قالت المنسق العام لمبادرة «البحرين وطن يجمعنا» هدى المحمود إن «القائمين على المبادرة يأملون أن يرتفع عدد المؤسسات الأهلية المشاركة فيها من 19 حاليّاً، إلى 50 من بين 350 مؤسسة مجتمع مدني تنشط في البحرين».
وأوضحت المحمود في ندوة أقيمت في نادي الخريجين مساء السبت (17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012) أن «المبادرة ليست لها علاقة بالشق السياسي، علاقتنا بالنسيج المجتمعي المتداخل، فلدينا تقريباً في كل بيت في البحرين أسر متمازجة».
وذكرت أن «المبادرة ابتدأت بحلم وفكرة أساسية، بدأتها جمعية الاجتماعيين البحرينية، لكنها لم تستطع الاجتماع في البداية بسبب الأجواء الأمنية السائدة وقتها، ثم في (فبراير/ شباط 2012)، كانت هناك لقاءات وترحيب من قبل بعض الجهات الأهلية وعلى رأسها الجمعيات النسائية حيث إن أهداف هذه الجمعيات تتوافق مع هذه المبادئ، كما لقينا دعماً من جمعية الاجتماعيين الخليجية».
وأشارت إلى أن «المبادرة تهدف إلى استقطاب المزيد من مؤسسات المجتمع المدني لما تشكله من منظمات أهلية مؤهلة أكثر من غيرها، بحكم تركيبتها وأهدافها، لأنها تؤسس تياراً واسعاً وذا مصداقية وقدرة على التصدي لكل محاولات زعزعة السلم الاجتماعي، مبينة أن جميع المبادرات التي أطلقت سابقاً كانت تطلق مبادرات أهلية من قبِل مواطنين لا يمثلون إلا أنفسهم ويشعرون بحس المسئولية تجاه الوطن».
وتابعت «بدأنا بعشر مؤسسات أهلية وانتهينا الآن بـ 19 مؤسسة حاليّاً، ونأمل انضمام 50 جهة أهلية لهذه المبادرة، إذ إن هناك 350 مؤسسة مجتمع مدني موجودة في البحرين».
وشددت «نحن ليست لنا علاقة بالشق السياسي، علاقتنا بالنسيج المجتمعي المتداخل، لدينا كل بيت في البحرين تقريباً أسر متمازجة، وبالتالي هذا النسيج المتداخل هو هدف مبادرتنا».
وأوضحت أن «مبادئ البحرين يجمعنا تتمحور حول ترشيد مفهوم الانتماء والمواطنة وإشاعة روح الأخوة والمحبة بين أبناء الوطن الواحد، إلى جانب تعزيز روح التعايش السلمي وثقافة وقيم التسامح بين مكونات المجتمع، إضافة إلى توجيه طاقات مؤسسات المجتمع المدني نحو ممارسة دورها الوطني في دعم الوحدة ومحاربة كل أسباب ووسائل التفرقة والإقصاء والتمييز».
وواصلت المحمود «نحن حرصنا في المبادرة على أن نضم المبادرات الأهلية لنا، كمبادرة اللقاء الاجتماعي التي تضم المنطقة الشمالية، وقمنا بدعم نشاطهم الفردي بجهود مؤسساتية، وما نود تأكيده هو أنه لا أحد يمكنه أن يعلم الناس الحب والانتماء، لذلك حرصنا على إعداد وتنفيذ أنشطة تشجع الناس على إظهار تسامحهم».
وأردفت «قمنا بعدة فعاليات؛ منها فعالية مشي في مدينة عيسى، وشاركنا في ندوة الـ Undp عن العنف، كما ذهبنا إلى مأتم في البلاد القديم ونعتبر هذه الفعالية من أهم فعالياتنا، حيث وجدنا أن مبادرتنا دخلت قلوب الناس، كما ذهبنا إلى مجلس رئيس كتلة البحرين النيابية أحمد الساعاتي، ومجلس الدوي في المحرق».
وبيّنت المحمود أن «هناك مشاريع مستقبلية ستقوم بها مبادرة، إذ سيتم تنظيم لقاءات مع المجالس الأهلية في مختلف مناطق البحرين ومن ضمنها جزيرة سترة التي تلقينا دعوة كريمة من الأهالي لزيارتها، كما سيتم تنظيم لقاءات وبرامج للأسر المختلطة في مختلف مناطق البحرين، مع تنظيم لقاءات شبابية حوارية، وإقامة معرض فني لرسومات المبادرة ورسومات في حب البحرين، وتنظيم فعاليات مجتمعية مشتركة مع مؤسسات المجتمع المدني».
من جانبه، ألقى مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام في الخليج العربي، نجيب فريجي كلمة خلال الفعالية، قال فيها: «ألتقي بكم بعد يوم واحد من اليوم العالمي للتسامح، ويسعدني أن أنقل لكم تحيات الأمين العام للأمم المتحدة، كما أقتبس كلمته بمناسبة هذا اليوم العالمي لألقيها أمامكم».
وأضاف فريجي «قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن إشاعة التسامح والتفاهم أمر أساسي للقرن الحادي والعشرين. والتسامح خصلة لا غنى عنها للعيش المشترك في عالم اليوم الذي يزداد اتساماً بطابع العولمة ويزداد فيه التنوع داخل المجتمعات.
وأضاف «العالم يغدو الآن على المحك، ففي مواجهة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، يستغل البعض المخاوف ويبرزون الاختلافات لتأجيج نيران الكراهية للأقليات والمهاجرين والمحرومين، ولمكافحة تصاعد الجهل والتطرف والدعوات السياسية القائمة على الكراهية؛ يتعين على الأغلبية المعتدلة أن تُجاهر بتأييدها للقيم المشتركة ورفضها لكل أشكال التمييز».
وأشار إلى أن «الغاية هي أنه يجب عدم التوقف عند مجرد التعايش السلمي. فالتسامح الحق يتطلب انسياب الأفكار بحرية وحصول الجميع على تعليم عالي الجودة واحترام حقوق الإنسان وتقاسم الثقافات من أجل إشاعة التفاهم. دعونا ونحن نسعى إلى إعلاء هذه القيم أن نستمد القوة والرشاد من الإعلان العالمي المتعلق بالتنوع الثقافي الصادر عن اليونسكو».
وأكد أن «التسامح شرط للسلام ومحرك للإبداع والابتكار في آن معاً. ففي عالمنا الذي يزداد ترابطاً بصورة مطردة، تشكل إشاعة التسامح السبيل لنشر الوئام الذي نحتاج إليه لمواجهة التحديات الملحة وتأمين مستقبل أفضل».
من جهته؛ قال الكاتب الصحافي غسان الشهابي: «في السنوات الأخيرة راج مصطلح التسامح كثيراً مرتبطاً بالسياسة، لكن العالم اليوم لا يرفض التجاوزات التي تضر بالتسامح حتى لو خالفت السياسة، فقط بل يمقت هذه الممارسات أيضاً».
وتابع «لم يشهد التاريخ أن حكماً دام خالداً أو حكماً امتد به الزمان، أي أن الزمان ينقلب، وهنا تأتي دائرة الانفلاتات، وهذا يقودنا إلى أهمية التسامح.
وواصل «سيكون مخطئاً من يقول إن التسامح معناه نهاية الصراع، فقد جبلت البشرية على الصراع، فهناك عصبيات وهويات مختلفة، فالتنوع البشري يؤدي إلى الغنى، ولابد أن يدوم هذا الصراع في إطار عقلاني».
ولفت إلى أن «إقفال الأبواب أمام الآخرين يعد من أشكال عدم التسامح، توهم احتكار الصواب لدى فئة من البشر يؤدي إلى رفض الرأي الآخر، علينا أن نتذكر أن آراءنا تفعل الفعل نفسه في الآخر، لذلك علينا أن نعطي الحق ذاته إلى الآخرين في التعبير عن أنفسهم».
وأكمل الشهابي «لو عاد المختلفون إلى أسس الخلاف لوجدوه أبسط من أن تدفع عليه كل هذه النفقات، هناك قلة من العقلاء يتوقفون عند الصراعات ليتساءلوا ما الذي يجري».
وشدد على أن «ما مررنا به في البحرين يشير إلى غياب ثقافة التسامح مع الاختلافات، وهذا ما نراه في التعامل مع الأحداث، وكيف تعاملت مختلف الجهات معها، وهذا الذي ابتلي به مجتمعنا الصغير».
وأشار إلى أن «المجتمع اختبر هذا الأمر في العام 2001، عندما كانت هناك سماحة في الآراء وقتها، وهذا ما نتج عنه تدافع في الأفكار، ولم يكن خفيّاً ما يطرح في الخطب والمساجد والمآتم وغيرها، ومحاولات إبراز حجم قوة هذا الطرف أو ذاك».
وقرر الشهابي أن «عدم تصدي الجهات الرسمية والأهلية لهذه الممارسات جعلها تكبر، لكن وقفها ليس مستحيلاً إذا وجدت من يحكمها بالقانون الذي ينظم العلاقة بين أفراد المجتمع، لذلك لا يتصور وجود مجتمع من دون قانون، فهو صمام الأمان للمجتمعات، وهو القادر على بسط الطمأنينة على الناس، لينال الناس حقوقهم بالمساواة».
واستدرك «لكن القوانين تنشأ من المجتمعات نفسها، ولا تستوردها، لذلك يجب أن تستوعب جميع الهويات الفرعية، فمهما كانت هناك هويات عامة؛ فان لدينا هويات رديفة، ومتى ما غاب مشروع الهوية الوطنية تتضخم الهويات المقابلة ويضفى عليها كل الطهر والتبجيل، خوفاً من طغيان وهيمنة الآخر».
وتابع الشهابي «الاختلافات لا تحل إلا بالحوار والتسامح، ودون اللجوء إلى القوة والعنف، وهذا يعني أنه يجب إدارة حوار بين الأطراف المختلفة، والحوار لا يكون إلا بالجلوس رغبة في التسامح لأنه الطريق الأكثر عقلنة لتجاوز الأزمات».
وأخيراً ذكر الكاتب عيسى سيار أن «الحاجة إلى التسامح في أن هناك وضعاً يتطلب منا أن نعلو على مشاكلنا، هناك ظلم وغياب للعدالة وفساد، وهي كلها ما يؤدي إلى غياب ثقافة التسامح، وانتشار ثقافة الكراهية، وهذه الثقافة موجودة إن لم يكن فوق الطاولة فتحتها».
وأردف سيار «التسامح يمس حرية التعبير، كما أنه يمنع تمازج المجتمعات، لدينا نموذج جيد في التجربة الماليزية التي يتكون مجتمعها من عدة أعراق وأديان، لكنها مجتمع منصهر، لأن ثقافة التسامح هي الغالبة».
العدد 3726 - الأحد 18 نوفمبر 2012م الموافق 04 محرم 1434هـ