شن الرئيس السابق لاتحاد الجمعيات المعلوماتية العربية (اجمع) خبير الانترنت وحيد البلوشي في ملتقى الوفاق مساء يوم أمس الأول (الاثنين) نقداً لاذعاً ضد توجه الجهاز المركزي للمعلومات باستخدام التصويت الإلكتروني في الانتخابات القريبة المقبلة، مشيرا إلى أن استخدام الانترنت فيها سيكون أشبه بيوم المتعة لمخترقي الشبكات (هاكرز) لتسجيل انجازاتهم من خلاله فضلا عن انتعاش تجارة بيع الأصوات.
وقال البلوشي الذي كان يتحدث عن التصويت الإلكتروني وعلاقته بالانترنت ان مواقع رسمية كثيرة اخترقت بسهولة من قبل هواة (الهاكرز) مستشهداً باختراق موقع وزارة التربية والتعليم في اليوم السابع من شهر يونيو/ حزيران من العام الجاري وهو وقت نشر نتائج طلبة المدارس الثانوية، واختراق موقع البطاقة الذكية التابع للجهاز المركزي للمعلومات في اليوم السادس والعشرين من شهر مايو/ أيار من هذا العام، واختراق موقع الانتخابات الرسمية لمملكة البحرين التابع للجهاز المركزي للمعلومات بتاريخ الرابع عشر من شهر يوليو/ تموز من العام الجاري.
وأكد البلوشي «أن تطبيق (التصويت الإلكتروني) بهذه الطريقة التي ينتهجها الجهاز المركزي للمعلومات في البحرين سيعد بمثابة انتحار سياسي وتقني وكارثة انتخابية يبدو أننا مقبلون عليها لا محالة في ضوء التصريحات الحكومية التي تعلن أن لا مناص من تطبيقه». وأضاف أن شهادته هذه لا يجب أن تقرأ بمعزل عن قناعته كخبير للانترنت إذ انه لا يقف ضد مبدأ تطبيق التصويت الإلكتروني في البحرين، ولا ضد مبدأ التطوير واستخدام التكنولوجيا، مؤكداً أنه كان ومازال من أشد الداعين إلى جسر الفجوة الرقمية والتكنولوجية في مجتمعاتنا واستخدامها على اوسع نطاق.
وذكر البلوشي أنه كان يفخر دائما في المحافل الدولية بحكم وجوده في منظمات دولية بأن البحرين تملك أفضل بنية تحتية في تقنية المعلومات تجعلها مؤهلة لأن تكون أولى دول العالم في تطبيق الحكومة الإلكترونية على المستوى العالمي، إلا أن عدم وجود قدرة كافية لدى الجهاز المركزي للمعلومات حال دون ذلك.
وقال ان شبكة البيانات الحكومية GDN موجودة ومفعلة منذ أكثر من 20 عاماً، وهي التي تربط كل أجهزة الدولة ووزاراتها في شبكة إلكترونية واحدة وتجعل التعامل بين الوزارات (نظريا) سهلا، مستدركا «إلا أن الواقع شيء آخر، فيكفينا أن نتابع كمية الأعطال التي تعتري الشبكة في الشهر الواحد، إن لم يكن في الأسبوع الواحد، وخصوصا في الإدارات التي لها تعامل مباشر مع الجمهور مثل وزارة العمل، والهجرة والجوازات والصحة والمرور وغيرها. لندرك حجم المشكلة التي نحن بصددها».
وبين البلوشي أن المشكلة الأكبر بحسب وجهة نظره «تكمن في أن القائمين على الجهاز المركزي للمعلومات لا يعترفون بأخطائهم على رغم وجود اداء ضعيف في عدد من المشروعات وقلة كفاءات عدد من كوادرهم واتباع سياسة أشبه بالقمعية للعاملين المميزين فيهم فضلاً عن وجود خوف لدى العاملين في هذا الجهاز من توجيه النقد».
ووجه البلوشي نقدا لتعامل الجهاز المركزي للمعلومات مع توفير المعلومات على الإنترنت وأن نظرة سريعة على كل المواقع الإلكترونية التابعة للجهاز ستوضح انها فقيرة من الناحية التقنية والفنية إلى جانب المحتوى الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وانها لا تخاطب المواطن بل تخاطب المسئولين، فضلا عن أنها قابلة للاختراق بسهولة مستشهدا بالموقع الذي يبين الاختراقات التى حصلت للمواقع الرسمية البحرينية.
واستثنى البلوشي موقعي وزارة الصناعة والتجارة وموقع التأشيرة الإلكترونية التابع لإدارة الجنسية والجوازات والإقامة، وأشار إلى انهما يتمتعان بأمن معلوماتي وسهولة في الاستخدام وحصلا على جوائز عالمية بفضل مشاركة عناصر بحرينية كفوءة.
وقال ان التصويت الإلكتروني عملية معقدة وطويلة الإجراءات تبدأ قبل الانتخابات بسنوات من حيث وضع القوانين المنظمة للعملية ومن حيث الإجراءات العملية واللوائح ومن حيث تثقيف المستخدمين (الناخبين) لهذا النظام، ان لبها يتمحور في ثلاث نقاط وهي الخصوصية والأمن والدقة.
وطرح البلوشي ما أسماه بالأسئلة «التقنية عن برنامج التصويت الإلكتروني، وهي من الذي أنشأ هذا البرنامج؟ ومتى؟ وأين تم استخدامه من قبل؟ ومن الذي يجربه الآن؟ وما القانون الذي يستند إليه في شرعيته؟ والتثبت من الهوية؟ وما هو تقييم المخاطر Risk assessment؟ ومن هي الجهة المحايدة التي اطلعت على البرنامج وأعطت إذنها باستخدامه؟ فإن كانت شركة مايكروسوفت وإحدى شركات التدقيق قد اعتمدت البرنامج فكيف إذن يصرح القائمون بأنهم سيأخذون في الاعتبار ملحوظات الجمعيات السياسية وتضمينها في البرنامج؟».
وقال انه من المعلوم لدى تقنيي المعلومات أن برامج التصويت الإلكتروني يجب أن تعتمد بشكلها النهائي من إحدى الجهات المؤهلة المحايدة، التي تفتح أمامها جميع خبايا البرنامج، ثم يتم تثبيت البرنامج نفسه في جميع مراكز الاقتراع بمعرفة تلك الجهة المحايدة وتختم الأجهزة بذلك، ويجب أن يكون في كل مركز اقتراع شخص فني مؤهل من تلك الجهة مشرفا على العملية الانتخابية، ولابد أيضا من وجود فني لتصليح البرنامج في حال العطب، وحينها يجب على المشرف والقاضي التأكد من الخلل وتصليحه بشكل سليم لا يغير من طبيعة البرنامج. كما سأل البلوشي عن «وضع رؤساء لجان التصويت وهم القضاة عما إذا تم تأهيلهم للإشراف على التصويت الإلكتروني، كما تساءل عن الكيفية التي سيتم وفقها إعادة فرز الأصوات في حال الطعن؟ وهو سؤال كبير وإجابته أكبر».
المناقشات
وردا على سؤال طرحه عضو الوفاق رضا جاسم عن دعوة الجهاز المركزي للمعلومات للجمعيات للتباحث بشأن برنامج التصويت الإلكتروني قال البلوشي ان الوقت ضيق جدا ولا يمكن فنيا وتقنيا مراجعة نظام التصويت الإلكتروني بكل تفاصيله والاطمئنان لذلك وخصوصا أنه لا توجد قاعدة قانونية تحمي وتسند هذه المنظومة بكاملها (التصويت الإلكتروني).
وعلق الخبير التقني علي الصيبعي على دعوات الجهاز المركزي للمعلومات للاطلاع على برنامج التصويت الإلكتروني بأن حقل العمل في السوق يوضح بجلاء ان أي برنامج معتد يخضع للتجربة المتواصلة لدى عدد من الزبائن المعتمدين لمدة تصل إلى سنة كاملة حتى يتم تعديل نواقصه ومن ثم يعدل ويطور لاحقا، في حين أن الجهاز المركزي يطلب منا فحص البرنامج الذي سيحدد مستقبل البلد السياسي في مدة قصيرة تقل عن الشهرين وبدون اجراء تجارب بالمدة الكافية مشيرا إلى ان هذه الدعوة فاقدة الفائدة، ان إقرار هذا البرنامج سيعد استخفافا بعقول الفنيين في هذا البلد قبل عقول بقية المواطنين.
من جهته، فقد قال مسئول ملف التصويت الإلكتروني بالوفاق خليل المرزوق ان الجهاز المركزي للمعلومات يستخدم مفردات يحاول من خلالها بحسن نية او بسوء نية تضليل الرأي العام مثل (نفتح لكم سورس كود) (تدقيق شركات عالمية) و(تطمينات) على رغم ان عامل الوقت لا يسند كل هذه المفردات ولا مطلب الشفافية الشعبي امام صناديق إلكترونية مغلقة قد تتخللها أية مشكلة او عطل يؤدي إلى إرباك العملية الانتخابية بأكملها.
وقال المرزوق ان الجهاز المركزي للمعلومات «في حال أصر على عناده باستخدام التصويت الإلكتروني على رغم كل هذه الاعتراضات الفنية والقانونية والسياسية الواسعة فإنه لن يستطيع ان يعلن عدد المستخدمين لهذا النوع أكثر من 5 في المئة من إجمالي الذين لديهم بطاقة ذكية وليس من الكتلة الانتخابية وربما في مناطق محددة وإلا فإن أية نسبة اكبر من ذلك ستكون محل رفض وتشكيك خصوصا مع وضعنا في الحسبان عدد المواطنين الذين صدرت لهم بطاقات ذكية»، مشيرا إلى أن «الجمعيات السياسة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا فرض التصويت الإلكتروني وتأثرت نتائج الانتخابات بذلك سواء فاز عدد من مرشحيها في مجلس النواب أم لا»
العدد 1454 - الثلثاء 29 أغسطس 2006م الموافق 04 شعبان 1427هـ