ذكرت شركة بوز أند كومباني في تقريراً لها، أن الشركات العالمية تتسابق للاستحواذ على مليارات المستهلكين الجدد في العديد من الاقتصادات الناشئة.
وقال التقرير: «حان الوقت ليحسم كبار المديرين التنفيذيين أمرهم ويتجاوزوا ترددهم حيال الانضمام إلى السباق لتأمين حصة من سوق الطبقة الوسطى العالمية؛ فمن دون ولاء هذه الشريحة الأساسية، سيظلون خارج اللعبة وسينعم منافسوهم بقيادة هذا القطاع».
وأضاف «في العام 2011، ضمَّت الظاهرة الاقتصادية العالمية المعروفة بتسمية الطبقة الوسطى العالمية بين 700 و900 مليون شخص من ذوي القدرة الشرائية التي تجعلهم مستهلكين أساسيين للسلع المصنعة والخدمات. ويبقى القاسم المشترك بين كل البلدان التي تتواجد فيها هذه الفئة المجتمعية، هو أنها دول تتعافى من الركود العالمي وتصبو نحو أسلوب حياة مدني أفضل».
وتُعرف سلسلة القيمة في الشركات التي تؤمِّن السلع والخدمات والبنية التحتية لهذه الفئة بالسوق الوسطى العالمية. وتتنافس ثلاثة أنواع من الشركات على الحصص من هذه السوق، الشركات المحلية الحديثة التي تنزح نحو السوق الوسطى المحلية مع اكتساب زبائنها المزيد من الثروات؛ الشركات الطامحة في العالمية التي سبق أن طوّرت منتجات للسوق الوسطى المحلية والتي تسعى إلى التوسّع نحو السوق الدولية، والشركات الدولية الناضجة التي تنوي أقلمة سلسلة منتجاتها للاستفادة من فرص النمو الجذابة في الأسواق الوسطى الناشئة.
وقال شريك سابق في «بوز أند كومباني»، رونالد هادوك: «سيساهم اعتماد مقاربة ذكية بالسماح للشركات الناشئة المحلية والشركات الطامحة بالعالمية بالانتقال صعوداً إلى مستوى سلسلة الشركات. وتؤدي الخطوات الانتقالية مثل المشاريع المشتركة والتوسّع الإقليمي إلى تقدم هذه الشركات من خلال تأمين الخبرة المطلوبة للتنافس على صعيد أوسع».
ومهما كانت الفئة التي تنضوي تحت لوائها، يمكن للشركات الساعية إلى الاستفادة من السوق الوسطى الدولية المُربحة أن تستمدّ الوحي من إعادة هيكلة ألفريد ب. سلون جونيور لشركة جنرال موتورز في العشرينيات؛ فمن خلال استهداف المستهلكين في المنطقة المالية الوسطى (هؤلاء الذين كانوا عاجزين عن شراء سيارات فخمة غير أنهم أرادوا خياراً آخر يختلف عن موديل ت. فورد «بأي لون شرط أن يكون أسود»)، دفع الشركة إلى خارج إطار التنافس لتصبح رائدة بين صانعي السيارات وتحافظ على هذا الموقع لبقية القرن.
إنّ تحديد وتيرة التنمية في الأسواق المستهدفة هو الخطوة الأولى باتجاه المطالبة بحصة والقيام بهذه الخطوة المهمة صعوداً نحو رتبة القيادة. وتتبع الدول الصناعية كافة «محور النمو»، وهو مسلك تطويري للتغيير الاقتصادي ينقلها منذ نشأتها حتى بلوغها، مروراً بمرحلة دقيقة من التمدّن والزخم الاقتصادي. وتتميز الدول في «مرحلة الزخم» بكثافة سكانية ومجتمعات شبه شابة وبمعدلات نمو اقتصادي مرتفعة؛ ما يجعل منها أرضاً خصبة لأسواق الطبقة الوسطى الناشئة.
وقال شريك أول في «بوز أند كومباني» ورئيس مجلس إدارة الشركة لمنطقة الصين الكبرى إدوارد تسي: «تختلف القوة الشرائية، وحاجات الطبقة الوسطى ورغباتها، بحسب الدولة والمنطقة، لذلك سيكون من المفيد التوصل إلى فهم شامل للمتطلبات المحلية في المناطق محل الاهتمام بالنسبة إلى أي طرف يرغب في السيطرة على رأس المال في هذه السوق بالتحديد».
وأضاف «تحديد الصفات التي يهتم بها المستهلكون المستهدفون، وأقلمة المنتج على أساسها - أو التخلص من الميِّزات غير المرغوبة في المنتجات الموجودة - أساس لاستقطاب الزبائن».
ونظراً إلى المصدر الهائل والأساس لحجم المبيعات الذي تحققه السوق الوسطى العالمية، لا عجب أن التنافس قد أصبح حادّاً. ولكن على رغم عدد الشركات الناشطة التي تتنافس على إنفاق المستهلك، يتردد متنافسون طامحون عدة في القيام بهذه الخطوة نتيجة معلومات مغلوطة تعطي صورة سلبية عن الوضع؛ إذ «يُقال إنه من المبكر دخول الأسواق الوسطى في الاقتصادات الناشئة، فيما الواقع هو أنه قد يكون فات الأوان على ذلك مع وجود عدد كبير من المتنافسين في بعض القطاعات» بحسب مستشار أول يعمل مع «بوز أند كومباني» ومركزه بكين، بيل روسو. «وتدّعي شركات أخرى أنها عاجزة عن تحقيق الأرباح من الاقتصادات الناشئة، ولكن عليها أن تعي أنه فيما الأسعار أكثر انخفاضاً بنسبة 40 في المئة في هذه المناطق مقارنة مع الدول المتطورة، فإنّ حجم المبيعات أكثر بثلاثة مرات تقريباً مقارنة مع الأسواق مكتملة النمو».
هذه، هي حال دول مجلس التعاون الخليجي؛ إذ تواجه الشركات العالمية، التي تأخرت في الانضمام إلى اللعبة، منافسة قوية من قبل الماركات المحلية ومن المنافسين الدوليين المتواجدين في السوق المحلية منذ زمن. فهذه الشركات إما أن تنسحب أو تتخذ خيارات نمو مصطنعة لردم هذه الهوَّة.
العدد 3480 - السبت 17 مارس 2012م الموافق 24 ربيع الثاني 1433هـ