ذكرت صحيفة الحياة اليوم الاثنين (27 أكتوبر/ تشرين الأول 2014) أن وحدات الجيش اللبناني واصلت عملياتها العسكرية ضد المجموعات الإرهابية في مدينة طرابلس وفرضت حصاراً أمنياً وعسكرياً على منطقة «باب التبانة» بعدما قامت مجموعة من «جبهة النصرة» المتمركزة فيها بفتح النار فجر أمس على دورية من الجيش خلافاً لتعهدها أمام «هيئة العلماء المسلمين» الوقوف على الحياد وعدم التدخل في المعارك، فيما تمكنت قوة من الجيش في السيطرة على مواقع تنظيم «داعش» في بلدة بحنين في قضاء المنية ومصادرة 3 سيارات مفخخة جاهزة للتفجير وكميات كبيرة من الأسلحة والعبوات والأحزمة الناسفة في مقره الأساسي. وأنزلت خسائر فادحة في صفوفه قبل أن ينقض مجدداً على دورية للجيش في مكمن نصبته لها مجموعة منه في منطقة دوار المسح التي تبعد كيلومترين من ساحة المعركة في بحنين تسللت اليها من بلدة المحمرة في عكار في محاذاة نهر البارد.
ومع ان الجيش قدم في تصديه للمجموعات الإرهابية المتنقلة ما بين «باب التبانة» والأسواق القديمة في طرابلس وبحنين عشرة شهداء بينهم 3 ضباط و7 عسكريين في مقابل خسائر فادحة انزلها بالمجموعات المسلحة، فإنه يخوض كبرى المعارك ضد «جبهة النصرة» و «داعش» الذي انسحب عصر أمس الأول من الأسواق وتسلل بعض عناصره إلى «باب التبانة» وهو يحظى بتأييد شعبي وسياسي من فاعليات طرابلس من شأنه أن يقطع الطريق على هذه المجموعات التي كانت تراهن على قدرتها على الإطباق على عاصمة الشمال كما حصل في منطقة الموصل في العراق.
وأكد رئيس الحكومة تمام سلام أمام زواره أمس أن لا تراجع عن ضرب الإرهابيين في طرابلس لأنهم ماضون في مخططهم الإرهابي. وقال إن لا تسويات معهم حتى عودة السلطة الشرعية وقواها الأمنية إلى المدينة.
وكشف سلام الذي كان يتابع الوضع الميداني مع قائد الجيش العماد جان قهوجي والتطورات السياسية في تواصله مع وزيري العدل أشرف ريفي والشؤون الاجتماعية رشيد درباس وفاعليات طرابلس وقضاءي الضنية – المنية بأن عناصر المجموعات المسلحة في بحنين كانوا يعدون لتفجير جامعة الشرق في البلدة وهي استحدثت أخيراً وكان سيتم افتتاحها قريباً، وأكد أن لا خيار أمام الدولة سوى إنهاء ظاهرة الإرهابيين، خصوصاً أن الجيش ضبط 3 سيارات مفخخة كانت هذه المجموعات تعدها للتفجير في عدد من المناطق اللبنانية.
وبالعودة إلى الوضع الميداني في «باب التبانة» أكد مصدر أمني لبناني رفيع لـ «الحياة» أن وحدات الجيش فرضت حصاراً على كل المعابر المؤدية إليها وضيّقت الخناق على المجموعات المسلحة المتمركزة فيها، لاسيما في مصلى عبدالله بن مسعود الذي أقامه أسامة منصور وشادي المولوي وهما من مؤيدي «النصرة» وتنظيم «القاعدة» ومطلوبان للقضاء اللبناني بموجب مذكرات توقيف غيابية صادرة بحقهما لانتمائهما إلى تنظيم إرهابي مسلح.
ولفت إلى أن ما يعيق تقدم وحدات الجيش إلى داخل «باب التبانة» هو كونها منطقة شعبية مكتظة بالسكان وبالتالي لا يستطيع الجيش الإفراط في استخدام القوة ضد المجموعات الإرهابية في داخلها حرصاً على أمن المدنيين وسلامتهم، فيما أكد وزراء ونواب وفاعليات طرابلس أنهم تلقوا نداءات استغاثة من الأهالي يطلبون فيها منهم التدخل لتأمين فتح ممر إنساني يسمح لهم بالخروج من المنطقة.
وعلمت «الحياة» أن موضوع إخراج المدنيين كان موضع اتصال بين فاعليات طرابلس بقيادة الجيش. كما اتصل الوزير ريفي بكل من الرئيس سلام والعماد قهوجي، وشارك أيضاً في الاتصالات زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة.
وإذ أجمعت الفاعليات الطرابلسية على أن لا مجال للتهاون مع المجموعات المسلحة لأن التراجع يسمح لها بأن تلتقط أنفاسها مجدداً لتعاود اعتداءاتها على الجيش بعدما تمكن من حصر المعركة معها في «باب التبانة» وبعض أطرافها الممتدة في اتجاه الملولة ومجرى نهر أبو علي، بدا واضحاً أن قيادة الجيش، وبغطاء سياسي رسمي وشعبي، مصممة على توجيه ضربة لهذه المجموعات الإرهابية يفترض أن تنهي وجودها، ليس في عاصمة الشمال فحسب، وإنما في مناطق عدة وتحديداً في الضنية – المنية وعكار، مع أن الأخيرة تنادت إلى الالتفاف حول المؤسسة العسكرية أسوة بسائر المناطق في الشمال.
وتحدّثت المصادر الأمنية عن وجود مسلحين سوريين في صفوف «النصرة» و «داعش» في وقت أكد شهود عيان لـ «الحياة» ان جثثاً عائدة لعناصر المجموعات المسلحة ما زالت على الأرض في البساتين والغابات الواقعة بين الضنية والمنية. ولفتوا إلى أن هذه المجموعات تحاول أن تعيد تنظيم صفوفها لكنها تفتقد حرية التحرك في المناطق التي تبين إنها ليست حاضنة لها وهذا ما ثبت من خلال عدم تسجيل أي تحرك مؤيد لها في طرابلس.
لذلك، فإن تمكن الجيش من السيطرة على «باب التبانة» سيؤدي حتماً، كما تقول فاعليات طرابلسية، إلى انحسار ظاهرة هذه المجموعات المسلحة. لكن لا بد من إيجاد معبر آمن لإخراج المدنيين من هذه المنطقة المكتظة التي يسكنها حوالي 60 ألف نسمة.
وعلمت «الحياة» أن مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار أجرى اتصالات شملت الرئيس سلام والعماد قهوجي ورئيس فرع مخابرات الشمال في الجيش العميد عامر الحسن بعد استقباله مساء أمس وفداً موسعاً من باب التبانة يطلب منه التدخل للوصول إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار لتأمين ممر إنساني آمن يتيح للمدنيين الخروج إلى المناطق الآمنة.
ووفق المعلومات فإن المفتي الشعار رعى هذا الاتفاق ويشرف عليه العميد الحسن بتكليف من قيادة الجيش على أن يتزامن السماح بخروج المدنيين ودخول سيارات الإسعاف لنقل الجرحى والمصابين من جراء الاشتباكات أيضاً المواد التموينية الى الذين يصرون على البقاء في منازلهم مع قيام المسلحين بتسليم المعاون الأول في الجيش فايز العموري الذين اختطفوه من منزله إلى المفتي الشعار. وأكد الشعار بأن الاتفاق على وقف إطلاق النار يبقى في حدوده الإنسانية وقال لـ «االحياة» إذا كان المسلحون يريدون مغادرة باب التبانة فأنا على استعداد لإجراء الاتصالات اللازمة لتأمين سفرهم إلى خارج لبنان لأننا لا نريد أن يتكرر ما حصل في الأسواق القديمة التي غادرها المسلحون. وبدلاً من أن يتوجهوا إلى أماكن أخرى لجئوا إلى «باب التبانة»، وقال إن الاتفاق سينفذ فوراً وإن الجيش سيبقى في مواقعه ولن يخليها.
وفي هذا السياق أكدت قيادة الجيش أن لا صحة للمعلومات التي ترددت عن مساعٍ لوقف إطلاق النار وإخراج المسلحين وقالت إن الجيش مستمر في عملياته العسكرية حتى القضاء على كل عمل إرهابي.