300 شرطي بإحاطة العربة والمقطورتين اللتين حملتا السلة المعدنية التي وضع فيها التمثال.
وفور وصول التمثال إلى ميدان طلعت حرب أطلق بعض المواطنين الواقفين على الشرفات لحن موسيقار ثورة 1919 الراحل سيد درويش «بلادي بلادي لك حبي وفؤادي» وقاموا بإلقاء البالونات على الموكب، بينما رفع آخرون لافتة كتب عليها «نستحق أن نحافظ على عظمة تراثنا وان نرتقي إلى مستواه». وهتف بعض المحتشدين «جدو يا جدو خليك معانا».
وتساءل رجل في الستينات من عمره «ماذا حدث لرمسيس؟ هل خصخصوه أيضا؟ ما المبلغ الذي حصلوا عليه؟» في حين تساءلت فتاة في الثانية عشرة من عمرها «لماذا يقومون بنقله؟ من سيراه في الهرم؟ يجب أن يتركوه في ميدان التحرير قرب المتحف». وتقرر نقل التمثال لحمايته من التلوث إذ انه يقع في أكثر ميادين القاهرة ازدحاما بالسيارات، ولحمايته من الاهتزازات التي تسببها حركة مترو الأنفاق الذي يمر قرب موقعه.
وكان نقل التمثال الذي يبلغ وزنه من دون القاعدة 83 طنا وارتفاعه 11,35 مترا وحجم كتلته 20 مترا مربعا أثار معارضة الكثير من المصريين بينهم الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للآثار عبدالحليم نورالدين ولاقى ترحيبا من آخرين. كما أثارت تسمية الميدان نفسه جدلا عندما اقترح البعض أن يطلق عليه اسم ميدان مبارك نسبة إلى الرئيس المصري الحالي حسني مبارك في حين يعارض آخرون ذلك معتبرين أن اسم ميدان رمسيس يعبر عن عظمة حضارة.
وكان عثر على التمثال في ميت رهينة (50 كلم جنوب غرب القاهرة) وهو مكسور إلى خمس قطع كبيرة و37 قطعة صغيرة. وبعدما قامت شركة ألمانية بنقله في 1954 قام المرمم المصري الراحل أحمد عثمان بترميم التمثال وإعادته إلى حاله الأصلية.
ووضع هذا التمثال في الساحة التي أصبحت تحمل اسمه منذ ذلك الحين، مكان تمثال نهضة مصر الذي يمثل امرأة فلاحة تضع يدها على رأس أبوالهول وقام بنحته الفنان المصري الراحل محمود مختار.
وكان تمثال المختار نحت بتبرعات من الشعب المصري في إطار «حملة القرش» لبناء هذا العمل الفني الذي اعتبر رمزا لثورة 1919. ونقل بدوره إلى ميدان أمام جامعة القاهرة
العدد 1450 - الجمعة 25 أغسطس 2006م الموافق 30 رجب 1427هـ