أجمع مسئولون في الأمم المتحدة على أن الطبيعة والتكتيكات المتطورة للصراعات المسلحة تعرض الأطفال لأخطار غير مسبوقة بما في ذلك في سورية، مؤكدين أنه على الرغم من التقدم المحرز في حماية الشباب أثناء الحرب، إلا أن مخاوف واتجاهات جديدة مثيرة للقلق قد نشأت، تجعلهم أكثر عرضة للخطر.
وذكرت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة ليلى زروقي، خلال الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي بشان الأطفال والصراعات المسلحة، أنه «فيما ظهرت صراعات جديدة أو تعمقت خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية يواصل الأطفال تكبد ثمن فادح قد يكون الأكبر في الصراع». وشددت على أن الطبيعة والأساليب المتطورة للصراعات المسلحة أسفرت عن تهديدات غير مسبوقة للأطفال، محذرة من أن غياب خطوط أمامية واضحة للصراع، وعدم وجود خصوم محددين وزيادة استخدام الأساليب الإرهابية جعلت الأطفال أكثر عرضة للخطر. وفي استعراضها للتقرير السنوي للأمين العام عن الأطفال والصراعات المسلحة، قالت زروقي إنه على الرغم من أن الفترة التي يغطيها التقرير شهدت تحقيق تقدم وخاصة بالنسبة لإجراء الحوار مع أطراف الصراعات والاتفاق على خطط العمل، إلا أن هناك مخاوف واتجاهات جديدة مثيرة للقلق قد نشأت خلال تلك الفترة نفسها.
الجماعات المسلحة ترتكب
الانتهاكات ضد الأطفال
وأشارت زروقي، في إفادتها، إلى أن الجماعات المسلحة غير التابعة للدول تمثل غالبية مرتكبي الانتهاكات ضد الأطفال ممن يحددهم التقرير السنوي، وشددت على أهمية إيجاد طرق مبتكرة لمعالجة هذه المسألة وتشمل ما يعرف بقائمة العار التي يتضمنها التقرير 55 جهة، ترتكب الانتهاكات ضد الأطفال، من بينها 46 جماعة غير تابعة للدولة، واستعرض التقرير حالات في 21 دولة، فضلاً عن أثر أنشطة الصراع الإقليمي الذي يشعله جيش الرب للمقاومة على الأطفال في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى، وجنوب السودان.
وسلط التقرير الضوء على جمهورية الكونغو الديمقراطية وسورية وقالت زروقي إنه «بعد عامين على بدء الصراع في سورية، ما زلنا بعيدين عن إنقاذ حياة الأطفال، وفيما يستمر اشتعال الصراع يؤثر في بشكل بالغ مواصلة ارتكاب الانتهاكات الخطيرة ضد الأطفال على هذا النطاق الهائل». وأضافت «منذ إفادتي الأخيرة للمجلس حول الأطفال في سورية، قتل منهم العشرات وأصيبوا وشوهوا واعتقلوا وعذبوا وجندوا وأجبروا على ارتكاب الفظائع أو مشاهدة ارتكابها». وأعلنت زروقي خلال الجلسة عن عزمها زيارة سورية والمنطقة خلال الأيام المقبلة لتقوم، بشكل مباشر، بتقييم عواقب الصراع على الأطفال هناك.
وأكدت أنها ستجدد دعوتها لجميع أطراف الصراع لاتخاذ كل التدابير الممكنة لضمان حماية الأطفال أثناء العمليات العسكرية والامتثال للقانون الدولي.
الصراعات المسلحة وأثرها على الأطفال
وقدمت أيضاً نائب المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» يوكا براندت تقريرها لمجلس الأمن. وأبرزت التأثير الجسدي والنفسي لاستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان على الأطفال، مضيفة أن هذه الهجمات تعمل على تدمير الهياكل الأساسية الحيوية اللازمة لنموهم. وأضافت أنها «تحرم الأطفال من الوصول إلى الخدمات الأساسية الضرورية، مثل المدارس والمستشفيات، وفي غياب الرعاية الطبية الفورية، يمكن أن تتحول الإصابات إلى إعاقة مدى الحياة، مشددة على أن استخدام المدارس في العمليات العسكرية هو مصدر قلق خاص.
من جانبه، قال وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام، هيرفي لادسوس، إنه من النهم نشر وحدات حفظ السلام مكرسة ومتخصصة في حماية الطفل. وقال إن «التقرير هو تذكير صارخ بأن حالة الأطفال في النزاعات مأسوية وأن مشاركتنا تعد أمراً حيوياً على المستويين السياسي والتنفيذي»، مؤكداً على استمرار معالجة قضية حماية الطفل عبر ولايات البعثة، بما في ذلك الاستراتيجيات السياسية والخطط التنفيذية. وأشار لادسوس إلى أن بعثات حفظ السلام تسهم في التفاوض وتنفيذ خطط عمل لإنهاء تجنيد الأطفال في القوات المسلحة.
وبالإضافة إلى ذلك، تتلقى قوات حفظ السلام التدريب على حماية الطفل والعمليات الميدانية لتكون قادرة على الاستجابة بشكل مناسب لأي من الشواغل المتعلقة بحماية الطفل التي قد يواجهونها.
تجنيد أطفال سورية والعراق في النزاع
ورحب السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري بإقرار زروقي بقيام الجماعات المسلحة في سورية بتجنيد الأطفال. ولكن الجعفري قال أمام المجلس «كم كنا نتمنى لو أن الممثلة الخاصة قد طلبت في توصيتها الواردة في التقرير حول سورية من الدول الداعمة والراعية للجماعات الإرهابية المسلحة، والتي باتت معروفة، بأن توقف دعمها بالمال والسلاح والعتاد والإعلام والاستخبارات لتلك الجماعات من جهة وأن ترفع إجراءاتها الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري والتي يذهب ضحيتها الطفل السوري أولاً نتيجة لفقدان البرامج التنموية وإضعاف الاقتصاد الوطني».
وأعرب الجعفري عن القلق لما وصفه بإصرار الممثلة الخاصة على إدراج القوات الحكومية السورية على القائمة الملحقة بالتقرير وتحميلها مسئولية قصف المدارس والمستشفيات وقتل وتشويه الأطفال، وارتكاب عمليات اغتصاب وعنف جنسي ضدهم. وفند الجعفري تلك النقاط، ملقياً بالمسئولية على الجماعات المسلحة، وقال إن تحامل التقرير ضد أجهزة الحكومة السورية التي تقوم بواجبها الدستوري في تحقيق الأمن والاستقرار لجميع المواطنين هو أمر يجافي الحقيقة والمنطق ويخدم مروجي دعايات الإرهاب.
من جهته أرجع الممثل الدائم للعراق لدى الأمم المتحدة محمد علي الحكيم، السبب في الحوادث التي طالت الأطفال في العراق، والتي وردت في تقرير الأمين العام الأخير، حول الأطفال والصراعات المسلحة، إلى التنظيمات «الإرهابية» التي تم إدراجها في التقرير ضمن قائمة الأطراف المسئولة عن الانتهاكات ضد الأطفال في العراق. وأضاف الحكيم أن العراق يتعرض إلى هجمة إرهابية تقوم أطرافها بانتهاكات ضد الأطفال، تشمل إما استهدافهم بشكل مباشر، أو استغلالهم من خلال إشراكهم في تلك العمليات الإرهابية.
وتطرق الحكيم إلى ما ورد في تقرير الأمين العام عن مسألة انضمام بعض الأطفال الذين هم دون سن الثامنة عشرة إلى قوات الصحوة، فقال «نحن نؤكد هنا أن القوانين العراقية تمنع انضمام من هم دون سن الـ 18 في انخراطهم إلى القوات الأمنية، لا سيما وأن معظم قوات الصحوة قد تم دمجها بالقوات الأمنية النظامية، علماً بأن السن القانوني للتعيين في الدولة العراقية هو ثماني عشرة سنة، وخصوصاً التطوع للعمل ضمن القوات الأمنية، والذي يحتاج إلى موافقة خطية موقعة من ذويهم».
وفي بيان رئاسي اعتمد كنتيجة للاجتماع، ردد مجلس الأمن العديد من هذه القضايا. وأضاف البيان «فيما نرحب بالتقدم المحرز في منع الانتهاكات والتجاوزات المرتكبة ضد الأطفال، ما زلنا نشعر بقلق عميق إزاء استمرار ارتفاع عدد الجناة الذين يصرون على ارتكاب مثل هذه الانتهاكات أثناء الصراع في تجاهل لقرارات مجلس الأمن بشأن هذه المسألة».
العدد 3938 - الثلثاء 18 يونيو 2013م الموافق 09 شعبان 1434هـ