العدد 3542 - الجمعة 18 مايو 2012م الموافق 27 جمادى الآخرة 1433هـ

نصف اليمنيين يكافحون لتأمين قوتهم اليومي

بالنسبة لنصف اليمنيين تقريبا، بات الحصول على القوت اليومي هدفا يكافحون من اجله ولا يحققونه دائما.

وفي بعض الأيام، لا تحصل أم احمد على أي طعام لها ولأبنائها الأربعة الذين تقيم معهم في حي السنينة الفقير في صنعاء.

وفي الأيام الأفضل، يعود زوجها للبيت مع خمسمئة ريال (2,3 دولار) جناها من بيع ثياب للأطفال في السوق، «وعندها نأكل» على ما تقول.

وقالت واصفة صراعها اليومي من اجل الاستمرار «اشفقوا علينا»، وانهمرت دموعها وهي تضم ابنتها المريضة والجائعة أميرة.

وتخشى أم احمد على حياة ابنتها أميرة. وترفع الوالدة فستان ابنتها لتكشف عن أطرافها النحيلة المليئة بآثار الرضوض، وذلك نتيجة لما تقول انه مرض في الدم لا تستطيع العائلة تحمل كلفة علاجه.

وبحسب أرقام الأمم المتحدة الأخيرة، شهدت سنة 2011 لوحدها ارتفاعا في أسعار الغذاء بنسبة 50 في المئة، فيما تضاعفت كلفة الحصول على مياه صالحة للشرب ثلاث مرات، ما ساهم بشكل كبير في التضخم الهائل الذي يعاني منه الاقتصاد اليمني. وارتفعت أيضا نسبة البطالة بشكل كبير، فيما يكافح عشرة ملايين يمني من أصل 22 مليونا، للحصول على طعام.

وأدت حركة الاحتجاجات التي أسفرت عن تنحي الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إلى زيادة عجز الحكومة وتفاقم الفساد المستشري في المؤسسات الضعيفة أصلا.

وقال ممثل الأمم المتحدة في اليمن إسماعيل ولد شيخ احمد لوكالة فرانس برس إن «الأزمة الإنسانية في اليمن أعمق واكبر مما كنا نقول في السابق».

والأزمة تتجلى بشكل واضح، ليس فقط في المحافظات البعيدة حيث الخدمات الحكومية ضعيفة والمساعدات الدولية مهددة بسبب النزاعات المستمرة، بل أيضا في العاصمة صنعاء.

وتقول فاطمة حواصلي الضريرة التي تعيش في غرفة واحدة مع ابنتيها ووالدها إن الحياة تحولت في السنة الأخيرة «من سيئ إلى أسوأ».

ولا احد في هذه العائلة يحصل على دخل، وهم يعتمدون بشكل تام على مساعدات الحكومة التي لم يعد من الممكن الاتكال عليها. وقال رزق والد فاطمة «نحن نصارع الموت كل يوم». أما جارهم حيدر صالح الذي يملك متجرا يبيع فيه أكياسا من الأرز والسكر والطحين بالدين، فهو أيضا يعاني من الوضع الصعب.

وأمام هذا الرجل في متجره دفتران، الأول يفند ديون الجيران المستحقة له، والثاني يفصل الديون المتوجبة عليه للمزودين.

وقال صالح «لا استطيع أن ادفع لان زبائني لا يدفعون». وباختصار، يبدو الوضع الإنساني في اليمن على النحو الآتي بحسب الأمم المتحدة: 55 في المئة من اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر بأقل من دولارين في اليوم، ويعاني عشرة ملايين من «نقص الأمن الغذائي»، ونصف هؤلاء يعانون من «نقص حاد في الأمن الغذائي».

ويعاني حوالي مليون طفل دون الخامسة من «سوء تغذية حاد»، وربعهم يواجهون خطر الموت ما لم يتم اتخاذ خطوات فورية في شأنهم. والقطاع الصحي الذي كان بالكاد يعمل قبل الاحتجاجات في 2011، قد تراجع كثيرا في غضون أشهر قليلة.

وسجل مرض الحصبة عودة ملحوظة وأودى بحياة 170 طفلا معظمهم منذ مطلع السنة الحالية، كما سجلت عودة لأمراض معدية أخرى مثل الكوليرا وحمى الضنك.

وارتفعت نسبة البطالة في صفوف الشباب إلى 53 في المئة، وهو عامل أساسي في انعدام الاستقرار في البلاد. وانسحب مستثمرون كثر كما أغلق رجال أعمال شركاتهم ومتاجرهم، ما أسفر عن خسائر للقطاع الخاص بلغت ثمانية مليارات دولار.

وقد اثر ذلك بشكل كبير على اقتصاد اليمن الذي كان يعد أصلا من أفقر الدول في العالم والأفقر في العالم العربي.

أما المشكلة الأكبر من كل ذلك بحسب شيخ احمد، فهي انه «ليس هناك اهتمام كبير بذلك» من الجانب الدولي.

وأضاف «الجميع يتحدث عن السياسة والأمن، إلا أنها نصف القصة فقط. إنها كارثة بكل معنى الكلمة».

وحذر ممثل الأمم المتحدة من إمكانية أن تؤدي الأزمة الإنسانية إلى تهديد الاستقرار وعملية الانتقال السياسي الهشة إذا لم يتم حلها.

والوضع الإنساني السيئ في البلاد ليس وليد الأزمة الأخيرة، بل نتيجة سنوات من المشاكل المتراكمة، وبحسب شيخ احمد، فان اليمن «سيظل يعاني من احتياجات ضخمة» حتى لو تم حل الأزمة السياسية الحالية. وفي مقهى يقع في حي للطبقة الوسطى في صنعاء، حذر الخبير الاقتصادي والأكاديمي محمد الميتمي من أن اليمن «غير قادر تماما على التعامل مع حقل الألغام والتحديات» التي يواجهها.

العدد 3542 - الجمعة 18 مايو 2012م الموافق 27 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً