العدد 1419 - الثلثاء 25 يوليو 2006م الموافق 28 جمادى الآخرة 1427هـ

هل كان المستشارون من أشعل الأزمة بين «البلديات» و«المجالس»؟

البعض اتهمهم بتفصيل القانون لرؤسائهم في الوزارة

الأزمة التي اشتعلت قبل أسابيع بين وزارة شئون البلديات والزراعة والمجالس البلدية، لم يكن سببها خللا في قنوات الاتصال أو غيابا للثقة بقدر ما كان عقدة قانونية أدارها المستشارون القانونيون بحرفية تامة، وذلك في ظل عدم وجود مذكرة تفسيرية لقانون البلديات رقم (35) لسنة 2001. وبحسب بعض البلديين فإن مستشارو وزارة «البلديات»، فصلوا القانون كما يريد مسئولوهم وليس وفق ما تنص عليه مواد القانون وروحه، والنتيجة هي إصدار مجلس الوزراء قراراً يكلف بموجبه الوزارة تولي مهمات العمل البلدي إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة، على عكس ما تنص عليه المادة التاسعة من القانون التي تشير إلى أن «يستمر المجلس القديم في مباشرة مهماته إلى حين إتمام تشكيل المجلس الجديد».

الأزمة انقشعت بعد تأكيد سمو رئيس الوزراء استمرار المجالس القديمة إلى حين انتخاب مجالس جديدة، لكن من لعب الدور في خلقها هل هم المستشارون القانونيون أم غيرهم؟ وهل يشجع الأعضاء البلديون الاستعانة بمستشارين بحرينيين بدلاً من الأجانب أم لا؟ وما الذي يستنتجه المتتبع لطبيعة العلاقة بين الجهازين التنفيذي والتشريعي بعد الخلاف الذي حصل؟ كل هذه الأسئلة يجيب عليها التقرير الآتي:

«و» و«أو» تثير الخلافات

عن نفسه، أعرب نائب رئيس مجلس بلدي الجنوبية ممثل الدائرة الثالثة علي المهندي، عن تشجيعه لوجود مستشار قانوني بحريني في مختلف المواقع الرسمية وغير الرسمية، غير أنه يرى أن الكوادر المحلية مفقودة في هذا التخصص وكذلك تخصص المحاسبة، فوزارة الأشغال والإسكان لديها أجانب تستعين بهم في المشورة بخصوص مشروع البيوت الآيلة إلى السقوط، كما أن بعض الوزارات استعانت بخبراء أجانب يتقاضون رواتب عالية، على رغم أنهم ليست لديهم الدراية الكافية، حتى أنهم كانوا يستعينون بصغار الموظفين لتعريفهم بمهمات العمل.

ورأى المهندي، أن غياب المذكرة التفسيرية لقانون البلديات أوجد الكثير من المشكلات بين الوزارة والمجالس البلدية، فعلى سبيل المثال تسببت كلمتي (و) و(أو) في الكثير من الخلافات بين الطرفين ما أدى إلى تعطيل بعض الصلاحيات.

وعن موقفه من الطريقة التي عولجت بها المشكلة التي حصلت أخيراً، قال نائب رئيس «بلدي الجنوبية»: «أثبتت القيادة السياسية أنها قادرة في حال وجود أية مشكلة بين المجالس ووزارة البلديات، على حلها وتجاوزها بالحكمة، وتمثل ذلك في دعوة سمو رئيس الوزراء رؤساء المجالس إلى الجلوس معه بهدف تقريب وجهات النظر، وانتهى اللقاء بطمأنتهم إلى أن المجالس مستمرة حتى انتخاب أعضاء جدد، ونتمنى من سموه تحديد موعد الانتخابات البلدية لإنهاء هذا الإشكال».

تورط المستشارين غير مؤكد

أما رئيس لجنة الإعلام والعلاقات العامة في مجلس بلدي المنامة ممثل الدائرة الرابعة محمد عبدالله منصور، فتحدث عن عدم وجود ما يؤكد أن للاستشاريين دوراً فيما جرى أخيراً، مبيناً أنه ومن خلال علاقته مع المستشارين القانونيين في الوزارة حصل على تأكيد منهم أن المجالس البلدية تستمر إلى حين انتخاب مجالس جديدة، إلا أن ما جرى من خلاف مازال يبحث لمعرفة حيثياته وإن تم تداركه أخيراً من قبل القيادة السياسية.

وأضاف «مازلنا نقول إننا بحاجة إلى ضبط العلاقة بين كل من الجهاز التنفيذي في البلدية، وجهاز الوزارة، والمجالس البلدية، حتى تكون المهمات واضحة لدى كل جهة بما فيها طبيعة العلاقة والتواصل بينها من خلال أداة قانونية شفافة لا لبس فيها وإن احتاجت إلى مذكرة تفسيرية، فأحد المؤشرات التي جرت هو أن العلاقة لو كانت واضحة لما حدث ذلك الإشكال وكان بالإمكان استيعابه بصورة سريعة».

الاستعانة بالمكاتب الاستشارية المحايدة

وفي المقابل، تمنى نائب رئيس مجلس بلدي المحرق ممثل الدائرة العاشرة مبارك الجنيد، لو تمت الاستعانة بأحد المكاتب الاستشارية القانونية لإبداء وجهة نظرها في قانون البلديات، حتى لا تحدث أزمة بين الوزارة والمجالس البلدية بشأن استمرار عمل الأخيرة ومباشرة مهماتها، ونظراً إلى كون تلك المكاتب جهة محايدة فلا شك أنها ستبدي رأيها بكل شفافية.

وتوقع الجنيد، أن تؤثر الأزمة الأخيرة على مسار العلاقة بين المجالس البلدية والجهات الحكومية حتى وإن كان ما حدث لا يتعدى كونه سوء فهم، فالمواطنون ينظرون من خلال ما حدث أن المجالس ربما لا تعطى المكانة الاجتماعية اللائقة بها، كما يرى البعض أن المجالس لم تقدم الانجازات التي يطمح إليها المواطنون والمقيمون.

وأبدى نائب رئيس «بلدي المحرق»، تطلعه إلى توفير المناخ الصحي المناسب للمجالس البلدية حتى تستطيع أن تقدم رسالتها، وأن تكون قادرة على بلوغ الأهداف المرجوة منها للإسهام في الحركة الإصلاحية التي يقودها جلالة الملك والقيادة السياسية.

المستشار يفصل القوانين للمسئول

إلى ذلك، ألمح الناطق الإعلامي لمجلس بلدي الوسطى ممثل الدائرة التاسعة وليد هجرس، إلى أن المستشار القانوني لديه أكثر من خيار فهو بمثابة المفصل (الخياط) إلى جانب أنه ماهر في إخراج الشعرة من العجين، وتجفيف الغاطس في الماء وبإمكانه عكس ذلك من خلال تفسير القانون لأن الأخير أحياناً يكون مبهماً ومطاطياً، فيكون له أكثر من تفسير.

ونوه هجرس، إلى أن المستشار يفسر القانون بأكثر من طريقة وكل طريقة لها قوة وبإمكان المسئول اختيار ما هو أنسب، معتبراً ما عرض على مجلس الوزراء تفسيراً خاطئاً 100 في المئة وليس له سند قانوني، حتى أن المواطن العادي يرى أن هذا العمل التفاف على القانون، فالمادة التاسعة تنص على أن المجلس يستمر في أداء مهماته إلى حين انتخاب مجلس بلدي جديد، بيد أن الوزارة استندت إلى المادة (24) التي تتحدث عن مدة دور الانعقاد.

وأكد هجرس أن مسألة إسناد مهمة تسيير المجالس من قبل الوزارة لا يوجد لها سند قانوني، فكل ما رفع مضلل لمجلس الوزراء، فإذا كان التفسير بعلم الوزير فهو يتحمل المسئولية مباشرة، وإذا كان من دون علمه فمعنى ذلك أنه ضلل كما ضلل مجلس الوزراء. وواصل «إذا كان القصد هو تضليل أعضاء المجالس واستغلال الفرصة بين انتهاء دور الانعقاد الرابع والانشغال بالانتخابات فهذا اعتقاد خاطئ، فأنا لم أعرف الإجازة طوال أربع سنوات، فنحن نتابع مصالح الناس والمشروعات التي تخصهم (...) نثمن وقفة سمو رئيس الوزراء كقائد محنك حكيم أرجع الأمور إلى نصابها بعد أن اتضح له سوء التفسير الخاطئ، وما جلوسه مع رؤساء المجالس إلا دليل على قوة المجالس البلدية في مقابل وزارة البلديات».

ووجه هجرس المستشارين القانونيين في كل موقع إلى ضرورة أن يكونوا على قدر المسئولية وأن ينصحوا رؤساءهم فلا يقدموا إلا ما فيه الخير، وأن يغلبوا المصالح العامة على المصالح الخاصة وألا يخشوا على وظائفهم في قول كلمة الحق.

الاستعانة بالأجانب غير مؤبدة

من ناحية ثانية، أدلى عضو مجلس بلدي المحرق ممثل الدائرة الخامسة حسين عيسى برأيه قائلاً: «أي إنسان يتغرب عن بلاده بغرض الكسب المشروع فهذا أمر حسن ولا يعاب عليه، ونحن لن ننظر إلى وجود خبراء أو مستشارين قانونيين غير بحرينيين من وجهة نظر دونية، لكن ننظر إليها من زاوية الكفاءة والقدرة على فهم روح القانون الذي شرع من أجله، وعليه فإن نموذج الأزمة التي حصلت بين المجالس والوزارة يعطي انطباعاً بأن على الوزارات السعي إلى الاستفادة من الخبرات القانونية المؤهلة في المملكة للاستفادة منهم في مجال القانون والاستشارة، ومن ثم فإن الاستعانة بالخبراء الأجانب بصفة استشاريين قانونيين يجب ألا تكون مؤبدة أو مطلقة فلابد أن تكون محددة بوقت أو بنطاق معين من أجل إعطاء الكفاءة الوطنية مكانتها التي تستحقها والاستفادة منها في خدمة الوطن».

وأردف «التجربة البلدية في البحرين لم تكن وليدة الساعة، وإنما امتدت إلى أربع سنوات فأعطت انطباعاً عن طبيعة الاستشارات التي يقدمها الخبراء غير البحرينيين إلى الجهات المختلفة، وهو ما يعبر عنه بعض الأعضاء البلديين بأن المستشار خياط يفصل للجهة المستشيرة ما تشاء من المقاسات، وعليه أتمنى أن ما حدث لا يكون سوى سحابة صيف وليس أمطار صيف (وهي الحملة التي يشنها حالياً العدو الصهيوني على العزل في لبنان وفلسطين)، إذ أثبتت الأزمة الأخيرة القدرة التي يتمتع بها وزير البلديات على امتصاص الأزمات والتصرف بحكمة في مثل هذه المواقف».

أكثر من فتوى لقانون واحد

وفي السياق نفسه، نبه رئيس لجنة الإعلام والعلاقات العامة وممثل الدائرة الثانية في مجلس بلدي المحرق صلاح الجودر، إلى معاناته والكثير من البلديين بسبب إصدار المستشارين القانونيين في وزارة شئون البلديات والزراعة أكثر من فتوى قانونية لمواد القانون على رغم أنهم يعملون في وزارة واحدة، ما خلق الكثير من المشكلات، نظراً إلى أن فتواهم كانت في الغالب تميل إلى ما تراه الوزارة مناسباً وليس المجالس البلدية، معتقداً أن ما جرى ربما يكون سحابة صيف، لكن ما سيأتي سيكون أسوأ في ظل وجود هؤلاء المستشارين، وعليه يجب التفكير في إحلال البحرينيين القانونيين محل الأجانب

العدد 1419 - الثلثاء 25 يوليو 2006م الموافق 28 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً