العدد 1475 - الثلثاء 19 سبتمبر 2006م الموافق 25 شعبان 1427هـ

«يهود أوروبا»: فلتفرض العقوبات على حكومة أولمرت

...وشهد شاهد من أهلها!

تجاوزت الحرب التي شنتها «إسرائيل» على لبنان بتاريخ 12 يوليو/ تموز الماضي ودامت أكثر من ستة أسابيع وتوقفت بعد صدور القرار الأممي رقم 1701، منطقة الشرق الأوسط وتسببت بخلاف بين يهود ألمانيا. على عادته قام المجلس المركزي ليهود ألمانيا بنشر إعلانات في أكبر الصحف الصادرة هنا يعلن من جهة تأييده للعمليات العسكرية التي تقوم بها «إسرائيل» على رغم أن جيشها يخرق المواثيق الدولية ويلحق أشد ضرر بالمدنيين خصوصاً النساء والأطفال، ومن جهة ثانية يدعو الرأي العام الألماني إلى تأييد ما تقوم به «إسرائيل». طيلة الحرب كان هناك اختلاف واضح في الموقف الشعبي الألماني ورأي حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

ففي حين شجبت منظمات شعبية ألمانية الحرب وطالبت بوقف إطلاق النار وحذرت من عواقبها فإن ميركل ووزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير كانوا مثل الرئيس الأميركي جورج بوش يعتقدون أن «إسرائيل» ستوجه ضربة قاصمة لحزب الله لكن المقاومة اللبنانية فاجأت العالم بالصمود وفشلت «إسرائيل» في تحقيق أهدافها الرئيسية وتحاول حكومتها اليوم الدفاع عن فشلها والصراع من أجل استمرار تمسكها بزمام السلطة.

وقد نشأ السؤال مرة أخرى على أثر قيام المجلس المركزي ليهود ألمانيا بنشر إعلانات طلبا لتأييد حرب «إسرائيل» ما إذا ولاء يهود ألمانيا لـ «إسرائيل» أم لألمانيا؟ هل قدم اللوبي اليهودي في ألمانيا دليلا جديدا على أنه الذراع الطويلة لـ «إسرائيل» في هذا البلد وبوق دعاية لسياسة الحكومة الإسرائيلية حتى لو اعتدت «إسرائيل» على بلد عربي آخر؟ وهل الهدف إسكات الرأي العام الألماني وعدم انتقاد «إسرائيل» بعد وقت قصير على اندلاع المعارك؟ هذه المرة لم يقف جميع اليهود مع الدولة العبرية. إذ انتقد رئيس المجلس اليهودي في ولاية شليزفيغ هولشتاين وعاصمتها مدينة كيل حرب «إسرائيل» كما استقال رولف فرليغر من عضويته في قيادة المجلس المركزي ليهود ألمانيا، وكتبت شخصيات يهودية تدين هذه الحرب بل أن جوديث بيرنشتاين من جمعية (يهود أوروبا من أجل سلام عادل) طالبت المجتمع الدولي بفرض عقوبات على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ورأت بذلك الحل الوحيد للضغط على «إسرائيل». من دون هذا الضغط لن ترضى «إسرائيل» بسلام مع العرب. لم تكن الأصوات اليهودية قليلة هذه المرة وحصلت عبر الصحافة الألمانية على فرصة التعبير عن وجهة نظرها. أبرز هذه الشخصيات إيفلين هيشت جالينسكي ابنة الرئيس الأسبق للمجلس المركزي ليهود ألمانيا التي انتقدت في كتاباتها التحيز الواضح للمجلس المركزي ليهود ألمانيا وجبن الرأي العام الألماني.

وكتبت إيفلين هيشت جالينسكي في صحيفة (فرانكفورتر ألجماينه) تقول: لأنني إبنة هاينز جالينسكي، الرئيس الأسبق للمجلس المركزي ليهود ألمانيا وأحد الذين نجوا من معسكرات الاعتقال النازية، رأيت الواجب يحتم عليّ الانضمام لجمعية(يهود أوروبا من أجل سلام عادل). فهذه الجمعية لها وجهات نظر متباينة بشأن الصهيونية والدين اليهودي لكن لا خلاف بين أعضائها على أن «إسرائيل» تتحمل مسئولية النزاع العسكري الأخير في لبنان، ورأت أن «إسرائيل» قدمت الدليل مرة جديدة على فشلها في العيش بسلام مع جيرانها العرب منذ ستين عاما مضت. أضافت إيفلين هيشت جالينسكي تقول إن «إسرائيل» أحرجت اليهود في أنحاء العالم وتدفع بالكثير منهم للاحتجاج على الخرق الدائم لمواثيق جنيف منذ 39 سنة على عمر الاحتلال بما في ذلك من اضطهاد يومي وممارسات تعسفية ضد الفلسطينيين ومن خلال هجمات مركزة لا تعد ولا تحصى ضد شعب بلا دولة ولا جيش إذ تمعن في القتل والتدمير ونسف المنازل وبناء سور فاصل ومستوطنات، وقالت إن اليهود خارج «إسرائيل» لم يعودوا يتحملوا هذه الجرائم مثل حرب لبنان والهجمات اليومية على غزة والتزام الصمت نحوها. بينما تستعد فرقاطات تابعة للبحرية الألمانية للتوجه إلى لبنان استجابة لرغبة «إسرائيل» في قيام البحرية الألمانية بمراقبة السفن المتجهة إلى لبنان وتفتيشها مغبة احتمال وجود أسلحة لحزب الله على متنها، كتبت إبنة الرئيس الأسبق للمجلس المركزي ليهود ألمانيا تقول: بدلاً من مطالبة «إسرائيل» انتشار جنود ألمان في لبنان لهدف تحقيق ما عجزت عنه «إسرائيل» في الحرب وهو إضعاف حزب الله، ينبغي حسب رأيي إشراك الجنود الألمان في برامج دولية لإعادة تعمير لبنان أي إصلاح ما دمرته «إسرائيل» وهكذا هو الأمر منذ عقود مثل الدورة الدموية حيث «إسرائيل» تدمر وأوروبا تعمر وتساعد كي لا يحصل فشل اقتصادي لا في لبنان ولا في المناطق الفلسطينية المحتلة. وأشارت إيفلين هيشت جالينسكي إلى أنها كألمانية يهودية تشعر أن من واجبها انتقاد الظلم حتى لو كان هذا يمس الدولة والكلام أيضا للسيدة جالينسكي، التي تسمى الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.

قالت إن حكام «إسرائيل» لا يسيئون ليهود العالم فحسب من خلال القول إن ما يفعلونه إنما باسم يهود العالم، بل يسيئون أيضا لضحايا الهولوكست لتبرير جرائمهم ضد الفلسطينيين وفي لبنان. واتهمت المجلس المركزي ليهود ألمانيا بأن يكون مرة جديدة بوق الحكومة الإسرائيلية والسفارة الإسرائيلية في ألمانيا وهذا في رأي إيفلين هيشت جالينسكي وغيرها من اليهود الناقدين لـ «إسرائيل» أمر لا يحتمل. وردت إيفلين هيشت جالينسكي برفضها الانتقادات التي وجهها المجلس المركزي اليهودي في ألمانيا إلى وزيرة التعاون الاقتصادي والإنماء هايدي ماري فيتشوريك تسويل لأنها انتقدت حرب «إسرائيل» في لبنان وطالبت بتحقيق دولي لمعرفة ما إذا استخدمت «إسرائيل» قنابل عنقودية خلال الحرب، كما انتقد بوق «إسرائيل» أي المجلس المركزي ليهود ألمانيا ممارسة عضو رئاسة المجلس اليهودي رولف فرليغر حقه في التعبير عن رأيه حين انتقد حرب «إسرائيل» وأدى سلوك المجلس إلى استقالة فرليغر من منصبه في قيادة المجلس. كما حاول نائب رئيس المجلس سولومون كورن وهو محامي في مدينة فرانكفورت على نهر الماين ممارسة القدح والذم بي شخصيا ووصفني باليهودية التي تكره اليهود حتى نفسها وقالت إن هذه رؤية عمياء تدل عن الجبن في أن يعبر مثقف عن رأيه. طالبت إيفلين هيشت جالينسكي المجلس المركزي ليهود ألمانيا مناقشة واعية بين أقطاب المجلس للإيضاح إذا كانت انتقادات بعض أعضاء المجلس للوزيرة الألمانية في محلها لاسيما، وأنها انتقدت استخدام «إسرائيل» قنابل عنقودية في جنوب لبنان المعروف أن نسبة إصابة هذه القنابل أهدافها ضعيفة جدا ما يجعلها تفتك بالمدنيين خصوصاً النساء والأطفال. ورأت أنه من مصلحة المجلس المركزي ليهود ألمانيا عدم لعب دور بوق «إسرائيل» في المستقبل لأن هذا يخدم مصالحه ويجعل الناس يأخذونه على محمل الجد.

وكان والدها هاينز جالينسكي الذي ظل رئيسا للمجلس المركزي ليهود ألمانيا حتى وفاته في العام 1992 قد سمح بتوجيه نقد موضوعي لـ «إسرائيل». وعلى رغم أن شخصيات يهودية ألمانية تقول أنه بالطبع يمكن انتقاد «إسرائيل» إلا أن أي ألماني مجرد من فتح فمه وانتقد الدولة العبرية يسارع اللوبي اليهودي في ألمانيا إلى ذمه ومحاولة تهميشه. وتشعر إيفلين هيشت جالينسكي أنها يهودية ألمانية وليست إسرائيلية بل تجد «إسرائيل» بلدا غريبا عنها لهذا تجد صعوبة في فهم الرئيس السابق للمجلس إيغناز بوبز الذي كان يرفض أن يعتبر إسرائيليا لكنه أوصى بعد وفاته أن يدفن في «إسرائيل». وشملت جالينسكي في انتقاداتها الرأي العام الألماني لعدم معارضته الترهيب الذي يمارسه اللوبي اليهودي في ألمانيا وتشير إلى النفوذ الذي منحه الألمان لهذا المجلس حيث يؤثر على وسائل الإعلام الألمانية المسموعة والمقروءة وأعد فريقا لمراقبة ما يكتب ويذاع وينشر عن الحرب استعدادا للرد على منتقدي «إسرائيل». وحين خرج رولف فرليغر عن صمته قال المجلس بكل برودة إن فرليغر يعبر عن رأيه الشخصي. باتت السياسات التعسفية الإسرائيلية مشكلة بين يهود العالم والإسرائيليين وقد انضمت إيفلين هيشت جالينسكي لجمعية يهود أوروبا من أجل حل عادل إيمانا منها بأن دولة فلسطينية مستقلة قادرة على البقاء أبرز ضمان لبقاء «إسرائيل» الذي لا تضمنه إرساليات السلاح من الغرب والسكوت على جرائم «إسرائيل»

العدد 1475 - الثلثاء 19 سبتمبر 2006م الموافق 25 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً