ستواجه أسواق الطاقة طريقاً وعرة في المستقبل مع تسبب الظروف الجيوسياسية مجدداً، تماماً كما حدث السنة الماضية في ليبيا، في تأزيم طبيعة أسواق النفط غير القابلة للتنبؤ بها أصلاً. كما كان الوضع عليه من تزايد حدة التوترات بين الغرب وإيران بشأن نوايا إيران النووية خلال الربع الأول كذلك كانت أسعار النفط الخام إلى حد يمكن أن تُغير في نهاية المطاف النظرة المستقبلية على الاقتصاد العالمي. ومع التراجع التدريجي في العرض وتزايد الطلب، وخاصة بين دول الأسواق الناشئة، فقد تمحور التركيز بصورة رئيسية على قدرة السعودية على مواصلة زيادة إنتاجها حيث انها المصدر الوحيد الذي يقوم حالياً بسد النقص في أي قدرة استيعابية على الإنتاج الاحتياطي (والتي تُقدر أن تُقارب مليوني برميل يومياً).
شهدت أسعار خام برنت، وهو المرجع العالمي بالنسبة للتعاملات النفطية، نشاطاً بنسبة 18 في المئة خلال الربع الأول ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 2008. كما شهد الطلب ارتفاعاً على رغم ارتفاع الكلفة على المستهلكين، وخاصة في دول منطقة اليورو والمملكة المتحدة وتركيا حيث أدى ضعف عملاتها إلى تسجيل أرقام قياسية في أسعار النفط. كما ساهم في هذا الارتفاع المتداولون المضاربون وذلك من خلال إيجاد مواقع مضاربة بعيدة المدى. على رغم زيادة الإنتاج الليبي والعراقي، فقد تعرض الجانب المتعلق بالعرض لمصاعب ناجمة عن العديد من حالات التوقف البسيطة في بحر الشمال والسودان وسورية واليمن والأهم من ذلك تراجع الإنتاج الإيراني بسبب العقوبات المفروضة عليها. لقسيكون بمقدور أسواق النفط استيعاب الصدمات التي يتعرض لها العرض مع توفر الكثير من الاحتياطي، في حين يبقى السؤال المهم خلال الأشهر المقبلة يدور حول كيفية تحقيق ذلك. إن الارتفاع الحاد والمستمر في كلفة الطاقة سيُحدث في نهاية المطاف نقلة أساسية مع بدء تراجع الطلب. ومع وجود العديد من المستهلكين في الكثير من الدول ممن كانوا يدفعون خلال أوقات الذروة أكثر من أي وقت آخر خلال 2008، فقد بدأ الإحساس بذلك يظهر بشكل بطيء.
وفي ظل غياب أي أحداث جيوسياسية إضافية، نعتقد بأن سعر خام برنت يواصل نحو أعلى مستوى له بالنظر إلى أن ارتفاع كلفة الطاقة بالنسبة لإجمالي الناتج المحلي سيبدأ بتسجيل أرقام مرتفعة أعلى فأعلى. ومع توقع أن تصل ليبيا إلى مستويات الإنتاج التي كانت عندها قبل اندلاع الحرب في أبريل/ نيسان، فإن إنتاج العراق وصل إلى أعلى مستوى له في 30 عاماً كما رفعت الصين من أسعارها المحلية بنسبة سبعة في المئة في مارس/ اذار، يجب أن تبدأ القدرة الاحتياطية بالارتفاع ببطء تاركة أسواق النفط عن نقطة توازنٍ أفضل.
أول إس. هانسن
رئيس استراتيجيات السلع في «ساكسو بنك»
العدد 3517 - الإثنين 23 أبريل 2012م الموافق 02 جمادى الآخرة 1433هـ