على رغم كون «الرجل الأذكى في أوروبا» ثرياً، إلا أن الجوانب المادية ليست هي ما يسيطر على اهتماماته، بل تثيره مهمة التعرف على المشكلة، والتمكّن من إيجاد حل ناجح لها. وفي العقد التاسع من عمره، إنني أجد في هذا الرجل مصدر إلهام. وقد سافرت للقائه بعد إعلان نتائج الانتخابات اليونانية لاستطلاع آرائه وتوقعاته إزاء تطورات الأوضاع المالية العالمية، فغادرت مكتبه مبهوراً، لكن مع تبدد شعوري بالتفاؤل.

بدأ حديثه قائلاً: «أقترح أن يكون عنوان مقالك (الرقص حول نيران الجحيم)، فلطالما أخبرتك أن تراكم الديون سيؤدي إلى نهاية دول العالم المتقدم، بينما كنت تجيبني أن آرائي متطرفة. أنت متفائل ولكنني واقعي. نعتقد أننا نواجه مشاكل صعبة وأن صانعي السياسات سيتجنبون حدوث الكارثة، وقد كنت مصيباً حتى الآن. فالاقتصادات المتطورة والأسواق المتقدمة تمكنت من مسايرة الوضع دون أن تكسب أو تخسر نقود المستثمرين رغم التحديات. لكن الإجراءات المؤقتة لتجنب الكارثة لم تكن كافية حتى الآن. لن تقع الكارثة غداً، لكن الأحداث المؤدية لها بدأت تتشكل».

ومضى «المشكلة الأساسية تكمن في تفكير المستثمرين: فهم لا يرون الصورة الكاملة وكيف وصل بنا الأمر إلى هذا الوضع وأين قد ينتهي بنا المطاف. تطالب شعوب الدول الديمقراطية حكوماتها بإجراء المزيد دون فرض الضرائب عليهم. ويتم انتخاب السياسيين بناء على وعودهم بتقديم المزايا والتعويضات، بدلاً من سعيهم لزيادة الإيرادات تجنباً لارتفاع الديون. يجب أن يكون النمو الحقيقي في الدول المتقدمة مساوياً لزيادة السكان زائد الإنتاجية، وهو ما يعادل 2 في المئة في أوروبا والولايات المتحدة، لكن الناس هناك يطالبون بنمو اقتصادي أكبر، ولهذا قدمت الحكومات حزم تحفيز مالي لتحقق نموٍّ أسرع، متكبدة الكثير من الديون لتنفيذها. كل شيء على ما يرام لأن تكلفة الديون لأجل عشر سنوات لم تتجاوز معدل النمو الاسمي، وعندما تتجاوزها تصبح تكلفة خدمة الديون عبئاً غير مبرر، كما هو الحال الآن في إسبانيا وإيطاليا. لكن الولايات المتحدة لم تبلغ تلك المرحلة بعد».

وأضاف «تدرك الحكومات الغارقة في مشكلاتها أنها لا تستطيع تحقيق النمو من خلال الحوافز المالية - فكل ما تفعله هو تعقيد مشكلة الديون وتعميقها. ولا يمكن للحكومات المخاطرة بدخول مرحلة ركود قد تؤدي إلى التخلص من التزامات الديون الموروثة، فذلك سيمنعها من الحصول على القروض مستقبلاً».

بايرون وين

نائب رئيس مجلس الإدارة، مجموعة بلاك ستون للاستشارات