تعد سيطرة القوات السورية على مدينة القصير الاستراتيجية مكسباً مهماً لنظام الرئيس بشار الأسد يعزز موقعه التفاوضي في مرحلة التحضير لمؤتمر دولي حول سورية، ونكسة للمعارضة تضعف معنويات مقاتليها، بحسب ما يقول محللون.
وأبرزت معركة القصير الدور الرئيسي لحزب الله إلى جانب النظام في القتال الميداني، وهو ما يتوقع المحللون استمراره طالما احتاج النظام إلى خبرة مقاتلي الحزب في حرب الشوارع، في ظل قرار حاسم من حلفاء دمشق بمنع سقوط النظام.
ويقول الخبير في معهد بروكينغز للدراسات في الدوحة، شادي حميد إن لاستعادة النظام السيطرة على القصير «تأثيراً مهماً. إنها تأكيد لما كنا نراه منذ فترة لجهة أن النظام يكسب على الأرض في مواجهة الثوار، وتزداد ثقته بنفسه. في المقابل، الأمر له تأثير سلبي على معنويات الثوار الذين يعانون من انقسامات داخلية ويخسرون على الأرض».
ويضيف «خلال العامين الماضيين، تعامل الناس مع سقوط النظام وكأنه أمر لا مفر منه، لكن أعتقد أن ما تؤكده القصير هو أن سقوط النظام ليس حتمياً».
وبعد أكثر من أسبوعين من المعارك الضارية في هذه المدينة القريبة من الحدود اللبنانية، سيطرت قوات حزب الله والنظام الأربعاء الماضي على القصير التي انسحب منها آلاف المقاتلين المعارضين والناشطين والمدنيين والجرحى.
ويرى حميد أن هذه السيطرة «مهمة من الناحية النفسية، ليس فقط بالنسبة إلى دمشق بل أيضاً بالنسبة إلى المجتمع الدولي». ويضيف «في أي مؤتمر سلام أو مفاوضات سياسية، تضع (هذه السيطرة) النظام في موقع أفضلية، وتوفر له رافعة إضافية».
وتشهد الساحة الدبلوماسية تحضيرات لعقد مؤتمر دولي دعت إليه موسكو وواشنطن، يشارك فيه ممثلون للنظام والمعارضة سعياً للتوصل إلى حل للنزاع الذي أودى بأكثر من 94 ألف شخص. وأعلنت دمشق استعدادها المبدئي للمشاركة في المؤتمر، فيما تشترط المعارضة رحيل الأسد وانسحاب حزب الله وإيران من سورية.
ويرى الخبير العسكري في مركز «إينغما» للدراسات ناجي ملاعب أن النظام يسعى إلى «أن تكون المدن الرئيسية، أي حمص (وسط) وحلب (شمال) ودمشق نظيفة قبل الاجتماعات الدولية».
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس- سود خطار ابو دياب إن النظام «يعطي الآن الانطباع بأنه قوي جداً لأنه يستطيع بسط سيطرته من دمشق إلى آخر الساحل».
وتعتبر القصير صلة وصل أساسية بين دمشق، نقطة ارتكاز النظام، والساحل السوري ذي الغالبية العلوية، الأقلية الدينية التي ينتمي إليها الأسد.
ويشير ملاعب إلى أن السيطرة على القصير «تعني ضرباً للسكان (وغالبيتهم من السنة)، وباتت جزءاً من الخطة (باء) التي وضعها النظام في حال ثمة صار فرز (طائفي) للمناطق».
ويرى خبراء أن النظام، في حال شعر بفقدان السيطرة، قد يركز قوته في المنطقة العلوية (غرب) التي تتكدس فيها الأسلحة والذخائر، ويتحصن فيها. ومصلحته الأولى ربط هذه المنطقة بالعاصمة.
وأدى حزب الله، صاحب الترسانة العسكرية الضخمة والمدعوم من طهران، دوراً رئيسياً في معارك القصير، وأكد أمينه العام حسن نصرالله أن لسورية «أصدقاء حقيقيين» لن يسمحوا لها بأن تسقط.
ويقول ملاعب «عندما يؤكد السيد حسن نصرالله أن سقوط النظام السوري ممنوع، فهذا يعني أنه ينفذ قراراً إيرانياً» بذلك.
ويرى أن مهمة الحزب في سورية تبدلت في الأشهر القليلة الماضية، مشيراً إلى وجود «عناصر لحزب الله في غرف القيادة والسيطرة» منذ بدء الأحداث، و»ظهرت قوتهم القتالية في القصير».
ويعتقد المحللون أن الحزب سيواصل تأدية دور في الميدان السوري بعد إتمام السيطرة على القصير.
ويقول حميد «إذا احتاجهم النظام (مقاتلو الحزب)، فهم هناك لخدمته في المعركة».
ويرى حميد من جهته أن «النظام يستخدم قوى من حزب الله ذات خبرة في قتال الشوارع» تضمن له بقاءه في المدن التي يدخلها.
بالنسبة إلى مقاتلي المعارضة الذين يشكون من ضعف التجهيزات والتسليح في وجه القوة النارية والجوية الضخمة للقوات النظامية، يعتبر سقوط القصير ضربة معنوية رغم صمودهم فيها على مدى أكثر من سنة.
ويقول حميد «إنها ضربة قاسية ورمزية... بالنسبة إلى معنويات مقاتلي المعارضة». بينما يشير ملاعب إلى أن القصير «كانت طريق إمداد للمعارضة السورية المسلحة» من مناطق ذات غالبية سنية في شمال لبنان وشرقه.
إلا أن الخبراء يؤكدون أن معركة القصير وإن كانت تعطي النظام أفضلية ميدانية، لن تؤثر في حسم وجهة النزاع المستمر منذ منتصف مارس/ آذار 2011.
ويقول أبو دياب إن خسارة القصير «لا تعني نهاية الطريق. في فبراير/ شباط 2012، ظن النظام السوري أن معركة بابا عمرو (الحي الذي شهد معركة حظيت بتغطية عالمية) تعني نهاية الوضع والانتصار الحقيقي، ولم يكن ذلك صحيحاً. سقوط القصير سيجعل المعارضة السورية أكثر راديكالية، وسيكون هناك ابتعاد عن العمل السياسي والمزيد من العسكرة».
ويضيف «أعتقد أن جنيف -2 أصبح مهدداً بشكل هائل (...). لا أظن أن مسألة القصير ستسهل عقد جنيف-2 بل ستعقد الأمور أكثر».
العدد 3929 - الأحد 09 يونيو 2013م الموافق 30 رجب 1434هـ
تلاقت المصالح بين حزب الله وامريكا
تنظيم القاعدة وأخواتها ألد أعداء أمريكا،وهي تلاحقها بكل مكان. كيف يشعر حزب الله وهو يؤدي خدمة جليلة لأمريكا بعد أن أعلن الحرب على"القاعديين"