خلصت العطلة، وبدأ العام الدراسي وداومنا في المدارس، رجعنا للحصص والتدريس وطلبات المديرة اللي ما تخلص، وعقرة المدرسات. في أول يوم من الدوام، لبست بدلتي الجديدة علشان أكشخ فيها، وجهزت مخي علشان أسمع سوالف المدرسات اللي ما تخلص عن ذكرياتهم طول العطلة، فلانة سافرت، وفلانة عرست، وفلانة سافر ولدها يدرس، وفلانة سوت عملية، وقصص طويلة عريضة، يبي لها مخ وأعصاب ومزاج.
كان أول يوم في الدوام طويل وممل، جهزنا المدرسة لاستقبال الطالبات، وجهزنا أعصابنا حق طالبات الأول الابتدائي اللي يسوون لنا أفلام كل سنة. وبدأ العام الدراسي، ووصلت طالبات الصف الأول كل وحدة تسحبها أمها من يدها، واللي تصيح وتبي ترجع البيت، واللي تصارخ وما تبي أحد يلمسها، وقلت في خاطري، يا الله « استعنا على الشقاء بالله»، لازم نقعد نسكت فيهم، مو هذي رسالتنا « النبيلة» كمدرسات.
استمرت المعارك ساعتين تقريباً، لحد ما أقنعنا كل طالبات الصف الأول يدخلون الصفوف ويرحمون أمهاتهم علشان يرجعون بيوتهم. وبدأنا ندلع فيهم، ونتعامل وياهم برقة وحنان علشان لا تتذكر واحدة منهم أمها بالغلط وتقعد تصيح وتخلي الصف كله يصيح مثلها. عموماً الحمد لله الأمور صارت كلها تمام، وشوي شوي بدأت كل واحدة تطلع قلمها «الباربي» تفوشر فيه على صديقتها، أو ساعتها اللي عطتها إياها خالتها هدية قبل ما تعرف شلون تقرأ الساعة وشوي شوي صارت البنات في الصف يتبادلون النظرات، وفي الفسحة، صاروا أصدقاء، كل ثنتين أو ثلاث صاروا شلة، وكل واحدة فتحت شنطة أكلها اللي جهزتها لها أمها بما لذ وطاب كأن بنتها بتسافر مو رايحة المدرسة. وبعد الفسحة بدأ الفيلم الأحلى وانطفأت الكهرباء في المدرسة، وبعدين صارت الكهرباء تلعب ويانا لعبة، تطفي في مكان، وتفتح في مكان، واحنا والطالبات قاعدين في هالحر، وكرهنا الدوام والمدرسة والتدريس والعطلة اللي خلصت بسرعة وما مدانا نتهنى فيها.
وما صدقنا خلص الدوام علشان نطلع ونرجع بيوتنا، لكن مستحيل نرجع بدون أحداث مثيرة، طالبة في الصف الأول راح عنها الباص، وقاعدة تصيح، والكل قاعد يسكت فيها، وهي تتبع أسلوب عادل إمام « وأنا أعيط»... حاولت أحل المشكلة ورحت أسألها وين بيتهم، جاوبتني وهي ميتة من الصياح: في البحرين؟ ورغم ان نفسيتي كانت تعبانة من الحر والشغل والضغط اللي كله على رأسي، ضحكت، وتذكرت جملة قرأتها مرة : ابتسم أنت في البحرين!!!
مدرسة
بدينا المدارس، وعوار الرأس والتعب والتدريس والواجبات، وشراء الدفاتر والأقلام والألوان وقرطاسية المكتبات كلها. والمشكلة لما يكون عندنا أكثر من واحد في المدرسة، وكل واحد يرجع لنا بقائمة طلبات طويلة عريضة وما علينا إلا التنفيذ. عندي ولد وبنتين، كلهم بدأوا المدرسة الأسبوع الماضي، ورجع لي كل واحد أو واحدة بالأوامر والطلبات اللي تفضل فيها حضرات المدرسين والمدرسات، واحد يبي دفتر ما أدري شلون شكله، لفيت كل المكتبات وما حصلته، والثانية تبي علبة ألوان، وكلينكس، ومحاية، وصمغ وأقلام وووو،ما أدري هي رايحة المدرسة أو رايحة مشغل خياطة ورسم. المهم سلمت أمري لله، وسويت أول يوم جولة على المكتبات اللي في البحرين علشان أشتري كل الطلبات حرفياً. رجعت البيت وبدأت مرحلة تجليد الكتب، وأعتقد أن اللي اخترعها كان قصده يعذب الأمهات ويعاقبهم. بعد معاناة خلصت تجليد أكوام الكتب اللي حملها كل واحد من أولادي، وجهزت لهم الدفاتر والأقلام وكل الطلبات. وتوقعت أن معاناتي خلصت، لكني ما كنت أدري باللي ينتظرني، ثاني يوم يرجع كل واحد من أولادي عنده واجب، ولازم أسويه معاهم طبعاً، وأنا أصلاً راجعة من الشغل هلكانة وتعبانة وما فيني مخ، لكن شسوي، مجبر أخاك لا بطل، واكتشفت أن الواجبات كلها للأم مو للولد، يعني المدرسة المحترمة حاطة لنا احنا أولياء الأمور ورقة عليها الطلبات اللي لازم نسويها، قصصوا ما أدري شنو، ولصقوا ما أدري شنو، واكتبوا وحطوا وشيلوا. ساعتين وأنا أنفذ تعليمات المدرسة الفاضلة بدقة متناهية طبعاً، وما خلصت إلا بالليل، يعني ألحين شنو استفادت بنتي من هالواجبات اللي تنعطى لأمها، أنا والله مو فاهمة، وقلت في خاطري، إذا هذي بداية السنة الدراسية، الله يستر على تاليها..
ولية أمر
عندي فحص دم، واليوم الخميس، أول خميس من سبتمبر، يعني دوام مو إجازة، استأذنت من الشغل ورحت السلمانية، اللي كانت مليانة من البشر كالعادة في كل يوم دوام، خذيت لي رقم في المختبر، وقعدت في الدور، الكل يتكلم عن عطلة الخميس، اللي يقول مو حاسين أن المفروض نشتغل، واللي متملل انهم غيروا الدوام، وعلى رغم أن رقمي كان قريب، لكني انتظرت حوالي نصف ساعة والرقم ما تحرك في الشاشة، قلت ما في إلا أفرض وجودي وأسوي روحي ما أدري وأدخل لهم يمكن يعبروني، دخلت إلا الموظفين هناك في نقاش حاد على يوم الخميس، وإجازة الخميس، والضرر اللي صادهم من تحويل السبت إلى إجازة. عطيت الممرضة الرقم قالت لي قعدي، وأنا أجهز لها يدي علشان تسحب لي الدم، وهي مندمجة في الحوار مع صديقتها عن يوم الخميس، أنا قلت ما فيني شدة أخاف تسحب لي دمي بالغلط أو تسوي فيني شي وهي مو مركزة، قمت دخلت وياهم في الحوار، وقعدت أتشكى من يوم الخميس وشلون عانيت علشان أقعد الصبح وأروح أداوم، لحد ما اندمجوا معاي في النقاش، وخلصنا سحب الدم بسلام. طلعت من المستشفى ورجعت الشغل، وأنا طبعاً مو مستوعبة أن اليوم الخميس، ولازم أرجع الشغل ألحين وإلا راح يزفني مديري، وأقول في خاطري، كل الناس معترضة في البداية، لكن في النهاية بيتعودون، وبينسون..
أنثى
«ان لم تعجبكم....فاحسبوها ثرثرة
العدد 1465 - السبت 09 سبتمبر 2006م الموافق 15 شعبان 1427هـ