العدد 3661 - الجمعة 14 سبتمبر 2012م الموافق 27 شوال 1433هـ

منطقة اليورو تتقدم في طريق مليء بالعقبات

أزالت أوروبا مزيداً من العقبات على طريق احتواء أزمة الديون السيادية، وتحقيق الاستقرار بمنطقة اليورو بعدما وافقت المحكمة الدستورية الألمانية على صندوق إنقاذ دائم وصوت الهولنديون لصالح أحزاب مؤيدة للوحدة الأوروبية.

وبالإضافة إلى قرار البنك المركزي الأوروبي شراء السندات قصيرة الأجل للدول التي تطلب مساعدة وتلتزم بشروطها الصارمة، ومقترحات أوروبية بتوحيد الرقابة على القطاع المصرفي بمنطقة اليورو، فإن الحكم الصادر يوم الأربعاء الماضي يمهد الطريق لجهد منسق لوضع حد للأزمة.

ولا تزال هناك مخاطر على الطريق نحو إصلاح هيكل اليورو المليء بالثغرات ، ومازالت أوروبا لم تتوصل بعد لإستراتيجية لإنعاش النمو الاقتصادي تمكن الدول المثقلة بالديون من تخفيف أعباء الدين، وتوفير فرص العمل للعاطلين.

ومن بين الدول التي حصلت على مساعدات إنقاذ، تتلمس ايرلندا طريق عودتها إلى أسواق رأس المال، وتطبق البرتغال بقوة برنامج تقشف صارماً، وحصلت لتوها على عام إضافي لتحقيق أهدافها المالية.

وتظل اليونان التي بدأت منها الأزمة استثناء للشعور العام بالتفاؤل الحذر، لكن الحديث عن إخراج أثينا من منطقة اليورو توقف في الوقت الحالي.

وقال وزير الشئون الأوروبية الفنلندي ألكسندر ستاب «بالنظر إلى الأسابيع القليلة المقبلة أرى أن هناك ضوءاً في آخر النفق».

وعزا تفاؤله إلى قرار الأسبوع الماضي من المركزي الأوروبي، بالإضافة إلى الاتحاد المصرفي المزمع، وقرار المحكمة الألمانية، وانتصار الأحزاب الموالية للوحدة الأوروبية في الانتخابات العامة الهولندية.

وقال ستاب «لو سارت الأمور على ما يرام في الأسابيع القليلة القادمة، فسنكون قد بدأنا صفحة جديدة.»

وأظهر حماس السوق بعد الحكم الألماني وصعود السندات الإسبانية والاإيطالية والأسهم وتسجيل اليورو أعلى مستوياته في أربعة أشهر، أن كثيراً من المستثمرين يعتقدون أن منطقة اليورو بدأت أخيراً السيطرة على الأزمة.

والعقبة التالية هي إسبانيا. يتعرض رئيس الوزراء ماريانو راخوي لضغط ليطلب برنامج مساعدة محدوداً، بما يتيح لصندوق الإنقاذ شراء السندات الإسبانية عند صدورها، وللبنك المركزي الأوروبي التدخل لخفض تكاليف الاقتراض قصيرة الأجل، مع استمرار إسبانيا في أسواق رأس المال.

وأخذ راخوي خطوة أخرى هذا الأسبوع حينما قال إنه يدرس طلب مساعدة من المركزي الأوروبي، ولن يعترض على تدخل صندوق النقد الدولي في الرقابة على المالية العامة لمدريد.

وسواء لأسباب تكتيكية أم لاعتبارات الكبرياء الوطني أو خوفاً من العواقب السياسية فهو يؤخر تقديم مثل هذا الطلب، ربما على أمل أن يتجاوز الانتخابات الإقليمية في 21 أكتوبر/ تشرين الأول، وعقبة تمويلية في أواخر أكتوبر بدون مساعدة خارجية.

ويقاوم راخوي ضغط ألمانيا لوضع شروط إضافية متعلقة بالسياسة المالية لأي برنامج مساعدة، رافضاً فكرة خفض معاشات التقاعد، وهي عقبة رئيسية أمام المالية العامة الإسبانية.

ولم يعد من المتوقع انهيار منطقة اليورو قريباً بعدما أعلن المركزي الأوروبي أنه سيشتري سندات الحكومات المتعثرة شريطة أن تحافظ على الانضباط المالي وتنفذ إصلاحات اقتصادية.

وقال الخبير الاقتصادي في جامعة نيويورك نورييل روبيني إن البنك المركزي الأوروبي يتيح الوقت للساسة لإصلاح عيوب تصميم اليورو.

ومعظم المتشائمين الآن هم من حماة السياسة التقليدية للبنك المركزي الألماني الذين يخشون أن تؤدي استراتيجية الإنقاذ إلى مخاطر أخلاقية، وتسيب في السياسة المالية، وارتفاع التضخم، وانهيار اليورو في نهاية المطاف، وليسوا من منتقدي العملة الموحدة الانجلوساكسونيين.

وقال كبير الاقتصاديين في كومرتس بنك يورج كريمر «سيكون لدينا اتحاد في الالتزامات وهو ما سيغير شخصية الاتحاد النقدي ليصبح وحدة نقدية على النظام الإيطالي. سيكون هناك نقاط تشابه بينه وبين إيطاليا السبعينيات والثمانينيات». وهذا تصريح يعكس وجهة نظر الكثيرين في المؤسسة المالية الألمانية المتحفظة.

ووقف البنك المركزي الألماني وحيداً في معارضة قرار المركزي الأوروبي بشراء السندات، ورددت وسائل الإعلام الألمانية انتقاداته على نطاق واسع.

لكن أحد دروس الأسبوع الماضي هو أن أصحاب الانتقادات الحادة فشلوا في التأثير، سواء على المستشارة الألمانية ميركل التي أيدت المركزي الأوروبي بقوة، أو قضاة المحكمة الدستورية وهم أعلى جهة رقابية في ألمانيا.

ويتزايد التأييد فيما يبدو للوحدة الأوروبية داخل المؤسسة السياسية في برلين رغم تحذيرات شديدة من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي بولاية بافاريا حليف ميركل الذي يخشى من رد فعل الناخبين في الانتخابات المقبلة بالولاية.

ويدعم حزبا المعارضة الديمقراطي الاشتراكي والخضر توثيق الاتحاد المالي والاقتصادي الأوروبي، بما في ذلك إصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو في نهاية المطاف، وهو ما يتيح لميركل شريكاً بديلاً محتملاً في الائتلاف بعد الانتخابات العامة بألمانيا العام المقبل.

وربما شجع ذلك رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو المتحفظ عادة على الدعوة في خطاب له إلى قاعدة سيادية أوسع نطاقاً للانتقال إلى اتحاد ديمقراطي للدول. إلا أن فكرة التكامل السياسي لا تحظى بتأييد شعبي في كثير من الدول مثل فرنسا وهولندا التي صوتت بالرفض في استفتاءات على دستور أوروبي في 2005.

وهناك عقبات أخرى أمام التوصل لحل سلس لأزمة منطقة اليورو مثل فشل اليونان المتكرر في تحقيق الإصلاح المالي والاقتصادي المستهدف إلا أنه لا يوجد ما يدل على أن الاتحاد الأوروبي أو صندوق النقد يستعدان لقطع المساعدات عن أثينا، بالإضافة إلى المشاكل المالية التي تواجهها قبرص وسلوفينيا. ويخشى الاقتصاديون أيضاً أن تخفق فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا والمساهم المهم في صندوق الإنقاذ في خفض الإنفاق العام أو بدء إصلاحات اقتصادية هيكلية بدأت بالفعل في دول أخرى بمنطقة اليورو.

العدد 3661 - الجمعة 14 سبتمبر 2012م الموافق 27 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً