العدد 1566 - الثلثاء 19 ديسمبر 2006م الموافق 28 ذي القعدة 1427هـ

التراجع في الحريات المدنية والتضييق على الجمعيات الأهلية

في تقرير الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان للعام 2005

أكدت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان أن البحرين شهدت خلال العام الماضي المزيد من التراجعات فيما يتعلق بالحريات المدنية والسياسية، ومنها استمرار منع عدد من المواطنين من النشطاء السياسيين السابقين من دخول بعض البلدان الخليجية، وأشارت إلى أن الممنوعين يعتقدون بأن منعهم من دخول هذه البلدان يعود إلى قوائم سابقة مقدمة من قِبل وزارة الداخلية البحرينية في فترة التسعينات من القرن الماضي، إلا أن الوضع لم يصحح بعد الانفتاح السياسي. وطالبت الجمعية البحرينية بضرورة إصلاح الأجهزة الحكومية القائمة وإنشاء أجهزة جديدة تتماشى مع مرحلة الإصلاح وذلك لبناء نظام ديمقراطي دستوري يلبي طموحات الشعب ويتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان والشرعة الدولية.


في تقريرها السنوي للعــام 2005... الــجمعية البحرينية تنتقد قانوني «الإرهاب» و «التجمعات» و «الجمعيات»

«حقوق الإنسان»: التعديلات الوزارية على أسـاس الولاء لا الكفاءة... ولابد من إصلاح الأجهزة الحكومية

الوسط - هاني الفردان

انتقدت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي للعام 2005 التعديلات الوزارية التي حدثت في الرابع عشر من يناير/ كانون الثاني 2005، معتبرة إياها لا تخرج عن كونها تدويراً للوزراء، وأن المعايير التي يتم على أساسها التعيين في المناصب التنفيذية العليا ومراكز اتخاذ القرار يغلب عليها الولاء للحكم أكثر من تغليب معايير الكفاءة.

وأشارت الجمعية إلى أن السلطة التنفيذية الحالية في العام 2005 تتكون من 28 وزارة يترأسها سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة الذي يتولى رئاسة الوزراء منذ إنشاء الوزارات في مطلع سبعينات القرن الماضي.

وإثر التعديلات الوزارية التي أجريت تم فصل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل في وزارتين مستقلتين عن بعضهما. وسميت الأولى بوزارة التنمية الاجتماعية وعينت على رأسها امرأة هي فاطمة البلوشي. وبذلك تصبح ثاني وزيرة يتم تعيينها بعد وزيرة الصحة ندى حفاظ التي عينت العام 2004.

وطالبت الجمعية البحرينية بضرورة إصلاح الأجهزة الحكومية القائمة وإنشاء أجهزة جديدة تتماشى مع مرحلة الإصلاح وذلك من أجل بناء نظام ديمقراطي دستوري يلبي طموحات الشعب ويتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان والشرعة الدولية.

وانتقدت الجمعية قوانين الجمعيات السياسية و «الإرهاب» و «التجمعات والمواكب والمسيرات» لمصادرتها للحريات العامة وحرية التعبير وتقييدها لعمل مؤسسات المجتمع المدني، ما اعتبرته تراجعاً على مستوى الحريات العامة في المملكة.

واعتبرت الجمعية البحرينية اللائحة الداخلية لمجلس النواب بمثابة انتهاك لمبدأ استقلالية السلطات الثلاث مع تعاونها حسب ما نص عليه الدستور، كما تشكل كذلك تقييداً لصلاحيات المجلس النواب في المجالين التشريعي والرقابي.

وقد تطرقت التقارير السنوية لحقوق الإنسان التي أصدرتها الجمعية إلى موضوع الإشكالات الدستورية. وترى الجمعية أن عدم الإجماع الوطني على دستور مملكة البحرين يضعف مرجعيته القانونية وخصوصاً في مجال حقوق الإنسان. وكما سبق ذكره فإنه في الوقت الذي يقدم فيه الدستور ضمانات متعددة لحقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة؛ فإن المواد المتعلقة بذلك مشروطة بصدور تشريعات تنظم هذه الحقوق. وقد صدرت الكثير من القوانين منذ تلك الفترة سواء المراسيم بقوانين أو المشاريع بقوانين التي رفعتها الحكومة لمجلس النواب تنتقص من تلك الحقوق وتتعارض مع جوهر الدستور.

ورأت الجمعية أنه مع قرب انتهاء الدور التشريعي الأول تضاءلت الآمال في قدرة مجلس النواب على تعديل أو سن قوانين تكون بديلة عن حزمة القوانين التي صدرت بمراسيم في الفترة ما بين صدور دستور مملكة البحرين وانعقاد البرلمان في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2002. ويمكن تلخيص أهم الجوانب في هذا الإطار فيما يأتي:

حصانة مرتكبي جرائم التعذيب

لم تنجح الجهود التي بذلت على مر السنوات الماضية لإلغاء القانون رقم 56 لسنة 2002 الذي يعطي حصانة لمرتكبي جرائم التعذيب. وفيما يتعلق بموضوع ضحايا التعذيب افتتحت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان مركز الكرامة لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب في 10 يناير 2005. ويدير المركز طاقم من الأطباء الاختصاصيين. ولاتزال الجمعية وغيرها من المنظمات الحقوقية والسياسية تطالب الحكومة بتحمل مسئوليتها تجاه ضحايا التعذيب وذلك بإلغاء المرسوم بقانون رقم 56 لسنة 2002 وتمكين الضحايا من الاقتصاص من معذبيهم أمام محكمة مستقلة وعادلة ونزيهة، إلى جانب تعويضهم تعويضاً عادلاً وتأهيلهم.

كما أشارت الجمعية إلى رفض لجنة الشئون التشريعية والقانونية مقترحاً برغبة بشأن إنشاء هيئة وطنية عليا لحقوق الإنسان، وموافقتها على المقترح برغبة بشأن إنشاء جهاز يلحق بوزارة الشئون الإسلامية يقوم بمهمة الوعظ والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

قانون الجمعيات السياسية

صدق جلالة الملك في 23 من يوليو/ تموز 2005 على القانون رقم 26 لسنة 2005 بشأن الجمعيات السياسية. وفي 17 أغسطس/ آب 2005 أصدر وزير العدل أربعة قرارات منفذة لقانون الجمعيات السياسية. وقد اشترط القرار رقم (1) لسنة 2005 ألا يقل عدد المؤسسين لأية جمعية سياسية جديدة عن خمسين عضواً يتقدمون بطلب كتابي لوزير العدل. بينما اشترط القرار رقم 2 على الجمعيات السياسية القائمة التي كانت مسجلة في السابق وفق قانون الجمعيات الأهلية رقم 21 لسنة 1989 أن توفق أوضاعها وفقا لأحكام قانون الجمعيات السياسية خلال فترة لا تزيد على ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به. أما القرار رقم 3 فهو يتعلق بالسجلات المتعلقة بالجمعيات السياسية التي تحتفظ بها وزارة العدل.

وأشارت الجمعية إلى أن القرار رقم 4 هو الأكثر تحديداً لتحرك الجمعيات السياسية وعلاقاتها الخارجية ويحظر عليها تلقي التبرعات من الخارج؛ فهو يلزمها بإخطار وزير العدل عن اسم وجنسية الحزب أو التنظيم السياسي الخارجي الذي تتصل به أية جمعية سياسية خلال ثلاثة أيام. وأن يكون الحزب أو التنظيم السياسي الأجنبي معترفاً به ويمارس نشاطاً وأهدافاً ووسائل مشروعة وعلنية. وألا تقوم أهداف الحزب أو التنظيم السياسي الأجنبي على معاداة أو مناهضة المبادئ أو القواعد أو الأحكام المنصوص عليها في الدستور وميثاق العمل الوطني لمملكة البحرين، وألا تقوم مبادئه على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة وألا تخالف قواعد القانون الدولي المعترف بها. ولا يكون الهدف من الاتصال إقامة تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية أو إجراء تدريبات عنيفة تهدف إلى الإعداد القتالي والتحريض على عداوة عرقية أو قومية أو دينية؛ وألا يؤدي الاتصال إلى المساس باستقلال أو أمن مملكة البحرين أو الوحدة الوطنية أو إضعاف الثقة المالية أو التدخل في شئونها الداخلية، وألا يخل الاتصال باستقلال الجمعية السياسية بحيث يجعلها مجرد تنظيم سياسي أو مالي تابع للحزب أو التنظيم السياسي الأجنبي، أو متلقية لأوامره وتوجيهاته؛ وألا يكون من شأن الاتصال تدخل الجمعية السياسية في الشئون الداخلية للدول الأخرى أو الإساءة إلى علاقة المملكة بها، ولا يكون الاتصال بهدف تلقي أي تبرع أو ميزة أو منفعة من حزب أو تنظيم سياسي أجنبي.

وأشارت الجمعية البحرينية إلى اعتراض الكثير من الجمعيات السياسية على القانون وعلى القرارات واعتبرت ذلك مؤشراً على عدم ثقة الحكومة فيها ورغبتها في الحد من تحركاتها وفرض وصايتها عليها، إذ أغلقت ست جمعيات معارضة أبوابها ثلاثة أيام في خطوة احتجاجية رمزية، بينما أعلنت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية أنها تفكر جديّاً في الإغلاق الدائم إذا لم تتراجع الحكومة عن هذا القانون المكبل للحريات. كما خرجت مسيرة صامتة في يوم الجمعة 29 يوليو 2005 تطالب بإلغاء أو تعديل القانون، في حين أغلقت سبعة جوامع أبوابها وقت صلاة الجمعة والجماعة احتجاجاً على صدور القانون. وبينما وصف مراقبون الخطوة الأخيرة من جانب علماء الدين بالتاريخية؛ انتقد آخرون تلك الخطوة واعتبروها تداخلاً واضحاً بين ما هو سياسي وما هو ديني على اعتبار أن صلاة الجمعة من الواجبات الدينية التي يجب عدم التفريط فيها مهما كانت الأسباب.

قانون التجمعات والمواكب

ورأت الجمعية بعد مراجعة مواد قانون التجمعات والمسيرات والمواكب أن بعض مواده تتعارض تعارضاً شديداً مع مبدأ حرية ممارسة حق التجمعات والمواكب السلمية الذي نص عليه الدستور؛ إذ وضعت في هذه النصوص الكثير من القيود التي تصادر هذا الحق الذي كفله الدستور، مشيرة إلى أن المادة الثالثة من القانون تشترط أن يكون موقّعو الإخطار بتنظيم الاجتماع العام أو الموكب أو التجمع أشخاصاً طبيعيين لا يقل عددهم عن ثلاثة أشخاص وهو ما تترتب عليه مصادرة حق الجمعيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني في ممارسة هذا الحق، وبالتالي يتعارض مع قانون الجمعيات السياسية الذي منحها الحق في ممارسة النشاط السياسي العلني بشكل سلمي وحر.

كما اعتبرت الجمعية إعطاء القانون مدير الأمن العام سلطة تقرير زمان ومكان الاجتماع الإصرار على فرض الوصاية على حركة المجتمع المدني والانتقاص من حق المنظمين في تحديد مكان وزمان الفعالية أو التجمع الذي ينوون عقده، مؤكدة أن قانون التجمعات أحتوى على عبارات مطاطية تضمنتها الفقرة الأولى من المادة 4 في النص الأصلي من القانون إذ تعطي هذه الفقرة صلاحيات واسعة لرئيس الأمن العام في منع عقد الاجتماع للأسباب التي يقررها هو شخصياً. إن العبارات الفضفاضة وغير المحددة تعطي السلطة التنفيذية مجالاً واسعاً لتفسيرها بحسب ما ترتأيه وبالتالي تتعسف في تطبيق القانون.

ورأت الجمعية أن المادة 8 من أخطر مواد هذا القانون، فالصيغتان الأصلية والمعدلة تعطيان رئيس الأمن العام الحق في فض أي ندوة عامة بسبب وجود أشخاص من غير أعضاء الجمعية المعنية بتنظيم الفعالية من بين الحضور. كما تعطي الشرطة الحق في أن تأمر الحاضرين بالتفرق، هذا فضلاً عن تعرض الحضور للمساءلة الجنائية.

قانون الإرهاب

وأوردت الجمعية تعليق لجنة الحقوقيين الدولية كأحد أهم التعليقات الواردة بشأن قانون الإرهاب وأكثرها دقة ووضوحاً وخصوصاً فيما يتعلق بمبادئ حقوق الإنسان، ومنها أن مشروع قانون مكافحة الإرهاب يتضمن تعريفات واسعة للإرهاب والمنظمات الإرهابية من شأنها أن تهدد الحريات مثل حرية التجمع والتعبير أو حق الاعتصام, وتوسع من نطاق تطبيق عقوبة الإعدام, ويمنح سلطات خاصة للنيابة العامة فيما يتعلق بهذه الجرائم. ويحول مشروع القانون الصلاحيات على جوانب رئيسية من التحقيق من القضاء إلى النيابة العامة, بما في ذلك صلاحية القبض لمدة 90 يوماً على أساس سرية وإخفاء الأدلة. كما انه يزيد من صلاحيات النيابة العامة فيما يخص مراقبة الاتصالات بجميع وسائلها وتسجيل ما يجري في الأماكن العامة والخاصة. ويجسد مشروع القانون في بعض أجزائه ملامح من مرسوم بقانون تدابير امن الدولة الذي تم إلغاؤه في العام 2001 والذي أفضى إلى ادعاءات جدية بتعذيب ومعاملة أو عقوبة قاسية واللاإنسانية.

ترى الجمعية أن مشروع قانون مكافحة الإرهاب من شأنه أن يعرض المتهمين بالإرهاب إلى مخاطر شديدة بالتعذيب وإساءة المعاملة. وسيمنح سلطات مفرطة للنيابة العامة, ويمدد مدد القبض والحبس قبل المحاكمة بصورة غير معقولة ويقيد الطرق التي تطعن بصورة فاعلة في إجراءات القبض والاعتقال.

السلطة القضائية

كما تدعو الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان إلى ضرورة تدريب القضاة وأن تشتمل برامج التدريب على مبادئ حقوق الإنسان والحرص على معرفة القضاة بالمواثيق الدولية في هذا المجال مع التركيز على حقوق المرأة والطفل من خلال التدريب على اتفاق مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) واتفاق حقوق الطفل، مشيرة إلى الإعلان عن نية الحكومة في إنشاء معهد لتدريب القضاء إلا أن تلك النية لم تترجم إلى الآن على أرض الواقع العملي.

الحق في بيئة سليمة

وقالت الجمعية إنه على رغم وجود إدارة حكومية لحماية البيئة فإنها لا تمتلك آليات الردع الكافية لحماية البيئة. ولاتزال الشكوى تتزايد من قيام المتنفذين بردم البحار وامتلاكهم للغالبية العظمى من السواحل والأراضي. وتعمل جمعيات حماية البيئة على رصد الانتهاكات في هذا المجال إلى جانب قيامها بحملات التوعية البيئية. وخلال العام 2005 تحرك سكان بعض المناطق المنتهكة بيئياً لحماية سواحلهم وبحارهم. مثال على ذلك عندما قام أحد المتنفذين ببناء جدار عازل على ساحل الأرض التي يملكها في قرية المالكية ما نتج عنه إغلاق المنفذ البحري عن أهالي القرية الذين يعمل بعضهم في صيد السمك. ونتيجة ضغط الأهالي أمر الديوان الملكي بإزالة الجدار.

ومن القضايا البيئية التي تثير القلق ما تردد من أخبار غير مؤكدة عن نية الحكومة في ردم فشت الجارم وهي منطقة بحرية تشتهر بثروتها السمكية. كما يتردد بين الحين والآخر استمرار المتنفذين في ردم خليج توبلي ما يؤثر على الثروة السمكية. ومن جهة أخرى تتزايد الشكوى من انبعاث غازات من المصانع القريبة من المناطق السكانية.

الفقر

وأشارت الجمعية إلى أنه على رغم تمتع البحرين بمستوى جيد نسبياً من الدخل ناتج عن الإيرادات النفطية والتي تحسنت بصورة ملحوظة خلال العام 2005 نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار النفط خلال هذا العام وما قبله, وكذلك الإيرادات العائدة من أنشطتها الاقتصادية المتنوعة باعتبارها من أوائل الدول في المنطقة الخليجية التي أقدمت على تنويع مصادر الدخل الوطني من خلال تنويع الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية, فإن مظاهر الفقر في البلاد متعددة, ومن أبرز هذه المظاهر تفشي ظاهرة البطالة في صفوف الكثير من المواطنين الذين لا يجدون وظائف تلبي طموحاتهم وبأجور تفي باحتياجاتهم المعيشية.

وفي محاولة للحد من ظاهرة التسول أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية أنها بصدد إنشاء دار إيواء مؤقتة للمتسولين بحيث يبقى المتسول فيها عشرة أيام قبل تعديل وضعه. كما أعلنت الوزارة عن إعدادها مسودة مقترح قانون ضد التسول. وبحسب المقترح يعاقب بالحبس لمدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين ديناراً كل من يمتهن التسول من المواطنين. أما المتسول الأجنبي فإنه يبعد بعد محاكمته.


استخدام القوة المفرطة لمواجهة المحتجين سبّب وقوع جرحى بينهم

تحول مسيرات إلى مصادمات وعدم النجاح في التصدي لقانون

أشارت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان إلى أن المملكة شهدت في العام 2005 أعمال عنف عدة، إذ تحولت بعض المظاهرات والمسيرات السلمية إلى صدامات عنيفة مع قوات مكافحة الشغب والقوات الخاصة التي استخدمت القوة المفرطة في التعاطي مع هذه الاحتجاجات ما ترتبت عليه إصابة الكثيرين ونقل بعضهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج. وبررت وزارة الداخلية استخدامها للقوة تارة بتحريم الاحتجاجات بالقرب من بعض الأماكن كالديوان الملكي ومبنى البرلمان، وتارة أخرى بحجة عدم حصول المتظاهرين على ترخيص وإعاقتهم لحركة المرور.

وقد أدانت حينها الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان استعمال العنف المفرط في تفريق المظاهرات السلمية.

لم تسجل الجمعية خلال العام 2005 أي انتهاك للحق في الحياة أو الإعدام خارج نطاق القانون. كما لم يتم تنفيذ حكم إعدام، كما لم تسجل أية حالة اختفاء قسري ولكن لم يتم حتى الآن الكشف عن مصير الطفلة فاطمة توفيق التي اختفت في ظروف غامضة العام 2002.

وبينت الجمعية أن الجهود الأهلية والسياسية لم تنجح في إلغاء القانون رقم 56 لسنة 2002 الذي يمنح الحصانة لمرتكبي جرائم التعذيب في فترة قانون أمن الدولة. وفي مايو/ أيار 2005 قدمت البحرين تقريرها عن تفعيل اتفاق مناهضة التعذيب أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية. وقد انتقدت اللجنة القانون المذكور وطالبت الحكومة بإلغائه وبتمكين ضحايا التعذيب من محاكمة معذبيهم في محكمة عادلة. وقد قدمت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان بالتعاون مع الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان تقريراً موازياً مشتركاً. وطالبتا فيه بإلغاء القانون وبوقف أية أعمال تعذيب أو إهانة أو معاملة قاسية يتلقاها الموقوفون والسجناء في البحرين.

ولم يشهد العام 2005 حالات موثقة ومنهجية لممارسة التعذيب سواء في أماكن الاحتجاز بأقسام الشرطة ودائرة المباحث الجنائية أو في السجون. وقد اشتكى بعض المحامين من تعرض موكليهم المتهمين في قضايا جنائية إلى سوء المعاملة والضرب في مراكز التوقيف من أجل انتزاع الاعترافات منهم، إلا أن الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان لم تتمكن من التحقق من ذلك بسبب عدم حصولها على تصاريح لزيارة أماكن التوقيف.

كما ادعى الكثير من الأشخاص الذين تم توقيفهم في مراكز التحقيق مثل أولئك الذين اعتقلوا أمام الديوان الملكي وجرى توقيفهم في مقر قيادة أمن المحافظة الجنوبية بالرفاع وكذلك أولئك الذين اعتقلوا قرب البرلمان وجرى توقيفهم في مقر المباحث الجنائية عن تعرضهم للضرب على يد الشرطة. كما اشتكى الكثير ممن جرى توقيفهم خلال أعمال الاحتجاجات عن منعهم من الاتصال بذويهم وعدم تزويدهم باحتياجاتهم الضرورية.

من ناحية أخرى، اشتكى الناشط في لجنة العاطلين موسى عبدعلي عن تعرضه للضرب والاعتداء الجنسي من قبل أشخاص مجهولي الهوية. وقد زاره في مسكنه وفد من الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان بعضوية أحد الأطباء وتأكدوا من وجود آثار ضرب على جسده، إلا أنهم لم يتمكنوا من الكشف عليه للتحقق من صحة ادعائه بالاعتداء الجنسي عليه؛ إذ انه لم يحضر إلى مقر الجمعية بحسب ما اتفق معه إلى مركز الكرامة لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب لإجراء الفحوصات اللازمة عليه. وقد تقدم عبدعلي بشكوى إلى النيابة العامة متهماً السلطات الأمنية بالاعتداء عليه ثم تراجع في ديسمبر لعدم تعاون النيابة معه.

ورأت الجمعية أن أسلوب التعامل مع المتظاهرين والمحتجين تغير وذلك منذ ما يعرف بحادث المطار 25 ديسمبر/ كانون الأول 2005. فبعد أن كان يطلق سراح الأشخاص الموقوفين بعد التحقيق معهم في مراكز الشرطة؛ نظرت المحاكم في قضايا أشخاص جرى اعتقالهم إثر بعض المسيرات والتظاهرات الاحتجاجية. كما تم تمديد اعتقال متهمي حادث المطار ومتهمي حادث الدانة، والديه وغيرها بأمر من النيابة العامة أو القضاء. ولم يتم قبول إطلاق سراحهم بكفالة قبل إصدار الأحكام عليهم، الأمر الذي يعتبر تعسفاً بحقهم.


تراجع في الحريات المدنية والسياسية وتضييق على الجمعيات الأهلية

وأكدت الجمعية أن البحرين شهدت خلال 2005 المزيد من التراجعات فيما يتعلق بالحريات المدنية والسياسية ومنها استمرار منع عدد من المواطنين من النشطاء السياسيين السابقين، من دخول بعض البلدان الخليجية وتحديداً المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، مشيرة إلى أنه يعتقد هؤلاء أن منعهم من دخول هذه البلدان يعود إلى قوائم سابقة مقدمة من قبل وزارة الداخلية البحرينية في فترة التسعينات من القرن الماضي. إلا أن الوضع لم يصحح بعد الانفتاح السياسي.

ومن ناحية أخرى لاتزال الجمعيات الأهلية الأخرى محكومة بقانون الأندية والجمعيات للعام 1989، وقد شهد العام 2005 استمرار الرقابة المشددة من قبل مؤسسة الشباب والرياضة على الأندية ووزارة التنمية الاجتماعية على الجمعيات الأهلية. ففي 15 يونيو/ حزيران 2005 دعت وزارة التنمية الاجتماعية الجمعيات لحضور ورشة عمل لمناقشة وتفسير بنود المرسوم بقانون رقم 21 للعام 1989 المعروف بقانون الجمعيات الأهلية. وقد انسحبت من الاجتماع سبعون جمعية احتجاجاً على القانون المقيد لعملها، وطالبت بإقرار قانون سبق أن أعدته لجنة تفعيل ميثاق العمل الوطني. ويذكر أن الحكومة رفعت مشروعاً بقانون للجمعيات الأهلية لمناقشته، إلا أن الوزيرة رأت أن إجراء بعض التعديلات على القانون الحالي أفضل من إقرار قانون جديد.

من جهة أخرى، أفادت وزارة الشئون الاجتماعية آنذاك أن عدداً من جمعيات النفع العام قامت بتصحيح أوضاعها وذلك على إثر إنذار وجهته الوزارة في منتصف العام 2004 إلى 85 بإغلاقها ما لم تصحح أوضاعها وخصوصاً من جهة إيجاد مقرات دائمة لها وتفعيل أنشطتها.

كما استمر رفض وزارة العمل والشئون الاجتماعية آنذاك للتصريح بإنشاء الاتحاد النسائي الذي يضم في عضويته اثنتي عشرة جمعية نسائية. وقد رفعت اللجنة التحضيرية للاتحاد دعوى أمام المحاكم تطالب فيه بإلزام الوزارة بإشهار الاتحاد. وقد أيدت المحكمة المدنية مطالب اللجنة التحضيرية إلا أن وزارة التنمية الاجتماعية التي شكلت بعد فصل العمل عن الشئون الاجتماعية لم تطبق الحكم. وتشترط الوزارة عدم تعارض مهمات الاتحاد مع مهمات المجلس الأعلى للمرأة وهو مؤسسة حكومية تعنى بشئون المرأة، كما تشترط أيضاً عدم التدخل في الشئون السياسية. وإلى نهاية العام 2005 لم تتمكن اللجنة التحضيرية للاتحاد النسائي في البحرين من الحصول على الإشهار الرسمي. ويعتبر هذا الأمر مؤشراً لوصاية الجهات الرسمية على المنظمات الأهلية.


التفرغ النقابي... تطور إيجابي

من التطورات الإيجابية في هذا الخصوص صدور نظام التفرغ النقابي والقاضي بتفريغ جميع أعضاء مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين وكذلك تفرغ رئيس إدارة النقابة ونائبه إذا كان عدد أعضاء النقابة ألف عضو فأكثر. أو تفرغ الرئيس فقط إذا كان بلغ عدد أعضاء النقابة أكثر من 300 عضو. ويقضي القرار كذلك بتفرغ الرئيس لمدة يومين في الأسبوع إذا كان عدد أعضاء النقابة يزيد على مئة ويقلون عن 300 عضو.

وأشارت الجمعية إلى أن الحكومة مازالت ترفض تشكيل نقابات في القطاع الحكومي وذلك استناداً إلى التعميم الوزاري رقم (1) الصادر من ديوان الخدمة المدنية بتاريخ 10 فبراير/ شباط 2003، في حين يصر العاملون في القطاع الحكومي على ممارسة حقهم في تشكيل نقاباتهم وذلك على ضوء المرسوم بقانون رقم 33 لسنة 2002 الذي لم يشر صراحة إلى حظر تشكيل النقابات في القطاع الحكومي.


في مؤتمر تدشين «أوضاع حقوق الإنسان»... الدرازي:

قوة التقرير «معنوية» لسمعة البحرين... ورفعنا نسخة منه إلى الملك

المنامة- ندى الوادي

برر نائب الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي تأخر تدشين التقرير السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين للعام 2005 حتى هذا الوقت بانشغال الجمعية في مراقبة الانتخابات النيابية والبلدية الماضية، مشيراً إلى أن نسخاً من هذا التقرير رفعت إلى جلالة عاهل البلاد المفدى، وإلى المؤسسة التشريعية والصحافة والإعلام إلى جانب عدد من الجهات المختلفة «ليعمل الجميع على متابعة توصياته» بحسب قوله.

جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي أقامته الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان مساء أمس لإعلان تدشين هذا التقرير الذي تحدث عن قضايا مختلفة تتعلق بحقوق الإنسان في البحرين في العام 2005، وتحدث فيه إلى جانب الدرازي كل من عضو الأمانة العامة في الجمعية أحمد الحجيري، وعضو الجمعية المحامي عيسى إبراهيم. فيما تميز اللقاء بحضور مجموعة من الصحافيين اليمنيين وأعضاء من منتدى شقائق اليمن لحقوق الإنسان الذين يقومون بزيارة للبحرين حالياً من أجل الإعداد لورشة عمل عن حقوق الإنسان.

وفي رده على سؤال لـ» الوسط» عما يلي تدشين التقرير، قال الدرازي: «إن الجمعية لا تملك سلطة التنفيذ وبالتالي فإن قوة التقرير معنوية لأنها تؤثر على سمعة البحرين خارجياً من حيث مدى اهتمامها بحقوق الإنسان، وخصوصاً على صعيد الاستثمار الخارجي إذ تتأكد الدول عادة من وجود سجل حقوقي جيد لدى الدولة(بحسب قوله) قبل أن تستثمر فيها». مضيفاً « قمنا بتوزيع نسخ من التقرير النهائي على جلالة الملك المفدى والمؤسسات الرسمية والصحافة ومعظم المنظمات الدولية، وهدفُنا هو أن يتابع الجميع وعلى رأسهم وسائل الإعلام والمؤسسة التشريعية مستوى حقوق الإنسان وقضاياه في البحرين».

وذكر الدرازي أيضاً أن التقرير كان من المفترض صدوره في شهر يونيو/حزيران أو يوليو/ تموز ككل عام إذ تصدر تقارير الجمعية السنوية عادة في هذه الفترة، معللاً التأخير في صدور التقرير هذا العام بانشغال الجمعية بمراقبة الانتخابات النيابية والبلدية السابقة، وانشغالها في مشروع مراقبة السجون اللذين أخرا إصدار التقرير. وهو الأمر الذي علقت عليه الناشطة اليمنية أمل الباشا بقولها: «يجب ألا تتأخروا في إصدار هذا النوع من التقارير، فحقوق الإنسان لا تتأخر».

وتعليقاً على «تسريب» نسخة من التقرير نشرت في إحدى الصحف المحلية أمس، قال الدرازي: « تفاجأنا في الجمعية بنشر هذه النسخة التي هي مسودة للتقرير وليست التقرير النهائي، وقمنا بالتحقيق في الموضوع وخصوصاً أن التقرير لم يخرج من بين أيدي أعضاء مجلس الإدارة، إذ تأكدنا من عدم تورط أي منهم في تسريب تلك النسخة قبل التدشين الرسمي، ونحب تأكيد أنه أياً تكن الظروف فإن التقرير تمت سرقته بشكل غير شرعي».

من جانب آخر استفادت الجمعية كثيراً من التجربة المغربية في إطار قضايا مناهضة التعذيب، معتبرة هذه التجربة قادمة من إطار عام واسع يشمل قضايا حقوق الإنسان في مختلف الدول العربية على رغم الخصوصية التي تفرق بين بلد وآخر، وفي هذا الصدد قال الدرازي: «إن من الضروري بمكان الاستفادة من التجارب المتشابهة في كل مكان في قضايا حقوق الإنسان، فعلى رغم اختلاف بعض أبعادها من موقع إلى آخر، فإنها في النهاية القضايا نفسها.


معاناتها تتضاعف بسبب غياب «الأحوال الشخصية»

«حقوق الإنسان»: دخول المرأة التشكيلة الوزارية تطور إيجابي

رأت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان أن من المظاهر الإيجابية تعيين فاطمة البلوشي كأمرأة وزيرة للشئون الاجتماعية وذلك في 15 يناير/ كانون الثاني 2005. وقد سبق تعيين وزيرة للصحة. وفي الوقت نفسه تتزايد مطالبات المنظمات النسائية بضرورة العمل على زيادة نسبة المرأة في مراكز اتخاذ القرار. وفيما يتعلق بالسلطة التشريعية تجدر الإشارة إلى عدم وجود أية امرأة في مجلس النواب المنتخب؛ بينما توجد خمس نساء في مجلس الشورى المعين.

رفض ديوان الخدمة المدنية الاقتراح الذي تقدمت به لجنة الخدمات بمجلس النواب والقاضي بإعطاء المرأة الحق في طلب التقاعد المبكر على أساس أنه يضر بمبدأ المساواة بين الجنسين في أنظمة التوظيف. وقد بنى النواب اقتراحهم استناداً إلى الظروف الخاصة بالمرأة المتعلقة برعاية الأطفال والمسئوليات الأسرية الأخرى. في الوقت الذي اعتبرت المدافعات عن حقوق الإنسان الاقتراح ذريعة لإبعاد المرأة عن الحياة العامة على اعتبار أن المرأة التي تحصل على التقاعد المبكر بعد سن الخمسين تكون مسئولياتها الأسرية من ناحية رعاية الأبناء قد انخفضت إلى حد بعيد. وطالبن عوضاً عن التقاعد المبكر منح المرأة تسهيلات في فترة الحمل والإنجاب ورعاية الأبناء من دون أن يؤثر ذلك على انخراطها في سوق العمل.

وأكدت الجمعية أن معاناة المرأة لاتزال تتضاعف جراء غياب قانون للأحوال الشخصية. ففي الوقت الذي أصرت الجمعيات النسائية والحقوقية على ضرورة تبني قانون موحد للطائفتين السنية والشيعية؛ أصر علماء الدين على تبني قانونين أحدهما يطبق على المذهب السني والآخر للمذهب الجعفري.

وقد أبدت الحكومة تفهماً لموقف علماء الدين وقامت بإصدار مسودتين لقانونين منفصلين. إلا أن علماء أصروا على ضرورة عرض القانون على المراجع، كما دعوا إلى عدم إصدار القانون ضمن آليات البرلمان وإلى ضرورة توفير الضمانات الدستورية الثابتة بعدم المساس بالقانون إلا عبر المرجعية الشرعية وليس التشريعية. كما أبدى بعض شيوخ الدين السنة بعض التحفظات على القانون السني من أبرزها ضرورة أن يوضع في الاعتبار المذاهب السنية الأربعة كافة عند صوغ القانون.


...ووضع العمالة الأجنبية سيئ ولم يتغير

وأكدت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان أنه لم يطرأ أي تحسن ملحوظ على أوضاع العمال الوافدين خلال العام 2005. إذ مازالت هذه الفئة من القوى العاملة في البحرين تعاني الكثير من الصعوبات والمشكلات في العمل وفي أحوالها المعيشية والمهنية؛ وذلك في ظل غياب تمثيل نقابي فعلي لهم, بالإضافة الى غياب أجهزة الرقابة والتشريع المعنية بالعمال الوافدين، وتزايد حالات الانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل أرباب العمل الذين نادراً ما يبدون اهتماماً بتحسين ظروف العمل وشروطه؛ أو تحسين بيئة العمل حفاظاً على سلامة وصحة عمالهم جراء ذلك على رغم الزيادة الملحوظة لإجراءات التفتيش التي تقوم بها وزارة العمل للتأكد من تطبيق اشتراطات السلامة والصحة المهنية في المنشآت الصناعية والإنشائية والخدمية بمختلف فئاتها.

ويعاني العمال الأجانب من سوء معاملة أصحاب العمل وسوء الأحوال المعيشية، الأمر الذي يدفع البعض منهم إلى حدود اليأس ويدفعهم الى الانتحار. ففي شهر مارس/ آذار تظاهر 100 عامل وعاملة في مصنع للملابس الجاهزة في أعقاب انتحار أحد العاملين الوافدين بالمصنع. وبحسب ما ذكره المضربون أن الشركة رفضت دفع رواتبهم المتأخرة التي تعود إلى شهر أغسطس/ آب من العام 2004. كما ذكر أحد العاملين المشاركين في الإضراب أن نحو 360 عاملاً وعاملة من الجنسيات الآسيوية اضطروا لترك العمل في المصنع منذ ديسمبر/ كانون الأول 2004 نتيجة سوء المعاملة.

أما على صعيد العمالة المنزلية فمازالت عرضة للكثير من الانتهاكات والمعاملة القاسية من قبل مخدوميها تصل إلى حد الضرب والتشويه الجسدي وأحياناً إلى انتهاك العرض على رغم وجود جمعية خاصة بحماية العمال المهاجرين تمارس دورها في رعاية وحماية الضحايا الذين يتعرضون لهذه الانتهاكات وتقديم المساعدة الممكنة لها, وهو تطور ايجابي لصالح هذه الفئة من الوافدين.

...والاتجار بالنساء مستمر

وأكدت الجمعية أنه لايزال الكثير من النساء من بعض الدول الآسيوية والأوروبية الشرقية وبعض الدول العربية والإفريقية يُجلبن للبحرين لغرض الترفيه في الفنادق والشقق المفروشة. كما يُجلب البعض منهن بعقود للعمل في الفنادق أو المطاعم والمقاهي أو بائعات في المتاجر وغير ذلك ثم يجدن أنفسهن مرغمات على ممارسة البغاء أو على أقل تقدير مجالسة الزبائن في الملاهي والحانات. كما توجد شبكات يديرها بعض الأجانب تحرض عاملات المنازل على الهروب من منازل كفلائهن وتشجعهن على ممارسة البغاء. ففي فبراير/ شباط 2005 أصدرت وزارة الإعلام المسئولة في الوقت نفسه عن السياحة قراراً بإغلاق تسعة مرافق سياحية بسبب اشتغالها بأعمال مخلة بالأخلاق العامة. إلا ان اثنين من مالكي تلك المرافق ممن وصفتهم الصحف بالمتنفذين رفضا الانصياع لقرار الوزارة.

ويمارس الكفلاء أساليب قاسية على هؤلاء النسوة إذ يتم حجزهن في السكن ولا يسمح للبعض منهن بالخروج طوال مدة إقامتهن. والبعض منهن لا يخرجن إلا تحت حراسة. لذلك تجد منظمات حقوق الإنسان صعوبة كبيرة في رصد حالات الاتجار بالنساء. وترد للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان شكاوى بين الفترة والأخرى عن إجبار بعض الكفلاء ومالكي الفنادق للعاملات لديهم لممارسة البغاء. ومما يؤسف له عدم وجود آلية ردع فعالة للقضاء على هذه المشكلة. كما لا توجد إحصاءات عن عدد النساء الضحايا. كما يعتقد أن هؤلاء لا يخضعن للفحص الطبي الدوري كما لا يستعملن وسائل تحميهن من الأمراض الخطيرة كالايدز أو التهاب الكبد الوبائي والأمراض الجنسية.


دعت إلى فصل النيابة عن «العدل» وإرجاع ديوان الرقابة إلى «النواب»

المطالبة بتعديل القوانين بما يتلاءم وروح الدستور والأعراف الدولية

أكدت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان أنه سبق لها أن تقدمت بعدة توصيات في تقاريرها السابقة ولم ينجز منها إلا الشيء اليسير. وفيما يأتي بعض الإضافات التي أملت الجمعية أن تأخذها الجهات المعنية بجدية وتعمل على تطبيقها:

1- ضرورة التوصل إلى صيغة توافق بين الحكم والشعب على دستور عقدي يُطرح لإقراره في استفتاء عام ويحقق المزيد من الحقوق والحريات للشعب.

2- تعديل القوانين وإصدار قوانين جديدة تتلاءم مع روح الدستور والأعراف والمعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

3- إصلاح الأجهزة الحكومية القائمة وإنشاء أجهزة جديدة تتماشى مع مرحلة الإصلاح وذلك من أجل بناء نظام ديمقراطي دستوري يلبي طموحات الشعب ويتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان والشرعة الدولية.

4- ضرورة إصدار قانون الأحزاب السياسية.

5- تعديل قانون ممارسة الحقوق السياسية وقانون الدوائر الانتخابية بما يؤمن ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية بصورة متكافئة وعادلة بما يسهم في تأسيس حياة سياسية مستقرة.

6- تعديل قانون الجمعيات والأندية للعام 1989 بما يؤمن عدم تدخل الدولة في شئون الجمعيات الأهلية ويعزز نزاهتها وشفافيتها وحيويتها لتصبح شريكاً مع الحكومة في تحمل المهمات الوطنية والتنموية.

7- سرعة إصلاح وبحرنة الأجهزة المناط بها إنفاذ القانون.

8- فصل النيابة العامة فعلياً عن وزارة العدل بحيث يتعزز دورها كهيئة قضائية مستقلة وشعبة أصيلة من السلطة القضائية.

9- نقل ديوان الرقابة لمجلس النواب ليتمكن من ممارسة سلطاته الرقابية.

10- الإسراع بالقضاء على مشكلة البطالة.

11- الإسراع في حل المشكلات التي يعاني منها المبعدون والمفصولون من أعمالهم في حقبة أمن الدولة وخصوصاً فيما يتعلق بحقوقهم التقاعدية والعمل والسكن.

12- حماية العمالة الأجنبية من الاستغلال عن طريق التصديق على الاتفاقات الدولية بهذا الخصوص وتفعلها في القوانين الوطنية وعلى صعيد الممارسة العملية.

13- تعزيز السياحة النظيفة والقضاء على الدعارة والاتجار بالنساء.

14- تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين الذكور والإناث والقضاء على مظاهر التمييز التي تعاني منها المرأة.

15- وضع آلية لمحاربة العنف الأسري والعنف ضد المرأة ودعم جهود الجمعيات الأهلية في هذا المجال.

16- الإسراع في الانضمام إلى العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية.

17- التصديق على نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المواثيق الضرورية لحماية حقوق الإنسان والحريات العامة.

18- التصديق على البروتوكولات الملحقة بالمعاهدات الدولية ورفع التحفظات عن المواد التي تتحفظ عليها الدولة في المعاهدات الدولية.

19- تقديم التقارير الوطنية بشأن الاتفاقات التعاقدية للأمم المتحدة في مواعيدها المقررة، مع الحرص على موضوعيتها وإشراك مؤسسات المجتمع المدني في صوغها ومناقشتها، مع حق هذه المنظمات في تقديم تقارير موازية.

20- تشجيع المقررين الخاصين للأمم المتحدة واللجان المتخصصة لزيارة البحرين للإطلاع على تجربة البحرين في مجال تعزيز حقوق الإنسان وذلك بهدف تطوير العمل في هذا المجال.

21- الإسراع بفتح فرع للمعهد العربي لحقوق الإنسان في مملكة البحرين ما سيسهم بلاشك في نشر ثقافة حقوق الإنسان على المستوى الوطني والخليجي.

22- تعزيز التعاون بين الحكومة والمنظمات الحقوقية وتسهيل مهماتها باعتبارها شريكاً وليس خصماً، وبالمقابل على هذه المنظمات العمل بحيادية وحرفية.

23- السماح للجمعيات الحقوقية بتفقد السجون وغيرها من المؤسسات العقابية وأماكن الاحتجاز بشكل دوري.

24- إنشاء لجنة مستقلة لمراقبة السجون وأماكن الاحتجاز.

25- إلغاء المرسوم بقانون رقم 56 الذي يمنح الحصانة لمرتكبي جرائم التعذيب في السجون والمعتقلات وذلك في الفترة التي سبقت الانفتاح السياسي.

26- إيجاد آلية لتطبيق مبدأ الإنصاف والمصالحة وإشراك جمعيات المجتمع المدني ذات العلاقة وذلك من أجل طي صفحة الماضي وإنصاف ضحايا التعذيب في الفترة التي سبقت الانفتاح السياسي.

27- تكثيف الجهود الحكومية للإفراج عن معتقلي غوانتنامو.

28- السعي لدى المملكة العربية السعودية للإفراج عن عبدالرحيم المرباطي المعتقل في السجون السعودية.

29- السعي لدى حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لحذف أسماء المواطنين الممنوعين من دخول أراضيها.

30- تشكيل هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات النيابة والبلدية.

31- إلغاء المراكز العامة بخصوص الانتخابات النيابية والبلدية.


الصحافة مازالت بعيدة عن الشفافية والرقابة

شهد العام 2005 ظهور صحيفة يومية خامسة، وبذلك ارتفعت الصحف اليومية الصادرة باللغة العربية بالإضافة إلى صحيفتين تصدران باللغة الإنجليزية. كما ازداد عدد النشرات الإعلامية الصادرة عن الجمعيات السياسية والأهلية والنقابات العمالية.

وعلى رغم التحسن في تناول الصحافة للشأن المحلي؛ فإنه يعتقد بأن الصحافة لاتزال بعيدة عن الدور المفترض أن تؤديه في تعزيز الشفافية والرقابة. إذ لايزال بعضها يتعرض بالغمز للمعارضة وتتحاشى نشر بياناتها الصحافية وتغطية أنشطتها. ولم تسلم الأنشطة الحقوقية من ذلك إذ إن بعض الصحف تتحاشى نشر بياناتها بشأن الحوادث التي تدور في الساحة المحلية أو تنشرها باقتضاب شديد.

وأشارت الجمعية في تقريرها إلى أنه لايزال موضوع مشروع تعديل قانون الصحافة والطباعة والنشر المعروض من الحكومة على مجلس النواب يتفاعل على جميع الأصعدة الصحافية والحقوقية والتشريعية وخصوصاً بعد أن قامت الحكومة بإدخال تعديلات على القانون الحالي رقم (47) لسنة 2002. وتكمن معارضة الوسط الصحافي والثقافي والحقوقي للقانون بسبب تضمنه مواد تعرض الصحافي إلى عقوبة الحبس؛ الأمر الذي اعتبره المهتمون بأنه يشكل تخويفاً للصحافة والعاملين فيها ويعوقهم عن الخوض في الشأن العام بشفافية وصراحة. إضافة إلى ردع من تسول له نفسه تخطي الخطوط الحمراء في المحاسبة ونقل المعلومات ومحاربة الفساد وغيره.

المواقع الإلكترونية

أثار هامش الحرية الواسع الذي تتمتع به المواقع الإلكترونية والانتقادات التي توجهها للجهات الحكومية قلق المسئولين. لذلك قامت إدارة المطبوعات والنشر بوزارة الإعلام في أبريل/ نيسان 2005 بإصدار قرار يقضي بضرورة تسجيل تلك المواقع لدى الوزارة وذلك اعتباراً من الثاني من مايو/ أيار 2005. وقد أثار هذا القرار ردود فعل عدة وعارضته جهات حقوقية وسياسية واعتبرته تضييقاً لحرية الرأي.

وقبل ذلك وتحديداً في 27 فبراير/ شباط 2005 تم اعتقال علي عبدالأمام مسئول موقع البحرين أون لاين (Bahrain on Line) الموجود والمسجل عملياً على الولايات المتحدة الأميركية ومساعديه حسين يوسف ومحمد الموسوي بتهمة نشر شائعات تضر بالمصلحة العامة وخرق قوانين الاتصالات وقوانين الطباعة والنشر، وتم تحويل قضيتهم على النيابة العامة التي أمرت بحبسهم لمدة 15 يوماً احتياطياً.

وبعد انقضاء المدة تم إطلاق سراح الثلاثة بضمان محل إقامتهم ومنعهم من السفر كما أمرت شركة البحرين للاتصالات (بتلكو) بإزالة المعلومات التي يبثها الموقع على شبكة الإنترنت ووقف إمكان الدخول على الموقع بعد أن أمر القاضي بوقف الموقع بصفة دائمة. وفي الوقت الذي ينادي فيه الناشطون في مجال حقوق الإنسان بإطلاق حرية التعبير على جميع الأصعدة بما في ذلك المواقع الإلكترونية?

العدد 1566 - الثلثاء 19 ديسمبر 2006م الموافق 28 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً