العدد 1412 - الثلثاء 18 يوليو 2006م الموافق 21 جمادى الآخرة 1427هـ

مختار: نطمح إلى إنشاء مركز وراثة على مستوى عالٍ

«مركز بنون» بارقة أمل في وجه شبح العقم

بعد أكثر من 13 عاماً من العلاج في أروقة المستشفيات بالمملكة وخارجها جاء وقع خبر نمو جنينها في أحشائها والذي لم يتجاوز أسبوعه الثالث أشبه بالصاعقة التي لم تستفق منها إلا بعد أن وقعت عينها على فحصها المخبري.

تعتبر مشكلة عدم القدرة على الإنجاب من أهم المشكلات التي تواجه كثيراً من الأزواج وتولد لديهم الشعور بالتوتر والقلق وعدم الاستقرار الأسري، وقد تواصلت جهود كثير من العلماء والباحثين المتخصصين في مجال العقم من شتى أنحاء الأرض وعلى مدى سنوات طويلة حتى تحققت أحلامهم وأثمرت أبحاثهم عن ولادة آلاف بل ملايين من الأطفال الأصحاء وإسعاد الكثير من الأسر، واليوم هناك الكثير من التقنيات الحديثة والأساليب العلمية لعلاج مختلف حالات العقم ترتكز أساساً على تشخيص أسباب العقم وتأخر الإنجاب عند كل من الزوج والزوجة.

لذلك استوجب منا الوقوف عند تلك التقنيات الحديثة في مجال علاج مرض يعتبر أحد أكثر الهواجس التي تثقل كاهل الكثير من الأسر، وهو الأمر الذي دفعنا إلى محاورة استشاري النساء والولادة في مركز بنون لتقنية مساعدة الإنجاب في المستشفى العسكري محمد هاشم مختار.

نبدأ من النهاية، ما هو آخر ما توصل إليه العلماء لعلاج العقم؟

- تطورت تقنيات مساعدة الإنجاب خلال العقود الثلاثة الماضية ولاسيما بعد ولادة أول طفلة سنة 1978 بتقنية أطفال الأنابيب، فقد تمت ولادة أكثر من مليون طفل في أنحاء العالم بفضل هذه التقنيات، كما تعددت التقنيات الأخرى للمساعدة على الإخصاب والتي يعتبر من أشهرها على الإطلاق هو التخصيب المخبري (أطفال الأنابيب)، والأحدث منها هو التخصيب المجهري (حقن الحيامن داخل سيتو بلازم البويضة) من خلال نقل الأمشاج إلى قناة فالوب أو نقل الأجنة داخل القناة.

وهناك أيضاً تقنية استخدام الخلايا الحية للمريضة أو المواد الطبيعية التي تساعد على زرع الأجنة داخل الرحم، فضلاً عن أحدث التقنيات للمساعدة على نمو البويضات خارج الجسم لتصل إلى مرحلة النضج، بالإضافة إلى نمو براعم الحيامن المنوية خارج الجسم بعد استخلاصها من الخصية لتصل إلى طور النمو الطبيعي.

كما لن أغفل تقنية حديثة لزيادة فرصة حدوث الحمل وهي تشريط قشرة البويضة المخصبة بالليزر أو استخدام صمغ الأجنة بالرحم أو نقل الحويصلة الجنينية، وكلها تقنيات تساعد على رفع نسبة الإخصاب بمعدل 60 في المئة.

على الصعيد المحلي، إلى أين وصل قسم العقم في المملكة؟

- على رغم حداثة قسم العقم في المملكة وعدم تجاوز عمر مركز بنون لتقنية مساعدة الإنجاب في المستشفى العسكري عن 16 عاماً، فإن القسم وصلته أحدث الأجهزة للحقن المخبري في العالم قبل نحو شهر وتمخضت التجارب عن نتائج مثمرة ومبشرة بالخير، إذ وصلتنا أجهزة لحاضنات حديثة للأجنة والبويضات تعمل بنظام متطور وحديث (دجتل) وتقوم بتثبيت درجة حرارة الجسم العادية وتثبيت نسبة تكوين الهواء داخل الحاضنات من الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون، علماً بأن كل أجهزة المختبر كهربائية ومتصلة بأحدث نظام لتثبيت التيارات الكهربائية لضمان عدم انقطاعه، هذا وتم تطوير القسم بشكل شامل العام الماضي.

ما مدى وعي المواطن بماهية هذه الأجهزة الطبية ومدى فعاليتها؟

- في حقيقة الأمر نأمل أن يتفهم المواطن طبيعة التقنيات الحديثة وينظر لها بمنظور علاجي بحت بعيداً عن أية «مهاترات» وتسميات من شأنها أن تعرقل ركب التطور الطبي، ولاسيما أن هذه الأجهزة لا تتعرض لصنع الخالق عزوجل ولا تمس الدين بأية صلة من قريب أو بعيد، وأستغلها فرصة لأوضح أن تسمية أطفال الأنابيب غير دقيقة والتسمية الأصح هي «التخصيب المجهري» المرتبط بتصحيح المشكلات التي تعوق دون وصول الحيوان المنوي لقناة فالوب عند المرأة لذلك يتم تخصيبها بالحيوانات المنوية داخل المختبر في أنبوبة.

كيف تصف واقع قسم العقم بلغة الأرقام؟

- وفق الإحصاءات أستطيع أن أقول إن القسم تصله قرابة 400 إلى 460 حالة في السنة أي ما يقارب 24 إلى 30 حالة في اليوم تخضع للحقن المخبري في حين يتردد على القسم من 900 إلى 1000 مريضة يتم استخدام التقنيات الحديثة لعلاجهن بين تلقيح صناعي وحقن مخبري وتثليج للنطف والأجنة، ولاسيما أن القسم يملك مختبراً للتثليج على أحدث مستوى ومجهز بأحدث الأجهزة الطبية والتي يتم فيها تخزين الأجنة المثلجة لمدة خمس سنوات وتجدد سنوياً برغبة من الزوجين وإقرار منهما.

وأفصل بقولي بناء على الإحصاءات الأخيرة فإن نسبة التخصيب المجهري تمثل 66 في المئة من مجمل العمليات في حين تمثل نسبة 34 في المئة عمليات التخصيب المخبري، ونسبة نجاح حدوث الحمل تصل إلى 48 في المئة.

بأي عين تنظرون إلى مستقبل علاج العقم في المملكة؟

- نطمح إلى تطوير القسم علمياً وإدخال تقنيات أكثر تطوراً عليه وخصوصاً مختبرات الوراثة والتي تهدف إلى تجنب الأمراض المتوارثة في الأجيال القادمة ولاسيما بعد أن خطونا خطوات جبارة في تقليل انتشار تلك الأمراض من خلال مراكز التخصيب المخبري، ولا أخفي عليكم أن العملية سهلة ولكنها تتطلب أجهزة حديثة بالمختبرات الوراثية إذ يتم فحص الأجنة البدائية لتشخيص الأمراض المتوارثة وتجنب الأجنة المصابة أو الحاملة للمرض وزرع أجنة سليمة في الرحم لزيادة فرصة تناسل أطفال أصحاء، لذلك نأمل أن نخطو هذه الخطوة التي سبقتنا لها بعض الدول العربية بعد أن انتشرت في العالم.

أما آخر ما توصل إليه العلم وموضة الطب الدارجة هذه الأيام هي حفظ الخلايا الجدعية لكل مولود والتي تؤخذ من دم الحبل السري عند الولادة.

في أي الحالات يقف العلم عاجزاً؟

- أكثر الحالات التي لم يتوصل العلم إلى حلها هي عدم وجود المبايض أو فشلها مبكراً لدى المرأة، وعند الرجل انعدام الحيوانات المنوية في مراحل العمر المبكرة إذ لا تتعدى نسبتها 2 في المئة ولكنها تمثل مشكلة نسبتها 100 في المئة في حياة الفرد المريض.

إلا أننا نثق بقدرة العلم التي تتطور يوماً بعد يوم والتي وصلت إلى حد تثليج وحفظ الأجنة أو الحيامن المنوية ويمكن أيضاً حفظ أنسجة الخصية أو أنسجة المبيض في حالات الإصابة بأمراض خبيثة لا قدر الله في المراحل المبكرة من العمر وذلك للحفاظ على إمكان حدوث الحمل مستقبلاً بعد الشفاء من هذه الأمراض، فضلاً عن وجود تقنيات مستقبلية أخرى مازالت تحت البحث العلمي والأبحاث المعملية تعمل على إيجاد النطف البدائية من العدم عند انعدام الحيوانات المنوية الكلي أو انعدام البويضات من المبيضين وذلك بحقن الخلايا الجذعية للأجنة البدائية المتوافقة مع المريض في الخصية أو المبيض لإنتاج النطف البدائية مثل البويضة أو الحيوان المنوي. ولقد تمت هذه التجارب على الفئران بنجاح ومازال التطور والبحث العلمي مستمرين لإمكان تفعيلها على البشر، وكلنا أمل أن يأتي يوم وتبصر تلك الأبحاث النور على أرض مملكتنا

العدد 1412 - الثلثاء 18 يوليو 2006م الموافق 21 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً