لم أرَ في التحليلات الشائعة للأوضاع المالية الحالية أي عودة للتدقيق في أصولها. لقد بدأ هذا الوضع برأيي مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد أخفق صانعو السياسات في الولايات المتحدة في إدراك أربعة أحداث مهمة قادتنا إلى الظروف الحالية.
وقع أول حدثين العام 1980، عندما عادت أوروبا واليابان للتنافس من جديد بعد 35 سنة من إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية، ما جعل من الصعب على الولايات المتحدة المنافسة عالمياً.
ولعل الرد المثالي كان في وجوب اتخاذ سياسة صناعية تركز على الاستقلال في مجال الطاقة أو البنية التحتية، فلو أننا استغلينا إمدادات الغاز الطبيعي الوفيرة لدينا في توليد الكهرباء وتشغيل وسائل المواصلات المحلية، لكنا تمكنا من تقليص الأضرار البيئية، وكذلك تقليل الاعتماد على نفط الشرق الأوسط. كما كان علينا رفع مستوى المهارات الصناعية للقوى العاملة.
ومع تصنيف عقد الثمانينيات بأنه «عقد الأنا» على المستوى الفردي، فقد شهدت الولايات المتحدة تراكم الديون الشخصية على نطاق واسع.
الحدث الثالث وقع العام 1990، عندما أخذت الصين والاتحاد السوفياتي السابق بالابتعاد عن الاقتصادات الموجهة. وقد دخلت الهند في ذلك الوقت إلى الاقتصاد العالمي بإنتاج البضائع لاستهلاكها الذاتي. وقد كانت نظرتنا لهذه الامور إيجابية، حيث فشلنا في إدراك البعد التنافسي لذلك.
أما الحدث الرابع فقد وقع في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية، مع ترسيخ الحكومة والقطاع الخاص لمفهوم المثالية على المستوى الفردي، حيث تمكن مزيد من الأميركان من تملك بيوتهم، ونجم عن ذلك العديد من حالات تملك منازل غالية الثمن بما يفوق القدرات الحقيقية للمشترين. ولأن أسعار المنازل كانت ترتفع بمعدل 10 في المئة سنوياً، والدفع يتم على عدة سنوات، فإن بإمكان المشترين بيع هذه المنازل بربح طيب من أجل شراء وحدات بسعر معقول وبشكل مريح.
استمر هذا الوضع حتى العام 2007 حيث بدأت أسعار المنازل بالتراجع. ووجد الكثيرون أنفسهم ملتزمين بدفعات شهرية كبيرة فيما تتدنى قيمة منازلهم، هذا إن أمكن بيع المنزل أساساً. ونعلم جميعاً ما الذي حدث للاقتصاد بعد ذلك.
كما أن ارتفاع الدين في كافة مستويات النظام المالي الأميركي بالنسبة لنمو الناتج المحلي الإجمالي، يعني أن رأس المال أصبح أقل إنتاجية خلال السنوات الثلاث الماضية.
بايرون وين
نائب رئيس مجلس إدارة شركة «بلاكستون أدفايزوري سيرفيسز»
العدد 3486 - الجمعة 23 مارس 2012م الموافق 30 ربيع الثاني 1433هـ