تواصل أزمة الديون المالية والسيادية فرض نفسها على كل قرار استثماري يجري أخذه حالياً. وشهدت الأزمة في أوروبا خلال شهر مايو/ أيار تصاعداً من جديد؛ لتتحول إلى نقطة خطيرة مع تحول التركيز على إسبانيا، التي ترزح حكومتها تحت ضغط كبير بسبب أزمة تمويل المصارف. وفي هذه الأثناء تنتظر اليونان إجراء انتخابات جديدة خلال الأسابيع القليلة المقبلة؛ مع احتمال أن يؤدي ذلك إلى وضع مستقبل وجود اليونان في منطقة اليورو على المحك. كما تشهد الصين، محرك النمو العالمي الرئيسي، تباطؤاً منذ العام 2008، في حين يعاني الاقتصاد الأميركي من تباطؤ منتصف الدورة.
لقد ساعدت هذه الأحداث في أخذ المستثمرين إلى السندات الحكومية الآمنة، في ظل ما شهدته العوائد الألمانية خلال العامين الماضيين من سلبية في الأداء وفي ضوء الأمان الذي تتمتع به عملات مثل الين الياباني وخاصة الدولار الأميركي، الذي ارتفع إلى أعلى مستوى له في 23 شهراً مقابل اليورو. وفي هذه الأثناء تعرضت السلع إلى أدنى انخفاض لها هذا الشهر منذ العام 2008 مع تراجع مؤشر داو جونز يو بي إس للسلع بأكثر من 10 في المئة، في ظل تعرض القطاعات كافة، إلى ضغط هائل للبيع. كما سجّل مؤشر ستاندرد آند بورز غولدمان ساكس للسلع أسوأ أداء شهري له منذ العام 2008؛ إذ هبط بنحو 13 في المئة في ظل هبوط خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت بأكثر من 20 في المئة من الارتفاعات التي كانا قد شهداها ليدخلا من الناحية الفنية في سوق متدهورة تشهد فيها الأسهم انخفاضاً متزايداً.
ويعتبر أداء المعادن الثمينة الأفضل نسبياً، وهو ما يشير إلى أن اجتذاب الذهب في المناطق الآمنة لم يتلاشَ تماماً. بالنظر إلى الحركة القوية التي يشهدها الدولار، فقد كانت خسائر الذهب محدودة، حتى أنها سجلت مكسباً بسيطاً باليورو. ومع هذا لايزال الذهب يكافح ليعيد الألق إلى قدرته جذب المستثمرين الداعمين للسوق، مثل صناديق التحوط. وتلقّى قطاع الطاقة، خام غرب تكساس الوسيط، الضربة الأشد مع تزايد تحوّل التركيز من المخاطر الجيوسياسية إلى تباطؤ الطلب. كما أن تفجّر الوضع بالنسبة إلى المضاربة في خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط لعب دوراً مهماً في تفسير الهبوط المفاجئ الذي حدث. إلى ذلك، فقد تعرض قطاع الزراعة إلى مستويات مرتفعة من التقلب حققت خلالها المواشي والقمح مكاسب أكثر من تعويضات الخسائر الكبيرة التي حققها القطن والذرة وفول الصويا، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى تحسّن التوقعات المناخية وخفض المستثمرين المضاربين انكشافهم على المدى البعيد.
أوْل هانسن
رئيس استراتيجيات السلع في «ساسكو»
العدد 3558 - الأحد 03 يونيو 2012م الموافق 13 رجب 1433هـ