العدد 1501 - الأحد 15 أكتوبر 2006م الموافق 22 رمضان 1427هـ

أطباق تقنية

كم طبقاً رمضانياً تناولته خلال الأيام التي مضت من الشهر الكريم؟ هل سألت نفسك عن عددها وعن مكوناتها وعن مدى ملاءمتها لجسمك صحياً؟ إذا كانت هناك أطباق يقتصر تناولها في شهر رمضان فإنه في المقابل هناك أطباق تقنية يتم تناولها يومياً في شهر رمضان أو غيره من الشهور صباحاً ومساءً وفي غالبية الأوقات.

إنها الأطباق التي أفرزتها التقنية، فمن الصباح الباكر فإن غالبية أعمالنا لا تسير على ما يرام إذا تناسينا وجود الحاسوب داخل مكاتبنا، فالحاسب حسّن كثيراً من الأداء الوظيفي في مختلف قطاعات الإنتاج وأتاح تجنب الهدر وزيادة الكفاءة، وتلاشت مشكلات روتين العمل وملل التكرار، وتحققت سرعة الأداء وكفاءته في كل ما يتاح معالجته بالحاسوب بدل اليد البشرية والوسائل الميكانيكية، وأحدثت وسائل استخدام تقنية المعلومات في مجال التدريس ثورة حقيقية من حيث المحتوى والأداء، وخدم الحاسوب فئات معينة تعاني من صعوبة الاندماج في المجتمع كالمعوقين والكفيفين.

وإلى جانب هذا الطبق الغني بالفائدة فإن هناك طبقاً آخر صنعته التقنية تمثل في غروب شمس الصناعات التقليدية، والاتجاه إلى الشخصية، وإساءة استخدام البيانات، وتهديد الخصوصية، واختراق امن التقنية ذاتها، وتهديد سرية الأنظمة والمشروعات والسيطرة المعلوماتية، واستراتيجيات التحكم بالشعوب النامية، وكذلك تيسر عمليات الحصول على المواد الإباحية والمتوافرة بكثرة على شبكات الإنترنت، كما أتاحت التقنية سلوكيات إجرامية جديدة تستهدف حقوق الأفراد والمؤسسات ومصالحها، ووفرت وسائل بسيطة وفاعلة للمجرمين لارتكاب أفعال كان يصعب عليهم ارتكابها في العالم الحقيقي، فالتجسس أمسى يسيراً في ظل القدرة على اختراق نظم المعلومات التي تعد مخازن للأسرار والوثائق في عصر الاعتماد على التقنية، وأصبح النيل من اعتبار الأشخاص وكرامتهم أمراً يسيراً حين يرسل شخص رسالة بريد الكتروني أو رسالة هاتفية تتضمن أحقاداً أو مواقف دنيئة فينسبها الى مصدرها لتصل إلى آلاف الأشخاص والمؤسسات من دون علم من نسبت إليه أو ربما معرفته بالكمبيوتر واستخداماته.

إننا في عصر باتت معظم معاملاتنا إلكترونياً فأصبحنا نبيع ونشتري ما يحلو لنا بنقود إلكترونية، ونرتاد المكاتب ونحن في منازلنا، بل نلعب ونذاكر مع أصدقائنا عبر شاشات حواسيبنا، ولكن الكثير منا أيضاً يعكر صفو عالم التقنية الوردي فينهم من الأطباق التقنية التي لا تغني ولا تسمن من جوع بل يقوم بصنعها، فإذا كان الخلل من النفس البشرية في صنع مثل هذه الأطباق السيئة فهل سيكون للتقنية دور في تغيير الأنفس الشريرة التي تعمد الى صناعة الأطباق المرة؟

محرر كمبيونت

العدد 1501 - الأحد 15 أكتوبر 2006م الموافق 22 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً