تزيين أيدي العروس والسيدات بالحنة في المناسبات الخاصة تقليد نشأ من أسطورة قديمة في شمال غرب سورية تسمي «أسطورة أنس وبال» وتحكي أن أنس وهي آلهة الخصوبة والحرب عند تلك الشعوب كانت ترسم يديها بالحنة قبل المعارك، ومن هنا أصبحت السيدات يقمن برسم الحنة في المناسبات الخاصة، وأهمها الليلة التي تسبق حفل الزفاف وتسمي بليلة «الحنة» وتختلف مظاهر الاحتفال بهذه الليلة الأسطورية من دولة لأخرى.
وعن ليلة الحنة السودانية تقول ستونة أشهر رسامة حنة ان ليلة الحنة في السودان تقام قبل الفرح بيومين، ولا يمكن أن يقام الفرح دون أن تتزين العروس بالحنة حتي في حال حدوث طارئ واضطرار العروس لإلغاء الفرح، فلا يمكن إلغاء الحنة، فهي نوع من التراث السوداني الذي تتفاءل به، والعروس السودانية ترتدي في هذه الليلة الملابس الجديدة وتجلس على السرير الذي تصنعه لها أمها استعدادًا للاحتفال بيوم «الحنة»، وهو سرير تراثي يصنع من ألواح الخشب، التي يتم ربطها معـًا بحبال من البلاستيك ويفرش السرير بملاءة جديدة تسمى «حنبل» ويوضع أمام العروس صنية بها «حنة» معجونة وشموع و»صندلية» وبخور صندل لتعطير المكان، وبخور للوقاية من الحسد، كما توضع بعض الحلوي والبونبون، ويتم إعطاء العروس ملعقة سكر مضافـًا إليها بعض الملح كرمز، لأن تصبح حلوة في عيون زوجها وتعبيرًا أيضـًا عن طريق الحياة بحلوه ومره، ويقوم المدعوون بتقديم الهدايا للعروس في هذا اليوم، وتأتي «الحنانة» لتحني العروس، وأثناء ذلك يكون هناك غناء ورقص من قبل المدعوين وأصدقاء العروس.
طقوس سودانية
ومن التقاليد المتعارف عليها أيضـًا في ليلة الحنة السودانية، يسمي «لمس القصة» وهو قيام العريس بوضع يده على رأس العروس وقراءة آيات من القرآن، وتكون العروس مرتدية ملابسها كاملة ولا يظهر منها شيء وهو تقليد لتحصين العروس.
أما العريس في السودان فيكون له ليلة حنة تسبق الفرح بيوم واحد، يرتدي بها جلبابا أبيض ويجتمع مع أصدقائه، ويكون هناك فرقة تعزف الموسيقي والأغاني ويرقص العريس مع أصدقائه وأقاربه، وفي النهاية تأتي السيدات الكبار من عائلته ليضعن له الحنة ويقمن بالدعاء له.
قبل الهنا
وعن ليلة الحنة السعودية تقول عفاف الفهمي من السعودية ان هذه الليلة تقام غالبـًا قبل الفرح بأسبوع أو أربعة أيام على الأقل لترتاح العروس وأهلها استعدادًا للفرح، ولا تقوم العروس بأي استعدادات تجميلية للفرح «مثل حمامات البخار أو الحمام المغربي أو غيره إلا بعد ليلة الحنة، حتي تحتفظ برونقها وطلتها إلى يوم الفرح».
العريس طبعاً لا يحضر هذا الاحتفال، كما أنه لا يوجد ليلة حنة للعريس السعودي، ويقام غالبية احتفالات الحنة بالسعودية في المنزل وليس بقاعة ولا يستمر الاحتفال عادة إلى وقت متأخر مثل الفرح، أما عن العروس فهي لا تضع أي نوع من المساحيق التجميلية، كما يفضل الكثير ألا يظهر من العروس شيء ولا حتي وجهها، وترتدي ما يسمى «برقع» فلا يظهر منها إلا عيناها وترتدي العروس إما زي القبيلة التابعة لها وإما زي دولة أخري كالساري الهندي، وهو المنتشر في غالبية الاحتفالات، وكذا هناك الذي يصيب الصيني أو غيره، ويتم الاستغاثة بمطربة لإحياء الحفل أو فرقة للدفوف.
رقصة أم العروس
ومن مظاهر الاحتفال أن تأتي صينية الحنة بها طبق فاكهة وطبق حنة معجونة وبخور وتوضع أمام العروس، فتأخذ أم العروس طبق الحنة وترقص به أمام ابنتها، ثم تقوم صاحبات العروس بأخذ بعض الحنة ويضعها في يدها ثم باقي المدعوات، وبعدها تقوم أم العروس بتوزيع علب صغيرة وجميلة على المدعوات بها بعض الحنة والبخور كتذكار لهذه الليلة، وأحيانـًا يدخل شقيق العروس ليشارك معهن في الحنة ولكن البعض قد لا يحبذ ذلك.
ليلة مصرية
أما عن ليلة الحنة المصرية فهي تختلف في الجنوب عن ليلة الحنة في الشمال تقول: لطيفة «حنانة» مصرية انها الليلة التي تسبق الفرح وتحتفل بها العروس ولا يحضرها العريس، وتقوم العروس بارتداء ملابس جميلة زاهية الألوان، وتخرج لاستقبال ضيوفها فتجد اثنتين من صديقاتها تمسكان لها صينية مزينة بالورد وتوضع بالحنة والشموع، فتقبل العروس صديقتها، ثم تقوم بإضاءة الشموع واحدة تلو الأخري، ثم تستقبلها والدة العريس بباقة من الورد كدلالة على الحب، وتمسك العروس صينية وتقوم بالرقص بها مع المدعوات ، وبعد ذلك تجلس العروس على كرسي، وتضع قدميها في ماء به خضرة كرمز لقدمها الطيب علي زوجها، وتقوم أمها بتبخيرها لحمايتها من الحسد، ثم تقوم والدة العروس بإطعامها ملعقة من السكر بفمها لكي يصبح كلامها حلوا طوال العمر، وفي النهاية تقوم العروس برسم يديها بالحنة لتكسبها شكلاً جميلاً.
أما الحنة في المناطق الشعبية المصرية، فيتم إقامتها بالشارع الذي تقطن به العروس، ويجاملها فيه الجيران والمعارف، ويتم رسم الحنة في الشارع علي شكل عروس البحر ويوضع حولها نشارة خشب، ويتم إشعالها كأحد مظاهر للاحتفال، وذلك وسط أنغام الموسيقى والأغاني الشعبية الجميلة.
وفي صعيد مصر يتم الاحتفال بالحنة على مدى أسبوع بأكمله يذهب فيه أهل العروس لشراء الحنة وباقي المستلزمات من السوق وسط الدق علي الطبول والأغاني والزغاريد ويقام الاحتفال بليلة الحنة وسط أقاربها وأحبائها وتجلس العروس وترقص صديقاتها ويرددن الأغاني التي يحفظونها ثم تقوم الحنانة بوضع الحنة للعروس في يديها وقدميها.
«دالة» الإمارات
وفي الإمارات العربية المتحدة فتقول ماجدولين نديم: ليلة الحنة لا تختلف كثيرًا عن باقي دول الخليج: فالعروس تدخل وسط أهلها وهم يحملون «الدالة» وتصاحبهم فرقة الدفوف، ويمرون بها وسط المدعوات، ثم تجلس العروس علي الأرض وتمد قدميها ليظهر ما بها من رسومات الحنة، وترتدي العروس الزي البدوي وغطاء الرأس وحزام البطن وكلها من الذهب، بالإضافة إلي مشغولاتها الذهبية، ويكون أمام العروس في مجلسها صينية للشيكولاتة وصينية الفاكهة ويتم التوزيع منها على المدعوات وتقوم الفرقة بالعزف بينما ترقص العروس مع صديقاتها
العدد 1525 - الأربعاء 08 نوفمبر 2006م الموافق 16 شوال 1427هـ