العدد 357 - الخميس 28 أغسطس 2003م الموافق 29 جمادى الآخرة 1424هـ

المرباطي: نشأة وتطور النقابات ارتبطا بالحركة الصناعية في أوروبا

في لقاء خاص مع «الوسط» عن تاريخ الحركة النقابية ومهماتها

قال المستشار النقابي لاتحاد عمال البحرين محمد المرباطي إن «الحركة الصناعية التي غزت المجتمعات الأوروبية بقوة مع نهاية القرن السابع عشر كانت سبباً مهماً لقيام أولى الجمعيات المهنية والنقابات العمالية الصناعية الحديثة».

جاء ذلك في حديث أجرته «الوسط» مع المرباطي للاطلاع على تاريخ الحركة النقابية العمالية ومفاهيمها.

إذ أكد المرباطي ان «كلمة النقابة في القواميس والمعاجم العربية تعود إلى أصل الكلمة وهي النقيب وجمعها نقباء والنقيب هو من ينقب عن أصل قومه، ويفتش في شئونهم ويستدل أخبارهم».

كما نقل المرباطي عن كتاب الأحكام السلطانية التي عرف نقابة «بأنها نقابات تقوم على ثلاثة قواعد، أما بإذن الخليفة المستولي على كل الأمور، وأما عن أمير الولاية، أو من نقيب عام الولاية الذي أستخلف عنه نقيباً خاصاً أكثرهم فضلا، واجزالهم رأيا، وهي شروط من شروط الرئاسة، وعليهم طاعته، والقبول برأيه، لذلك سميت بنقابة الدولة، أو بذوي الأنساب، لعلاقاتها بالأنساب عند العرب».

تاريخ تطور النقابات

وبشأن تاريخ تطور النقابات وعملها قال المرباطي: «إن النقابات العمالية عرفت في العصور الإسلامية وخصوصاً في الدولة العباسية التي عرفها بعض الباحثين «بتنظيمات حرفية، تقوم، بتعليم وحفظ المهنة أو الحرفة، وتحافظ على مستويات عادلة لأسعار المنتوجات الحرفية، وللأجور، وتقوم بتنظيم الجوانب الاجتماعية للحرفيين والعمال من خلال عقد تأسيس يحدده العرف، ويؤدون القسم على حمله واحترامه، وسمي هذا العقد بالدستور، ويقسمون كذلك على احترام قيم وتقاليد العمل والحرفة».

مشيراً إلى انه في الدولة الفاطمية جرى تعريفها - كما أورده المرباطي - «بمجموعة من الناس الذين يعملون في حرفة معينة، وكانت شبيهة بجمعيات المهن والحرف»، أما في الدولة المملوكية والأيوبية فجرى تعريفها «بفئة من الصناع، أتحدوا في نقابة من اجل حماية مصالحهم ويقوم عليهم رئيس، وينتمون إلى صنعة أو مهنة أو حرفة واحدة وتربطهم عقود تقوم على الأعراف والتقاليد».

وإنه في الدولة العثمانية صنفت النقابات على انها «جمعيات الحرف، أو الجمعيات الحرفية، ومن تقاليدها احترام بل وتقديس أسرار المهنة، ودستور هذه الجمعيات، إلى حد الذي أصبح القيام بأي عمل أو القول بكلمة ما تسبقها كلمة دستور، ولا يزال هذا التقليد شائعاً في بلاد الشام، وقد كرس السلطان العثماني عبدالحميد باشا هذا التقليد عندما جاء بدستور شمل جميع نواحي الحياة، بما فيها السلوك اليومي للناس وتصرفاته الشخصية، حتى دخل هذا الدستور عند أهل الشام في اللاوعي عندهم، وأصبحت كلماتهم وأحاديثهم حتى يومنا هذا تسبقها بشكل عفوي كلمة دستور».

وأضاف المرباطي انه «من تقاليد هذه النقابات والجمعيات الحرفية الاحترام الشديد لأخلاقيات وقيم العمل والمهنة إلى حد القسم، ويسمى رئيس النقابة أو الجمعية بشيخ الكار بمعنى شيخ العمل أو شيخ المهنة ومن التسميات الأخرى الصبي للمبتدئ في تعلم الحرفة والأستاذ والمعلم، مع انتشار الأعمال البيتية انتشرت أشكال من الجمعيات والنقابات الخاصة بالأعمال والحرف البيتية، واقتصرت هذه الأعمال أو الحرف على تلك الأعمال التي تمارس في البيوت ولا يزال هذا النوع من الأعمال منتشراً في بلاد الشام ومصر وتركيا وإيران، وأطلق عليها جمعيات او نقابات (الكار خانة) وتعني كلمة الكار العمل والخانة تعني البيت، ولكن هذه الأعمال والحرفة البيتية رافقها نوع من الانحراف في السلوك الاجتماعي السائد لذلك أخذت في تلك البلدان معنى أخلاقيا شاذا».

الثورة الصناعية في أوروبا

وعن سؤال «الوسط» عن تطور النقابات حتى أصبحت بمعناها الحالي قال المرباطي «إنها بدأت في التطور مع قيام الثورة الصناعية في أوروبا التي جرى فيها تعريف النقابات بـ «إطار مهني عام لتجمع عمالي، ومن أهدافها الدفاع عن مصالح العمال أو أعضائها وتحسين شروط وظروف العمل والمحافظة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال وعلى مستوى مناسب للأجور والتعويض والتقاعد».

مؤكداً انه مع نهاية القرن السابع عشر، برزت الحركة الصناعية تغزو المجتمعات الأوروبية بقوة، وحددت طبيعة النظام الرأس مالي بوضوح، من خلال التقسيم الاجتماعي للعمل بين قوتين اجتماعيتين، العمال، وأصحاب الصناعات، ومعها برز الشكل السائد لنظام العمل المأجور ولا سيما بعد الثورة الصناعية الأوروبية الكبرى، التي أوجدت تجمعات عمالية ضخمة، وأنتجت علاقات عمل وإنتاج جديدة، ارتسمت من خلالها طبيعة الأجور، وشروط العمل والمطالبة بتحسينها بالنسبة إلى العمال، وبالمقابل كان تخفيض كلفة الإنتاج الذي يزيد من أرباح أصحاب الصناعات يتم عن طريق تخفيض الأجور مباشرة أو من خلال زيادة ساعات العمل التي تجاوزت 18 ساعة عمل يومية، وكان هذا سبباً مهماً لقيام أولى الجمعيات المهنية والنقابات العمالية الصناعية الحديثة».

آلية التنظيم النقابي

وفيما يتعلق بكيفية تنظيم العمل النقابي أشار المرباطي إلى آلية التنظيم النقابي، والتي تبدأ من تشكيل لجنة تحضيرية بالاتفاق بين مجموعة من العمال عند بداية العمل لتأسيس النقابة، وتقوم بالإعداد لتأسيس النقابة العامة أو النقابة المهنية أو الاتحاد العام لنقابات أو الاتحاد المهني، واللجنة التحضيرية تقوم بالمهام الآتية: أولها اعداد النظام الأساسي أو الدستور أو النظام الداخلي للنقابة حسب الاتفاق على التسمية، ودعوة جميع عمال المصنع أو الشركة أو المؤسسة وغيرها في ساعة ويوم محدد من خلال الإعلانات، ووضعها في مكان بارز لمن يرغب بالمشاركة في الاجتماع التأسيسي للنقابة، كما انها تترأس الجلسة الأولى للاجتماع التأسيسي للنقابة، ومن ثم يستقيل أعضاء اللجنة التحضيرية في الجلسة الأولى للاجتماع التأسيسي وانتخاب مكتب للإشراف على أعمال الاجتماع التأسيسي، ويجوز إعادة انتخابهم ولهم صفة العضوية في الاجتماع التأسيسي، وصفة المراقب لغير العاملين في مجالات عمل تلم النقابة.

وأضاف المرباطي انه «عند عقد الجلسة الأولى للاجتماع التأسيسي، وإقرار جدول الأعمال الذي يكون بنده الأول انتخاب أو تسمية أعضاء لمكتب الاجتماع التأسيسي للنقابة تنتهي مهام وصلاحيات تلك اللجنة التحضيرية، وفي بعض الحالات يمكن اعادة انتخاب تزكية أعضاء اللجنة التحضيرية ذاتها أي السابقة، وتنتهي مهمة اللجنة التحضيرية بمجرد انتخاب أعضاء مجلس إدارة النقابة من الجمعية التأسيسية التي تتحول بدورها من جمعية تأسيسية إلى الجمعية العامة للنقابة، ويتم الإعلان عن بقيام النقابة بقراءة البيان التأسيسي أو ورقة إعلان تأسيس النقابة، أو البيان الختامي، بحسب التسمية المرغوبة، ومن ثم تسجيلها لدى الجهات المسئولة، وعادة تكون وزارة العمل والاتحاد العام لنقابات العمال».

الجمعية التاسيسية والمؤتمر

وقال المرباطي «يتم تشكيل الجمعية التأسيسية بدعوة عمال المنشأة أو الشركة للاجتماع التأسيسي، بهدف تأسيس النقابة أو الاتحاد، ولذلك تأخذ تسميتها من التأسيس وتنتهي صفتها التأسيسية أو أسمها التأسيسي بمجرد انتخاب مجلس الإدارة، والإعلان عن تأسيس النقابة لتتحول تلقائياً من جمعية تأسيسية إلى الجمعية العمومية أو الجمعية العامة».

وأشار المرباطي إلى ان «الجمعية العامة أو العمومية يعرفها البعض بالمؤتمر، وهي صاحبة السلطة العاليا في تحديد مسارات وتوجهات وأمور وأوضاع النقابة، وتحديد برامج عملها وأنظمتها ولوائحها وأهدافها العامة ورسم مساراتها وخطط عملها وحسم القرارات النهائية في جميع الأمور المتعلقة بعملها وطبيعة نشاطها وعضويتها (...)، وتتألف الجمعية العمومية من جميع أعضاء النقابة العاملين، ومن صلاحياتها انتخاب أعضاء المجالس الإدارية للنقابات، إضافة إلى تشكيل اللجان المتخصصة، وانتخاب أعضائها»

العدد 357 - الخميس 28 أغسطس 2003م الموافق 29 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً