حذر كبير الاقتصاديين في الصندوق الكويتي للتنمية، عبدالكريم صادق، عن تزايد حجم العجز المائي والغذائي في المنطقة العربية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، مع التأكيد على إمكانية سد العجز إذا استطاع منتجو الحبوب العرب الرئيسيون رفع كفاءة الإنتاج والري إلى المعدل العالمي، وأن تحقيق الأمن الغذائي يتطلب تعاوناً إقليمياً.
وقال في المؤتمر السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، الذي انعقد في (29 و30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012) في فندق فينيسيا إنتركونتيننتال في بيروت: «مجموع الأراضي الزراعية في دول مجلس التعاون عامة، والبحرين خاصة هي شحيحة، ففي الفترة الماضية هناك محاولات جادة لتنمية الزراعة، وتم استخدام كمية كبيرة من المياه الجوفية، ولكن في المستقبل بسبب استخدام هذه الموارد لم يعد ممكناً زيادة الرقعة الزراعية سواء في البحرين أو دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا ما يهدد الأمن الغذائي في المنطقة».
وأضاف: «يجب أن يكون هناك تعاون على المستوى الإقليمي سواء على المستوى الدول العربية، وإذا لم يعد هذا التعاون كافٍ، الذهاب إلى دول النامية الأخرى لتأمين الأمن الغذائي لها، فمؤخراً سعت بعض دول الخليج إلى الاستثمار الزراعي في مناطق عربية ودول نامية، على أساس أن يكون هذا التعاون يحقق المنافع المشتركة للمستثمر والدول المضيفة، وعلى أساس بناء استمرارية هذا التعاون بينهما».
واستذكر: «إن الموارد الشحيحة سواء في المناطق الشحيحة أو المياه في دول مجلس التعاون الخليجي لا تسمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي لكل السلع الغذائية وبصورة خاصة الحبوب، ويمكن الاكتفاء ببعض المنتجات الزراعية مثل الخضراوات، فهناك الأرز يتطلب كمية كبيرة من المياه، فهذا يصعب تحقيقه في ظل موارد المياه والأراضي الموجودة الآن، والحل هو وجود تعاون إقليمي بين الدول العربية على أساس الميزة النسبية بين الموارد والمياه، ومن ثم الانطلاق إلى أماكن أخرى قد تكون فيها الموارد المائية والأرضية كافية ويتم التعاون في ظل المصالح المشتركة».
وأضاف: «هناك دول عربية مثل السودان لديها القدرة من الأراضي ومن حيث المياه، وهي مسألة تحتاج إلى بناء شراكات سواء مع قطاع العام وقطاع الخاص، وقد بدأ السودان مؤخراً في فتح مجال للاستثمار في القطاع الزراعي وهي توفر حقيقة فرصة على أساس التعاون الاقتصادي والإقليمي».
وقال: «إن تحديد أهداف للتنمية يعتبر حقاً سيادياً وطنياً للحكومات، غير أن خطط النمو الاقتصادي يجب أن تأخذ في الاعتبار المحدوديات الإيكولوجية وقدرة الطبيعة على دعم متطلبات الحياة بشكل مستدام، واستناداً إلى الكفاءة المتدنية التي تميز تحويل الموارد إلى منتجات نهائية، على الدول العربية تحسين الإنتاجية الاقتصادية لمواردها، من خلال التعامل مع كفاءة الطاقة والمياه كهدف استراتيجي مركزي».
كما حذر صادق، من تزايد حجم العجز الغذائي، فهو يكشف أنه إذا استطاع منتجو الحبوب العرب الرئيسيون رفع كفاءة الإنتاج والري إلى المعدل العالمي، فسيكون بإمكانهم سد العجز. غير أن تحقيق الأمن الغذائي يتطلب تعاوناً إقليمياً، إذ لا يمكن الوصول إليه على مستوى كل دولة منفردة من دون التسبب بمضاعفات بيئية خطيرة، خاصة في مجال استنزاف المخزون الاستراتيجي للمياه الجوفية.
وقال: «إن الدول العربية تسعى منذ زمن طويل إلى تحقيق الاكتقاء الذاتي، إلا أن التقدم الذي أُحرز لم يكن متساوياً للنمو السكاني ولا كافياً لتخفيض العجز الغذائي، يضاف إلى ذلك أن الأزمات الغذائية التي شهدها العالم مؤخراً في 2007 - 2008 قد أثارت المزيد من الخوف بشأن الأمن الغذائي.
وأضاف: «تحصل الدول العربية على إمداداتها الغذائية محلياً وبالاستيراد من بلدان أخرى، إذ تولي الدول العربية أهمية كبرى للاكتفاء الذاتي في الحبوب نظراً لأنها تشكل الغذاء الأساسي والاستهلاك الغذائي الرئيسي في المنطقة».
وتساءل: «هل لدى الدول العربية منفردة أو مجتمعة القدرة على البيولوجية البيئية من حيث الأصول المائية الطبيعية والأرضية لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي؟ وهذا ما يتضح بالتسليط الضوء على الدول التي تتميز باتساع الرقعة الزراعية فيها مثل: الجزائر، مصر، العراق، المغرب، السودان، سورية وتونس، إذ بلغت المساهمة الإجمالية لهذه الدول السبع في الناتج المحلي الإجمالي الزراعي العربي 85 في المئة في العام 2011».
من جهة أخرى، قد تضمنت الدراسة التي أعدتها الشبكة العالمية للبصمة البيئية للتقرير السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) لعام 2012 حول البصمة البيئية للدول العربية، أن البصمة البيئية في العام 2008 في كل من البحرين وجيبوتي والأردن والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية، أكبر من قدرتها البيولوجية للفرد بعدة أضعاف، في حين حافظت القدرة البيولوجية للأراضي الزراعية في المنطقة العربية على المستوى نفسه تقريباً، عند نحو 0.30 هكتار عالمي للفرد في الفترة 1961 - 2008، بالرغم من زيادة عدد السكان بنحو 250 في المئة في الفترة نفسها، ويعود ذلك إلى زيادة القدرة البيولوجية بشكل عام نتيجة لتوسيع الأراضي وزيادة الإنتاجية.
والبرامج الإقليمية في البحث العلمي هي مفتاح تحقيق الاستدامة والنمو المتوازن للجميع. والخيار الأساسي الذي لا بد من اتخاذه هو استخدام الدخل الحالي من الموارد النفطية المحدودة في المنطقة لبناء قاعدة علمية وتكنولوجية صلبة، كاستراتيجية لضمان البقاء ونوعية حياة جيدة في عصر ما بعد النفط.
العدد 3744 - الخميس 06 ديسمبر 2012م الموافق 22 محرم 1434هـ