تبنى مجلس الأمن الدولي أمس الأول (الجمعة) بالإجماع قراراً بموجب الفصل السابع يهدف إلى إضعاف «المقاتلين الإسلاميين المتطرفين» في العراق وسورية بإجراءات لقطع مصادر التمويل عنهم ومنعهم من تجنيد المقاتلين الأجانب.
ويشكل القرار أوسع إجراء تتخذه الأمم المتحدة في مواجهة الإسلاميين المتطرفين الذين باتوا يسيطرون على أجزاء واسعة في سورية والعراق ويرتكبون أعمالاً وحشية.
وينص القرار الذي تقدمت به بريطانيا على إدراج أسماء ستة قياديين إسلاميين متطرفين (من الكويت والسعودية ودول أخرى) على لائحة العقوبات الدولية الخاصة بتنظيم «القاعدة» ما يؤدي إلى تجميد ممتلكاتهم ومنعهم من السفر.
وبين القياديين الستة مسئولون في تنظيم «القاعدة» قدموا تمويلاً إلى جبهة النصرة في سورية و الناطق باسم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» ابو محمد العدناني الذي أصبح اسمه «الدولة الإسلامية».
وقال السفير البريطاني في الأمم المتحدة مارك لايل غرانت إن الدول الـ15 الأعضاء في المجلس برهنت على «وحدة متينة» بتبنيها القرار للتصدي لتهديد «الدولة الإسلامية» و»النصرة».
وأضاف «رأينا هول أعمالهم الوحشية، محاولاتهم لمحو مجموعات بأكملها على أساس ديانتها أو معتقداتها، والقتل العشوائي والإعدامات غير المشروعة والهمجية، واستهداف المدنيين عمداً ومستوى العنف الجنسي المثير للاشمئزاز وخصوصاً ضد النساء والأطفال».
وصوت كل أعضاء المجلس على القرار بما في ذلك روسيا التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد بناءً على مخاوف من أن يؤدي سقوطه إلى استيلاء الإسلاميين على الحكم في دمشق.
ويطالب القرار تنظيمي «الدولة الإسلامية» و»جبهة النصرة» بأن «يضعا حداً لكل أعمال العنف والإرهاب وأن يلقيا سلاحهما ويحلا نفسيهما فوراً».
كما يطلب القرار من كل الدول الأعضاء «اتخاذ إجراءات على الصعيد الوطني لتقييد تدفق مقاتلين إرهابيين أجانب» يلتحقون بصفوف «الدولة الإسلامية» و»جبهة النصرة».
ويدين المجلس في قراره «أي تعامل تجاري مباشر أو غير مباشر» مع هذين التنظيمين أو الجماعات المرتبطة بهما، مؤكداً أن «هذا النوع من التعاملات يمكن اعتباره دعماً مالياً» للإرهاب ويخضع بالتالي لعقوبات دولية.
ودفعت الأزمة في العراق الولايات المتحدة إلى شن ضربات جوية وإلقاء مواد غذائية ومياه لمساعدة عشرات الآلاف من المدنيين الذين فروا أمام تقدم الإسلاميين المتطرفين.
ووافقت فرنسا على إرسال أسلحة إلى المقاتلين الأكراد بينما دعا البابا فرنسيس الأمم المتحدة إلى أن تفعل ما بوسعها لوقف الهجمات على المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى.
وبعد التصويت على القرار، أشادت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامنثا باور ب»الموقف الصلب والموحد» لمجلس الأمن و»بإرادته لاتخاذ إجراءات جدية» في مواجهة ما وصفته بـ «الجبهة الجديدة للتهديد الإرهابي».
وأضافت أن «القصص عن دموية الدولة الإسلامية أشبه بكوابيس».
وتحدثت باور عن 12 ألف مقاتل أجنبي يشاركون في القتال في سورية.
ووضع القرار الذي يصف الجهاديين بالتهديد للسلام والأمن الدوليين تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ما يفسح المجال لتعزيز الإجراءات بالقوة العسكرية أو بعقوبات اقتصادية.
لكن نائب سفير روسيا بيتر إيليشيف أكد أن القرار «لا يمكن اعتباره موافقة على عمل عسكري».
ويتهم مجلس الأمن الدولي في القرار الجهاديين بسلسلة من الفظائع ويحذر من أنها تشكل جرائم ضد الإنسانية.
وكان مجلس الأمن الدولي أصدر في الماضي بيانات تدين هجوم «الدولة الإسلامية» لكن القرار يشكل الخطوة الأولى على طريق رد أوسع بعد شهرين من استيلاء مقاتلي التنظيم على الموصل كبرى مدن شمال العراق.
وأعلن التنظيم «الخلافة» من شمال سورية إلى شرق العراق في يونيو/ حزيران الماضي.
وأقر السفير البريطاني بأن هذا القرار لا يغير فوراً الوضع على الأرض في العراق وسورية، ولكنه سيشكل «إطاراً دولياً» لجهود مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية».
من جهته، رحب سفير سورية لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري بتبني القرار، مؤكداً أن «سوريا تعتبر شريكاً أساسياً في الحرب ضد الإرهاب». ولكن ليال غرانت رد عليه بالقول إن «(الرئيس السوري بشار) الاسد يتحمل بجانب كبير مسئولية الإرهاب، وبالطبع لا يمثل الحل».
بدوره قال سفير العراق محمد علي الحكيم «يجب أن تهزم هذه المجموعة»، في إشارة إلى تنظيم «الدولة الإسلامية». وطلب الحكيم من الولايات المتحدة «مواصلة وتكثيف» غاراتها الجوية ضد مقاتلي التنظيم.
وعبرت الأمم المتحدة عن دعمها لرئيس الوزراء العراقي المكلف، حيدر العبادي وسعيه لتشكيل حكومة واسعة يأمل المسئولون أن تكون قادرة على مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية».
العدد 4362 - السبت 16 أغسطس 2014م الموافق 20 شوال 1435هـ