على خلفية السجال الدائر في «إسرائيل» تدور موضوعات الصحف العبرية حول التحقيق المطلوب لاستجلاء حقيقة ما حصل خلال العدوان على لبنان والهزيمة التي مني بها الجيش الإسرائيلي على يد حزب الله إذ يتمحور الجدل تحديداً حول مستقبل حكومة إيهود أولمرت والصخب الدائر حول المؤسسة العسكرية مع تصاعد مخاوف الضباط من أن يتحولوا إلى «أكباش فداء» لذلك يجري الحديث عن صلاحيات لجنة التحقيق واستقلاليتها، لكن الأكيد ان الإجابات عن هذه الأسئلة تعتمد على مستقبل الوضع السياسي الإسرائيلي المضطرب بسبب هذه الحرب على لبنان التي لم تكن ضرورية أبداً!
وتحت عنوان «صيغة يعالون» رأت «هآرتس» ان انتقادات رئيس هيئة الأركان السابق موشيه يعالون أداء الجيش الإسرائيلي أثناء الحرب على لبنان، هي مثل استقالة قائد المنطقة الشمالية عودي آدم، تعتبر مؤشراً على بداية «حرب الجنرالات» التي تؤكد إخفاق القيادة الحالية. واستهلت الافتتاحية بالقول إنه يمكن تجاهل هذه التصريحات باعتبارها نابعة من رغبة يعالون في الانتقام من إبعاده المبكر عن رئاسة الأركان، كما يمكن التشكيك بصدقيتها بمجرد أن صاحبها لعب دوراً في الاستعدادات العسكرية للحرب، ولكن من الضروري التمعن جيداً في كلامه الذي يستحق المراجعة لأنه يتماهى مع الشعور العام السائد داخل «إسرائيل» بأن الحرب خيضت بشكل سيئ ولم يكن من المفروض شنها أصلاً. وأيدت قوله إنه كان على «إسرائيل» ألاّ تخوض هذه الحرب فسلاح حزب الله لا يمكن نزعه إلاّ بالوسائل الدبلوماسية. كما أثنت على قوله إن كان يمكن للهجوم الجوي أن يكون كافياً لتحفيز لبنان والمجتمع الدولي للوصول إلى النتائج المطلوبة. وأكدت صوابية رفضه للهجوم البري لأنه لم يكن له أي هدف أمني أو سياسي جوهري وإنما أتى على سبيل التضليل الإعلامي لمجرد استكمال الصورة الناقصة للانتصار وأن الحملة البرية كانت عبثية خصوصاً أنها أتت بعد أن تحددت النتائج السياسية على الأرض.
وشبه زئيف شيف في «هآرتس»، هذا التحقيق بالتحقيق في «حرب الغفران» في العام 1973 مع اختلاف في الخلفية العسكرية. فالتحقيق في حرب الغفران الذي أجرته «لجنة أغرانات» باء بالفشل لأنه لم يتوصل إلى إجابات وافية على الأسئلة التي طرحت عن أخطاء الحرب وعلى رأسها مسألة الاستعداد غير المناسب وغير الكافي بالإضافة إلى الإخفاق الاستخباراتي في فهم طبيعة التحركات والتجهيزات المصرية التي سبقت الحرب والتي كانت في الواقع تحضيرات ومناورات عسكرية لم تنجح الاستخبارات الإسرائيلية في إدراكها. لذلك دعا اللجنة الحالية «لجنة فينوغراد» إلى التعلم من دروس الماضي. وأهمها ضرورة التأكد من ان التفويض الممنوح للجنة كامل وصحيح. وذكر بأن لجنة أغرانات تفادت التحقيق في أداء القيادة السياسية وهو ما أفقد اللجنة صدقيتها القانونية في عيون الإسرائيليين، لذلك على اللجنة الحالية أن تحرص على ألاّ يتلاعب السياسيون بعملها. وأعرب يوئيل ماركوس في «هآرتس» عن رفضه لفكرة تشكيل لجان تحقيق من الأساس، فهذه اللجان ستدخل «إسرائيل» في متاهات لن توصلها إلى أية نتيجة وستشل الداخل الإسرائيلي لوقت طويل من دون جدوى. ودعا إلى إقالة حالوتس أما أولمرت فتحدد الانتخابات المقبلة مصيره. وبرأيه ان المطلوب التحضير للمستقبل بدل الغرق في اجترار الماضي.
وأشار عاموس هاريل في «هآرتس» إلى ان غالبية ضباط الجيش الإسرائيلي، وليس قائد القيادة الشمالية الجنرال عودي آدم وحده، يشعرون بالقلق على مستقبلهم في ظل مخاوف من أن يتحولوا إلى أكباش فداء في التحقيق بشأن إخفاقات الحرب على لبنان. فهؤلاء يخشون غياب أية نية لمحاسبة دان حالوتس أو الجنرالات الكبار في الجيش. غير ان هاريل، أكد ان وضع حالوتس أصبح معقدا الآن بعد التطورات الأخيرة بدءا بدعوة الجنرال المتقاعد آفيغدور بن غال لاستقالة الأخير مرورا باستقالة عودي آدم وصولاً إلى الهجوم الذي شنه عليه سلفه موشيه يعالون وانتقاداته لتوسيع العملية البرية في لبنان في الأيام الأخيرة للحرب كما دعواته لاستقالة وتنحي الثلاثي. هذا بالإضافة إلى الانتقادات اللاذعة لأداء الجيش الإسرائيلي في الحرب على لبنان والتي صدرت عن وزير النقل الحالي شاؤول موفاز الذي كان وراء تعيين حالوتس في منصبه خلال ولايته وزيراً للدفاع في الحكومة السابقة. لكنه لاحظ ان حالوتس بدأ يكسب بعض النقاط على صعيد الرأي العام الإسرائيلي بسبب انفتاحه على الانتقادات بخلاف أولمرت وبيرتس. وإذ تساءل ما إذا كان حالوتس سينجح في البقاء في منصبه، لفت إلى ان الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على مستقبل الوضع السياسي الإسرائيلي المضطرب قدر اعتمادها على نتائج تحقيق لجنة «فينوغراد» بشأن ملابسات الحرب على لبنان
العدد 1475 - الثلثاء 19 سبتمبر 2006م الموافق 25 شعبان 1427هـ