العدد 3814 - الخميس 14 فبراير 2013م الموافق 03 ربيع الثاني 1434هـ

الكويت تستعد لتشييد واحد من أكبر الجسور البحرية في العالم

رغم تزايد الفوائض المالية  إلا أن سجل الإنجازات في الكويت في السنوات الأخيرة في مجال التنمية يعد ضعيفاً بسبب التوترات السياسية
رغم تزايد الفوائض المالية إلا أن سجل الإنجازات في الكويت في السنوات الأخيرة في مجال التنمية يعد ضعيفاً بسبب التوترات السياسية

تستعد الكويت لإنشاء جسر الشيخ جابر الأحمد الذي يعد واحداً من أكبر الجسور فوق سطح الماء في العالم بكلفة 738 مليون دينار (2.6 مليار دولار) وذلك بعد سنوات من تراجع الإنجازات في مجال البنية التحتية.

وبينما يعتبر المسئولون الحكوميون الجسر مشروعاً استراتيجياً ينتقد مراقبون ارتفاع كلفته ويخشون من تداعيات بيئية سلبية في مياه الخليج.

ويهدف الجسر الذي يبلغ طوله 36 كيلومتراً ويصل بين ميناء الشويخ الواقع على مقربة من العاصمة ومنطقة الصبية الجديدة في الشمال إلى تخفيف حدة الازدحام في المنطقة المحيطة بالعاصمة وتسهيل الحركة التجارية لاسيما لمنطقة الشمال التي ترغب الحكومة في التوسع العمراني بها.

وينظر المسئولون الكويتيون لهذا الجسر الذي من المقرر أن يبدأ العمل الفعلي به في غضون أشهر باعتباره مشروعاً استراتيجياً يمكن أن يساهم في تعظيم فرص الدولة النفطية الخليجية في استعادة دورها كمركز مالي وتجاري في المنطقة خاصة في ظل التقدم الكبير الذي تحققه دول خليجية أخرى مثل قطر والإمارات العربية المتحدة.

ووفقاً لأرقام وزارة المالية الكويتية فقد حققت الكويت فائضاً قدره 14.7 مليار دينار (52.2 مليار دولار) خلال الثمانية أشهر الأولى من السنة المالية الحالية 2012-2013 التي بدأت في أبريل/ نيسان وذلك بفضل إيرادات النفط القوية.

ورغم تزايد الفوائض المالية الناتجة عن بيع النفط إلا أن سجل الإنجازات في الكويت في السنوات الست الأخيرة في مجال التنمية يعد ضعيفا بسبب التوترات السياسية الداخلية. ويقول مراقبون إن الحكومة لم تحقق تقدماً كبيراً في تنفيذ خطة التنمية التي أقرتها في سنة 2010 والتي تتضمن مشاريع تقدر كلفتها بثلاثين مليار دينار حتى 2014. لكن جاء توقيع عقد تصميم وبناء وصيانة جسر الشيخ جابر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بين وزارة الأشغال العامة وشركة «هيونداي» للهندسة والإنشاءات الكورية الجنوبية والشركة المشتركة الكويتية ليخطو بهذا المشروع خطوة للأمام رغم الأجواء غير المواتية المحيطة به.

وقال وكيل وزارة الأشغال العامة عبدالعزيز الكليب لـ «رويترز» إن مشروع جسر الشيخ جابر «هو أكبر مشروع وقعناه في تاريخ الوزارة... إنه مشروع استراتيجي للغاية. إننا نتحدث عنه منذ فترة السبعينات». ويهدف المشروع الذي سيستغرق العمل فيه خمس سنوات إلى اختصار المسافة بين ميناء الشويخ ومنطقة الصبية إلى 36 كيلومتراً بدلاً من 104 كليومترات.

وأوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت عباس المقرن أنه وبصرف النظر عن الكلفة البيئية للمشروع فإن «العائد الاقتصادي متحقق». وأضاف المقرن أن التوسع الحضري في الكويت موجود في المنطقة الساحلية الجنوبية بينما يهدف المخطط الهيكلي للدولة إلى التوجه نحو الشمال لاسيما مع وجود أفكار لإنشاء مدينة باسم مدينة الحرير لإحياء فكرة طريق الحرير الذي كان يربط قديماً بين أوروبا وآسيا ويمر بالكويت.

وتعطلت كثير من المشروعات الاقتصادية الكبرى في السابق بسبب التنازع السياسي بين الحكومة والبرلمان لكن يرى محللون أن البرلمان الجديد الذي تم انتخابه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بعد تعديل نظام الدوائر الانتخابية من خلال مرسوم أميري ومقاطعة المعارضة للانتخابات يتوافق بشكل كبير مع الحكومة ومن المستبعد أن تبلغ رقابته الحد الذي يمكنه من وقف مشاريعها المستقبلية. وانسحبت الكويت في 2008 بسبب الضغط البرلماني من صفقة كان من المقرر أن تشتري بموجبها شركة صناعة الكيماويات البترولية الكويتية الحكومية حصة مؤثرة من شركة «داو كيميكال» الأميركية بمبلغ 17.4 مليار دولار وتسبب إلغاؤها في تغريم الكويت مبلغ 2.16 مليار دولار.

وقال مدير أول البحوث الاقتصادية في بنك الكويت الوطني دانييل كاي إن البدء بتنفيذ المشروعات الكبري مثل مشروع الشيخ جابر يعد «خطوة مشجعة». وقال إن هذه الخطوة «ترسل إشارة إيجابية لمجتمع الأعمال والمستثمرين أن المشروعات تتحرك في نهاية المطاف».

لكن مراقبين ينتقدون المشروع باعتبار أن كلفته كبيرة للغاية مقابل توفير قدر محدود من زمن المسافة بين ميناء الشويخ ومنطقة الصبية. واعتبر النفيسي أن كلفة المشروع «مبالغ فيها» مبيناً أن الموازنة الأولية التي كانت مرصودة له منذ ثلاثين عاماً كانت تبلغ 80 مليون دينار فقط أي أعلى قليلاً من 10 في المئة من الكلفة الحالية.

لكن عبدالعزيز الكليب أكد أن المناقصة خضعت للقواعد القانونية المتبعة في الكويت وأن السعر كان متوقعاً من قبل خبراء وزارة الأشغال. وقال الكليب «نحن نعتقد أننا حصلنا على سعر تنافسي للغاية... تقديرنا قريب جداً من أقل الأسعار... تقديراتنا الرسمية لم تكن بعيدة عن هذا الرقم». وأكد المقرن أن «الوقت له ثمن من الناحية الاقتصادية... اختصار المسافات بالتأكيد مفيد للبزنس والاقتصاد والتجارة».

كما يتخوف مراقبون من أن يكون للجسر تداعيات بيئية سلبية في مياه الخليج التي تعاني فيها الكائنات البحرية من نسب مرتفعة من التلوث بسبب الحركة الدائمة لناقلات النفط. لكن الكليب قال إن المشروع خضع لدراسات دقيقة من قبل المستشار في كل جوانبه الاقتصادية والبيئية كما أن الشركة الفائزة بالمناقصة ملزمة بتقديم دراسة بيئية تفصيلية حول المشروع قبل بدء العمل فيه. وحول ما إذا كان المسار الحالي هو أفضل المسارات قال الكليب «المستشار درس 26 مساراً ودرس كل مسار من ناحية كلفته ومن ناحية تأثيره على البيئة ومن ناحية حركة المرور التي يمكن أن يخدمها... من جميع النواحي إلى أن وصل لثلاثة مسارات... وكان هذا (المسار الحالي) واحداً من ثلاثة مسارات تم اختيارها».

واعتبر الكليب أن كل ما يوجه للمشروع من انتقادات إنما يأتي بسبب حجم المشروع الكبير وغير المعتاد في الكويت مؤكداً أن جسر الشيخ جابر «هو جزء من المخطط الهيكلي للدولة» الذي خضع لدراسات مستفيضة من الجهات المعنية. وأكد الكليب أن وزارة الأشغال هي في النهاية جهة تنفيذ وليست من يحدد طريق الجسر. وقال «عندي قرار المجلس البلدي... عارف أين أطلع وأين أصل... إن لم أنفذه أكون أنا مخطئاً».

العدد 3814 - الخميس 14 فبراير 2013م الموافق 03 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً