أتربة وأوراق أشجار وقنابل عنقودية وذخائر غير منفجرة وألغام من مختلف الأشكال والأنواع وأسلاك شائكة نثرت في حقل للألغام والقنابل العنقودية التي أسقطتها «إسرائيل» على لبنان. وتحلق عشرات اللبنانيين حول أشكال مجسمة لمنطقة تنتشر فيها القنابل العنقودية مع صور عن مختلف هذه القنابل أقامه الجيش اللبناني- المكتب الوطني لنزع الألغام في اليوم الوطني ضد القنابل العنقودية التي خلفتها «إسرائيل» في حربها على لبنان في الصيف.
وتوزعت في الحقل الذي أقيم تحت خيمة كبيرة نصبت في ساحة الشهداء في وسط بيروت عبارات «انتبه حقل ألغام» و»خطر الموت» و»لا تقتربوا لا تلمسوا بلغوا».
وقال نشطاء مناهضون للألغام الأرضية الشهر الماضي إن القنابل العنقودية التي أسقطتها «إسرائيل» على جنوب لبنان أثناء حربها ضد حزب الله التي استمرت 34 يوما مازالت تقتل أو تصيب ثلاثة أو أربعة مدنيين يوميا ثلثهم من الأطفال.
وتعرفت الجماعات التي تساعد لبنان على التخلص من الألغام غير المنفجرة بمنطقة الحرب على 770 موقعا ضربتها قنابل عنقودية أثناء الحرب التي انتهت بهدنة بدأ سريانها في 14 أغسطس/آب وذلك وفقا لتقرير جديد لجماعة التحرك ضد الألغام ومقرها لندن.
وقال التقرير إنه في الوقت الذي تم فيه التخلص من أكثر من 45 ألف قنبلة عنقودية صغيرة، إلا انه مازال هناك مئات الآلاف من القنابل الأخرى منتشرة في المنطقة الريفية وان الأمر سيستغرق عاما آخر أو عامين للسيطرة على الوضع.
وتنفجر القنابل العنقودية لدى اقترابها من الأرض وتستهدف بعضها تدمير دبابات غير أن أنواعا أخرى مصممة لقتل أو تشويه البشر في منطقة واسعة.
وقدر خبراء أن 40 في المئة من القنابل الصغيرة التي أسقطتها «إسرائيل» على لبنان لم تنفجر لدى اصطدامها بالأرض وهي نسبة مرتفعة بشكل غير عادي.
والقنبلة التي لا تنفجر ربما تشبه علبة الصودا أو صخرة يعلوها التراب ويمكن أن تنفجر بمجرد لمسها وهي ذات قوة كافية لبتر ساق أو قتل طفل.
ووقف احد ضباط الجيش اللبناني في وسط حقل الألغام ليشرح للمواطنين كيفية عمل خبراء نزع الألغام بينما كان عسكري آخر يرتدي سترة واقية يتحرك ببطء وسط الحقل يحمل كاشفة الألغام وما أن يعثر على جسم مشبوه حتى يضع علامة ويحاول إبعاد التراب بشكل بطيء قبل يفجر اللغم في مكانه.
وقالت الطفلة سيرين رميتي (6 سنوات) والتي لم تكتف بشرح الضابط وبدأت تكيل إلى والدتها وابلا من الأسئلة «لماذا يرموها (القنابل) علينا وكيف يعيشون في الجنوب في ظلها... ماما هل من المعقول أن تنفجر الآن» وتجيبها والدتها «لا يا ماما هذه مجرد أشكال لا يوجد متفجرات بداخلها».
وقالت لـ «رويترز» «أنا أخاف منهم... هم (الإسرائيليون) يريدون تخويف الأطفال... أريد أن أقول لهم ممنوع تراجعوا على لبنان».
وقالت والدتها بديعة غنوم وهي موظفة في مصرف «أنا أشرح لها كي تكون على بينة من كل هذه الموضوعات... كنت أود أن اعرفها على مستقبل مشرق ولكن مضطرة لتعريفها على الألغام وأنواعها حتى لا تتعرض لأي موقف».
وأضافت تقول وهي تراقب صورا لأطفال أصيبوا بالقنابل العنقودية «انها مناظر محزنة ولم أر جرائم بعد أكثر من هذه. التوعية ضرورية جدا».
وتضمن المعرض صورا تمثل الكوارث التي خلفتها القنابل العنقودية في لبنان وعرضا لمراحل تصنيع الأطراف الاصطناعية ومسرحية بالدمى للأطفال من اجل التوعية من مخاطر القنابل العنقودية وفرقة موسيقية لأطفال معوقين ومعرض منتجات لمصابي الألغام.
وقال حسين غندور وهو في العشرينات من عمره إنه أصيب بلغم في العام 1988 من مخلفات الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، ما أدى إلى بتر ساقه ويده «أنا هنا للمساعدة في ترشيد الناس على الألغام والقنابل العنقودية وما قد تخلفها من إعاقة جسدية وفقدان للأرواح...حتى لا يصيبهم ما أصابني»
العدد 1522 - الأحد 05 نوفمبر 2006م الموافق 13 شوال 1427هـ