شهد اقتصاد قطر نمواً قوياً كما ازداد التفاؤل للإمكانات الاقتصادية الكبيرة التي يحظي بها اقتصادها، ولكن على رغم ذلك، لم تكن قطر محصّنة من تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية، وقد انخفض بالتالي الناتج الاقتصادي. ففي العام 2009، انخفضت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 12 في المئة مقارنة بنسبة نمو بلغت 17 في المئة على أساس سنوي في العام 2008، وجاء الانخفاض الأكبر من القطاع العقاري؛ إذ انخفضت أسعار العقارات التجارية بين عامي 2009 و2010 بمعدّلات فاقت 25 في المئة على أساس سنوي في حين تقلصّت أسعار تأجير العقارات السكنية بأكثر من ثلثها، وواصلت أيضاً نسبة الإشغال بالانخفاض وتباطأت كذلك المبيعات العقارية. وتأثرت ثقة المستثمرين بسبب موجة الانخفاضات في أسواق الأسهم العالمية التي انعكست سلباً على ثرواتهم؛ ما أدّى إلى تباطؤ الاستهلاك في كل قطاعات الاقتصاد القطري. وفي القطاع المصرفي، كانت البنوك مترددة في الإقراض، وتباطأت مشاريع التطوير العقاري. وأثر تراجع القطاع العقاري بشكل كبير على مؤشر أسعار المستهلك الذي يقيس متوسط كلفة معيشة واستهلاك الفرد الواحد. ومقارنة بانخفاض نسبة نمو أسعار الغذاء إلى 1.2 في المئة سنوياً وانخفاض نسبة نمو أسعار الملابس لتصل إلى -4.5 في المئة على أساس سنوي، كان الانخفاض في نمو الإيجارات وأسعار العقار صاعقاً؛ إذ بلغ 12 في المئة في 2009 و12.7 في المئة في 2010، حتى وبعد انتعاش أسعار الغذاء. ومع انخفاض الطلب وارتفاع العرض في سوق العقار، انكمشت الأسعار طوال عامين متتالين.

ولكن هذا التوجّه تغيّر في العام 2011 حين عادت الأسعار أخيراً إلى الارتفاع بفضل المحفزات المختلفة التي وضعتها الحكومة القطرية، أولها الزيادات الكبيرة في رواتب القطريين العاملين في القطاع الحكومي، وتضاعف الإنفاق في البنية التحتية لإنتاج الغاز الطبيعي لزيادة قدرة هذا القطاع، بالإضافة إلى إطلاق العديد من المشاريع التنموية الأخرى. وفي الوقت ذاته، انتعشت أيضاً أسعار السلع العالمية، وتحسّنت الهجرة؛ ما أدّى إلى ارتفاع الأسعار بشكل أكبر.

فاطمة عكاشة

محللة اقتصادية - «الكويتية الصينية الاستثمارية»