تقول رئيسة مجلس إدارة العمل النسائي في جمعية الإصلاح سعاد إبراهيم جبارة: «إن دور المرأة العبادي يجب ألا يقتصر على شهر رمضان، إذ على المرأة المسلمة أن تترك لنفسها مساحة للعبادة طوال العام. غير أن لهذا الشهر خصوصية عن غيره من الأشهر عبر رفع الدرجات وتطهير النفس، وخصوصاً أن النفس مهيأة في هذا الشهر للعبادة وهو الأمر الذي يمكن استثماره من قبل المرأة».
وتضيف جبارة، وهي أم لثلاث بنات وولد، أن «على الأم واجباً كبيراً تجاه أبنائها عندما تفكر في الأجيال التي عليها أن تنشئها تنشئة سليمة، إذ عليها أن تغرس فيهم جميع المبادئ الإسلامية التي يجب أن تُعزز فيهم»، مشيرة إلى أن «شهر رمضان هو مدرسة يتخرج فيها الإنسان بشحنة إيمانية تكفيه لباقي الأشهر، وعلى الأم أن تستغله لترغيب أبنائها في العبادة وحسن التعامل». وتقترح جبارة وضع جدول للأبناء يشتمل على بنود يتم تشجيع الأبناء على القيام بها، منها القراءة، التعاون في المنزل، وحسن التعامل، ويجازى الطفل بالمال أو الهدايا كلما أحسن في أحد هذه البنود.
صناعة السلام الاجتماعي
وتقول جبارة أيضاً: «ان المرأة تغفل أحياناً مفهوم صناعة السلام الاجتماعي، إذ يركز الناس على دعوة أهلهم وأصدقائهم فقط ويتناسون جيرانهم أحياناً، داعية النساء إلى إقامة علاقات أقوى مع جيرانهن تحقيقاً لدرء الفتن والطائفية التي بدأت تستشري في المجتمع»، وتضيف «لو قامت كل أسرة بعمل دعوة لجيرانها في شهر التسامح، حتى لو كان الجيران من ديانة أخرى، فهو أمر سيحقق بالضرورة السلام الاجتماعي في المنطقة ويمكن أن يصلح من خلاله مع الوقت المشكلات على نطاق الأسرة ثم المجتمع بشكل أوسع».
وتقول جبارة أيضاً: «ان على الإنسان أن يتصالح مع نفسه في شهر رمضان، حتى تصبح نفسه سليمة»، مشيرة إلى أن هذه هي دورة حياة الإنسان، ولن يكافأ إلا من أتى الله بقلب سليم، فالقلب يغفل في سائر الأيام، لكن عليه ألا يغفل في شهر رمضان، ويجب محاولة الارتقاء به إلى مرتبة «حضور القلب»، إذ ان القلب يكون متيقظاً لمن يصوم رمضان إيماناً واحتساباً، وثوابه أن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
وتنتقد جبارة تحول شهر رمضان المبارك إلى روتين اعتيادي لدى الكثيرين، داعية إلى أن تحاول المرأة المسلمة تغيير هذه العادة إلى عبادة، عبر الإخلاص والتجرد لله سبحانه وتعالى.
لا يهمني أن يمدحوا مائدتي
وعن الاستعداد لشهر رمضان المبارك ترى جبارة أن كثيراً من النساء يعتمدن على الاستعداد المادي للشهر بشرائهن المأكولات التي تزخر بها مائدة شهر رمضان، غافلات عن الاستعداد الروحي الحقيقي الذي يجب أن يتم لهذا الشهر. وتضيف «لا يهم أن يمتدحوا مائدتي، فما يجب أن يشغلني بحق هو مدح أخلاقي وديني». وتشير جبارة أيضاً إلى «الإسراف» في إعداد المأكولات لشهر رمضان المبارك، الذي من المفترض أن يكون موسماً للعبادة والابتعاد عن الأكل وإراحة المعدة، إذ ان شهر رمضان المبارك هو الفرصة الوحيدة لتطبيق ذلك.
موسم للأمل والعمل معاً
أما عن السلوكات التي يجب أن تتبعها المرأة في شهر رمضان فتتمثل بحسب جبارة في التحلي بطيب الكلام، والتخلي عن الإسفاف، إذ إن الله تعالى يريدنا أن نكون على أحسن خلق. لذلك تم حث الصائم على أن يكتم غضبه وألا ينطق بالسيئ من الكلام ويكتفي بقوله: «اللهم إني صائم». علاوة على تخليه عن اليأس والكسل وتحليه بالأمل والعمل. وتستشهد جبارة بالمعارك الكبرى التي خاضها المسلمون وانتصروا فيها في شهر رمضان المبارك، والتي تبعث على الأمل والشعور بإمكان الانتصار حتى مع صعوبة الإنجاز والعمل.
ولا تبخس جبارة أيضاً أهمية الصدقة في شهر رمضان عن باقي الأعمال، إذ تشير إلى أنها تمنع جحود النعم، وهي صورة تبين شكر الله تعالى على نعمه، وهو الشكر الذي يجب أن يظهر بتلقائية ولا يحتاج إلى تذكير للقيام به، فعليه أن يتحلى بالبذل والعطاء في هذا الشهر، ويبتعد عن الشح والبخل.
رمضان زبدة العمل الصالح
وتختتم جبارة حديثها بالقول: «عدد كبير من النساء يظنون أن شهر رمضان هو فترة يمكن من خلالها تحقيق زيادة الإيمان، غير أن مفهوم الإيمان أوسع وأعمق من ذلك بكثير. فلا بد أن يتأكدوا من أن الإيمان لا يأتي بضربة حظ، وإنما يأتي بشكل تراكمي متواصل. فإن لم تخصص المرأة جانباً من حياتها للعبادة بشكل متواصل، فلن تحصل على النعم التي تطلبها. ثم يأتي شهر رمضان المبارك وهو سيد الشهور، ليكون زبدة لذلك العمل الصالح».
رمضان بين المحاضرات والطبخ والمسلسلات
من جانبها تقول رئيسة اللجنة النسائية في جمعية التوعية الإسلامية صفية يوسف رضي: «ان موسم شهر رمضان المبارك هو موسم روحي، تحب النساء فيه الخروج للجلسات الدينية والمشاركة في الأنشطة ذات الطبيعة الروحانية والتي تنتشر في جميع مناطق البحرين، عبر دروس القرآن الكريم أو التجويد أو المحاضرات الدينية أو الصحية في أحيان كثيرة». وتنتشر المحاضرات والدروس الدينية في كثير من الأحيان بحسب رضي إذ تلاقي شعبية بين أوساط كبيرة من النساء.
غير أن هناك عدداً من الممارسات الخاطئة التي تم التعارف عليها في شهر رمضان المبارك، ومنها بحسب رأي رضي تفرغ المرأة بالكامل للطبخ في هذا الشهر، ما يضيع عليها الوقت الذي يمكن أن تستغله في هذا الشهر الكريم للعبادة. ناهيك عن الإسراف في الأكل، وفي الشراء والتجهيزات، والتي تكون في غالبية الأحيان أكثر مما تحتاج إليه الأسرة.
وتشير رضي أيضاً إلى اهتمام الفتيات خصوصاً بمتابعة المسلسلات التلفزيونية بشكل كبير، وهو الأمر الذي يزيد على الحد المقبول كثيراً، وهو الأمر الذي يضيع كثيراً من أوقاتهن
العدد 1479 - السبت 23 سبتمبر 2006م الموافق 29 شعبان 1427هـ