«إذا استطعت الحصول على أصوات النساء في دائرتك، فقد ضمنت الفوز تقريباً بالدائرة، وما عليك إلا القيام بمجهود قليل آخر للحصول على أصوات ثلة من الرجال، ويصبح فوزك أمراً محققاً».
هل هي الخطة « السحرية» التي يفكر فيها المترشحون الذين بدأوا فعلا خوض حملاتهم الانتخابية؟ ولم لا، إذا عرفنا أن نسبة تفوق النصف بقليل من الكتلة الانتخابية في البحرين تشغلها «نساء» (تشكل النساء نحو 50.2 في المئة من الكتلة في مقابل نحو 49.8 في المئة يشغلها الرجال).
الأصوات النسائية، يمكن أن ترفع مترشحاً، وتخفض آخر، يمكنها أن تقلب المعادلة على رأس مترشح، وتعدلها لآخر. فهي أصوات متحركة، متنوعة، متقلبة، وسهلة الاستمالة. ولكن هل هي كذلك حقاً كما يرى غالبية المترشحين؟ هل من السهل استمالة أصوات النساء، و»تجييرها» لخدمة مترشح دون آخر، وإن كان ذلك صحيحاً، فبأية كيفية يتم ذلك؟
فرق وشبكات نسائية تصاحب كل المترشحين
لا بد أن يكون لهذه النظرية أساس من الصحة، لدى المترشحين على الأقل، إذ شحذ غالبيتهم الجهود لتشكيل فرق نسائية ضمن حملاتهم الانتخابية، أنيطت بها الكثير من المهمات في تنفيذ خطوات الحملة الانتخابية، في مقدمتها الحصول على أصوات تلك الفئة التي بإمكانها أن تقلب المعادلة الخطيرة... فئة الناخبات النساء.
الجمعيات والكتل والتيارات السياسية أيضاً اهتمت بهذه الفئة كثيراً، وبدأت تدرب كوادرها النسائية، وتشكل فرق عملها وتوزعها على المترشحين، ليخدم كل فريق في الدائرة التي يقدر عليها، ولم يغفل المترشحون الأمر، إذ استعان غالبيتهم بزوجاتهم، أو أخواتهم، أو القريبات منهم للعمل بجد ضمن حملتهم الانتخابية، إن لم يكن إدارتها، فيما كانت المترشحات النساء أوفر حظاً، لأن الوصول إلى النساء لا يحتاج منهن إلى تعقيد كبير، فيكفيهن الاستعانة بمعارفهن من النساء في المنطقة، لتقود كل من تلك المعارف شبكة طويلة عريضة في الدائرة لتزكية المترشحة لدى الناخبين، والناخبات خصوصاً.
طلب كبير على المتحدثات والناشطات النسائيات
لم يقتصر الجهد النسائي المقدم في الحملات الانتخابية للمترشحين على طرق الأبواب، والتجمعات النسائية والحديث عن محاسن المترشح، بل يتعداه إلى محاولة بث وعي غائب بشأن الانتخابات عموما، والإجابة على الأسئلة التي تعتمل في الأذهان ولا تجد الفرصة للتعبير عنها لأنها ببساطة ليست ذات أولوية للبحث لدى كثير جداً من النساء في المجتمع البحريني. كثر الطلب في الفترة الماضية على الناشطات والمتحدثات النساء في مجالس المترشحين، ليلقين بعض المحاضرات في المجالس والتجمعات النسائية، ويحيين موسماً جديداً لم تشهده الأوساط النسائية كثيراً منذ أربع سنوات، هي العمر الفاصل بين هذه التجربة و التجربة الانتخابية الأولى.
منى داوود سليمان إحدى أولئك النسوة التي بدأت تشهد طلبات من بعض المترشحين في منطقتها المحرق للحضور إلى المجالس النسائية والحديث عن الانتخابات، وضرورة المشاركة، واختيار الأكفأ، وخصوصاً بعد مشاركتها في عدد من الدورات التدريبية بشأن المشاركة السياسية للمرأة. تقول سليمان «منذ بدء الموسم الانتخابي وأنا أزور بعض المجالس النسائية وبعض المنازل لأتحدث مع النساء عن المجلس التشريعي المقبل وما تريده المرأة منه، غالبية الفئات التي أتحدث لها هي فئة النساء كبيرات السن اللاتي من الواضح أنهن فقدن الثقة تماماً في أية عملية ديمقراطية». وتضيف سليمان التي تقوم بهذه الزيارات تطوعاً «أتعب كثيراً في محاولة إقناع النساء بضرورة المشاركة بعد أن فقدن الأمل في جدواها قياساً بالتجربة الأولى، لا أعرف كيف أتجاوز هذه المشكلة لأنهن يردن أمثلة ملموسة، ولكنني أحاول، لأنني أشعر بضرورة ماسة إلى تثقيفهن بأدوارهن في المرحلة المقبلة، ولو كنت أستطيع زيارة كل بيت في البحرين لما ترددت».
عضو شورى جمعية الوفاق الوطني الإسلامية عفاف الجمري استقبلت أيضاً عدداً من الطلبات لحضور المجالس النسائية وإلقاء المحاضرات التوعوية ضمن حملات المترشحين المدعومين من «الوفاق». تقول الجمري «بدأ الموسم الانتخابي يسخن، وبدأت أجهز نفسي للمشاركة في دعم المترشحين لإيماني بحاجة الوفاق إلى الجهد النسائي في حملاتها الانتخابية لمترشحيها، وعلى رغم انشغالي الدائم لم أتردد في تلبية عدد من الدعوات من مترشحين من مختلف مناطق البحرين للوصول إلى النساء وإقناعهن بضرورة المشاركة، وسأوزع جهدي على الجميع بالتساوي».
أما حياة الحليبي التي انضمت إلى الفريق النسائي في حملة المترشح علي العريض في ثانية العاصمة فلا تزال تغتنم أية فرصة لتنزل فيها إلى المآتم والتجمعات النسائية في دائرتها لتتحدث عن مترشحها وتدعمه، وتوزع برنامجه الانتخابي. ولم تكن الحليبي الوحيدة التي تقوم بهذا العمل النسائي في المنطقة، إذ يصحبها فريق عمل نسائي تديره أخت المترشح وزعت فيه المهمات على العضوات لتقوم كل منهن بتغطية منطقة معينة من الدائرة.
سيدة تدير حملة
منظمة وعلمية لمترشحة
ولأن النساء أولى بإدارة حملات المترشحات «النساء» ، استعانت كثير من المترشحات بنساء لإدارة حملاتهن الانتخابية، كانت إحداهن المترشحة للانتخابات البلدية في الدائرة الثانية من محافظة المحرق فاطمة سلمان، التي استعانت بابتسام بطي لإدارة حملتها الانتخابية، وتشكيل الفرق النسائية منها والرجالية. تقول بطي «بدأت العمل مع المترشحة فاطمة سلمان باكراً، شكلت فريقا نسائياً وآخر رجالياً، وقسمت المنطقة إلى قطاعات ستة وزعت العمل على كل عضو في الفريق كرئيس أو رئيسة للقطاع. بدأنا العمل بتحليل نتائج استبيان قمنا به لدراسة المنطقة عبر عينة عشوائية، خرجنا منه بمجموعة من النتائج، أهمها أن النساء في الدائرة أكثر من الرجال، وأن لديهن عزوفاً واضحاً عن التصويت في الانتخابات المقبلة.
بدأت بطي بتكوين مفاتيح انتخابية لكل منطقة، وأخذت آراء قيادات الرأي فيها، بعدها بدأ العمل بنزول الفريق إلى المنازل والتجمعات، والدعوة للمترشحة وتوزيع البروشورات الخاصة بها». وعلى رغم أن المترشحة امرأة، تصر بطي على أن الفريق لم يلق صعوبة في الإقناع بالمترشحة على أنها امرأة، ولكن الصعوبة الكبرى التي واجهت الفريق تمثلت في شرح مهمات عضو المجلس البلدي مقارنة بالنيابي. شاركت بطي في تقديم خدمات انتخابية للمترشحين الرجال في المنطقة، إذ طلبها أكثر من مترشح في المحرق للمساهمة معه في إلقاء المحاضرات والتوعية بالعمل السياسي للنساء، ولا ضير لديها حتى في خدمة أنداد مترشحتها فاطمة.
«نريد فقط أن نشرب قهوتكم»
من أهم الصعوبات التي تواجه فرق العمل التي تتجه للمنازل للدعوة إلى مترشح معين هي ردة فعل أصحاب المنازل من هذه الزيارة، البعض يرفض الاستماع، والبعض الآخر يتهكم، بينما القلة منهم من يستمع بهدوء ويستجيب. عن ذلك وجدت بطي طريقة للتعامل مع كل هذه الاستجابات دربت فريقها عليه، مخاطبة شيم أهل المحرق الأصيلة التي لا ترد ضيفاً، إذ يقول الفريق لأهل المنزل « نريد فقط أن نشرب قهوتكم» وعندها لا تكون الاستجابة إلا بالقبول واستضافتهم انطلاقاً من تلك الشيم.
عضوة في «المنبر» تدعم مترشح كتلتها
ومن المحرق إلى الشمالية، حيث تعمل شيخة عبدالله الزياني مسئولة عن الفريق النسائي لمترشح كتلة الوحدة الوطنية عباس عياد. والزياني عضوة أصلاً في جمعية المنبر التقدمي، وبدأت بحسب عضويتها في المشاركة في دعم مترشحي كتلة الوحدة الوطنية، لتشكل الفريق النسائي للمترشح عياد الذي يقطن نفس دائرتها. بدأ الفريق النسائي يلف على المنازل والمآتم في المنطقة أيضاً ليتحدث عن الوحدة الوطنية والتشجيع على المشاركة في الانتخابات، قبل الحديث والترويج للمترشح نفسه.
تشعر الزياني أن على الفرق النسائية واجبا ودورا وطنيا للحث على المشاركة ، فالناس محبطون جداً ولن تتغير هذه النظرة إلا بجهود كبيرة وفاعلة. أما الفريق نفسه فيضم أعضاء الجمعية المتطوعين، والشباب أعضاء جمعية الشبيبة.
«خاتمة»
عمل دؤوب تقوده وتشارك فيه النساء في الحملات الانتخابية، يحتمل أن يؤتي ثماره بأصوات كثيرة تحسب لرصيد المترشحين، فهل يتكرر السيناريو مرة أخرى ليفوز المترشحين بأصوات «نسائية» عملت على حشدها جهود نسائية؟ من يدري؟... في النهاية نحب الإشارة إلى أن نسبة مشاركة المرأة الناخبة في الانتخابات النيابية للعام 2002 بلغت 47.4 في المئة، فيما بلغت نسبة مشاركتها في الانتخابات البلدية للعام 2002 نحو 51 في المئة، وعلى رغم ذلك لم تتمكن أي من النساء المترشحات في كلا التجربتين الانتخابيتين من الفوز
العدد 1521 - السبت 04 نوفمبر 2006م الموافق 12 شوال 1427هـ