عندما تعرض النظام المصرفي في الولايات المتحدة سنة 2008 لخطر الانهيار وكان الاقتصاد ينحدر سريعاً نحو الركود، لم يجد صانعو السياسات أمامهم سوى حفنة ضئيلة من الأدوات لتدارك وقوع كارثة مالية كبرى. وخلال تلك الفترة العصيبة في أواسط سبتمبر/ أيلول، اتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سلسلة من القرارات التي وضعت الأساس لتعزيز النظام المصرفي وإنعاش الاقتصاد. ومع تنفيذ برامج الدعم المختلفة، تضخمت موازنة الاحتياطي الفيدرالي، التي كانت حتى ذلك الوقت مستقرة تحت سقف 1 تريليون دولار، لتصل إلى 2.4 تريليون دولار. واستمر بعدها ضخ الأموال لتمكين الاقتصاد من تحقيق نمو متواضع، حتى وصلت قيمة الأصول في موازنة الاحتياطي الفيدرالي اليوم إلى ما يقارب 3 تريليون دولار. وفي حين كانت سندات الخزينة الأميركية تشكل الجزء الأعظم من الموازنة عندما كانت بحدود 1 تريليون دولار، نجد اليوم أن تلك الموازنة تحتوي كميات هائلة من الأوراق المالية المرتبطة بالرهن العقاري وغيرها من السندات والأدوات المالية الأقل جودة.
على الجانب الآخر من الأطلسي، كان التركيز الدائم للبنك المركزي الأوروبي منصباً على معالجة مسألة التضخم، باعتبار أن مهمته الأساسية الحفاظ على استقرار الأسعار. وقد عمد البنك خلال أزمة العام 2008 إلى زيادة المعروض النقدي، ولكن عندما عصفت به أزمة الديون السيادية في بلدان ما يعرف بـ «النطاق الجنوبي» الأضعف، سار البنك على خطى نظيره الأميركي وبدأ برنامجاً لتخفيف القيود النقدية. وفي حين كانت موازنة البنك المركزي الأوروبي تقارب 1.9 تريليون يورو قبل أزمة الديون السيادية، إلا أنها قفزت خلال فترة وجيزة في العام 2011 إلى 3 تريليون يورو لتوفير السيولة للبلدان الأضعف حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها. وقد أسهمت القروض منخفضة الفائدة لأجل ثلاث سنوات في تخفيف الضغط على بلدان «النطاق الجنوبي» وتفادي وقوع كارثة مالية. وبالإضافة إلى ذلك، عمدت الدول النامية، بعد أن شددت سياستها النقدية خلال العامين الماضيين بهدف خفض التضخم، إلى اتباع سياسة معاكسة. وخلال الأشهر الثمانية الماضية، خفضت الهند والبرازيل والصين أسعار الفائدة، وضاعف صندوق النقد الدولي قدرة الإقراض للصندوق المخصص لمعالجة أزمة منطقة اليورو.
بايرون وين
نائب رئيس مجلس الإدارة، مجموعة بلاك ستون للاستشارات
العدد 3541 - الخميس 17 مايو 2012م الموافق 26 جمادى الآخرة 1433هـ