أثار إعلان الحكومة أن المغرب يواجه تهديدا أمنيا خطيرا من قبل المتشددين الإسلاميين رد فعل متشككا من قبل منتقدين يشتبهون في أن السلطات تروج لوجود مثل هذا التهديد لأغراض انتخابية.
ولايشك معظم الناس في أن المملكة مازالت تواجه خطر أعمال العنف ذات الدوافع السياسية بعد التفجيرات الانتحارية التي شهدتها في العام 2003 وأسفرت عن مقتل 45 في العاصمة التجارية (الدار البيضاء). ويدور معظم الجدل حول حجم الخطر الذي يتهدد المغرب.
وتقول حكومة المغرب ذات التوجه العلماني والميالة إلى التحديث إن اعتقال جماعة تخطط لشن هجمات في أغسطس/ آب يثبت وجود تهديد متزايد لاستقرار البلاد البالغ عدد سكانها 30 مليون نسمة.
وذكرت الحكومة أن الجماعة التي كان بين أعضائها عناصر من أجهزة الأمن خططت لشن هجوم يتجاوز تفجيرات الدار البيضاء بكثير. وأيقظ هذا في أذهان البعض شبح انزلاق المغرب إلى صراع سياسي على غرار ذلك الذي دمر الجزائر المجاورة لأكثر من عقد من الزمان. لكن المنتقدين غير مقتنعين. ويقولون إن الرباط تضخم من شأن التهديد الذي يأتي في الأساس من عناصر ساخطة معزولة وذلك بهدف تكوين جبهة سياسية تتمتع بالدعم الشعبي الكافي لهزيمة خصومها الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية التي تجرى العام المقبل.
ويقول محللون ومعلقون انه يبدو أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل وهو حزب المعارضة الرئيسي في البرلمان لديه فرصة للتغلب على الائتلاف الحاكم المكون من أحزاب يمين الوسط وأحزاب اشتراكية في الانتخابات.
وقال العضو البارز في الحزب الاشتراكي الموحد اليساري محمد الساسي إن «السلطات ضخمت من شأن التهديد لتوصيل رسالتها بأن الإرهاب هو الخطر الأول وأنه مطلوب تكوين جبهة تلتف بشأن الحكومة». ومضى يقول إن الحكومة تريد من مثل هذه الجبهة دعم مسعاها لتحديث البنية التحتية وتحفيز النمو الاقتصادي وخفض معدلات الفقر على مدار السنوات الخمس المقبلة.
وتقول جماعة العدل والإحسان وهي جماعة المعارضة الإسلامية الرئيسية التي تتقبلها الحكومة على رغم كونها محظورة رسمياً إن تفسير الحكومة للاعتقالات مبالغ فيه فيما يبدو. وقال زعيم الجماعة عبدالواحد المتوكل إن «من الممكن أن تكون هناك مجموعة صغيرة من الأفراد الراغبين في تنفيذ هجمات لكن من الخطأ إعلان وجود تيار إسلامي جهادي يميل إلى العنف في المغرب». وقال المحلل البارز المختص بالإسلام السياسي محمد ظريف «حتى الآن لم تعرض الحكومة إلا أدلة ايديولوجية مثل الكتب أو حديث شخص سمع شخصا آخر يناقش الجهاد مع صديق له لدعم ادعاءاتها». وتقول الحكومة إنها فككت أكثر من 50 خلية لمتشددين إسلاميين كانت تخطط لشن هجمات في السنوات الثلاث الماضية واعتقلت نحو ثلاثة آلاف شخص منهم نحو 300 في السجن. وزاد القلق بعد اكتشاف جماعة أنصار المهدي التي قال مسئولون إنها كانت تخطط لأعمال عنف لإقامة دولة إسلامية.
لكن محللين قالوا إن الأمر الذي ربما يشكل مفارقة هو أن الساسة المنتمين للتيار الإسلامي والذين يتحاشون العنف قد يوفرون للدولة بعض أقوى حلفائها في مواجهة المتشددين. وقال المعلق الإسلامي بلال التليدي «الإسلاميون المعتدلون هم الأقدر اليوم على معارضة وإبعاد المتطرفين الإسلاميين. إنهم بارعون في الخطاب الإسلامي لإقناع الشباب بالابتعاد عن طريق التطرف». وقال ظريف إن المجتمع السياسي القوي للإسلاميين ساعد المغرب حتى الآن على تجنب صراع سياسي. وفضلا عن الجماعات الإسلامية السياسية السائدة تتأثر الدولة تأثرا عميقا بالإسلام التقليدي بفضل الطرق الصوفية التي تمتلك شبكة من الجماعات الاجتماعية والخيرية. ومضى ظريف يقول: «هذا (النوع) من الإسلام التقليدي يدعم الدولة ويعارض أعداءها وخصومها»
العدد 1475 - الثلثاء 19 سبتمبر 2006م الموافق 25 شعبان 1427هـ