العدد 3628 - الأحد 12 أغسطس 2012م الموافق 24 رمضان 1433هـ

أنباء استئناف بناء جدار العزل الإسرائيلي تثير القلق الفلسطيني

أبدت المجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية قلقها بشأن الأنباء المنتشرة على نطاق واسع بشأن استئناف إسرائيل لبناء «الجدار العازل» بعد توقف دام خمس سنوات. فقال رئيس بلدية بتير، أكرم بدر، وهو مجتمع فلسطيني يقع مباشرةً خارج الخط الأخضر، جنوب شرق القدس: «إن بناء الجدار عبر هذه المنطقة جريمة وستكون كارثة»، لافتاً إلى المسار المخطط له في مكان قريب بمحاذاة خطوط السكك الحديد.

وتجدر الإشارة إلى أن بتير هو موقع لنظام ري قديم يوفر المياه العذبة لأغراض الزراعة المزدهرة في هذا المجتمع منذ عدة قرون. يتدفق الماء إلى الأسفل من بركة رومانية قديمة ويتساقط من مصطبة إلى أخرى، ثم يتوزع على الأراضي الزراعية من خلال قنوات عدة.

وقال غياث ناصر، المحامي الذي يتولى قضية بتير ضد مسار الجدار المخطط له: «ستنهار المصاطب إذا تم بناء الجدار عبرها كما هو مخطط له». وتجدر الإشارة إلى أن حوالى 62 في المئة من الجدار الذي يبلغ طوله 708 كيلومترات قد اكتمل بالفعل، في حين أن 8 في المئة أخرى ما زالت قيد الإنشاء، ويتم التخطيط لبناء 30 في المئة أخرى، ولكن لم يتم الشروع فيها حتى الآن. وقد عزل الجدار حتى الآن 150 مجتمعاً عن أراضيهم، وقد بات حوالى 7,500 فلسطيني عالقين بين الخط الأخضر والجدار، وهم بحاجة إلى تصاريح خاصة لكي يسمح لهم بالبقاء في ديارهم، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا).

وفي العام 2004، دعا الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية إسرائيل إلى وقف بناء الجدار، وتفكيك أو إعادة مسار الأقسام التي أنجزت بالفعل، وإلغاء نظام البوابات والتصاريح. كما حث قرار اعتمدته الدورة 36 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، التي عقدت مؤخراً، جميع الأطراف على الحفاظ على مدرجات بتير الخلابة، وهي موقع من «التراث الثقافي والطبيعي الفلسطيني»، بينما تزعم إسرائيل أن الجدار ضروري لأسباب أمنية.

ماذا في المستقبل؟

توقف بناء الجدار نتيجةً للمشاكل المالية والطعون القانونية التي تقدّم بها المجتمع المدني الإسرائيلي والفلسطيني ضد المسار المخطط له. وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إنه قد يتم استئناف البناء بعد الحصول على الإذن اللازم من جانب كل من محكمة العدل العليا ولجان وزارة المالية التي تتولى مصادرة الأراضي على طول مسار الجدار. ومن المتوقع أن يستأنف العمل في بناء الجدار في المناطق المحيطة بالقدس وبيت لحم أولاً، ولا سيما حول كتلة مستوطنات غوش عتصيون، حيث تقع بلدة بتير.

تأثير تقسيم أرض بتير ببناء الجدار

هذا ومن الصعب تقدير العدد الدقيق للمجتمعات التي ستتأثر بمجرد استئناف عملية البناء لأن الإجراءات القانونية لا تزال جارية لتحديد المسار النهائي. ومع ذلك، فإن مكتب تنسيق الشئون الإنسانية توقع أن يتضرر 50 تجمعاً سكانياً فلسطينياً على الأقل بجوار أجزاء من الجدار لم يبدأ بناؤها بعد، وهذا يعني إما عزل الأراضي أو الموارد المائية، أو جعل المجتمع بأكمله معزولاً عن المناطق المحيطة به.

تحدي الجدار

وفي حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية، قالت المتحدثة باسم منظمة بتسيلم الإسرائيلية، ساريت ميخائيلي، وهي منظمة غير حكومية: «إن الجدار حول بتير يمر فوق الخط الأخضر، ولذلك من غير المنتظر أن تواجه إسرائيل مشاكل قانونية (تعيق استئناف البناء هناك). ومع ذلك، سيكون أثره على المجتمع وخيماً، لا سيما وأنه ينطوي على خسارة موقع تاريخي».

وأشار ناصر إلى أن «الحل بسيط ويكمن في بناء الجدار على الجانب الإسرائيلي من خط السكك الحديد»، ما يسمح لأهالي القرية باستمرار الوصول إلى حوالى 300 هكتار من الأراضي المستخدمة في الزراعة الضرورية لكسب عيشهم.

وفي هذا الإطار، قالت امرأة مسنة بينما كانت تقطف النعناع من أرض عائلتها على الجانب الإسرائيلي من خط السكك الحديد: «أعرف أن هذا لن يجعلني غنية، ولكنني أريد بيع الخضار في القدس مرة واحدة كل أسبوع. فهذا هو مصدر دخلي».

وقد تم توثيق أثر الجدار على المزارعين على نطاق واسع، وتشير تقارير «الأونروا» إلى أنه عادة ما يوجه المزارعون المتضررون من الجدار انخفاضاً في محاصيلهم السنوية بنسب تصل إلى 60 في المئة. وغالباً ما يصاحب تقديم الشكاوى القانونية، مثل تلك الخاصة بقرية بتير، تنظيم احتجاجات شعبية في قرى أخرى، الأمر الذي نجح في قرى مثل بدرس وبلعين بتغيير مسار الجدار. وأكد بدر: «نريد حل هذه المسألة بطريقة سلمية، في المحاكم». وأضاف قائلاً «إذا قسّمتَ أرض بتير ببناء جدار، ستدمر السلام والتراث الثقافي واقتصادنا».

الدعم الشعبي للحاجز

عندما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، أرييل شارون عن خطة لبناء الجدار العازل في الضفة الغربية في العام 2002، لقيت الخطة تأييداً واسعاً كرد على موجة من التفجيرات الانتحارية التي قام بها الفلسطينيون ضد المدنيين الإسرائيليين خلال الانتفاضة الثانية. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2003، أيد 83 في المئة من الإسرائيليين اليهود الذين شملهم استطلاع للرأي بناء الجدار، وفقاً لمؤشر السلام، وهو مسح مستمر يستطلع رأي الإسرائيليين بشأن القضايا المتعلقة بالصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.

ويبقى الأمن هو السبب الرئيسي في تأييد الحكومة الإسرائيلية لبناء الجدار. فذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية، جوش هانتمان، في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية أنه «تم بناء السور لأسباب أمنية فقط، وقبل ظهور الإرهاب، لم يكن هناك سور. كان هذا مجرد رد فعل ضد الإرهاب». ومن جانبها، قالت داليا شيندلين، محللة وخبيرة في الرأي العام الإسرائيلي: «ما زالت الغالبية تعتقد أن الجدار هو المسئول عن التحسن في الوضع الأمني، وليس الخطوات المتخذة من قبل الفلسطينيين»، ولكن الإسرائيليين يؤيدون أيضاً الجدار لأسباب أخرى. وأضافت أن «الإسرائيليين (اليهود) ما زالوا يشعرون أن هذا الفصل هو السبيل الوحيد لإقامة حياة عادية هنا».

ووجد الاستطلاع الأخير الذي أجرته شيندلين في العام 2007 أن 59 في المئة من الإسرائيليين اليهود يعتقدون أن الجدار قد حسن الوضع الأمني، ولكن 31 في المئة قالوا إن الجدار يجعل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للفلسطينيين، وقد يؤدي إلى تدهور الوضع الأمني في نهاية المطاف. وفي حين أن الحكومة الإسرائيلية سلطت الضوء في الماضي على مقولة إن الجدار قلل بشكل كبير من الهجمات الفلسطينية داخل إسرائيل، أشارت تقارير وسائل الإعلام ومكتب تنسيق الشئون الإنسانية إلى أن حوالى 1,500 فلسطيني دخلوا إسرائيل يومياً بدون تصاريح في العام 2011، ما يشير إلى أن هناك عوامل أخرى تساهم في الحد من العنف.

وحتى كبير مهندسي الجيش الإسرائيلي الذي يخطط مسار الجدار، داني تيرزا، قال مؤخراً إن الحد من الهجمات واستعادة الشعور بالأمن في إسرائيل لا يجب أن يعزى فقط إلى الجدار العازل، بل «تم تحقيقه من خلال تضافر جهود جميع الأطراف المعنية».

العدد 3628 - الأحد 12 أغسطس 2012م الموافق 24 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:11 ص

      الجيش الحر

      الجيش الحر سيحرر فلسطين بمساعدة الجيش الامريكى وباشراف الجامعه العربيه

اقرأ ايضاً