تلقى المعارضون السوريون أسلحة متطورة تهدف لتضييق الهوة في التسلح مع قوات الرئيس بشار الأسد وتعزيز قيادة عسكرية جديدة للمعارضة تأمل الدول الغربية في أن تتمكن من تخفيف قوة المقاتلين الإسلاميين.
وأبلغ عدد من قادة ومقاتلي المعارضة «رويترز» أن شحنة وصلت إلى سورية عبر تركيا الشهر الماضي اشتملت على معدات تحمل على الكتف وعتاد محمول آخر بما في ذلك أسلحة مضادة للطائرات والدروع وقذائف مورتر وقواذف صاروخية.
وأبلغ معارضون مسلحون «رويترز» أن الأسلحة - بالإضافة إلى أموال لدفع رواتب للمقاتلين- يجرى توزيعها من خلال هيكل قيادة جديد في إطار خطة للداعمين الأجانب من أجل مركزية السيطرة على وحدات المعارضة وكبح الإسلاميين المرتبطين بـ «القاعدة».
لكن في علامة على صعوبة توحيد الجماعات المقاتلة المتباينة قال بعض المقاتلين إنهم رفضوا الأسلحة ورفضوا الخضوع للقيادة الجديدة. وتشكل أي شحنة أسلحة مهمة دعماً للمعارضين الذين طالموا شكوا من قلة الدعم الدولي رغم أنها لن تكفي على الأرجح لتحويل دفة التوازن العسكري ضد الأسد. ورفض المعارضون الكشف عن موردي الأسلحة رغبة منهم في عدم إحراج الداعمين الأجانب لكنهم قالوا إنها وصلت عبر تركيا «من دول مانحة».
وقال قائد للمعارضين في محافظة حمص «تسلمنا هذه الأسلحة بشكل قانوني وعادي. لم تسلم عبر ممرات التهريب وإنما سلمت بشكل رسمي من خلال معبر باب الهوى» الحدودي مع تركيا الذي تسيطر عليه المعارضة. وأضاف قائلا لـ «رويترز» عبر برنامج سكايب «لكنها لا تكفي لمساعدتنا على الانتصار... وصلت شحنة أخرى إلى تركيا لكن لم نتسلمها حتى الآن». وقال إنه يعتقد أن المانحين الأجانب ينتظرون أن تشكل المعارضة السورية حكومة انتقالية للعمل مع القيادة العسكرية للمعارضة.
ورغم أن دولاً كثيرة تؤيد معارضي الأسد إلا أن قلة منها تساند بنشاط تسليح المعارضين خشية وقوع الأسلحة في أيدي متشددين إسلاميين وخوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تكرار صراعات غربية مثل الحروب ضد طالبان في أفغانستان والجماعات المرتبطة بـ «القاعدة» في العراق.
ويعتمد المعارضون بشكل أساسي حتى الآن على الأسلحة الخفيفة التي تهرب من دول مجاورة - حيث يمول أو يرسل كثير منها متعاطفون من دول الخليج العربية- فضلاً عن الأسلحة التي يحصلون عليها من القواعد العسكرية التي يسيطرون عليها داخل سورية. لكن لقطات فيديو وصور من أنحاء البلاد تدعم فيما يبدو تأكيدات بوصول أسلحة متطورة مصنوعة في بلدان متعددة منها يوغوسلافيا والصين إلى أيدي المعارضة. وشاهد مصور من «رويترز» في دمشق الشهر الماضي بضعة أسلحة نارية غربية الصنع في أيدي مقاتلين من المعارضة من بينها البندقية الأميركية «إم4» والنمسوية «ستير» وهي أسلحة من شبه المؤكد أنها جاءت من خارج البلاد.
ورغم أن السعودية وقطر لا تناقشان شحنات أسلحة محددة للمعارضين إلا أن البلدين يعلنان دعمهما لتسليحهم من حيث المبدأ. وقال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحافي في الرياض في 12 فبراير/ شباط إن المملكة تعتقد أن «وحشية» النظام السوري ضد شعبه تستلزم تمكين الشعب من الدفاع عن نفسه. وقال رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الأسبوع الماضي إنه في غياب رؤية دولية واضحة لإنهاء الأزمة السورية فإن بلاده تدعم المعارضة بكل ما تحتاجه حتى إذا حملت السلاح دفاعاً عن النفس. لكن الدول الغربية كانت أكثر حذراً والتزمت علناً حتى الآن بإرسال مساعدات «غير فتاكة» مثل أجهزة الاتصالات اللاسلكية والسترات المضادة للرصاص.
وتشعر القوى الغربية بالقلق لتزايد نفوذ المتشددين الإسلاميين في بلد يقع عند مفترق طرق في الشرق الأوسط بين العراق وإسرائيل وتركيا ولبنان والأردن. وبذلت تلك القوى جهوداً لتوحيد المعارضة المسلحة تحت قيادة واضحة. وشكلت هيئة في ديسمبر/ كانون الأول لجمع وحدات أو كتائب المعارضة تحت قيادة موحدة. وقال مساعد لقائد بالمعارضة المسلحة في محافظة شهدت بعضاً من أعنف المعارك «أحد أسباب تغيير وجهة نظر المانحين هي أنهم يريدون تمكين القيادة العسكرية الجديدة. يريدون مساعدتها في تنظيم الأسلحة والمقاتلين». وأضاف قائلاً «إذا انضمت الكتائب فإنها تحصل على نصيبها من الأسلحة وأيضاً على رواتب شهرية للمقاتلين».
وتقسم القيادة العسكرية الجديدة سورية إلى خمس جبهات هي الجنوبية والغربية والشرقية والشمالية والوسطى. وقال المقاتل المعارض «كل جبهة تسلمت نصيبها. وزعت بالتساوي بين الجميع» مضيفاً أن كلفة الأسلحة سترد في صورة عقود لإعادة الإعمار بعد الصراع تمنح للدول التي تقدم المساعدة. وتابع قائلاً «لذا فالأمر بالأساس كما لو أننا دفعنا مقدماً. إنها تمول من الدول التي ستشارك في إعادة إعمار سورية». لكن في علامة على استمرار الانقسامات في صفوف معارضي الأسد يشكو بعض المعارضين المسلحين من أن «المجالس العسكرية» التي تسلمت الأسلحة - والتي ينظر إليها الغرب على أنها حليف مرجح أكثر من الإسلاميين المتشددين- لم تكن الجماعات التي ينبغي تسليحها.
وقال عدد من المقاتلين من أنحاء البلاد تحدثوا لـ «رويترز» في فبراير/ شباط إنهم يخشون أن تكون الخطة الأساسية للقوى الخارجية هي دفع الجيش السوري الحر المعارض والمقاتلين الإسلاميين «المعتدلين» الآخرين إلى مواجهة مع المتشددين.
وقال رئيس أركان القيادة العسكرية للمعارضة، العميد سليم إدريس إن وجود المقاتلين الأجانب يعرقل الدعم الدولي للمعركة ضد الأسد. وأبلغ «رويترز»: «إننا ننادي كل أشقائنا من جميع الدول. من فضلكم يا أشقائي: نحن لا نحتاج إلى رجال. إبقوا في بلدانكم وافعلوا شيئاً صالحاً داخل بلدانكم، إذا كنتم تريدون مساعدتنا أرسلوا فقط لنا أسلحة أو مالاً... او حتى صلوا من أجلنا. لكن ليس عليكم ان تأتوا إلى سورية. لدينا ما يكفي من الرجال السوريين يقاتلون». ونفى إدريس تسلم أسلحة من مانحين وقال إن الأسلحة ما زالت تدخل البلاد عبر السوق السوداء عازفاً فيما يبدو عن تسليط الضوء على القوى الأجنبية. وقال إنهم لم يحصلوا على أسلحة من الأوروبيين ولا يريدون إحراجهم أو إحراج أي أحد بمسألة الأسلحة.
وقال قائد ينتمي لحمص إن إحدى دول الخليج دفعت في الآونة الأخيرة 15 مليون دولار من أجل الرواتب. وأضاف قائلاً «هم يريدون تنظيم الثوار ووضعهم جميعاً تحت قيادة واحدة... من ينضم يكون مؤهلاً للحصول على المال والسلاح. هذا كله من أجل عملية التنظيم». ومضى يقول «إذا انضمت كتيبة فستحصل على حصتها ... وإذا لم تفعل فلن تحصل على أسلحة. نريد أن نكون منظمين».
العدد 3828 - الخميس 28 فبراير 2013م الموافق 17 ربيع الثاني 1434هـ
لا تكرهوا الفتن فان فيها حصاد المنافقين
لماذا لا يكون للمؤسسات الدينية الكبيرة وبالذات في ( السعودية ومصر والاردن وتركيا ) رأي وموقف واضح يوقف نزيف الدم الذي يجري في سوريا . على الاقل يدفعوا بموضوع تحقيق خيار الشعب السوري باشراف عربي ودولي