وزعت حركة لاروش فرع السويد أمس بيانا سياسيا باللغة الانجليزية والسويدية في العاصمة السويدية (ستوكهولم) أمام مكان انعقاد مؤتمر الدول المانحة للبنان. وهذه بعض النقاط المهمة منه باللغة العربية:
يدعو رئيس الوزراء السويدي يوران بيرسون إلى مؤتمر للمانحين في ستوكهولم بتاريخ 31 أغسطس/ آب الماضي، وذلك تحت شعار «إعادة اعمار لبنان». لا حاجة للقول إن هذا المؤتمر سيمنى بالفشل الذريع مثله مثل المؤتمرات التي عقدت قبل ذلك من اجل أفغانستان والعراق وبوسنيا. إذا كانت هناك جدية في إعادة اعمار لبنان، فالأحرى أن يتم طرد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من لبنان وإسقاط أو تجميد كل الديون عن لبنان. يبلغ إجمالي الديون العامة المترتبة على لبنان نحو 40 مليار دولار (ما يعادل 200 من إجمالي الناتج المحلي) ومعظمها ديون غير مشروعة في الواقع جاءت نتيجة الهجمات الإسرائيلية المتكررة عليه ونتيجة للسياسات الخاطئة للحكومات السابقة التي تمت ممارستها بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي والدول الدائنة في نادي باريس والتي فرضت على لبنان في السنين الماضية. ويدفع لبنان نحو 4 مليارات دولار سنويا كخدمة ديون فقط. هذا في بلد تعداده خمسة ملايين نسمة فقط وعانى ويعاني من ثلاثين سنة من الحروب. منظمو مؤتمر المانحين يتوقعون أن يجمعوا نحو 500 مليون دولار. حتى وإن افترضنا أن هذا سيحصل فذلك سيكون مبلغا سخيفا مقارنة بما يدفعه لبنان نفسه للمصارف الأجنبية والمؤسسات المالية العالمية كفوائد وخدمة ديون ومقارنة كذلك بما يحتاجه لبنان حقيقة لإعادة البناء. لذلك، على ما يبدو أن غرض رئيس الوزراء السويدي الذي يقود الحزب الاشتراكي الديمقراطي والنخبة السويدية أن تسلط الأضواء عليه قبل أسبوعين فقط من موعد الانتخابات الوطنية ليظهروا أمام الناخبين باعتباره هو وحكومته قادة عالميين يسعون إلى السلام والاعمار في العالم. لكن في الحقيقة ما يفعله بيرسون والداعمون له هو حماية مصالح النخبة الاوليجاركية المالية العالمية التي تسيطر وتدير سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
باستخدام موارده المالية الذاتية (إذا لم يتم ابتلاعها من قبل المصارف والمؤسسات العالمية) والدعم الفني والتقني من الخارج يمكن لأبناء لبنان أن يعيدوا بناء البلد. أما إذا أراد طرف أن يمنح لبنان منحة مالية من دون فائدة أو شروط مذلة، فذلك لا بأس به. حتى وإن كانت هناك حاجة إلى اعتمادات مالية وقروض فمن غير الأخلاقي استخدام الشروط الموضوعة من قبل صندوق النقد الدولي والمصارف العالمية لمنح هذه القروض، بل يجب أن تكون قروضاً واعتمادات بين حكومات دول قومية ذات سيادة بفائدة بسيطة أو من دون فائدة على فترة زمنية طويلة. لكن ذلك لن يكفي، إذ لا يمكن التعامل مع لبنان وكأنه جزيرة وادعة في محيط آمن. فذلك سيكون من قبيل الكذب على الذات والآخرين.
لقد حان الوقت لقول الحقيقة، وتقديم الأفكار العظيمة الحقيقية لتحقيق سلام عادل وتنمية. إن الهدنة بين لبنان و«إسرائيل» وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 على رغم هشاشته يفتح نافذة صغيرة لفرصة تحقيق سلام شامل في جنوب غرب أسيا، وإمكان إيقاف القوى العالمية التي أرادت أن تدفع «إسرائيل» إلى القيام بهجوم انتحاري ضد لبنان يعقبه هجوم علي سورية وبالتالي إيران ما يؤدي إلى إشعال فتيل حرب عالمية ثالثة ذات صبغة دينية دموية. هذه الفرصة يجب أن تفعال حالا لتحقيق السلام.
ما نعنيه بالسلام هنا هو سلام دائم علي نموذج «معاهدة سلام ويستفاليا» في 1648 والتي وضعت حدا «لحرب الثلاثين عاماً» ومئة عام من الصراع الديني الدموي الذي دمر معظم أجزاء أوروبا في حينه. في ذلك الوقت لم يعد هناك مجال لطرح أسئلة مثل «من هو البادئ» أو «على من يقع اللوم» الكاثوليك أم البروتستانت؟ المشاركون في المفاوضات وضعوا نصب أعينهم معانات شعوبهم، وكيفية ضمان السلام والتقدم للأجيال القادمة باعتبارها الأولوية المطلقة. هذا من منطلق مفهوم المحبة (epagA) أي الحب الحقيقي للحقيقة والعدالة، وهو المبدأ السامي الذي يجب أن يحدد العلاقات بين الأمم. لذلك نصت معاهدة سلام ويستفاليا على أن «يعمل كل طرف بروح السلام والصداقة وبجد وإخلاص على تحقيق فائدة وكرامة ومصلحة الطرف الآخر». مبدأ «مصلحة الطرف الآخر» ينبغي أن يكون الأساس لأية مفاوضات جديدة بين الدول العربية و«إسرائيل». من الطبيعي أن تعاد حقوق الشعب الفلسطيني وخصوصاً الأراضي المحتلة وفق القرارات الدولية وتأسيس دولة فلسطينية حرة كاملة السيادة، كشرط أساسي لأية عملية سلام.
الحل ممكن
في 13 أغسطس، وبعد إعلان وقف إطلاق النار بين لبنان و«إسرائيل»، دعا السياسي الأميركي ليندون لاروش لاستغلال هذه النافذة الصغيرة والفرصة القصيرة لفتح حوار عالمي لإعادة عملية السلام في كل الشرق الأوسط إلى المسار الصحيح. إذ حذر لاروش من أن هناك قوى كثيرة تحاول جاهدة الآن لإفشال الاتفاق الذي تم التوصل إليه والاستمرار في هذه الحرب التي كان الهدف منها أساسا فتح جبهات مع سورية وإيران.
في هذا السياق أعلن لاروش تأييده الكامل للاقتراح المقدم من قبل الوزير الإسرائيلي السابق يوسي بيلين بشأن عقد «مؤتمر مدريد 2» لتطبيق اتفاق سلام شامل لمنطقة الشرق الأوسط ومن ضمن ذلك تأسيس دولة فلسطينية كاملة السيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وكان «مؤتمر مدريد الأول» عقد في العام 1991 بمبادرة من الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأب لجمع جميع أطراف النزاع العربي الإسرائيلي، ما تمخض عنه اتفاق أوسلو في العام 1993. وحث لاروش على العمل فورا على مبادرة بيلين «لأن هناك قوى تعمل اليوم في الاتجاه المعاكس باندفاع محموم».
مذهب لاروش
في أبريل/ نيسان 2004 وعندما اشتد الوضع في العراق وفلسطين تأزما طرح ليندون لاروش ما سماه «مذهب لاروش» لسياسة خارجية جديدة للولايات المتحدة في منطقة جنوب غرب آسيا. أهم النقاط الواردة فيه، والتي تنطبق أيضا على الوضع في لبنان والمنطقة اليوم هي:
1- أية عملية سلام في المنطقة يجب أن تبنى على نموذج معاهدة سلام ويستفاليا لعام 1648. ويعني ذلك احترام السيادة المطلقة لكل أمة واستقلاليتها في اتخاذ قراراتها الداخلية، والتأسيس لتعاون اقتصادي وتنمية مشركة تنأى عن الخلافات والثارات القديمة وتنظر نحو المستقبل.
2- ضرورة سحب جميع القوات الأجنبية المحتلة من العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان.
3- يجب التعامل مع كل منطقة جنوب غرب آسيا ككل كوحدة متكاملة سياسيا واقتصاديا ويدخل ضمن ذلك منطقة آسيا الوسطى والقوقاز. ينبغي تعريف منطقة جنوب غربي آسيا باعتبارها تحدها أربع دول أساسية التي لا يمكن الاستغناء عن تعاونها المناسب لخلق منطقة استقرار وسط أمم وشعوب المنطقة ككل. هذه الدول هي: تركيا وسورية وإيران ومصر. أما أمن الزاوية الشمالية الشرقية للمنطقة هذه فيعتمد على حماية أجنحتها عن طريق ضمان عدم التدخل من قبل المصالح الخارجية، وهذا عن طريق منع الأطراف الخارجية من التدخل في المناقشات المتعلقة بالتعاون بين أرمينيا وأذربيجان وإيران.
4- إن أهم مسألتين اقتصاديتين في المنطقة هما المياه والطاقة. ففي المنطقة التي تقع فيها «إسرائيل» وفلسطين المحتلة، على سبيل المثال، ليس هناك ما يكفي من المياه من المصادر المتوافرة الآن لتمكين عدد السكان المتزايد هناك من العيش بسلام. إن الوسائل الاصطناعية، مثل تحلية المياه على نطاق واسع الضرورية، لزيادة كمية المياه الصالحة للاستخدام للمنطقة وما يرافقها من توليد للطاقة الكهربائية، بإمكانها ضمان الظروف الملائمة لسلام دائم في المنطقة عموما. إن استخدام الطاقة النووية أمر لا بد منه لشعوب المنطقة باعتبارها أعلى مستوى تقني لإنتاج الطاقة والحرارة الضرورية لتحلية المياه. (يمكن الاطلاع على «خطة الواحة» كاملة والتي طرحها لاروش للتنمية في المنطقة على مواقع حركة لاروش المذكورة أعلاه). يمكن تحقيق سلام دائم فقط إذا تم التعامل مع المنطقة في ظل وعلى صدى معاهدة ويستفاليا، كمنطقة للتعاون لتنمية دول ذات سيادة
العدد 1456 - الخميس 31 أغسطس 2006م الموافق 06 شعبان 1427هـ