وصرحت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أمام البرلمان الألماني، بالقول: «مهمتنا اليوم هي تعويض ما لم يحدث (عندما تم إنشاء اليورو)، ووضع حدّ لهذه الحلقة المفرغة من الديون الأبدية وعدم الامتثال للقواعد». وهنا بدأ بعض النقاد يتحدّثون بالفعل عن «رايخ» رابع.
فإذا حقق الاتحاد الأوروبي «القفزة الاتحادية» وتحرك نحو إتحاد سياسي، عندئذ سيتعيّن على كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي التخلي عن أجزاء كبيرة من سيادتها الوطنية. وبعد ذلك، ستكون هيئة مركزية اتحادية قادرة على التدخل مباشرة في الموازنات والضرائب في كل دولة، من أجل فرض الامتثال للاتفاقات.
كيف ستكون العديد من الدول على استعداد للتخلي عن مثل هذا القدر من سيادتها الوطنية؟ سيصبح التخلي عن عناصر السيادة أمراً لا مفر منه في مشروع تكامل سياسي مثل مشروع الإتحاد الأوروبي؛ إلا أن هناك فرقاً كبيراً بين الفيدرالية والاستعمار الجديد.
هذا الواقع، واقع فقدان السيادة الوطنية، أصبح أمراً فعلياً في تلك الدول التي تعرضت لعمليات الإنقاذ، كإسبانيا وغيرها.
فقد أكد وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله - في تناقض مع رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي - أن «الترويكا» (البنك المركزي الأوروبي، والمفوضية الأوروبية، وصندوق النقد الدولي) ستشرف على إعادة هيكلة بنك إسبانيا.
وستنظم «الترويكا» أيضاً سياسة إسبانيا المالية والاقتصادية الكلية ضماناً لاستمرار فرض الإصلاحات وتقليص الإنفاق والخدمات، وضمن أولوية سداد البنوك الإسبانية مدفوعاتها إلى البنك المركزي الأوروبي (الألماني في غالبه).
لا يمكن إنكار أن إسبانيا، منذ يونيو/ حزيران 2012، قد شهدت قدراً أقل من الحرية وقدراً أقل أيضاً من السيادة على نظامها المالي؛ بل وقدراً أقل على سيادتها الضريبية. كل هذا من دون أي ضمان بأن الأزمة ستنتهي.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو: إذا كانت سادية سياسات «التقشف حتى الموت» غير مجدية، فلماذا إطالتها؟ لأن الرأسمالية مضت قدماً مرة أخرى وشنّت هجوماً مع هدف واضح: القضاء على البرامج الاجتماعية لدولة الرفاء الاجتماعي التي تم تنفيذها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية والتي تعتبر أوروبا اليوم الملاذ الأخير لها.
لكن مثل هذا الهجوم والمضيّ قدماً ربما يقتضي توخي الحذر؛ فالشعوب بدأت تقلق بالفعل وتتذمّر.
إغناسيو راموني
وكالة إنتر بريس سيرفس
العدد 3601 - الإثنين 16 يوليو 2012م الموافق 26 شعبان 1433هـ