العدد 1022 - الخميس 23 يونيو 2005م الموافق 16 جمادى الأولى 1426هـ

هل ينتخب جميع أعضاء مجلس الشورى؟

ناجي جمعة comments [at] alwasatnews.com

-

صراع القوى، يجعل قراءة مستقبل الحياة النيابية وشكلها وأدواتها محل اختلاف، فالكل يريد أن يفرض أجندته من منطلق حب الوطن، وحرصا على مصلحة الشعب. وهذا الهدف هو غاية المرام لمن يرجو الوصول إلى حل للأزمات العالقة وتنشيط الاقتصاد والتحول التدريجي إلى دولة ديمقراطية. فمشروع الحكومة تلخص بإصدار ميثاق العمل الوطني حرصا على تفعيل العمل بالدستور تصورا منها أن الدخول في مرحلة جديدة يتطلب الاتفاق على مرتكزات أولية، وأساسات قانونية لا يمكن أن يتشيد البناء الاعتباري للوطن من دونها. والمعارضة وافقت على ميثاق العمل الوطني، ولكنها طالبت بالعودة للعمل بدستور .73 ويقف بين الفريقين الشعب الذي يريد أن يقول كلمته في مرحلة الإصلاحات، فهو يمد كلتا يديه لمفهوم الإصلاح، يصافح الحكومة بيد، والمعارضة باليد الأخرى، ولكنه يريد أن يسمع صوته للجميع: كفى تهميشا وتغييبا لرأيي، لماذا تتجاهلونني؟ هل تريدون أن تنفردوا بحكمي وتسييري كما تشاءون؟ كيف تدعون حبي والخوف على مصلحتي وأنتم تبعدونني عن ساحة صراعكم؟ ألست طرفا في القضية؟

لقد وعى الشعب وصارت له مرئياته، فهو ينتظر دوره الحقيقي في رسم سياسة بلده في ظل وجود برلمان فاعل، يتمتع بحق التشريع والرقابة، من دون أن يحتويه أي طرف. وعبثا نحاول وأد مرجعية الشعب، فلا يمكن لأي نزاع أن يكتسب صفة الشرعية من دون الرجوع إليه، أو التغافل عن دوره. وهنا يبرز الحل لجميع مشكلاتنا وآهاتنا في احترام إرادة شعوبنا، وعدم تجاوزها أو معاملته كقطيع ضاع في صحراء التحولات السياسية.

إن محاولة غرس قيم الحرية في عقول شبابنا من دون أن يروا ذلك واقعا معاشا في حياتهم تجعلهم يعيشون حال فصام في الشخصية، فأين سلطة الشعب؟ هل انتهى دوره بالتصويت على الميثاق أم بدأ؟ إذا استطعنا الإجابة على مثل هذه الأسئلة فستتضح لنا الرؤية، فما نبحث عنه هو صوت ورأي وحرية الشعب.

يمكننا الاحتذاء بالأنظمة الأوروبية المتقدمة اقتصاديا وسياسيا، لأنها أنظمة تحترم شعوبها، وتحتكم إلى صناديق الاقتراع. النظام الفرنسي الذي كان يريد وبكل حماس التصديق على دستور الاتحاد الأوروبي، رجع إلى شعبه، واحترم إرادته عندما قرر رفض هذا الدستور، وهذا المثال تكرر في هولندا.

إن الغرب سبقنا إلى ثقافة احترام إرادة الشعوب، ونحن نعيش عصر حوار الحضارات، فلماذا لا نستفيد من الغرب في هذا المجال الذي لا يتعارض مع الدين، بل الدين يشجع على قيم العدالة والمساواة، وهذه القيم إنسانية وشمولية لا يختص بها مجتمع دون آخر، فكما نستورد من الغرب السلع والبضائع الاستهلاكية، فلماذا لا نستورد من الغرب حسناته ومميزاته؟ فالحياة الكريمة التي ينشدها أي شعب لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كان له دور فاعل في مجريات حياته. إذا عدنا إلى موقف الجمعيات الأربع التي قاطعت التجربة البرلمانية الحالية، فسنجد أن من الأسباب الجوهرية الرغبة في إجراء تغييرات دستورية، ومطالبة عدد من أعضاء المجلس النيابي بالتغيير الدستوري من داخل قبة البرلمان ليس أمرا سهلا، وخصوصا أن مسألة صوغ المواد القانونية ستكون في النهاية بيد السلطة التنفيذية وفقا للمادة 92 من الدستور، وهي باستطاعتها تأخير هذه العملية دستوريا وفقا للفقرة "أ" للمادة المذكورة، وحينها ستتلاشى الآمال في أي تغيير دستوري من داخل قبة البرلمان، وفي أحسن الأحوال ستقترح الكتلة الإسلامية والديمقراطيون على السلطة التنفيذية تغيير بعض المواد الدستورية بانتخاب نصف أعضاء مجلس الشورى المعين، أي عشرون عضوا فقط. وهذه مسألة ستبقى أقل مما يطمح إليه الكثيرون من أجل ضمان مشاركة أوسع من جميع القوى والجمعيات السياسية، إذ إن الشعب إذا اختار نوابه كافة، فيمكنه محاسبتهم إذا لم ينفذوا برنامجهم الانتخابي أو قصروا في أداء واجبهم الرقابي والتشريعي، بعدم انتخابهم في الدورة الانتخابية المقبلة.

* كاتب بحريني

العدد 1022 - الخميس 23 يونيو 2005م الموافق 16 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً