العدد 3795 - السبت 26 يناير 2013م الموافق 14 ربيع الاول 1434هـ

الفساد يكشف ثغرات نظام الرقابة الديمقراطي في إسبانيا

يكبر غضب الإسبان الذين يواجهون ازدياد فضائح الفساد يومياً في تظاهرات الاحتجاج على التقشف ويكشف ثغرات نظام الرقابة الديمقراطي في إسبانيا؛ إذ «لا يتحمّل أحد مسئولية أي شيء. الجميع فاسدون».

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال رئيس الفرع الإسباني لمنظمة «ترانسبرنسي إنترناشونال» لمكافحة الفساد يسوس ليسكانو: «هناك ما بين 200 و300 عضو مجلس بلدي يتهمهم القضاء بالفساد، وهم موزعون في خمس مناطق» هي كاتالونيا التي يحكمها ائتلاف قومي، وجزر الباليار وفالنسيا وغاليسيا التي يحكمها اليمين، والأندلس التي يحكمها اليسار.

وحتى لو أن هذه الأرقام لا تمثل سوى أقلية من أكثر من 50 ألف عضو مجلس بلدي في إسبانيا، فإنها «تدق ناقوس الخطر وتتطلب رداً ملحّاً»، كما قال.

وهذه القضايا التي تشمل في أغلب الأحيان شخصيات سياسية محلية، أساءت حتى إلى شعبية ملك إسبانيا الذي ورد اسم صهره إينياكي أوردانغارين في تحقيق بشأن الفساد في جزر الباليار.

والفضيحة الأخيرة ألقت الشبهات حتى على الحكومة اليمينية برئاسة ماريانو راخوي، وأحدثت صدمة في البلاد المعتادة مع ذلك على الإسهاب في الحديث عن قضايا الفساد في وسائل الإعلام.

وتتمحور الفضيحة هذه المرة حول لويس بارسيناس المسئول المالي السابق للحزب الشعبي بزعامة ماريانو راخوي، الذي وزع كما تقول صحيفة «إل موندو» اليومية الناطقة باسم يمين الوسط، طوال عقدين مغلفات شهرية تحتوي من خمسة آلاف إلى خمسة عشر ألف يورو على مسئولين في الحزب الشعبي.

ونفى المسئولون الحاليون جميعهم نفياً قاطعاً تورطهم في القضية ونأوا بأنفسهم عن لويس بارسيناس الذي كان يملك كما تقول الصحافة حساباً من 22 مليون يورو في سويسرا حتى العام 2009.

وقال ليسكانو: «منذ ثلاثة أسابيع، الناس غاضبون جداً جداً. ومن الأهمية بمكان أن يأخذ رجال السياسة هذا الغضب على محمل الجد».

وأفاد استطلاع للرأي نشرت نتائجه يوم الأحد (20 يناير/ كانون الثاني 2013) في صحيفة «أ ب ث» اليمينية، أن ثلاثة أرباع الإسبان يعتقدون أن الفساد السياسي يزداد في البلاد وأن القضاء يعامل رجال السياسة بطريقة أفضل من تعامله مع المواطنين الآخرين.

وكانت الحكومة التي بلغت شعبيتها أدنى درجاتها أمس في استطلاعات الرأي، أعلنت في ربيع 2012 مشروع قانون حول شفافية الحياة السياسية. واقترحت في الفترة الأخيرة على الأحزاب الأخرى ميثاقاً لمكافحة الفساد يأخذ في الاعتبار ثغرات الديمقراطية التي أقيمت بعد انتهاء ديكتاتورية فرانكو في العام 1975.

ويستند هذا النظام على الحكم الذاتي الموسّع الممنوح للمناطق الإسبانية السبع عشرة، مع رقابة محدودة جداً للدولة على موازناتها. وقد ساهمت هذه الرقابة المحدودة للدولة، بشكل واسع في تراجع موازنة البلاد.

وقال يسوس ليسكانو: «من الملحّ جداً أن تعمد الأحزاب إلى الكشف عن حساباتها ومصادر تمويلها»، على غرار ما باتت تفعل البلدان الأوروبية الأخرى.

لكنه أعرب عن الأسف «لتورط الأحزاب السياسية في كبرى مؤسسات الدولة» وهيئات الرقابة، وأعطى المجلس الدستوري أو ديوان المحاسبة، مثالاً على ذلك.

ويؤكد هذا الخبير في مكافحة الفساد، أن من الضروري أيضاً إنهاء «النظام الفاسد» الذي يتيح للأحزاب السياسية الإشراف على إدارة صناديق الادّخار مثل صندوق بانكيا الذي أنقذته الأموال العامة من الإفلاس.

وهذا مرد الشعور بالتواطؤ الذي زاد من حدّته توظيف شركة تيليفونيكا الإسبانية العملاقة الرئيس السابق لصندوق بانكيا، الوزير السابق والرئيس السابق لصندوق النقد الدولي، رودريغو راتو، على رغم اتهامه بالفساد.

والنتيجة أن دافعي الضرائب الذين يعانون من سياسة تقشف غير مسبوقة، في بلد فاقت نسبة البطالة فيه 26 في المئة، يعتقدون أن «الطبقة السياسية عاجزة عن إيجاد حل للازمة، وأنها غير مجدية؛ ناهيك عن أن أعضاءها يحمون بعضهم البعض»، كما قال الخبير السياسي أنطون لوسادا.

وحذر يسوس ليسكانو بالقول: «نحن بلد ديمقراطي، لكن عندما يصل ذلك إلى نقطة معينة، وخصوصاً مع أزمة البطالة الكبيرة، يصبح ذلك أرضاً مفخّخة مفتوحة على انفجار اجتماعي».

وفي ما يتعلق بترجمة أقوال الحكومة إلى أفعال بشأن الفساد، خلص إلى القول: «اشكّك في حصول هذا الأمر، لكني آمل في أن أكون مخطئاً».

العدد 3795 - السبت 26 يناير 2013م الموافق 14 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً