أفاد مصدر عربي مسئول أن الأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله وافق على خطة أعدتها الجامعة العربية لحل الأزمة السياسية في لبنان بين المعارضة والحكومة. ولم يكشف المصدر عن تفاصيل الخطة، لكنه قال إنها «من سبع نقاط».
وأوضح أن «مبعوث الأمين العام للجامعة العربية في لبنان مصطفى إسماعيل أبلغ أمس - خلال وجوده في دمشق - موافقة نصرالله على المقترحات التي قدمت إليه».
وبحسب المصدر «نقل المبعوث إلى رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، ما جعل الأخير يطلب من المبعوث العودة إلى بيروت».
وكانت الأزمة اللبنانية قد دخلت أمس مرحلة الاستقطابات السياسية، ففي الوقت الذي احتشد فيه مئات الآلاف من المحتجين وسط بيروت، استنجدت حكومة فؤاد السنيورة بمؤيديها في شمال البلاد. ووصف الجيش اللبناني تظاهرة المعارضة بأنها غير مسبوقة.
بيروت، طرابلس - رويترز، أ ف ب
احتشد مئات الآلاف من المحتجين وسط بيروت أمس للمشاركة في مظاهرة ضخمة، وصفها الجيش اللبناني بأنها غير مسبوقة، دعت إليها المعارضة اللبنانية بقيادة حزب الله مصعدة حملتها الهادفة إلى إسقاط الحكومة.
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم استمرار الاعتصام، بينما أمهل رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون الحكومة بضعة أيام للاستجابة لمطالب المعارضة. وفي المقابل احتشد الآلاف تأييداً للحكومة في طرابلس شمال لبنان إذ خاطبها سعد الحريري.
وفي استعراض للقوة اجتاحت الحشود المعارضة ساحتين في قلب العاصمة وهي تردد هتافات وتدفق آلاف من الرجال والنساء والأطفال على الشوارع المحيطة مطالبين باستقالة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة. وردد المحتجون هتافات مثل «بيروت حرة» و»السنيورة اطلع بره» مع بداية التجمع الذي يعد من بين أكبر التجمعات في تاريخ لبنان مع شروق الشمس. ودوت أناشيد وطنية من مكبرات الصوت واستمر دق الطبول بلا انقطاع.
وسُمعت أصوات المحتجين بوضوح داخل مقر الحكومة القريب حيث يوجد السنيورة ومعظم وزرائه بينما أحاطت الأسلاك الشائكة ومئات من رجال الأمن بالمقر. ولا توجد تقديرات رسمية لعدد المحتجين لكن مصدراً أمنياً قال إن هذا هو أكبر تجمع شهده لبنان. وقال نادر حافظ (21 عاماً): «سنبقى هنا لأيام أو أسابيع أو شهور. مهما استغرق الوقت لإسقاط الحكومة. هذا مهرجان وليس حرباً». وفرض الآلاف من الجنود اللبنانيين ورجال الشرطة تدابير أمنية مشددة في العاصمة قبل ساعات من المظاهرة. وعلى مداخل ساحتي رياض الصلح والشهداء في وسط بيروت قام أنصار حزب الله المنظمين بتفتيش الحقائب في مسعى لتفادي أي اضطراب محتمل.
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم العزم الاستمرار في الاعتصام المفتوح «شهراً، شهرين، عشرة أشهر» إلى أن تقتنع الحكومة بمطالب المعارضة. من جانبه، أمهل عون الحكومة بضعة أيام لإيجاد حل، قبل أن تنتقل المعارضة إلى المطالبة «بحكومة انتقالية». وقال قاسم: إن التحرك الاحتجاجي «لن يتوقف حتى تحقيق المشاركة الكاملة». وأضاف قاسم متوجهاً إلى الأكثرية الحكومية «لا يحق لكم أن تحكموا لبنان وحدكم وتأخذوه إلى الوصاية الأميركية». وتابع «سنبقى شهراً، اثنين، ثلاثة، عشرة... وعلى مهلكم حتى تقتنعوا لأنكم لن تستطيعوا الاستمرار». أما عون فقال متوجهاً إلى الحكومة «لابد من الاستقالة، لا حل لكم بالبقاء»، مؤكداً أن الحكومة فاشلة على كل الصعد. وأضاف «هناك حل واحد تعتمدونه من الآن وحتى بضعة أيام، وبعدها نعلن رفض الحكومة رفضاً قاطعاً، وسنطالب بحكومة انتقالية تجري انتخابات نيابية مبكرة ننطلق منها لبناء مؤسساتنا الديمقراطية والحكم المسئول».
في المقابل، شهدت مدينة طرابلس، شمال لبنان، ذات الغالبية السنية بعد ظهر أمس تجمعاً كبيراً تأييداً لحكومة السنيورة. وتجمع مئات آلاف الأشخاص في قاعة المعرض الدولي في المدينة. وقال غالب الذي يشرف منزله على مكان التجمع: «لم أرَ في حياتي هذا القدر من الناس في طرابلس. قاعة المعرض أكبر من ساحتي الشهداء ورياض الصلح. الناس يأتون من كل المناطق في شمال لبنان باتجاه ساحة المعرض وينتشرون في الشوارع المجاورة». وألقى خطباء «فريق 14 آذار» كلمات في المحتشدين، بينهم سعد الحريري الذي قال إن الحكومة باقية، وإن محاولات «الانقلاب» ستفشل.
وفي سياق متصل، وصف وزير الشباب والرياضة اللبناني أحمد فتفت المبادرة السودانية، التي حملها مستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان إسماعيل، إلى الفرقاء اللبنانيين، بأنها جيدة وتستحق الدراسة. وقال فتفت أمس: «إن مبادرة السودان الشقيق، جيدة وتخضع حالياً للبحث بين رئيس الحكومة وقوى 14 آذار والموفد السوداني... ونحن في انتظار موقف الفريق الأخر منها، لأنه رفض مبادرات مشابهة في السابق».
إلى ذلك، وجه البابا بنديكت السادس عشر دعوة إلى لبنان كي يبتعد عن الأزمة السياسية، ودعا المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة للتوصل إلى حلول سياسية وعاجلة في «هذه اللحظة الحرجة».
على الصعيد الإسرائيلي، نقلت الإذاعة الإسرائيلية أمس عن نائب وزير الدفاع الإسرائيلي إفرايم سنيه قوله إن المظاهرات التي تنظمها المعارضة اللبنانية تندرج في إطار حرب يشنها «محور الشر». وأكد سنيه أن هذه المظاهرات تستهدف «تأمين اتصال جغرافي من إيران إلى أفغانستان مروراً بسورية ولبنان و(إسرائيل)».
من جهتها، ذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت» الإسرائيلية أن ناشطين من تنظيم «القاعدة» تسللوا في الأشهر الأخيرة إلى جنوب لبنان ويهددون الهدوء على الحدود مع «إسرائيل».
بيروت - أ ف ب
أكد رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة أمس أن لجوء أنصار المعارضة لخطوات تصعيدية مثل قطع الطرقات العامة وتعطيل مرافق الدولة «يدخل البلاد في دوامة عنف». وكان السنيورة يتحدث من القصر الحكومي الذي احتشد حوله عشرات آلاف المعارضين في كلمة بثت مباشرة في افتتاح مؤتمر «الصحافة تحت الحصار» في الذكرى الأولى لاغتيال النائب والصحافي المعارض جبران تويني. ورداً على سؤال عن تهديد المعارضة باللجوء إلى خطوات تصعيدية مثل اقتحام السراي الحكومية قطع الطرقات أو تعطيل حركة المطار قال رئيس الحكومة «هذا خروج عن القواعد الأساسية في عملية التعبير وإدخال البلاد في دوامة عنف ليس في صالح احد». بالمقابل استبعد السنيورة أن تصل الأمور إلى هذا الحد. وأضاف «لا اعتقد أن هذا الأمر ممكن لان الجميع يعرف دقة المرحلة ومخاطرها».
وقال:»بالنظر إلى طبيعة المطالب المطروحة من جانب المعارضة وطرائق العمل على تحقيقها ونظر للظروف السائدة في المنطقة اعتبر أن حياتنا السياسية والأمنية والاقتصادية بل ونظامنا يواجهون جميعاً تحدياً بارزاً». وينظم مؤتمر الصحافة «الاتحاد العالمي للصحف» وصحيفة «النهار» في مركز بيروت الدولي للمعارض الذي يبعد مئات الأمتار عن وسط بيروت الذي شهد تظاهرة المعارضة. وأكد السنيورة «أن التحدي لا يقتصر على صون الأمن والاستقرار والتضامن بل يتضمن النظر إلى مستقبل لبنان ومستقبل نظامه ومستقبل موقعه في المنطقة والعالم». وجدد رئيس الحكومة تمسكه بمسئولياته وبالحوار وأعرب عن تفاؤله بحل الأزمة. وقال :»لا نريد أن يكون لبنان ساحة لحروب الآخرين على أرضه. لبنان وطن وليس ساحة لذلك فإننا نتحمل مسئولية كبرى في الدفاع عن كينونته وسلامته ووحدته». وأضاف «آن لكل الجهات الإقليمية والدولية التي تستخدم الاغتيال وسيلة للإرهاب والإخضاع والإقصاء أن تدرك إصرار اللبنانيين على الحرية ورفضهم الخضوع وانتصارهم على الحساسيات المذهبية»
العدد 1557 - الأحد 10 ديسمبر 2006م الموافق 19 ذي القعدة 1427هـ